فشل المشروع الإسلاموي وتحديات تأسيس الدولة المدنية بالسودان (3)
موسى المكي
12 September, 2023
12 September, 2023
إدارة الفترة الانتقالية وملامح المشروع السياسي التأسيسي للدولة المدنية:
انتهت الحلقة السابقة بتشكيل الجبهة المدنية للسلم، وهي التي يجب ان تشمل كافة الشعب السوداني بما في ذلك مناطق الكفاح المسلح التي لم تدخل في سلام جوبا وقوى التغيير الجذري إلى جانب لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير والقوى السياسية خارج كتلة الحرية والتغيير ولكنها جزء اصيل من ثورة ديسمبر المجيدة، ليكون الاستثناء فقط من هبت الثورة لإقتلاعهم من مجموعات الإرهابيين المجرمين وكل من عليه بلاغات جنائية من النيابة العامة أو جرائم ذات طابع جنائي دولي ولم تتم محاكمته ولم تثبت براءته أو ممن عليهم تهم وبلاغات مازالت في مرحلة ما من مراحل التقاضي وفق الإرث القضائي المعمول به في القوانين السودانية والدولية ، وبما أن المجرم لا يُنتَظَر منه تأسيس دولة وطنية مدنية ديمقراطية ولا ينبغي ، فإن مسئولية تفاصيل مشروع التأسيس ستكون على عاتق هذا الإجماع الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ السودان الحديث حال حدوثه ( أي قيام جبهة مدنية سلمية جامعة) ويصبح بذلك هذا الجسم المدني السلمي والسياسي الجديد هو الرائد الذي يستحق شرف المبادرة بالتأسيس الثاني للوطن، وبالطبع فإن هذا الجهد يحتاج إلى منهجية علمية ووقتٍ كافٍ وصبرٍ جميل وتنازلات مؤلمةٍ وحوافز قاسية للممانعين كما ويحتاج لشركاء إقليميين ودوليين من الوزن الثقيل وأصحاب تأثير قوي في ترسيخ السلم والمساعدة في تحقيق آمال وتطلعات شعب السودان في السلام والحرية والعدالة، في وقت عزَّ فيه المنهج العلمي والوقت والصبر والشريك الأمين، ويبقى شعار الثورة النبيل:
(حرية سلام وعدالة)
هو الهيكل الذي سينبني عليه أمران هما:
الأول كيفية إدارة الانتقال:
يجب ألا ينتظر من هذه الورقة تسمية أشخاص بعينهم أو حتى شخصية محددة لتكون على رأس سلطة الانتقال ولكن ينبغي ان تضع الملامح البائنة التي تمكن الجبهة المدنية العريضة للسلم وتاسيس الدولة المدنية من تسمية سلطة الانتقال بكافة مستوياتها، مع اعتبار ما يلي بعناية ووعي تامين:
(أ) لا دولة بدون سلطة قضائية وعدلية ونيابية مستقلة.
(ب) لا دولة بدون قوات مسلحة محددة المهام والهيكلة والتاسيس وجهاز أمن بدور مرسوم ومعلوم وشرطة بكفاءة تدريبية عالية تتبعان (من الألف للياء) للحكومة المدنية.
(ج) لا رقابة لحكومة بدون جهاز تشريعي ولا سلطة تشريعية بدون انتخاب؛ وبين الأمرين ولحين قيام الجمعية التشريعية في الاستحقاق الانتخابي الكبير والشامل، فإنه ينبغي انتخاب جهاز تشريعي مؤقت محدود العدد من 20 شخصية (18+2)، يمثلون بكفاءة ومهنية ودراية كافة أقاليم البلاد ومناطقها التسعة لكل إقليم ممثلين إثنين تنتخبهما الجبهة المدنية بعقلانية وبساطة وشفافية من (جبال النوبة، النيل الازرق، منطقة جبل مرة،
الشمال، الخرطوم ، الشرق، كردفان، الأوسط، دارفور) بالإضافة لشخصيتين مستقلتين لرئاسة المجلس التشريعي المؤقت ونائبه بعقد زمني لا يتجاوز نهاية الفترة الإنتقالية تضطلع الجبهة المدنية بتفاصيل آلية انتخابهم المبسطة والتوافق عليها وجدول عمل مجلسهم وتوصيفات شاغليه يكون للمرأة والشباب فيه نسبة معتبرة، ليسبق ذلك الاستحقاق الإنتخابي الكبير كتمرين مهم في الممارسة الانتخابية، وكوجهة نظر من المسودة ينبغي ان تنحصر مهام المجلس هذا في:
* مهام الرقابة الشاملة لكامل تفويض الحكومة الإنتقالية وأدائها في المهام التي رسمتها الجبهة المدنية أو تلك التي سيقدمها رئيس الحكومة حسب تفويضه أيضاً.
