فاروق ابو عيسى طيب الله ثراه

 


 

شوقي بدري
16 April, 2020

 

 

 

ترجل فاروق بعد عمر حافل بالنشاط السياسي قبلا سنين عديدة وعندما كان في سجن الانقاذ كتبت عنه . نختلف ونتفق مع فاروق الا انه كان رمزا وطنيا وسياسيا 

اقتباس
ابو عيسي رجل لا يخشي المواجهة


بدأت مقابلاتي مع الاخ ،، ابو عيسي ،، وانا في السابعة عشر من عمري . وكان ابو عيسي حديث الزواج بزوجته الاستاذة نعمات مدني ابشر . ابنة العم مدني ابشر وشقيقة السفير ووزير الخارجية مصطفي مدني ابشر .
كان ابو عيسي يسكن في ميدان الربيع العباسية في الجانب الشمالي . وهو جار لدكان الجزار . كان ابن عمتي الاستاذ الطيب ميرغني شكاك يرسلني لابي عيسي . والطيب وشقيقه فاروق ومصطفي مدني ابشر من الكوادر الشيوعية الاولى . وكانت هنالك مشكلة صغيرة . وسببها ان الطيب كان يمر بازمة نفسية . وكان يشاركنا السكن علي بعد خطوات من ميدان الربيع .وتكرر ذهابي لابي عيسي وانتهي الامر بان حسم ابو عيسي الامر في مواجهة قصيرة وحاسمة . وكان ابو عيسي علي حق . ولكن تصرف بما يرضي الطيب .
بما انني كنت احب الذهاب الي المحاكم كثيرا بسبب سكننا في السردارية فكنت اشاهد بعض المحاكم المهمة ، او تلك التي يتعرض لها اصدقائي من اشداء امدرمان . وكانت المحاكم السياسية في الدكتاتورية الاولي تجذب الناس . خاصة عندما يكون المدافع هو ابو عيسي الذي كان يغتنم الفرصة . ويصير الامر مواجهة ضد النظام العسكري . وكان يشاركه في بعض الاحيان الاستاذ احمد سليمان عضو اللجنة المركزية والذي صار انغاذيا ، وآخرون. وكان ابو عيسي يتواجد دائما ولا يتاخر في تلك المحاكمات . زميل الدراسة محمد بشير الطيب صار صحفيا في بداية الطريق . وكان يغطي المحاكمات وكنت اشاهده كثيرا .
عبد الرحمن عبد الحميد عثمان الذي كان من زعماء الشيوعيين في مدرسة خور طقت ، كان نشطا جدا . وهو الآن مقيم في الدنمارك ويحمل شهادة دكتوراة في الطب وهو اخصائي الامراض الصدرية . وهو من اول المعتقلين في مدينة الابيض . واصيب بداء الصدر . ويذكره السفير فارروق عبد الرحمن في سفره الجميل ,, السودان وسنوات التيه ,, وكان عبد الرحمن يجند الطلاب للحزب الشيوعي ولقد فشل في تجنيد فاروق الذي واصل كل حياته مستقلا، واصر فاروق لان آخذه لعبد الرحمن عندما حضر في زيارة الي اسكندنافية . والزيارة هي اعادة لزبارته الاولي قبل نصف قرن عندما كان طالبا في جامعة الخرطوم . خلال احد معسكرات العمل للشباب .
عندما قبض علي عبد الرحمن في بداية الستينات بواسطة ود الكتيابي الذي تخصص في مطاردة الشيوعيين بشكل عقائدي . قدم عبد الرحمن للمحاكمة . وكان ابو عيسي كالعادة يدافع عن الجميبع . وكانوا قد وجدوا كرتونة مليئة بالمنشورات الشيوعية في منزل اهل عبد الرحمن في حي العرب . وحكم علي عبد الرحمن بالبرائة . وكان ابو عيسي يقوم بمواجهة شرسة مع الاتهام وينتقد النظام. وكان دفاعة ان الكرتونة قد لا تخص عبد الرحمن ففي المنزل كثير من البشر , وهنالك شبابيك مطلة علي الشارع العام وهي مفتوحة دائما . ويمكن ان تكون الكرتونة قد ادخلت من الشارع . وليس لعبد الرحمن دخل بها .
عبد الرحمن كان يقول لي ان اصدقائه عند الفلس ،كانوا يحثونه للذهاب الي مكتب ابو عيسي للسؤال عن سير القضية . ابو عيسي كان ينفح عبد الرحمن والذين يدافع عنهم المال بعد الزيارات . ولم يكن احمد سليمان باقل منه كرما .
