عوض الجاز هل يملك حلا؟ 2ـ2

 


 

عادل الباز
28 July, 2009

 

بالأمس قلنا لن يفيد الحكومة الهروب إلى الأمام، وطالبناها بأن تحزم أمرها اليوم قبل الغد، وتساءلنا بأي اتجاه وبناءً على أي سياسات وما هي الإجراءات المطلوبة عاجلا؟.

في ظل عدم وجود خطة حكومية معلنة لمجابهة الحالة المأزومة للاقتصاد السوداني، فإن الوضع سيظل مرتبكا ومربكا للقطاع الاقتصادي والمستثمرين. الخطة التي طرحها صندوق النقد الدولي للخروج من نفق الأزمة لايمكن الأخذ بها جملة واحدة، خاصة والانتخابات على الأبواب. فمثلا ليس ممكنا زيادة الضرائب بشكل شامل سيما بعد الإجراءات الجيدة، والسياسات التي اتبعها ديوان الضرائب، الشيء الذي زاد عدد الممولين الذين يتعاملون الآن مع الديوان، فزيادة الضرائب سترجعنا مرة أخرى لمربع التهرب الضريبي الذي ظل الديوان يكافحه بشتّى الطرق والسياسات. زيادة الضرائب قد تؤدي لانخفاض الإيرادات وخاصة وسط هذا الكساد الذي يسود السوق الآن. يمكن زيادة الضرائب على السجائر والمشروبات وحتى هذه مشكوك في مقدرتها على استدرار عوائد كبيرة تساهم في ردم هوّة العجز التي تواجه الموازنة. ماحيّرني في تقرير الصندوق هو مطالبته للحكومة التحرك بسرعة نحو الحد من “الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة”. هل فعلا تعفي الحكومة بعض الجهات من القيمة المضافة، وماهو السبب، وما الهدف من هذه الإعفاءات؟.

أمام الحكومة خياران لامفر منهما: الأول أن تلجأ للتمويل بالعجز لمشاريع التنمية في ظل عدم وجود تمويل خارجي بشكل مقدر، وفي هذه الحالة عليها أن تقبل مؤقتا بنسب متصاعدة من التضخم. تجميد التنمية على المدى المتوسط والبعيد سيؤدي لكارثة اجتماعية إذ ستتصاعد معدلات البطالة ويتوقف النمو في الأطراف مما يعني زحف مستمر على العاصمة المتخمة أصلا بأكثر من مليوني عاطل عن العمل. تصاعد التضخم على المدى القريب سيكون مؤذيا للفئات الأضعف ولكن على الأقل ستكون هنالك نقود بأيدهم، يستطيعون أن يدبروا معايشهم بها، أما إذا بقوا بلادخول أصلا فتلك هي الكارثة.

الخيار الآخر هو ماطرحه الأستاذ عبد الرحيم حمدي قبل فترة بعيدة وهو (الاستثمار الخارجي) المتمثل في الأوراق المالية. ويضيف حمدي (لدينا فيها إنجاز رهيب إذ وفّرنا أربعة مليارات دولار خلال الأعوام الماضية عبر طرح أوراق مالية معظمها أتى من الخارج، وأيضاً تنكّرنا لها وخفضنا عائدها، ولا تزال هناك فرصة للحصول على أوراق مالية إذا أحسنا تصميمها بعائد معقول. نحن نطرح أوراقاً مالية بخمسة في المائة، أندونيسيا طرحت أوراقاً بثمانية ونصف في المائة وحصلت على اكتتاب ثمانية أضعاف. البحرين ستطرح والسعودية وسنغافورة، ولابد أن نحسن تقديم الضمانات، ضماناتنا لا تزال ضعيفة إضافة إلى المشاكل السياسية، لابد أن نحسن طرح الأوراق المالية ويمكن أن تسعفنا لأنها سريعة العائد وتأتي بسرعة). الحكومة تدّعى أن عدم اللجوء لهذا الخيار سببه فني لعدم وجود مكون لشهادات شهامة، ولكن حمدي يقول: (الصكوك موجودة ولا تحتاج لمكون. هناك أشياء إذا طرحت توفر مكوناً ضخماً، هناك كنانة والمصفاة، وهناك الكهرباء، وبنك أمدرمان الوطني الذي دعا الرئيس لخصخصته قبل عامين ونصف، هناك مكونات يمكن للناس أن يتخطفوها خطفاً، مصفاة رابحة وخط أنابيب. أنا مندهش من عدم الفعالية، والزمن يجب ألا يضيع).

هذه مقترحات وهي أفضل من وصفة الصندوق، فلماذا لاتقدم الحكومة عليها؟. إذا كان للحكومة خيارات أخرى أفضل مما هو مطروح من حلول من الخبراء وصندوق النقد الدولي فلتطرحها للحوار. أقترح على السيد وزير المالية أن يدعو مجموعة من الاقتصاديين والخبراء السودانيين من داخل وخارج السودان ليستمع إليهم، لعلّ لهم بدائل وأفكار تساهم في الخروج من هذا النفق. مجموعة عمل محدودة تقدم مقترحات عملية عاجلة تستهدي بما جاء في تقرير الصندوق وآراء حمدي وغيره لتنجز خطة محددة قصيرة الأجل ومتوسطة. أتمنّى أن يجد هذا المقترح قبولا لدى الأستاذ عوض الجاز وإلا فانتظار غودو ليس حلا!!

 

آراء