غباء الكيزان -وهل كنت تتوقع أن تتدفق أموال الكُفار رغم انقلابكم يا جبريل الكوز؟

 


 

 

الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة ..(ألبرت أينشتاين)..
يقول الدكتور علي ليلة أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس، ان الغباء السياسي، هو عدم إدراك صانع القرار للمعطيات المحيطة به، ومن صفاته عدم إدراك القائد للواقع وإنكار الحقائق..
في الوقت الذي وصف فيه كل العالم ما جرى في 25 أكتوبر، انقلابا عسكريا على السلطة سيترتب على هذه الخطوة نتائج كارثية من حيث الدعم المالي الدولي للسودان!!، كان الانقلابيين في السودان يرون في هذه الخطوة تصحيحا لمسار الثورة السودانية، وان الأموال الدولية، ستتدفق على السودان بمجرد رفع الإقامة الجبرية عن رئيس الوزراء المعزول واعادته الى وزارته.
مضى على انقلاب البرهان حميرتي، ثلاثة أسابيع دون تشكيل حكومة (التكنوقراط) التي جاءت في اتفاق "البرهان حمدوك"، الشيء الذي جعل جبريل إبراهيم الانقلابي، يخرج عن صمته ويتباكى على الأموال الدولية المتوقفة عن السودان جراء الإجراءات الانقلابية.
وقال جبريل إبراهيم الانقلابي، إن السودان لم يتمكن من الحصول على 650 مليون دولار من التمويل الدولي في نوفمبر تشرين الثاني عندما توقفت المساعدات في أعقاب انقلاب، وهو تجميد للأموال يثير الشكوك حول مدفوعات الواردات الأساسية ومصير الإصلاحات الاقتصادية.
وأضاف جبريل إبراهيم، الذي تم تعيينه في حكومة انتقالية مدنية في فبراير شباط، أن هذا التمويل يشمل 500 مليون دولار لدعم الميزانية من البنك الدولي و150 مليون دولار في شكل حقوق سحب خاصة من صندوق النقد الدولي.
وأضاف قائلا “حتى الآن ليس هناك أي وعود بدعم كبير من أي بلد، عربي أو غير عربي، لكن الاتصالات مستمرة مع كل الدول الصديقة".
ما قاله الانقلابي جبريل إبراهيم يمكن أن نطلق عليه الغباء السياسي، ذلك ان التمويل الأجنبي -أي حصول السودان على التمويل الخارجي كان مشروطا بالتحول الديمقراطي وتسلم المدنيين للسلطة، وجبريل إذ يعرف كل هذه المعلومات والحقائق، كونه كان وما زال وزيرا للمالية، لكن ولغباءه السياسي، ايد الانقلاب الذي تسبب في قطع التمويل الأجنبي عنهم، ليجهش بالبكاء على هذا التمويل في الوقت الذي لا يجدي معه البكاء.
نعم، المجتمع الدولي، ايد اتفاق (البرهان حمدوك)، لكن بتحفظ شديد، لعلمه ان العسكر والجنجويد هم الذين هندسوه وكتبوه ، وان السيد عبدالله حمدوك مجرد شريك ضعيف، لأن حتى بعد اعادته الى منصبه السابق كرئيس للوزراء، ليس لديه كامل الصلاحيات لفعل ما يشاء وكيفما يشاء.
ولطالما المجتمع الدولي متوجس من هذا الاتفاق ولا يثق في قدرته على انجاح الفترة الانتقالية وتحويل السودان الى بلد ديمقراطي، فإنه لم يسمح للتمويل الأجنبي ان يتدفق مرة أخرى.
والمجتمع الدولي، ممثلا في المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى السودان وجنوب السودان، وكذا المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي، ومبعوث الاتحاد الأوربي، ومبعوث الاتحاد الأفريقي. جميعهم كانوا قد حذروا الشق العسكري من الحكومة من الاقدام أي خطوة من شأنها ان تعيق عملية التحول الديمقراطي في السودان. لكن العسكر، ولأنهم حمقى بالطبيعة ومعقّدين، تجاهلوا الواقع وتركوه نهبا للعشوائية والفوضى، ليدفع الشعب السوداني ثمنا غاليا لهذه الحماقة والعوارة السياسية.
قبل أيام، شن رئيس الانقلابيين في السودان عبدالفتاح البرهان، هجوما لاذعا على المنظمات الدولية والدول الغربية -متهما إياها بالتدخل في شؤون بلاده الداخلية، ممارسا بذلك الاستهبال والاستغفال على شعب بات يحفظ عن ظهر قلب كل الأكاذيب التي يتشدق بها البرهان في حله وترحاله. انه كالعادة يكذب لصرف الأنظار عن الورطة التي ادخل فيها السودان جراء انقلابه.
في يوم الجمعة 10/12/2021، كشف تقرير قدمه رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان فولكر بيرتس (يونيتامس) لمجلس الأمن، عن مشهد معقد في البلاد، وتحديدا في فترة ما بعد انقلاب 25 أكتوبر، مؤكداً أن "الانقلاب العسكري، وحل العنصر المدني في الحكومة أديا إلى تحطيم آمال العديد من السودانيين في تهيئة مستقبل ديمقراطي بقيادة مدنية".
ما قاله فولكر بيرتس، هو خلاصة ما احدثه الانقلاب المشؤوم للثورة السودانية ولعموم أهل السودان من اضرار عظيمة.. فالعسكر إذن، يسوقون الشعب السوداني في لحظة تجهيل من الأنوار المشعة للحاضر والمستقبل إلى التقوقع خلف دياجير الانفاق المظلمة لأسوار الماضي الذي لا وجود في سماكة جدرانه وانغلاقه لأي إمكانية لتسرب الأضواء المشعة للحاضر والمستقبل الواعد بالتفاؤل والأمل.. انهم يحكمون على الشعب بما يشبه الحياة الأسوأ عذاباً وقهراً من انعتاق الموت الذي لا تعود إليه الحياة برمتها..
على الانقلابيين وحلفائهم، إذا أرادوا للتمويل الأجنبي ان يتدفق مجددا، فما عليهم إلا ان ينهوا انقلابهم على السلطة المدنية فورا، وتسليم السلطة للمدنيين دون "الشراكة مع العسكر".. فلا يجدي نفعا البكاء على التمويل المتوقف دون اتخاذ خطوات للتراجع عن الانقلاب.

bresh2@msn.com
///////////////////////

 

آراء