فضيحة قروب(صحافيسون) والكلام عن أن العدالة لا تتجزأ لمني أركو مناوي!!؟
عبدالغني بريش فيوف
28 September, 2016
28 September, 2016
بسم الله الرحمن الرحيم..
نعم ، العدالة لا تتجزأ، مثلها مثل كل القيم ، الكرامة والحرية ، مطلقات وثوابت.. من يؤمن بالعدالة كقيمة لا بد أنه يؤمن أنها حق لكل مظلوم، ومن يؤمن بالحرية كقيمة لا بد أنه لا ينكرها على أى مسلوب للإرادة أو مقيد ومقهور.. قضية تبدو بديهية!!!.
لكن أيضا يجب عدم اهمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب عند الحديث عن أن العدالة لا تتجزأ ..ومبدأ عدم الإفلات من العقاب هو"الغياب القانوني أو الفعلي لتحميل المسؤولية الجزائية لمرتكبي الجرائم والإعتداءات على حقوق الإنسان، وكذلك مسؤوليتهم المدنية والإدارية ... بحيث لا يتعرضون لأي بحث أو تحقيق يرمي لإتهامهم وإيقافهم ومحاكمتهم ومن ثم إدانتهم في صورة ثبوت جرائمهم، وتسليط العقوبات عليهم وما يتبع ذلك من تعويض المتضررين من جرائمهم".
مناسبة هذا المقال ، هي خبر نشر في بعض الصحف السودانية تحت عنوان (المعارضة تسقط في امتحان الديمقراطية صلاح قوش.. الجنرال يربك مداخلات الساسة بـ(الواتساب).
ويقول الخبر ..((((((تسببت إضافة مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق الفريق صلاح عبد الله الشهير بـ (قوش)، بمجموعة (واتساب) تحمل اسم (صحافسيون)، في عاصفة من المناقشات والحوارات السياسية، على خلفية مغادرة عدد من أعضاء (القروب) يمثلون أحزاب وتيارات وأشخاص معارضين للحكومة، احتجاجاً على فكرة مشاركتهم في (قروب واتساب) واحد مع الفريق قوش، مستنكرين لخطوة إضافته، مما دفع مدير (القروب) إلى الاعتذار من مدير الأمن والمخابرات السابق وإزالته من المجموعة، بيد أن قادة أحزاب سياسية معارضة لم ترفض انضمام (قوش)، ورأت أن الرجل لم يك يُمثِّل نفسه عندما كان مسؤولاً في الحكومة وإنما يُمثَل نظاماً سياسياً.
وأثارت الحادثة جدلاً واسعاً حول قضية الديموقراطية في السودان، واعتبرها بعض أعضاء (القروب) اختباراً لمدى مصداقية الاعتقاد بقبول الآخرين لدى المعارضين الداعين إلى إسقاط الحكومة، وعدّ البعض الحادثة بأنها تكشف نوايا بعض القوى السياسية المعارضة لفكرة الحوار الوطني، ووصل الأمر بعد الاحتجاج المعارض لعضوية صلاح قوش بأن كتب أحد أعضاء القروب: أن بعض أصحاب (اللون الأحمر) وإن تدثروا بألوان قوس قزح الزاهية فإن ما فعلوه بالعُزّل من ضباط القوات المسلحة في بيت الضيافة هو ذات ما ينتظرنا إن وجدوا إلى ذلك سبيلا، في تذكير بالحادثة الشهيرة التي عرفت تاريخيا بـ"مذبحة بيت الضيافة" والتي يُتهم الحزب الشيوعي السوداني بتدبيرها خلال انقلاب فاشل على الرئيس جعفر نميري عام 1971م.
أصل الحكاية
بدأت الحكاية في قروب (واتساب) سمي (صحافسيون) اختصارا لمجموعة أعضائه من الصحافيين والسياسيين الذين يمثلون قادة في غالبية القوى السياسية المعارضة والمؤيدة للحكومة إلى جانب مسؤوليين حكوميين من وزراء وولاة ونظاميين وعدد كبير من أهل الفكر والرأي، وقد عرفت هذه المجموعة بالعديد من النقاشات حول مختلف القضايا السياسية، وكانت ساحة إلكترونية لتبادل الكثير من الآراء والملعومات.