* ومهام إعتماد الأشخاص الذين يضطلعون بمهام رئاسات السلطة الانتقالية وكافة الشخصيات المرشحة للوظيفة العامة والدستورية بمستوياتها التالية:
1) حكومة انتقال مصغرة وواسعة السلطات التنفيذية لانفاذ مهام الانتقال وصولاً للاستحقاق الانتخابي الكامل على أن تسميها وتسمي رئاستها وتحدد جدول مهامها الجبهة المدنية العريضة للسلم شريطة ان يكون رئيس الحكومة شخص مقبول للجبهة المدنية ويصادق عليه مجلسها التشريعي المحدود وأن يكون من ذوي التأثير الإيجابي والمقبولية البائنة داخل الوطن وخارج السودان من شركاء الشعب السوداني واصدقاءه في محنته إبان العهد البائد وطوال تاريخ نضاله من أجل الحرية والسلام والعدالة.
(2) إعتماد رئاسة القضاء ورئاسة النيابة وقبل ذلك آلية ترشيحهما ومدة تفويضهما وجدول اعمالهما في تلك المدة حسب أولوية كل ملف ودوره في تقريب سلطة الإنتقال من الوصول لتحقيق العدالة التي نادت بها ثورة ديسمبر المجيدة وزمن إنجازه بالكامل، على أن يقوم الجهاز القضائي والنيابي بالدور الرئيس في تشكيل مجلسيهما بالانتخاب من كلياتهما الفئوية ثم يقدمان
مهام مجلسي القضاء والنيابة في فترة الانتقال والجداول الزمنية لإنجاز كل ملف للمجلس التشريعي الانتقالي لإعتمادهما.
(3) إعتماد قيادة الجيش ورئاسة أركانه وصياغة عقيدته القتالية ومهامه الدستورية.
(4) الإعتماد والمصادقة على وزراء حكومة الانتقال والرقابة على أدائهم.
(5)المصادقة وإعتماد ترشيحات رئيس الوزراء للهيئات الحكومية المستقلة كالبنك المركزي وحكام الأقاليم والمناطق التسعة مجتمعةً ودور حكومات الولايات ومهامها ورئاسات الجامعات والمراجع العام ورئاسة الأجهزة الإعلامية القومية وسلطات الطيران المدني والمفوضيات التي تعين الحكومة في إنجاز مهامها وقائد الشرطة ومدير جهاز الأمن والمخابرات وغيرها.
(6) ينبغي أن تشتمل مهام الرقابة على آليات ترشيح الأشخاص الذين يتولون رئاسات مستويات سلطة الإنتقال ورئاسات البعثات الدبلماسية ورئاسات الهيئات المستقلة ومراعاة عدم تكدسهم لمصلحة جهة جغرافية أو فئة سياسية أو جماعة عرقية او دينية مذهبية مجتمعة فيما لم تشر بذلك صراحة نصوص الوثيقة السياسية والدستورية المعتمدتين من توافق الجبهة المدنية واية اطراف اخرى.
