في اليوم العالمي للمياه ،، إن أفضل الأجبان .. لأجبان الحمير!
حسن الجزولي
30 April, 2013
30 April, 2013
هنا مؤسستي الخاصة ،، مؤسستي التي أنشأتها لتعبر عن آرائي وأفكاري وما أود التعبير عنه بكل حرية، ودونما شد أو خض! ،، هي بمثابة صوتي ،، إنه (صوتي أنا)!.
وفي هذا اليوم ،، (اليوم العالمي للماء)، هذه المناسبة العزيزة علينا وعلى جميع أهل الأرض قاطبة، خاصة بالنسبة لأولئك السكان السودانيين الطيبين المساكين، الذين ما تزال أعناقهم تشرئب لحكومات العهود التي تتالت من أجل توفير الماء لهم!، وكما هي عزيزة على هيئة الأمم المتحدة ذات المكانة الرفيعة، وداخل أروقتها الفخمة بنواحي نيويورك. فقد فكرت أن تحتفي (مؤسستي المتوهمة) ،، بتخصيص تهنئة من الأعماق، لتكون بمثابة تقدير معنوي نقدمه لأفضل مؤسسة رسمية أو شعبية بالسودان، من التي ثابرت وصابرت و"حفيت أقدامها" لأجل توفير (الماء) ،، هذا العنصر الحيوي في حياة البشر بشكل عام،، ولأهل السودان بوجه خاص،، الماء الذي رفعه القرآن الكريم ووضعه في مكانة نبيلة مؤكداً سمو منزلته حينما قال بخصوصه " وجعلنا من الماء كل شئ حي "، وقد وضعت شرطاً بسيطاً وغير مفحم أو نادر الوجود بخصوص شروط المسابقة، وهو الصدق مع النفس حين توفير عنصر الماء للسودانيين، دون منً أو مزايدات تسبب أذى جسيم لأي من الذين يعملون في هذا المجال الحيوي، وهكذا قبعت أبحث من بين المؤسسات السودانية ومنظمات المجتمع المدني والدواوين الحكومية، بما في ذلك الممثليات الأجنبية.
أصدقكم القول أن المهمة لم تكن باليسيرة، وكنت أظنها غير ذلك، فقد بدأت أولاً بالنبش في أضابير الوثائق المتعلقة بجهود توفير الماء للناس في السودان، فتصفحت مداولات كافة اللجان الوطنية، بخصوص (الهيئة المشتركة لإتفاقيات مياة النيل) ،، نحن (أولاد النيل الواحد والمصير المشترك)، وللأسف لم أعثر على ما يمكن أن يطمئن ضميري - كما يقول أهل القضاء - لاختيار هذه الهيئة رغم وجودها بامتيازات " ثمينة " ومقر دائم في قلب العاصمة منذ آماد بعيدة!، خاصة وقد رنً في أذني صدى جرس قصيدة الراحل صلاح أحمد إبراهيم على لسان تلك الحاجة، التي أولت وجهها نحو كعبة ربها من أجل الفريضة، وها هي تشتكي له قائلة وهي في أرض السودان وقرب النيل:- (شققت إليك الفلا والضياع ،، أتيتك ظامئة في الظماء)!، فاستبعدت تلك المؤسسة (المشتركة لمياه النيل )، مشككاً في نزاهتها.
تسللت (لوثائق مايو) فترة حديثها عن مشاريع التنمية، وقلبت ملفاتها المتعلقة بـمشروع "محاربة العطش"، بداءاً من " بيارة السوكي" وحتى برامج التلفزيون التي كان يقدمها الاعلامي حسان سعد الدين حول "مشاريع التنمية"، فلم أخرج سوى ببعض أناشيد للنميري من شاكلة "جبت الموية للعطشان"!.
فكرت في الهيئة القومية لمياة المدن، ولكن استوقفني (تحريشها) لرصيفتها في (الكهرباء) بخصم عائدات الماء من فواتير جمهور الكهرباء فأسقطتها من قوائم الترشيح بالطبع!.
كاد اليأس أن يصيبني، وفكرت في التخلي عن المشروع، خاصة وأنا في الأصل لست بالملزم به، فلا أنا ضمن مؤسسات الدولة، ولا مؤسستي معنية بكده ،، وبينما أنا متماهياً مع مشروعي "المائي" فإذا بصوت (نهيق) عال الصوت يطرق مسامعي من أحد أزقة حلتنا ،، إنه الحمار (!) يا لها من فكرة جهنمية إذن ،، هو ( الشخص المناسب) إذن، وبالمرة هي مناسبة لأن نعيد الاعتبار لهذا الحيوان المثابر في خدمة الانسان، في جبهة جلب الماء من ناحية، ومن الناحية الأخرى نكون قد أوفينا ووفينا، ،، فمن يا ترى غير (الحمار) يستحق جائزتي الخاصة بالماء؟!.