في نفس الايام اعتقل المناضل جعفر ابو جبل بمنشورات . ولان منزلهم في بيت المال يواجه قصر الشريفة ، خرج ود الكتيابي وقبل جدار القصر الغربي. ووعد بالوفاء بالنذر الذي اعطاه للشريفة لمساعدته في القبض علي جعفر ابو جبل ، رحمة الله علية فلقد مات في شبابه تحت عجلات لوري عتيق بدون فرامل . وهو شقيق حسن ابو جبل اول سكرتير للحزب الاتحادي . ودفاع ابو عيسي كان ان حوش ابو جبل كان مسكنا لعشرات الساكنين والضيوف وهو من اكبر حيشان امدرمان . واطلق سراح ابي جبل
وكانت حملات البوليس السري لا تتوقف . وقدم حمد علي حمد وقريبة ابشر الي المحاكمة بتهمة النشاط الشيوعي . والاخ حمد كان يسوق لوري تراب وليس له المام كبير بالقراءة والسياسة وقربه ابشر يعمل كخياط في قراش المنزل في جنوب ميدان الربيع . والمقصود كان الاخ عبد الرحيم علي حمد الذي كان في الثانوية . ولكن لؤم الامن كان يريد ان يعتقل الكبار ومن يعيلون االاسر ليكون الضرر اكبر .
وقبض علي مجموعة كبج في حي العرب . واعتقل الدكتور الزراعي صلاح عبد الله طيب الله ثراه في الركابية وهو طالب ثانوي. وعندما انكر حيازة المنشورات ، كما تعلم المناضلون هدد ود الكتابي بطريقة استهجنها اهل امدرمان . فلقد اعلن بانه سياخذ شقيقة صلاح للمعتقل . فاعترف صلاح بملكية المنشورات . واعتقل البرفسر اسامة عبدالرحمن النور عنما كان زميلنا في مدرسة الاحفاد . و وكانت هنالك عشرات الاعتقالات التي تصدي لها ابو عيسي وآخرون . وابو عيسي لا يخشي او يخاف من المواجهات .
اراد نظام عبود ان يضع حدا لمواجهات ابي عيسي . فقدموه الي المحاكة بتهمةالاسائة الي المحكمة في 1963. لانه والاستاذ احمد سليمان كانا يهاجما المحكمة والنظام . وكان قاضي الجنايات في امدرمان هو الرجل الشريف مولانا محمد صالح عبد اللطيف وقيع الله . وبعد دراسة القضية . صدر الحكم ببرائتهما . وكانت حيثيات القاضي تقول ان الحكم علي محامين بالسجن سيكون سابقة غير كريمة وستخلق نوعا من العداء بين القضاء الجالس والقضاء الواقف .
وارجعت القضية الي مولانا محمد صالح ومعها امر صريح وواضح بالحكم عليهما بالسجن . وحكم محمد صالح عليهما بالسجن يوما واحدا ينتهي بانتهاء الجلسة . ورفض العسكر . وطرد محمد صالح من الجنائية. وارجع مولانا احمد العاقب من الاستيداع . وقام بالحكم عليهما بالسجن 6 اشهر , وتخللت المحاكمة مواجهات ساخنة تداولها الناس .
اليوم عندما يطالب ابو عيسي ان يكف الناس عن المطالبة باطلاق سراحه ،يستغرب البعض . هكذا هو ، رجل شجاع صلب لا يخشي المواجهة . وهو علي عكس الترابي الذي كان عادة يتظاهر بانه علي وشك الموت في السجون . وعندما اطلق سراحة من سجن كسلا كان لا يقدر علي المشي . وما ان وصل مطار الخرطوم حتي كان يركض للخروج من المطار .
من المواجهات المشهورة ، ان الترابي قد استغل التصاقه بالصادق . وطلب من الجموع ان تتفرق عندما احاطوا بجثمان الشهيد القرشي الذي كان مسجيا علي لوري في طريقه الي مسقط رأسه . وكاد الناس ان يتفرقوا ، الي ان هتف المحامي الرشيد الطيب . الي الجحيم ياعبود . واندلعت الثورة التي اطاحت بالعسكر في اكتوبر . وعندما كان الترابي يجلس في السيارة بالقرب من ابي عيسي وكان الترابي يحاول ان يخرب انتصار جبهة الهيئات ويضع العراقيل ، قام ابو عيسي بخنق الترابي حتي كاد ان ينهي حياته . وقام الاخرون بتخليص الترابي منهم زميل حنتوب المحامي شوقي ملاسي . فابو عيسي يعرف الترابي جيدا ويعرف اساليبه . فلقد درس وسكن معه في حنتوب . وكان السبب في طرد احد زملائهم من الدراسة . والترابي هو من طالب بعدم محاكمة العسكر وهو الذي اثر علي الصادق لكي يتبني ذالك الخط . وابو عيسي كان يدعوا للمحاكمات ، والا لن بتوقف موال الانقلابات . وان كان ابو عيسي قد وقع في فخ الانقلابات فيما بعد . وله مشاركة في جرم انقلاب مايو.