والأمر الثاني هو رسم الملامح الرئيسة لمبادرة التأسيس وهي كل ما يُنْتَظَر تفصيله والتوافق عليه، شريطة ان تكون تلك التفاصيل وذاك الوفاق على هدي الوحدة الوطنية وحقوق الإنسان والقوانين الدولية، والمسودة إذ تتقدم ببعض التفاصيل التالية من باب الإسهام البعيد من الأبوية، فإنها ترى ضرورة مشاركة الجبهة المدنية للسلم في كل تفاصيل العملية السياسية :
*سلطة الشعب*
الكلمة الأولى والأخيرة للشعب السوداني وهو الذي يحكم نفسه وتسقط الوصاية عليه فيسقط بذلك الإرهاب وتسقط الديكتاتورية بالضرورة. على أن تقوم ورش علمية من إعداد وإشراف الجبهة المدنية للسلم وبرعاية الشركاء الدوليين من أجل تسهيل صياغة مخرجات تناسب شعب السودان العظيم استناداً على إرثه الديمقراطي التليد والتطورات الدولية الهائلة في شئون التشريع والحوكمة والإدارة والممارسة السياسية والحكم الرشيد.
ثم يعقب ذلك التطور السياسي الهام، تهيئة المناخ بغية إنجاز متطلبات الإنتقال الديمقراطي وصولاً لمحطته الأخيرة وذلك بقيام انتخابات حرة نزيهة شفافة شاملة مراقبة دولياً تسبقها استحقاقاتها الدستورية والقانونية والرقابية على كافة مهددات الإنتقال بما في ذلك مراكز القوى للعهد البائد والأموال الهائلة والسائبة والتي يمكن أن تستخدم في تزوير أو حتى التأثير على نزاهة الاستحقاق الانتخابي،
كما ويسبق ذلك برنامج عمل إعلامي متفق عليه يركز على ضرورة المصالحات الوطنية كما وينبغي أن يتبنى الحملات الإعلامية المركزة والصادقة والتي تستهدف نشر ثقافة السلام والحقوق وقبول الآخر ونبذ العنف وإدانة العنصرية وإشاعة ثقافة الوحدة والتلاحم والروح الوطنية والتزام جانب الحقوق والتمسك بها وكما ينبغي ان تشمل استعدادات الاستحقاق الديمقراطي الإحصاء السكاني الشامل وتوفير الأمن اللازم والنظام القضائي والعدلي الراسخ وإعادة إعمار ما دمرته الحرب بما يضمن تمكين الشعب السوداني من عبور الفوضى التي خلفتها الحرب إلى الانتقال الديمقراطي المنشود .
*تأسيس جيش قومي مهني محترف*
كان أُس المشكل السوداني منذ الاستقلال وحتى هذه اللحظة هو تورط القوات المسلحة في العمل السياسي والذي نتج عنه دخول كافة الوطن في حلقة شريرة تتأرجح بين الانقلابات والديمقراطية أدت إلى اندلاع سلسلة من الحروب الأهلية وبالتالي فإن الركن الأساسي في بناء الدولة الحديثة ينبغي ان يشمل حل كافة المليشيات وجيوش الحركات المسلحة بما في ذلك الدعم السريع والجنجويد وأية مليشيات أخرى تحت أي مسمىً كانت والابقاء على جيش واحد وذلك عبر اتفاقيات سودانية سودانية وبرعاية دولية ودمج من يمكن أن يستقيم دمجهم من القوات خارج الجيش في جيش قومي مهني بهيكلة واضحة والإحتذاء بنموذج الجيوش الاحترافية الكبرى، لكن قبل ذلك يجب تجريم مصانع تفريخ كافة المليشيات قبلية كانت أو دينية أوحزبية وتحت أية دعاوى مهما كانت كمؤازرة الجيش والأمن والشرطة والحماية الشخصية أو ما سمي بحرس الحدود وما إلى ذلك والتي أثبتت التجارب دائماً (على الأقل في بلادنا) على أنها كانت الطريق لسلب إرادة الدولة المركزية سلطتها الرئيسة في إحتكار العنف والإكراه لحفظ النظام ومن ثم فتحت الأبواب للإرهاب الداخلي والدولي العابر للحدود وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وسرقات موارد الشعب والإنقلابات على الدستور والتفلتات الأمنية وتجارة المخدرات ونحو ذلك من مخالفة القوانين الوطنية والدولية كحقوق الإنسان ومكافحة الجريمة ومكافحة الإرهاب،
ويجب أن يكون المنع والتجريم بسن القوانين الرادعة لمنع تأسيس وتفريخ المليشيات والمحاسبة على الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الكائنة بين ظهرانينا الآن وجميع جرائم الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية والحزبية في حق الشعب السوداني إبان ثورته المجيدة وقبلها.
