فى البرلمان … فظيع جهل ما يجرى !

 


 

 




fadil awadala [fadilview@yahoo.com]
( فظيع جهل ما يجرى .. وأفظع منه أن تدرى ) .. هذه حكمة شعرية معبرة صاغها شاعر اليمن الكبير عبد الله البردونى ، تذكرتها وأنا أطالع الخبر الغريب فى (الصحافة) قبل بضعة أيام عن نواب فى البرلمان يطرحون قضايا عاجلة بشأن إنفعالهم وإنزعاجهم من شورتات لاعبى الكرة بحسبانها شورتات غير شرعية ويطالبون بإنزالها الى ما تحت الركبة ، وفوق هذا عبروا عن إنزعاجهم وشجبهم لقيام إحدى ممثلات الإتحاد النسائى بجولة فى المدارس لتكوين فرق من الفتيات لكرة القدم ، وأضاف النائب الهمام يقول ( الدايرة تتلاكم مع زوجها تتلاكم جوه البيت ) ، وفى ذات السياق طالبت رئيسة لجنة الصحة بالبرلمان بإيجاد زى شرعى للرياضة بالنسبة للرجل يكون تحت الركبة .

السؤال المنطقى الذى يدور فى ذهن أى عاقل يسمع ويقرأ مثل هذا الكلام  : -  هل حُلت كل مشاكل هذا الشعب المكلوم ولم يبق سوى الشورت الذى يعلو الركبة ؟ هل تيقنت العضوة المحترمة رئيسة لجنة الصحة بالبرلمان من نزول أدوية سرطان الأطفال فى أفواه وأجساد صغار المرضى قبل أن تطالب بإنزال الشورت الى ما تحت الركبة ؟ هل نزل السكر الذى صار بطعم العلقم فى حلوق الصغار فى مدارس الأساس ؟ وهل ما زالوا يتذكرون طعم الحليب الذى ما عرفوه إلا فى أثداء أمهاتهم ؟ لقد كتبت من قبل عن ذاك التلميذ الفقير فى مدرسة الأساس الذى لم يعرف كيف ينزع القشر من بيضة مسلوقة قُدمت له بواسطة منظمة خيرية تتكفل بوجبة الفطور فى بعض المدارس الشعبية ، لأنه وببساطة لم يقشر بيضة طوال سنوات عمره .

أما بشأن ممارسة النساء للرياضة فقد حكى لى أحد الأصدقاء أن جدته والتى تعيش فى قرية صغيرة بمناطق الجعليين قبالة النيل كانت فى شبابها تتحزم بثوبها فى وسطها وتقطع النيل سباحة لتزرع وتحش فى الضفة الأخرى . وأضفت أذكره بأن النساء فى المجتماعات الرعوية والتى تشكل الحرفة الأساسية لغالبية سكان السودان ما زلن يمتطين الجمال والبغال والحمير والخيول بذات المهارة التى تتمتع بها بطلات الفروسية دون أن يشكك أحد فى عفافهن وأحتشامهن وتمسكهن بقيم الإسلام . من المؤلم أن بعض المتنطعين يحسبون أن هذا الشعب لم يعرف قيم الإسلام الفاضلة إلا على أيديهم ، وأنهم حراس الفضيلة والوسطاء السماويين بين المولى سبحانه وتعالى وهذا الشعب الصابر المحتسب .

فى عهود إنحطاط الدولة الإسلامية وتفككها الى ممالك صغيرة إنشغل بعض الفقهاء و(الفتوجية) بجدل فقهى حسبوه مصيرياً .. كان الجدل يدور حول هل من يحمل قِربة مملؤة بـ (ريح البطن ) ومحكمة السداد يُنقض وضؤه جراء هذا الفعل ؟ .... أكثر ما أخشاه أن يثير أحد أعضاء البرلمان فى أيامنا الحالكة هذى موضوع تلك (القِربة) كمسألة مستعجلة .

 

آراء