قرر مشرف (القروب)، إضافة الفريق صلاح عبد الله (قوش) بوصفه شخصية مرموقة، وبمجرد أن تمت هذه الخطوة غادر مجموعة من الأشخاص احتجاجا واستنكارا لفكرة وجودهم في قروب واحد مع أبرز مسؤول سابق في عهد الإنقاذ ومدير أمنها ومخابراتها في يوم من الأيام، ولأن المغادرين من المؤسسين للقروب الذي يحمل كل ألوان الطيف السياسي وأهل الفكر والمعرفة، آثر مدير القروب إزالة صلاح قوش من القروب بعد أن استأذنه في ذلك، لكن إزالة قوش أيضاً أثارت عاصفة من الانتقادات وصفها البعض بأنها سقوط مريع للديمقراطية التي يتشدق بها البعض من قوى المعارضة فما الذي حدث بالضبط وما هو الفعل ورد الفعل من الجميع، خاصة بعد مداخلة الكاتب الصحافي عادل الباز الذي كتب حول ما حدث بأنه أكبر من أن يكون (قروب واتساب) بل هي قضية جوهرية لقضايا السلام في المستقبل وكيفية تقبل الآخر.)))))))))))
الخبر طويل جدا لأنه يحتوي على تعليقات ومداخلات واتصالات من ،عضاء القروب منهم من يؤيد اضافة صلاح قوش ومنهم من يعارض وجوده ولكل حججه ، لكن سأكتفي هنا بالرد على أخونا الكاشف (مني أركو مناوي) في مداخلته التالية:
مناوي متصل:
""من ناحيته دعا رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي إلى عدم إبعاد صلاح قوش من القروب بحجة تاريخه في السلطة وإبقائه وقال: (الإبعاد لا يغير النظام). وأكد مناوي في اتصال مطول بمشرف القروب ظُهر أمس الثلاثاء، أن قوش جزء من نظام مثل اللواء إبراهيم الخواض مدير مكتب علي عثمان محمد طه والبروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية وعمار باشري أمين الاتصال التنظيمي بالمؤتمر الوطني والدكتور قطبي المهدي مدير جهاز الأمن السابق.. وكلهم موجودون في قروب (صحافسيون).""
وذكر مناوي لـ "مشرف القروب" أن العدالة لا تتجزأ، مشيرا إلى أن بعض المشاركين في الاعتقالات إبان عهد قوش هم الآن جزء من المعارضة، ودعا مناوي الجميع إلى النظر لقوش كغيره من أهل الإنقاذ خاصة وأن جزءا منهم الآن في المعارضة، مشيرا إلى أن المعارضة تتعامل معهم كأمر واقع رغم المرارات.
أولاً/اخترت مداخلة أخونا الكاشف مني أركو مناوي للرد عليها بإعتبار ان مناوي يقود حركة دارفورية مسلحة يفترض أنها تناضل من أجل استرداد حقوق ضحايا الحرب الظالمة وغير المبررة على مواطني دارفور منذ 2003 التي قتل فيها ما لا يقل عن نصف مليون دارفوري، وهذه الحقوق حتما لن تسترد إذا عملنا بالكلام الذي قاله أخونا مناوي وهو أن العدالة لا تتجزأ ، إذ بتطبيقنا لهذا الكلام نكونوا قد اهملنا مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
الفريق صلاح قوش كان ركنا أساسيا من أركان نظام ديكتاتوري مستبد شارك في قتل وتعذيب الخصوم والمعارضين بإعتباره رئيسا لجهاز الأمن والمخابرات الوطني لأكثر من عشرين عاما ، كما تسبب أثناء توليه منصبه هذا في تشريد وتهجير ملايين السودانيين إلى الخارج ، وكونه قفز من سفينة الإنقاذ أو أطيح به لسبب ما ، فهذا لا يعفيه من الملاحقة الجنائية والإقتصاص منه.
إن الدعوة إلى تجاوز ثقل الماضي بإعلان عفو عام بما في ذلك العفو على كل من عبث بحقوق الإنسان السوداني أو ارتكب فظاعات وتجنيبهم المحاكمات والعقاب وتمكينهم من الإفلات من العقاب ستأتي بنتائج كارثية على كل المجتمع ، ذلك أن هذا الخيار يترتب عنه حتما إعادة إنتاج الإنتهاكات لحقوق الإنسان إلى ما لا نهاية، فإذا لم يعاقب مقترفو هذه الجرائم وإذا لم تفكك الأجهزة التي كانت تمكنهم من ذلك ، فلا شيء يمنعهم من تكرارها.