في المقابل فإن الدولة ممثلة في أجهزتها القانونية والتشريعية والتنفيذية هي التي تحتكر سلطة الإكراه والعنف من أجل حفظ النظام والمحافظة على الدولة وهي مطالبة بتعزيز أدوارها لتأدية مهامها الرئيسة على أن يقتصر دور الجيش القومي والمهني في مهامه المتفق عليها وفق الدستور كحماية الشعب من العدوان الخارجي وحماية التراب الوطني وحماية دستور الدولة المدنية ونظامها المجمع عليه، وأن تُجَرَّم كل التجارب الانقلابية السابقة وتتم محاكمة كل من تورط فيها وبذلك يتحقق الشعار:
*(*العسكر للثكنات، وماف مليشيا بتحكم دولة، والجنجويد ينحل* )*
*العدالة وسيادة حكم القانون**
قيام نظام قضائي وعدلي ونيابي مستقل ومهني يحترم حقوق الإنسان، يتساوى جميع الناس أمامه ويقوم بتجريم الإرهاب الإخواني ومحاكمة كل من أجرم في حق الشعب السوداني ورد الحقوق لأصحابها وتفكيك دولة التمكين وبالقانون، في كل أجهزة الدولة بخدمتها المدنية والعسكرية ومقدراتها ومواردها (قوانين، أراضي، أموال....) لصالح دولة الشعب في فترة الانتقال وبعده وذلك من أجل تمكين الشعب السوداني من التداول السلمي للسلطة وتحقيق العدالة والشفافية المساواة والإسهام الحقيقي في المحافظة على استقلالية الأجهزة والهيئات القومية المنصوص على قوميتها واستقلالها وقد سبق ذكر بعضها.
إن ما أغفلته المذكرة لا يقع في دائرة الإهمال، بقدر ما هو تأكيد للرغبة الصادقة في استنطاق كافة بنات وأبناء الشعب السوداني في شأنهم السياسي كأصحاب للمصلحة الحقيقية في إشاعة السلام وإيقاف الحرب وبناء الوطن.
انتهت الحلقة السابقة بتشكيل الجبهة المدنية للسلم، وهي التي يجب ان تشمل كافة الشعب السوداني بما في ذلك مناطق الكفاح المسلح التي لم تدخل في سلام جوبا وقوى التغيير الجذري إلى جانب لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير والقوى السياسية خارج كتلة الحرية والتغيير ولكنها جزء اصيل من ثورة ديسمبر المجيدة، ليكون الاستثناء فقط من هبت الثورة لإقتلاعهم من مجموعات الإرهابيين المجرمين وكل من عليه بلاغات جنائية من النيابة العامة أو جرائم ذات طابع جنائي دولي ولم تتم محاكمته ولم تثبت براءته أو ممن عليهم تهم وبلاغات مازالت في مرحلة ما من مراحل التقاضي وفق الإرث القضائي المعمول به في القوانين السودانية والدولية ، وبما أن المجرم لا يُنتَظَر منه تأسيس دولة وطنية مدنية ديمقراطية ولا ينبغي ، فإن مسئولية تفاصيل مشروع التأسيس ستكون على عاتق هذا الإجماع الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ السودان الحديث حال حدوثه ( أي قيام جبهة مدنية سلمية جامعة) ويصبح بذلك هذا الجسم المدني السلمي والسياسي الجديد هو الرائد الذي يستحق شرف المبادرة بالتأسيس الثاني للوطن، وبالطبع فإن هذا الجهد يحتاج إلى منهجية علمية ووقتٍ كافٍ وصبرٍ جميل وتنازلات مؤلمةٍ وحوافز قاسية للممانعين كما ويحتاج لشركاء إقليميين ودوليين من الوزن الثقيل وأصحاب تأثير قوي في ترسيخ السلم والمساعدة في تحقيق آمال وتطلعات شعب السودان في السلام والحرية والعدالة، في وقت عزَّ فيه المنهج العلمي والوقت والصبر والشريك الأمين، ويبقى شعار الثورة النبيل:
(حرية سلام وعدالة)
هو الهيكل الذي سينبني عليه أمران هما:
الأول كيفية إدارة الانتقال:
يجب ألا ينتظر من هذه الورقة تسمية أشخاص بعينهم أو حتى شخصية محددة لتكون على رأس سلطة الانتقال ولكن ينبغي ان تضع الملامح البائنة التي تمكن الجبهة المدنية العريضة للسلم وتاسيس الدولة المدنية من تسمية سلطة الانتقال بكافة مستوياتها، مع اعتبار ما يلي بعناية ووعي تامين:
(أ) لا دولة بدون سلطة قضائية وعدلية ونيابية مستقلة.