حقاً ،، فإن لحميرنا السودانية كثير فوائد تقدمها للناس في حيواتهم، وتشاركهم قسوة العيش وشظفه، بل و"بحمل" الهموم عنهم في أحايين كثيرة،، فهم يتخذونها وسيلة للتنقل والسفر، وسبيلاً لكسب العيش بمختلف وسائل التطويع والتطوير حيناً، وكذا بتوزيع الخضار وغيره، كما للترويح عن نفوس السودانيين منزوعي (الرفاهية)، عندما تشارك حميرهم في المنافسات الرياضية، وذلك في" أولمبياد القرى" هناك، بما يعرف بمسابقات الحمير. أو بمساهمتها العظيمة في صحة البيئة في أزمان مضت، عن طريق "تدوير الزجاج الفاضي"!. أما في ظل ارتفاع الأسعار " فقيل لك " أنها تُنحر بليل في أحايين شاذة، ويوضب لحمها سراً، ليباع علناً في صباح اليوم التالي، للسائل والمحروم ،، وللسابلة الذين لا يفرقون بين لحوم هذه وتلك،، فبعضهم يأكلون لحم بعضهم البعض، فما بالك، وأهو لحم والسلام، طالما هو متوفر بثمن بخس، وهكذا.
ثم وبعد كل ذلك تجدها تُضرب بعنف ويهين بها السودانيون وغيرهم بعضهم بعضاً، كأقذع الألفاظ والشتائم، ويُضرب بها المثال في الغباء وغياب حسن التدبير، وهي صابرة متحملة، لا تكل ولا تمل ،، لا تشتكي أو تتضجر من أفعال "بني السودان" سوى أنها تعبر في أحايين كثيرة عن أزمتها هذه، بإطلاق العنان لحبال صوتها بالنهيق، وبــ " نمة " تعبر بها عن محنتها مع البشر، وحتى هذا التنفيس يصفونه بأنه "أنكر الأصوات"،، يعني باختصار شديد لم يتركوا لهذا الحيوان البائس " أي جنبة يرقد عليها "!. وفوق هذا وذاك فإن مساهمات حُمر السودان، لا تخطئها العين المنصفة ،، كناقل (وطني) صميم (لخراج وبراميل المياه)!.
ولكنها، هذه الحمر البريئة، تجد التقدير والاحترام من مجموعات بشرية أخرى ، ففضلاً عن جمعيات الصداقة التي تؤسس لها، والمؤلفات التي تسجل سيرة حياتها بواسطة أشهر الأدباء كتوفيق الحكيم مثلاً!، واتخاذها شعاراً لدى أشهر الأندية الرياضية والأحزاب السياسية في "أوروبا والدول المتقدمة" ،، فهي تدر ألباناً لصنع الجبن وأحواض السباحة!.
فقد حملت الأخبار بأن بلاد صربيا تصنع الأجبان من ألبان الحمير!،، وأكد بعض متذوقيه أنه يفوق في مذاقة أجبان حليب الأبقار. ويتم انتاج هذه الأجبان "الشهية" في مزرعة بالعاصمة "بلغراد"، وتضم حوالي 130 حماراً، ويتم حلب إناثها ثلاثة مرات يومياً، وتشير بعض الأحاديث ( نكرر للقراء الأعزاء أنها أحاديث وأقاويل وليست دراسات وبحوث علمية كما ورد في الأنباء!) بأن حليبها صحي للبشر، "ويتميز بخاصية أنه مضاد للحساسية ولا دهون به، ويحتوي على نسب عالية من فيتامين (C) أكثر من حليب البقر" ، علماً بأن الكيلوغرام الواحد منه يعادل ثمنه حوالي أربعة مليون جنيه سوداني بالقديم طبعاً!.. وعليه فإن أفضل الأجبان ،، لأجبان الحمير!.
الجدير بالذكر أن بطل العالم الصربي في التنس، قام بشراء كل انتاج بلاده من جبنة الحمير لعام 2013 لصالح سلسلة مطاعمه التي يمتلكها ، وهي المكان الوحيد في العالم الذي ينتج هذا النوع من الجبن، ولذا فعندما نقلت الصحافة العالمية خبر صفقة لاعب التنس التجارية، أشارت إلى أنه في الواقع إشترى " كل إنتاج العالم من جبنة الحمير"!.
وفي السياق قيل أن الملكة الفخمة "كليوباترا" كانت ومن أجل حصولها ومحافظتها على بشرة ناعمة وجميلة، فإنها لم تلجأ مطلقاً لتلك " الكريمات الكميائية" - التي الحقت ضرراً بليغاً ببشرة الكثير من بنات السودان اللاتي لم يقتنعن بأنهن يملكن في واقع الحال أجمل بشرة طبيعية في العالم قاطبة، إلا بعد فقدانهن لها – فقد لجأت (كليوباترا) إلى الاستحمام أسبوعياً داخل حوض للسباحة مليئاً بلبن الحمير!.
فالتحية والتقدير إذن لحمير بلادنا ولنذكر في أسبوع المياه العالمي مساهماتها المتقدمة في توفير الماء بكل أنواعه وأغراض استخدامه لانسان السودان ،، فقليلاً من الانصاف، وكل عام وأنتم بخير!.
"عن صحيفة السوداني"
hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]