في الشوربة والزبادي !! بقلم: منى أبو زيد
منى أبو زيد
24 September, 2011
24 September, 2011
ما الذي يجمع السودان واليابان سوى انتهاء اسم كل منهما بحرفين متشابهين، ورحابة الانتماء الإنساني الذي لا فضل فيه لـ ""عرب/ أعجمي" على أعجمي إلا بالتقوى ؟ .. أبداً، لا شيء يذكر! .. أما "لماذا" فذاك هو الاستفهام التقريري المفروغ منه على غرار قوله تعالى (متى نصر الله) ..!
دعك من سياسة الحكم في اليابان ومن اقتصادها العملاق وطفرته التي مكنتها من احتلال المركز الثاني في الاقتصاد العالمي، دعك من خيباتنا الاقتصادية، ومن أصحاب العاهات السياسية المستديمة أو القابلة للشفاء ..!
الفرق يكمن في الآتي: حق المواطن عندهم هو "مما لا شك فيه"، أما ذمة المسئول فهي "مما شك فيه" ونص وخمسة! .. والنتيجة صداقة قوية بين الدولة والمؤسسات، وسلوك حكومي قائم على آداب وأخلاقيات راسخة، أولها وأولاها أدب الاستقالة ..!
أرجو أن تسمح لي بمثال/مقارن/حي/ لا تزال دماؤه حارة وعروقه تنبض، موقف الإعلام السوداني – الذي لم يسلم من لعنة تأليه المسئول - من محاكمة وزير ولائي سابق، وقبل هذا موقف الإعلام الياباني من مزحة وزير كان حالياً ثم أصبح بفضل سياط نقده وزيراً سابقاً ..!
الخبر الياباني يقول إن وزير التجارة يوشيو هاتشيرو قدم استقالته بعد مضي أسبوع فقط على توليه مقعد الوزارة، والسبب "نبيشة" صحافة بلاده ومطالباتها إياه بالتنحي لأنه تصرَّف على نحو غير لائق، عندما قال ممازحاً أحد الصحفيين "حاسب سأعطيك إشعاعاً"! .. كان هذا بعد زيارته لمحافظة نووية تكابد تسرباً إشعاعياً بفعل ضربة أمواج بحرية عاتية .. الخبر تم نشره بحياد واقتضاب شديدين، على طريقة "جاءنا ما يلي"، وليس على طريقة "إليكم هذا الخبر المدهش" ..!
والآن إليك زبدة الخبر السوداني الذي أفقدني "المود الهزلي" الذي أدخلتني فيه محاولة "سودنة" الواقعة اليابانية : أصدرت محكمة وادي حلفا، حكماً قابلاً للطعن بالسجن بضعة أشهر وغرامة قوامها حفنة من الجنيهات على وزير ولائي سابق، لأنه أقدم على تجاوز واضح للقانون! .. الخبر تصدر أولى صفحات الجرائد، وكأن "رجل" القانون هو الذي عض "كلب" سعادة الوزير/الولائي/ السابق ..!
هل تعلم شيئاً ؟! .. المدهش حقاً هو انتحار دهشتنا من استبداد بعض سادتنا المسئولين الذين يعاملوننا دوماً بطريقة سي السيد على طبلية الطعام! .. ومن انتشار التنميط مع قسمةٍ سياسيةٍ ضيزي تحولت بمرور الوقت إلى ثقافة شعب .. ومن "استهبال" إعلام يجتهد في نقل خطب وزارية يصعب تلخيصها كما يصعب الاستماع إليها ..!
ثم ينبري بعد ذلك كله إلى تفسير إيماءات أصحاب المعالي والسعادة .. من قلقهم .. إلى اطمئنانهم .. مروراً بارتياحهم .. ومن تلميحهم .. إلى تسطيحهم .. إلى ظنونهم التي لا تغني من الحق شيئاً .. والنتيجة كوارث معيشية.. ومشكلة مصداقية .. ثم أزمة ثقة .. وشعب "إتلسع" من الإنقاذ فبات ينفخ في الإصلاح ..!
munaabuzaid2@gmail.com