(ب) لا دولة بدون قوات مسلحة محددة المهام والهيكلة والتاسيس وجهاز أمن بدور مرسوم ومعلوم وشرطة بكفاءة تدريبية عالية تتبعان (من الألف للياء) للحكومة المدنية.
(ج) لا رقابة لحكومة بدون جهاز تشريعي ولا سلطة تشريعية بدون انتخاب؛ وبين الأمرين ولحين قيام الجمعية التشريعية في الاستحقاق الانتخابي الكبير والشامل، فإنه ينبغي انتخاب جهاز تشريعي مؤقت محدود العدد من 20 شخصية (18+2)، يمثلون بكفاءة ومهنية ودراية كافة أقاليم البلاد ومناطقها التسعة لكل إقليم ممثلين إثنين تنتخبهما الجبهة المدنية بعقلانية وبساطة وشفافية من (جبال النوبة، النيل الازرق، منطقة جبل مرة،
الشمال، الخرطوم ، الشرق، كردفان، الأوسط، دارفور) بالإضافة لشخصيتين مستقلتين لرئاسة المجلس التشريعي المؤقت ونائبه بعقد زمني لا يتجاوز نهاية الفترة الإنتقالية تضطلع الجبهة المدنية بتفاصيل آلية انتخابهم المبسطة والتوافق عليها وجدول عمل مجلسهم وتوصيفات شاغليه يكون للمرأة والشباب فيه نسبة معتبرة، ليسبق ذلك الاستحقاق الإنتخابي الكبير كتمرين مهم في الممارسة الانتخابية، وكوجهة نظر من المسودة ينبغي ان تنحصر مهام المجلس هذا في:
* مهام الرقابة الشاملة لكامل تفويض الحكومة الإنتقالية وأدائها في المهام التي رسمتها الجبهة المدنية أو تلك التي سيقدمها رئيس الحكومة حسب تفويضه أيضاً.
* ومهام إعتماد الأشخاص الذين يضطلعون بمهام رئاسات السلطة الانتقالية وكافة الشخصيات المرشحة للوظيفة العامة والدستورية بمستوياتها التالية:
1) حكومة انتقال مصغرة وواسعة السلطات التنفيذية لانفاذ مهام الانتقال وصولاً للاستحقاق الانتخابي الكامل على أن تسميها وتسمي رئاستها وتحدد جدول مهامها الجبهة المدنية العريضة للسلم شريطة ان يكون رئيس الحكومة شخص مقبول للجبهة المدنية ويصادق عليه مجلسها التشريعي المحدود وأن يكون من ذوي التأثير الإيجابي والمقبولية البائنة داخل الوطن وخارج السودان من شركاء الشعب السوداني واصدقاءه في محنته إبان العهد البائد وطوال تاريخ نضاله من أجل الحرية والسلام والعدالة.
(2) إعتماد رئاسة القضاء ورئاسة النيابة وقبل ذلك آلية ترشيحهما ومدة تفويضهما وجدول اعمالهما في تلك المدة حسب أولوية كل ملف ودوره في تقريب سلطة الإنتقال من الوصول لتحقيق العدالة التي نادت بها ثورة ديسمبر المجيدة وزمن إنجازه بالكامل، على أن يقوم الجهاز القضائي والنيابي بالدور الرئيس في تشكيل مجلسيهما بالانتخاب من كلياتهما الفئوية ثم يقدمان
مهام مجلسي القضاء والنيابة في فترة الانتقال والجداول الزمنية لإنجاز كل ملف للمجلس التشريعي الانتقالي لإعتمادهما.