كلام أخونا الكاشف مني اركو مناوي السمح جدا عن صلاح قوش ، إنما كلام كشف حقيقة مناوي وسويته واهليته القيادية التي هبطت الى ما دون الصفر، ويبدو ان اصحابه ورفاقه في المعارضة أصيبوا أيضا بالكثير من الحرج والاحباط ، لأن تطبيق ما ذهب اليه مناوي ، يعني بالضرورة أن كل رجال الإنقاذ الذين عبثوا بحقوق الإنسان السوداني منذ 1989 وارتكبوا الفظاعات ، سيتمكنون من الإفلات من العقاب ، فقط لأنهم قفزوا من سفينة الإنقاذ وأصبحوا في صف المعارضة..وهذا ما لا تفكر فيه قيادات المعارضة الحقيقية في الداخل أو الخارج!!.
ليس من المعقول القطع مع الماضي وطي صفحته بمقولة بناء المستقبل والعدالة لا تتجزأ ، لأن الماضي حاضر هنا بكل ما راكمه من أوجاع وجراح ، لا يمكن طيه هكذا، ولبناء الوطن لابد من تصفية الماضي بالكشف عن الحقيقة وبالتعويض وبالمحاسبة.
يقول مني مناوي إن (الإبعاد لا يغير النظام).. ونرد عليه بالقول ..وهل الجلوس في قروب واحد مع قتلة ومجرمين ومفسدين من أمثال اللواء إبراهيم الخواض مدير مكتب علي عثمان محمد طه والبروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية وعمار باشري أمين الاتصال التنظيمي بالمؤتمر الوطني والدكتور قطبي المهدي مدير جهاز الأمن السابق ..هل يغير وجود هؤلاء في مجموعة واحدة نظام كانوا حتى وقتٍ قريب جزءاً منه؟.
كما أن السؤال الذي يطرح نفسه هو ، ما الهدف من هذا التجمع الهجين والمتناقض ، حكومة ومعارضة وما بينهما؟.
قروب (صحافسيون) مخلوق غريب جدا جدا لأنه يضم ناس من اليمين واليسار والوسط وفوق وتحت ومتطرفين اسلاميين وحركات مسلحة ، وتجمع بهذا التناقض لابد أنه بلا أهداف ، ومن لا هدف له كمن يمشي في طريق لا نهاية له أو موقع لا عنوان له حيث يقول المثل الصيني( إن لم يكن لديك هدف فكل الطرق تؤدي إلى هناك) وهناك هو المجهول بعينه.
ومهما جاء هذا التجمع المتناقض بحجج لتبرير وجوده. كأن يقول ان حرصه على مستقبل السودان هو الذي دعاه للجلوس في مائدة واحدة لإيجاد حلول سياسية للبلاد ، فإن هذه الحجة لا تقوى على الصمود والثبات ، ذلك أن من شارك في دمار الوطن لــ25 لا يمكنه أن يأتي اليوم ويقول أنا مستعد لأن أضع يدي في يد من عانى من ويلات دماره لبناء المستقبل سويا!!؟.
الوطن لا يبنيه من سرقوه ودمروه وشردوا الملايين من أبناءه فقط لأنهم اختلفوا معهم .. وليس هناك سلام دون عدالة ، كما أن ليست هناك عدالة دون تقديم الجناة والذين عبثوا بحقوق الإنسان السوداني إلى محاكمة عادلة وإعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب ، هذا المبدأ الذي يرتكز على ثلاث أسس مجتمعة وهي:
1/الحق في معرفة الحقيقة : والمقصود بها حق الضحية أو ذويه بصورة شخصية في معرفة ما وقع له، وحق المجتمع في معرفة الحقيقة باعتبارها تمثل جزء من تاريخ البلاد.
2/الحق في العدالة : لكل ضحية الحق في المطالبة بمحاكمة المسؤول أو المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم.
هذا الحق يعزز ثقافة علوية القانون التي تساعد على نشر ثقافة دولة القانون وتيسر عملية التحول الديمقراطي.
3/الحق في جبر الضرر والتعويض.
لقد اثبتت فضيحة قروب (صحافيسون) للمواطن السوداني المسكين، ان قطيع المعارضة ، ليس اهلاً لتمثيل الشعوب السودانية العظيمة، ولا مؤهلاً لحكمها وتقرير مصيرها، ولا مؤتمناً على اقدارها ومقدراتها•• فما دام هذا القطيع يجلس مع القتلة والمفسدين والعصابات الإنقاذية في قروب واحد ، ستطارده الأوهام والرهانات السياسية الخائبة.
والسلام عليكم..