في تدوير المغتربين ..!

 


 

منى أبو زيد
7 February, 2012

 




خبراء الاقتصاد يتحدثون عن تدوير النفايات بحماسة قائلين إن الثروات التي يمكن تحقيقها من نفايات بعض الدول تعادل ميزانية الاستثمار في دول أخرى .. فما بالك بالإنسان؟! .. المواطن ؟! .. المغترب ؟! .. أسباب هجرة العلماء في بلادنا تشبه – إلى حد التطابق -  أسباب هجرة العمال .. فالدافع الاقتصادي هو الذي يتحكم بقرار العمل بالخارج ..

من عدم تأثر المواطن البسيط بالنمو الاقتصادي الذي يكاد يقتصر على سكان العاصمة وحدها .. وتغلغل الفساد واستشراء المحسوبية، إلى انعدام الحلول الحكومية الجادة لمشكلات الإسكان! .. ناهيك عن البيئة المحلية الطاردة مقارنة بالخيارات المحترمة في بلاد الناس، والجاذبة لكل الفئات والطبقات .. سواء كان المغترب عاملاً صغيراً أو عالماً كبيراً، لا فرق يذكر ..!


كثرة أبناء الوطن العاملين بالخارج هاجس يؤرق معظم الدول، ولا أعتقد أن من بينها السودان .. دراسات عربية تقول إن مائتي مليار من الدولارات هي خسائر هجرة العقول العربيةُ بينما تقول دراسات إفريقية إن القارة السمراء فقدت بين منتصف الثمانينيات وبداية التسعينيات حوالي ستين ألفاً من الخبرات المهنية في الإدارات العليا والمتوسطة هاجرت إلى الخارج ..!

وفي المكتبة الفرنسية كتاب قيِّم بعنوان (هجرة العقول الإفريقية .. مأساة قارة) .. يفند آثار هجرة العقول على التنمية في القارة الإفريقية، باعتبار أن الطاقات البشرية المحلية هي الشرط الأساسي للتنمية .. لدرجة أن مؤلف الكتاب (فرنسي/إفريقي من أصل كونغولي) تحدث بحماسة عن وجوب أن تعمل الحكومات على إعادة المغتربين الأفارقة إلى بلادهم بشكل شبه مجاني ..!

دعك من الكفاءات العلمية والأكاديمية .. هنالك جيل ثاني من أبناء المغتربين الذين يحملون جنسيات بالولادة ويحققون الفتوحات العلمية والنجاحات المهنية بين ظهراني أقوام آخرين .. ما الذي يمكن أن يقدمه هذا الجيل من أبناء المغتربين في محافل ومسارب الدبلوماسية الشعبية لوطنهم الأم ..؟!

الكفاءات المهاجرة المهدرة بالخارج خسارة كبيرة لهذا البلد، أفكار هذا الجيل الهجين تؤسس دون شك لرؤية محلية أكثر إلماماً بموقعنا من حراك الآخر وموقفه منا .. ولكن المؤسف حقاً أن استفادة السودان من أبنائه المغتربين – بحسب هذه الحكومة – كانت وما تزال محصورة في تحويل الأموال ..!

أصاب أولئك المقيمين بالخارج أم أخطئوا، هم يلتقون جميعاً عند منعطف التأهيل الجيد للأبناء .. أبناء المغتربين هم ثرواتهم التي تجشموا من أجلها عناء الغربة .. الاستفادة المدروسة من هذه الغراس المشتولة في حدائق الأغراب ومزارع الجيران رهان تنموي لا ينكر فداحته إلا جاهل أو مكابر ..!


munaabuzaid2@gmail.com

 

آراء