غازي وعبدالوهاب الافندي والقفز فوق الأحداث
لعل الشعب السوداني وبطبعه المسامح كان يمكن أن يغفر للحركة "الاسلامية" ونظام الانقاذ انقلابهم على الدستور ودمويتهم على أصحاب إنقلاب 28 رمضان 1991م، لو انهم أفاقوا من سكرتهم سريعا في الخمس سنوات الاولى مثلاً وأعترفوا بالفشل؟؟؟ ولكن على العكس تماما استمرأت الحركة الظلامية اللاإسلامية ونظام الانقاذ بمؤتمريهم الوطني والشعبي إهانة وإرعاب الشعب السوداني واستفزازه من ناحية، ومن ناحية أخرى الاستمرار في إهلاك الشباب من خلال حروب عبثية لا جدوى منها، وتدمير وإهدار كل موارد البلاد كما حدث مع اموال البترول التي لم يعرف حجمها وأين صرفت حتى اليوم!!!
الذي لا يستوعبه العقل السليم أن هناك كثير من المثقفين والكوادر والمهنيين وحتى المواطنين البسطاء فهموا ومنذ الأشهر الاولى بأن الحركة الظلامية اللإإسلامية وحكومة الإنقاذ تحمل شر مستطير وستدمر السودان فلم يعلنوا تأييدهم لها فكان مصيرهم الفصل التعسفي او الاضطرار للهروب هجرتاً او بيوت الاشباح او السجون او ألقتل!!!
في حين إنه لم يقم أي من أبناء الحركة الظلامية اللإإسلامية او حكومة الانقاذ بمحاولة قول الحق لإخوته الحزب الحاكم الّا المرحوم يسن عمر الامام"رحمة الله عليه"، وبعده الشيخ صادق عبدالماجد!!! أما بقية ابناء الحركة الظلامية اللإسلامية ونظام الانقاذ فانشغلوا بالتهافت على الدنيا كوقع الذباب على الحلوى.
في مقال سابق لي بتاريخ 04 نوفمبر 2013م وبعنوان "كحة" غازي و"الإنقاذيين" لن تطغى على البركان الهادئ للشعب والنخب السودانية" تناولت فيه "مجاهدات" غازي صلاح الدين وحركة الاصلاح و ماسمي بحركة الدبابين وحركة ود ابرهيم وغيرها لأقول بأنها تحركات غير جادة وغير صادقة، وأنها أتت متأخرة وفي إستحياء لللتنديد ببعض أخطاء الحركة الظلامية اللإسلامية ونظام الإنقاذ على أمل المساهمة في "تطويل" عمر الإنقاذ وإعطائها صورة القدرة على القيام بالنقد الذاتي والتصحيح الداخلي !!! خاصة وهم يعلمون بفساد الاساس الذي قامت عليه حكومة الانقاذ أي الانقلاب على الشرعية الدستورية وان ما بني على باطل فهو باطل وكلما بعد به العهد يصعب التراجع عنه والتصحيح له!!!، وأن كل ما يقومون به هو أنانية مفرطة تتمثل في استبدادهم و"إستفرادهم" لاداء دور الحكومة والمعارضة في نفس الوقت أي تقسيم وتبادل أدوار. وقد ختمت المقال أعلاه بدعوة الناس للانصراف عن غازي والاستمرار في ثورتهم الهادئة!!!
في كلمة فيديو منتشرة للدكتور غازي صلاح الدين علق فيها على حركة العصيان الاولى في الفترة من 27 الى 29 نوفمبر 2016م فقال" هذه القوة النابضة الحية الموجودة هي قوة قد تكون راكدة ولكنها يمكن ان تنبعث ويمكن ان تشتعل ويمكن ان تكتسح ما أمامها ومن نجح في المرة الاولى جدير بأن ينجح في المرة الثانية والثالثة ستكون ادعى للنجاح والرابعة وكذلك ولذلك لو كان هناك وقت تراجع فيه السياسات وتراجع فيه المواقف بالنسبة للحكومة ويتبع فيه صوت العقل وليس صوت الثورة والاثارة والتهوين والسخرية من الاخرين لكلن هو هذا الوقت، الان في الحقيقة الحكومة في اختبار مصيري هي في بإزايه لا يمكن الا ان تحدد خياراتها على ضوء ما تراه من تجربة انسانية شبيهة، التجارب الانسانية كلها مضت على هذا المنوال"!!!
ثم كتب د. عبدالوهاب الافندي لتبرئة الإسلاميين مقال في تاريخ 13 ديسمبر 2016م بعنوان " عندما يتكرر التاريخ ينتهي الى مهزلة، ما أشبه الليلة بالبارحة" حاول فيه إثبات حدوث إبعادات سلمية للاسلاميين تمت من 1989م "أعتقد انني كنت على خطأ لان الصحيح أن التخلص من الحركة الإسلامية قد تم بالفعل في 1989م..."، ...".. خلال إنقلاب علي عثمان والبشير على الترابي في 1999م ثم انقلاب نافع والبشير على علي عثمان في 2007م والي انتهى تقديرا من حكم السوبر تنظيم للحركة الاسلامية ليصبح نظام الانقاذ دون الااسلاميين وهو "...أصبحت شلة البشير الممثلة في عبدالرحيم محمد حسين وبكري حسن صالح هي التي تحكم.....ويمكن أن يقال إن هذه أكثر حكومة في تاريخ السودان تعاني العزلة منذ ايام النميري الاخيرة"!!!..."ولكن لهذه الحكومة ميزة مهمة وهي أنها ستسرع بسقوط النظام.."، "ويتميز الحكم الديكتاتوري عمى البصيرة حيث لا ينتبه الدكتاتور المستعصم باسواره العالية الى معانأة الناس، ولا يحترم حتى نصائح المخلصين ، حتى تقع الواقعة"!!!، ".فإإنه لا ينبغي علينا عد الأيام حتى يسقط النظام بل يجب أن نعد الساعات..."!!!