(3) إعتماد قيادة الجيش ورئاسة أركانه وصياغة عقيدته القتالية ومهامه الدستورية.
(4) الإعتماد والمصادقة على وزراء حكومة الانتقال والرقابة على أدائهم.
(5)المصادقة وإعتماد ترشيحات رئيس الوزراء للهيئات الحكومية المستقلة كالبنك المركزي وحكام الأقاليم والمناطق التسعة مجتمعةً ودور حكومات الولايات ومهامها ورئاسات الجامعات والمراجع العام ورئاسة الأجهزة الإعلامية القومية وسلطات الطيران المدني والمفوضيات التي تعين الحكومة في إنجاز مهامها وقائد الشرطة ومدير جهاز الأمن والمخابرات وغيرها.
(6) ينبغي أن تشتمل مهام الرقابة على آليات ترشيح الأشخاص الذين يتولون رئاسات مستويات سلطة الإنتقال ورئاسات البعثات الدبلماسية ورئاسات الهيئات المستقلة ومراعاة عدم تكدسهم لمصلحة جهة جغرافية أو فئة سياسية أو جماعة عرقية او دينية مذهبية مجتمعة فيما لم تشر بذلك صراحة نصوص الوثيقة السياسية والدستورية المعتمدتين من توافق الجبهة المدنية واية اطراف اخرى.
والأمر الثاني هو رسم الملامح الرئيسة لمبادرة التأسيس وهي كل ما يُنْتَظَر تفصيله والتوافق عليه، شريطة ان تكون تلك التفاصيل وذاك الوفاق على هدي الوحدة الوطنية وحقوق الإنسان والقوانين الدولية، والمسودة إذ تتقدم ببعض التفاصيل التالية من باب الإسهام البعيد من الأبوية، فإنها ترى ضرورة مشاركة الجبهة المدنية للسلم في كل تفاصيل العملية السياسية :
*سلطة الشعب*
الكلمة الأولى والأخيرة للشعب السوداني وهو الذي يحكم نفسه وتسقط الوصاية عليه فيسقط بذلك الإرهاب وتسقط الديكتاتورية بالضرورة. على أن تقوم ورش علمية من إعداد وإشراف الجبهة المدنية للسلم وبرعاية الشركاء الدوليين من أجل تسهيل صياغة مخرجات تناسب شعب السودان العظيم استناداً على إرثه الديمقراطي التليد والتطورات الدولية الهائلة في شئون التشريع والحوكمة والإدارة والممارسة السياسية والحكم الرشيد.
ثم يعقب ذلك التطور السياسي الهام، تهيئة المناخ بغية إنجاز متطلبات الإنتقال الديمقراطي وصولاً لمحطته الأخيرة وذلك بقيام انتخابات حرة نزيهة شفافة شاملة مراقبة دولياً تسبقها استحقاقاتها الدستورية والقانونية والرقابية على كافة مهددات الإنتقال بما في ذلك مراكز القوى للعهد البائد والأموال الهائلة والسائبة والتي يمكن أن تستخدم في تزوير أو حتى التأثير على نزاهة الاستحقاق الانتخابي،
كما ويسبق ذلك برنامج عمل إعلامي متفق عليه يركز على ضرورة المصالحات الوطنية كما وينبغي أن يتبنى الحملات الإعلامية المركزة والصادقة والتي تستهدف نشر ثقافة السلام والحقوق وقبول الآخر ونبذ العنف وإدانة العنصرية وإشاعة ثقافة الوحدة والتلاحم والروح الوطنية والتزام جانب الحقوق والتمسك بها وكما ينبغي ان تشمل استعدادات الاستحقاق الديمقراطي الإحصاء السكاني الشامل وتوفير الأمن اللازم والنظام القضائي والعدلي الراسخ وإعادة إعمار ما دمرته الحرب بما يضمن تمكين الشعب السوداني من عبور الفوضى التي خلفتها الحرب إلى الانتقال الديمقراطي المنشود .
