عودة كبت الحريات الصحافية من الشباك
9 February, 2010
نقطة ... وسطر جديد
عندما اجاز البرلمان قانون الصحافة في العام الماضي ، رغم ان به الكثير من الثغرات ، اتفق العاملون في المهنة بانها خطوة وان يتواصل النضال حتى يتم تغيير القوانيين المقيدة للحريات ، لكن ولان من يعرف ذهنية المؤتمر الوطني وعقلية قادته الذين لا يعرفون الى الحرية سبيلاً ، فانهم بعد ان تمت اجازة القانون بتلك العيوب ، ولعدم انسجامهم مع اي فسحة حرية ، دخلوا من النافذة لسرقة ما قاموا باجازته هم انفسهم بتقييد الحريات الصحافية ، وهذه المرة بحظر النشر ، في قضية محددة .
في اقل من اسبوع تم حظر قضيتين الاولى تتعلق بما يعرف بقضية (النفايات الالكترونية ) ، والتي اختلف فيها المسؤوليين في تحمل مسؤولية ما حدث ، ولان المواطن حتى الان لم يعرف الحقيقة ، قامت السلطات ( بدغمسة ) القضية ووقف تناولها في الصحف ، ويعتبر هذا المنع هو الاول منذ ان تم اجازة قانون الصحافة في البرلمان ، ووفر هذا المنع ارضية جديدة ينطلق منها ( المنع والدغمسة ) في الفترة القادمة ، وقد كان .
نشرت صحيفة (السوداني ) في التاسع من فبراير 2010 ، الخبر التالي (
حظرت نيابة الصحافة والمطبوعات نشر أي مادة صحفية حول مقتل مرشح المؤتمر الوطني للمجلس الوطني عن دائرة حلفا الجديدة محمد صالحين. وقال وكيل النيابة الاعلى مبارك خاطر عبدالرحمن ان القضية مازالت قيد التحري والتحقيق امام النيابة المختصة وان النشر والتعليق أو ابداء الرأي يضر ويعوق مجريات التحري ويؤثر بالتالي على سير العدالة. وقال في تعميم صحفي أمس ان عدم الالتزام بحظر النشر يعترف مخالفة ويعرض الصحيفة والجهة المعنية للمساءلة القانونية، وفقاً لأحكام القانون الجنائي لسنة 1991 وقانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009. ) .
ووكيل الاعلى النيابة مع احترامنا له الا يعلم ان الصحافة يمكنها ان تساهم في كشف غموض الجريمة ، وكذلك يمكنها ان تساهم في وقف مثل هذه الجرائم في تناولها الموضوعي ، وكان يمكن للسيد وكيل النيابة الاعلى ان يطلب من الصحافة ان لا تشير لما هو يتعلق بسير التحقيق ، لكن ليس بالمنع التام لان ذلك فيه مصادرة للحريات الصحافية ، وانه لا يتماشى مع الدستور الانتقالي ، كما ان المنع يقود الى ان تصدر مثل هذه (الفرمانات ) وفق ما يراه وكيل النيابة الاعلى او نيابة الصحافة ، وهذا الطريق هو اتجاه جديد لكبت الحرية الصحافية ، ويصبح ما اجازه البرلمان على (علاته) باليمين يصادر باليسار .
قد يقول قائل ان المحكمة الدستورية في قرار سابق لها اجازت للحكومة ان تصادر حرية الصحافة ، وكانت بذلك سابقة قضائية نادرة في العالم ، بان يقف الجهاز القضائي جنباً الى جنب مع الجهاز التنفيذي ، وان تلك السابقة اغلقت الباب امام اي اتجاه للجوء الى القضاء ، لكن هل يمكن ان تتم مصادرة القانون بسابقة قضائية ؟ ولماذا يبدأون الان بحظر النشر في الصحف في قضايا تهم المواطنيين ؟ وحتماً سنسمع قبل بدء عملية الاقتراع بحظر نشر دعاية هذا المرشح او ذاك ، بل ان الحظر سيطول كل شئ في القريب العاجل ، وكما يقول المغني ( يا معاين من الشباك ارحم قلوبنا معاك )
mostafa siri [mostafasiri@yahoo.com]