الذي نود ان نقوله في مقالنا هذا ونحذر من خلاله الشعب هو انه لا غازي صلاح الدين ولا د. الافندي يمكن ان يغيروا من جلودهم الظلامية اللإسلامية، والدليل هو د.الافندي يدعو أبناء الحركة الاسلامية مرة اخرى للانقضاض على السلطة او سرقة الثورة القادمة بقوله "...والواجب على الجميع الاحتياط كما يحتاط الناس عندما تأتيهم توقعات الارصاد بإعصار قوي قادم" !!!
ان على الشعب السوداني الاحتراس من هؤلاء الامويون الجدد الذين برعوا في تغيير جلودهم كما حدث منذ 1949م -1954من حزب الإشتراكى الإسلامي، وتحوله إلى جبهة الميثاق الاسلامي في عام 1968-1979م وتحولهم الى الجبهة الاسلامية القومية في 1986م-1989م ثم حزب المؤتمر الوطني وحزب المؤتمر الشعبي... .. الخ
ثم دعونا نعود على بدء لنتسأل، لماذا لم ينتبه أبناء الحركة الظلامية اللإسلامية الى قول المرحوم يسن عمر الامام و يتفاكرون حوله ويعلنون ابتعادهم وانفصالهم التام عن المؤتمر الوطني ونظام الانقاذ بدلاً عن مسك العصا من منتصفها او كما يقال باللهجة المحلية "لما الكوع احمى عندهم الحلو جوه".ولكن الحقيقة انهم هم من حكموا منذ 1989م الى 1999م بالحديد و النار والسجون وبيوت الاشباح في فترة المرحوم الشيخ الترابي، ثم تلتها فترة الاستاذ علي عثمان "حوار الشيخ الغلب سيدو" البشير 1999م-2007م.
ولنتسمع لمفكر الحركة الظلامية اللإسلامية حسن مكي حين يقول لصحيفة المستقلة "لو ذهب الرئيس سيذهب المؤتمر الوطني،...كتشنر اقرب لروح الدين الاسلامي من هذه الاسقاطات،...هؤلاء يتحدثون عن الغلاء بأنه غضب رباني ويضعون اموالهم في ماليزيا"!!! أي أنه لا ينتقد أساس الفكر الظلامي ولكن ينتقد بعض الجوانب ومنها التكالب لى المال!!! ويؤيد ذلك ما تقوله بعض المصادر إن الاسلامي أمين حسن عمر متواجد هذه الايام بلندن لاعمال مالية!!!
بعضهم فهم جقيقة الاوضاع مثل ولد الجبوري من المسيرية في رسالته الصوتية للبشير "الرأي قالوا من راعي الغنم"، "..الاقتصاد غلبكم عديل كدا ما بتعرفوا ليه ...ولا شغلكم عدم بصيرة.. ولا ماله الدولار فطس الجنيه السوداني والامور كلها طائرة للسماء" !!!، ""توا المواطن دا، الموضوع حق الجوع دا والجوع كافر يعني شوية اكل معا اتجاه كعب"!!!
""..الامور ما كلها كل مرة بتجيء عديل فأنتبه وقالوا حقار الرجال بويد، ما تحقر الناس ، ما تحقر الحراك البسيط بسيط دا ما تحقره.."!!!
نصيحتي هنا إنه يجب على كل اعضاء الحركة الظلامية اللإاسلامية والمؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي الإنابة الى الله والتوبة من تجارتهم بالدين وتلاعبهم بالإسلام وتشويه صورته في الأذهان، و يجب كذلك الاعتراف بالأخطاء التي إرتكبوها في حق الشعب السوداني من جرائم قتل وإعدامات وتعذيب وطلب المسامحة، وقبلها طلب الصفح من الاباء والامهات الذين فقدوا أولادهم في حروب عبثية في جنوب السودان وغيره مما اسموها حروب جهادية ضد الكفار وخدعوا الأمهات بعرس الشهيد .
من باب الاخلاق السودانية ورجولة "ود البلد" يجب أن تتقدم الحركة الظلامية والمؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي بخطاب اعتذار وطلب مسامحة على ذلك الدمار الذي احدثوه في السودان في كل الميادين موقع من قبل كل قياداتهم بما فيها صاحب لحس الكوع، هذا الخطاب يقدم ويتلى ليلاً نهاراً في الاعلام على الشعب السوداني، وكذلك عليهم التحلل من كل ممتلكات الشعب السوداني والرجوع الى وضعهم المالي والمادي الذي كانوا فيه قبل 1989م " أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ"!!!
نقطة أخيرة بإعتبارهم يمكن أن يجنبوا البلاد ضياع في الارواح والممتلكات والزمن خاصة وانهم مازالوا يمسكون بكثير من مفاتيح الأمور أضف إلى ذلك أنهم شركاء في المكر والمكائد مع نظام الإنقاذ الحاكم "دافننه سوا"!!! إذن عليهم تفكيك نظام المافيا الذي ابتدعوه ابتدأً عساه يشفع لهم لدى الشعب السوداني ويتم التسليم والتسلم بأمان "سلم مفاتيح البلد".
انشد الشاعر محمد المكي ابراهيم
" عليك الزحف متقدم
وليك الشعب متحزم ومتلملم
يقول سلم مفاتيح البلد
حتهرب وين من الآلم الكبير والجوع
ومن تعليمك المدفوع
ومن شعباً سقاك لبنو سقيتو من الهوان والجوع
وآنواع سمك المنقوع
سلم مفاتيح البلد".
wadrawda@hotmail.com
////////////////////////