*تأسيس جيش قومي مهني محترف*
كان أُس المشكل السوداني منذ الاستقلال وحتى هذه اللحظة هو تورط القوات المسلحة في العمل السياسي والذي نتج عنه دخول كافة الوطن في حلقة شريرة تتأرجح بين الانقلابات والديمقراطية أدت إلى اندلاع سلسلة من الحروب الأهلية وبالتالي فإن الركن الأساسي في بناء الدولة الحديثة ينبغي ان يشمل حل كافة المليشيات وجيوش الحركات المسلحة بما في ذلك الدعم السريع والجنجويد وأية مليشيات أخرى تحت أي مسمىً كانت والابقاء على جيش واحد وذلك عبر اتفاقيات سودانية سودانية وبرعاية دولية ودمج من يمكن أن يستقيم دمجهم من القوات خارج الجيش في جيش قومي مهني بهيكلة واضحة والإحتذاء بنموذج الجيوش الاحترافية الكبرى، لكن قبل ذلك يجب تجريم مصانع تفريخ كافة المليشيات قبلية كانت أو دينية أوحزبية وتحت أية دعاوى مهما كانت كمؤازرة الجيش والأمن والشرطة والحماية الشخصية أو ما سمي بحرس الحدود وما إلى ذلك والتي أثبتت التجارب دائماً (على الأقل في بلادنا) على أنها كانت الطريق لسلب إرادة الدولة المركزية سلطتها الرئيسة في إحتكار العنف والإكراه لحفظ النظام ومن ثم فتحت الأبواب للإرهاب الداخلي والدولي العابر للحدود وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وسرقات موارد الشعب والإنقلابات على الدستور والتفلتات الأمنية وتجارة المخدرات ونحو ذلك من مخالفة القوانين الوطنية والدولية كحقوق الإنسان ومكافحة الجريمة ومكافحة الإرهاب،
ويجب أن يكون المنع والتجريم بسن القوانين الرادعة لمنع تأسيس وتفريخ المليشيات والمحاسبة على الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الكائنة بين ظهرانينا الآن وجميع جرائم الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية والحزبية في حق الشعب السوداني إبان ثورته المجيدة وقبلها.
في المقابل فإن الدولة ممثلة في أجهزتها القانونية والتشريعية والتنفيذية هي التي تحتكر سلطة الإكراه والعنف من أجل حفظ النظام والمحافظة على الدولة وهي مطالبة بتعزيز أدوارها لتأدية مهامها الرئيسة على أن يقتصر دور الجيش القومي والمهني في مهامه المتفق عليها وفق الدستور كحماية الشعب من العدوان الخارجي وحماية التراب الوطني وحماية دستور الدولة المدنية ونظامها المجمع عليه، وأن تُجَرَّم كل التجارب الانقلابية السابقة وتتم محاكمة كل من تورط فيها وبذلك يتحقق الشعار:
*(*العسكر للثكنات، وماف مليشيا بتحكم دولة، والجنجويد ينحل* )*
*العدالة وسيادة حكم القانون**
قيام نظام قضائي وعدلي ونيابي مستقل ومهني يحترم حقوق الإنسان، يتساوى جميع الناس أمامه ويقوم بتجريم الإرهاب الإخواني ومحاكمة كل من أجرم في حق الشعب السوداني ورد الحقوق لأصحابها وتفكيك دولة التمكين وبالقانون، في كل أجهزة الدولة بخدمتها المدنية والعسكرية ومقدراتها ومواردها (قوانين، أراضي، أموال....) لصالح دولة الشعب في فترة الانتقال وبعده وذلك من أجل تمكين الشعب السوداني من التداول السلمي للسلطة وتحقيق العدالة والشفافية المساواة والإسهام الحقيقي في المحافظة على استقلالية الأجهزة والهيئات القومية المنصوص على قوميتها واستقلالها وقد سبق ذكر بعضها.
إن ما أغفلته المذكرة لا يقع في دائرة الإهمال، بقدر ما هو تأكيد للرغبة الصادقة في استنطاق كافة بنات وأبناء الشعب السوداني في شأنهم السياسي كأصحاب للمصلحة الحقيقية في إشاعة السلام وإيقاف الحرب وبناء الوطن.