واكبر مواجهة ان ابوعيسي قبل نصف قرن من الزمان قد خاف ان تنتكس الثورة في اكتوبر. وقاد الجموع في ليالة المتاريس . بعد ان طالب الشعب في الاذاعة بان يخرج لحماية ثورته . وتقدم الصفوف وكانت امكانية مواجهة الدبابات بالايدي التي لا تحمل السلاح .
عندما طرد محمد محجوب عثمان من الحزب الشيوعي السوداني في بداية التسعينات بسب حضوره لبعض جلسات برلمان الكيزان . فلقد عينوه بدون استشارته . وكان محمد محجوب يريد ان يلحق بابنته وزوجته في اوربا . فاستقل تلك الظروف . ولكنه قد اخطأ كثيرا . وبدات انا الاتصالات بالزعيم التجاني الطيب بابكر . الذي وبخني وقرعني بعنف . واتصلت بالخال محجوب عثمان . وكنت احمل الخطابات بين القاهرة والسويد . وعندما طال الامر قال لي التجاني الطيب . قول لي صاحبك ما يلف ويدور . كل قضية مختلفة من التانية . يكون شجاع ويعترف بانه اخطأ وينتقد نفسه . وما في لزوم للتبرير . والاستشهاد بفاروق او اي زول تاني ..والاستشهاد بفاروق او اي زول تاني ماعندوه معني . فاروق واجه الناس بكل شجاعة وانتقد نفسه . وما بتمر فرصة الا يقول بكل شجاعة انه اخطأ . ان اصعب المواجهات هي مواجهة الذات والاعتراف بالخطأ .
في 1998 حضر البروفسر والرجل العظيم مصطفي خوجلي الي القاهرة وتصادف وجودي ووجهت لنا دعوة اعتبرها انا انها احد الاسباب ان لا يقنع الانسان من الدنيا فلم اكن احلم ان اجمع مع البروف . وتصادف حضور الفنان محمد وردي مصحوبا بمخرج مصري . وكان وردي طيب الله ثراه غاضبا لعدم قبول ابنته في الجامعة ولاشياء اخري. وبدا الهجوم علي الزعيم التجاني الطيب بابكر ، وتلك اول مرة اشاهد شخصا يهاجم الزعيم التجاني . ولقد عشت معه في براغ وفي امدرمان . وهو الذي قدم لمجموعتي القصصية المشبك .وهذا في منزل الزعيم . وشمل هجوم وردي اغلب الحاضرين . وتكهرب الموقف للاكثر من ساعتين وقال له الزعيم في النهاية .انه ليس له اي حول اوطول في القاهرة وانه عندما يحتاج لامر يتصل بفاروق . فالتفت وردي الي فاروق وهاجمه بخصوص امر شخصي لا دخل له بالليلة . ولقد شاهدت فن المواجهة بتأني وحسم وبدون غضب او تشنج . وامتص فاروق كل غضب الفنان وردي طيب الله ثراه . وانتهي الامر بسلام . وتنفس الجميع الصعداء..
كان فاروق وقتها رئيسا لاتحاد المحامين العرب وهذه مهمة اسطوريه . فالعرب عادة لايمكن السيطرة عليهم . دع عنك من تخصصوا في المشاكل من المحامين ومن يحسبون انفسهم اعلم الخلق . وما كنا نسمعة ، ان فاروق كان حاسما ويواجه المتفلتين ومن يحاولون ان يمرروا اجندتهم . ولو لم يكن ابوعيسي قويا لما استطاع ان يقود ذالك التنظيم لسنين عديدة . واذكر ان الاخ المحامي كمال رمضان كان يعمل في ذالك التنظيم ولقد زرته في مكتبه حاملا رسالة . كثير من السودانيين كانوا يخرجون من بين براثن الامن المصري بواسطة ابي عيسي الذي كان يواجة الامن المصري وتفلتاته بسبب تعود رجاله علي التغول علي البشر.
كركاسة
المثل السوداني بيقول .....عبدا بي سيدو ولا حرا مجهجه . من الذي يحكم السودان ؟هل هم حمدوك وشلته ؟ قحت ام منظمات المراقبة ، اللجان الثورية ، ام هو حميدتي الذي قال البلف في يده ؟ هل العسكر هم من يحكمون ام هو حمادة وحمادة .... محمد بن زايد ام محمد بن سلمان ؟ لربما هو السيسي !! ام نحن بلد هامل كما ذكر هيكل وما نحن الا جغرافيا ولسنا دولة ؟ يسيطر علينا صندوق النقد والبنك الدولي . من الذي يدفع للصادق وحاملي السلاح الذين يتفاوضون يالشهور الطوال . ولماذا يحج الجميع لمصر الامارات السعودية من اين تأتي الاموال لدعم الجميع ؟ او كما يقول الناس في السودان ..... بيملوا الزير من وين ؟

shawgibadri@hotmail.com

 

آراء