في الإساءة والإحسان !!

 


 

منى أبو زيد
29 September, 2012

 




"العقول كالمظلات، لا تعمل إلا عندما تُفتَح" .. جيمس ديوار!
المشاجرة البرلمانية التي وقعت بين وزير الصحة وأحد نواب البرلمان حول قضية الواقي الذكري - الذي ملأ دنيا الإعلام وشغل ناس البرلمان - قد تكون مناسبة جيدة لانتقاد الأداء الدرامي لبعض السادة النواب، وقد تكون أيضاً مادة جيدة للحديث عن لون وطعم ورائحة معظم القضايا التي يفضل بعض السادة النواب التركيز عليها دون سواها، في الوقت الذي تكتظ فيه  الساحة بأخطر القضايا التي تخص بسلوك الحكومة أو تنتقد أداء المسئولين أو – تتعلق على الأقل – بالمعاناة الاقتصادية لهذا الشعب وتأثيرها عليه بمختلف طبقاته ..!
قد .. وقد .. إلخ .. لكنني أظن – والظن لا يغني من الحق شيئاً – أن السلوك الأولى بالنقد والأدعى للشجب في موقف سعادة النائب البرلماني ليس شروعه في ضرب سعادة الوزير، بل إصراره على إشانة سمعة مواطنة سودانية، شاء حظها العاثر أن تكون طبيبة مسئولة عن بعض المهام المتعلقة ببرنامج توعية طلاب الجامعات بشأن استخدام الواقي الذكري .. وهو برنامج ينطلق من حاجة المجتمع الموجعة إلى المعرفة والثقافة في هذا الشأن، بعد اكتظاظ الملاجئ بالأطفال مجهولي الأبوين على نحو  يجبر كل مواطن  يحسب نفسه من  أولي الألباب على المطالبة بحل عاجل ..!
بقي أن تعلم أنها ليست أول مرة يتعرض فيها ذات السيد النائب لذات الشخصية، فقط لأنها تعمل ضمن فريق عمل يحقق أهدافاً تخالفه الرأي وبالتالي تختلف معه في طبيعة الأولويات والمعالجات ..
فالرجل – وبإصرار – غريب – يصر على أن يختزل البرنامج في شخص سيدة يطارد سيرتها عبر الصحف (ولو كانت إحدى بناته أو محارمه لما رضي أن يذكر اسمها ولو عرضاً، ناهيك عن الإصرار) ..!
في حوار مع صحيفة السوداني قال سيادة النائب في معرض دفاعه عن فوضى احتجاجاته إن "هناك دكتورة من جامعة أفريقيا العالمية اسمها (...) تلفونها (...) أحضرت للجامعة كرتونة عازل وطلبت أن توزيعها بين الطلاب، ولكن الجامعة قالت لها إن طلابها على خلق ودين .. ليس ذلك فحسب بل حاول الرجل أن يذكر اسمها في جلسة البرلمان لكنهم منعوه" .. فتأمل ..!
دعنا من التعميم المخل الذي يجزم بأن (كل طلاب الجامعة على خلق ودين)، هل لاحظت  كيف يصر الرجل على ترديد اسم ذات السيدة  (الذي منع من ذكره في البرلمان– والتي لا ذنب لها في رفضه لاهداف برنامج تشارك فيه ضمن فريق عمل مهني – في حوار صحفي يعلم يقيناً أنه سينشر ..!
والآن، ماذا أنت قائل إذا قرأت حواراً في صحيفة يصر المحاور عبرها على إقحام اسم واحدة من بنات الناس في مسألة (جنسية) شائكة دينياً ومحفوفة بالمحاذير اجتماعياً.. ما الذي ستقوله – ليس عنها – بل عن (تقوُّله عليها) .. ما قولك في صدور الإساءة عمن يدعون الإحسان ..؟!




munaabuzaid2@gmail.com

 

آراء