في رثاء قريبي المعلم وفي شخصه رثاء من توفاه الله من معلمي بلادي

 


 

 

رحم الله قريبي المعلم الأستاذ الخلوق مصطفى محمد علي جبارة، توفى بعد مسيرة عطاء عريضة ومشوار حياة في السلك التعليمي والعمل التربوي والاجتماعي تاركاً سيرة عطرة وذكرى طيبة وروحاً نقية وميراثاً من القيم والمثل والخلق الرفيع، فهو من جيل المربين والمعلمين الأفاضل المؤمنين بالرسالة التربوية العظيمة، والموت سنة الله في خلقه تسري على جميع البشر منذ أن أوجد الله البشر على الأرض.
كان باشاً ذو محيا طلق وسجايا وخصال حميدة سباقاً الى ما فيه الخير والحث عليه وهي سمة مستوطنة في داخله فقد كان يعمل بصمت بعيداً عن صنيع المدح والثناء محتسباً الأجر على الله.
وورى جسده الطاهر الثرى في جمع غفير جله من تلاميذه وعارفي فضله وكان ذلك خير شاهد على محبته في نفوس أجيال تربت على يده. فقد كان محبوبا وسط الجيران وأهل القرية ومريدي حلقات تلاوة القرآن بالمسجد.
كان في داخله العلم والتربية والنور الذي هدى به الأجيال، حميماً شهماً ونبراسا وقدوة للأجيال، فالمعلم:
هو الضياء إذ عم الدجى وطغى
وصاحب العلم نجم في سماء الشهب
ان المعلم لا مخلوق يخلفه
في ذي الرسالة من فرد ولا حزب.
يا بنيه لا تبكوه واحتسبوا
إن الذي جاءه قد خُطّ بالقلم
ربي أرحمه فقد زدته خلقاً
وزاد عن غيره بالأخلاق والقيم.
عانى المعلمون في بلادي دهوراً من الظلم وشظف العيش بينما سفلة القوم يحيون في ترف ونعيم، وكما قيل: في بلادي يموت الانسان على عجل والبعوض يعيش طويلا.
الأمم التي كرمت المعلم نهضت ولعله من أسباب نهضة اليابان هو تكريمها وتشريفها للمعلم حتى قالت الحكمة لديهم: أبتعد عن المعلم سبعة أمتار حتى لا تطأ ظله.
وقال مؤسس سنغافورة الدولة الرائدة في النمو والازدهار: إن مهمتي هي بناء مؤسسات الدولة، أما مهنتكم أنتم أيها المعلمون فهي بناء الإنسان.
ولكن رغم الضنى فان للزمان ذاكرة تخلّد المعلم، كما قال شاعر النيل حافظ ابراهيم في رثاء صديقه أمير الشعراء أحمد شوقي:
خلّفت في الدنيا بياناً خالدا
وتركت أجيالا من الأبناء
وغداً سيذكرك الزمان ولم
يزل للزمان انصاف وحسن عزاء.
رحم الله الأستاذ مصطفى محمد علي جبارة ورحم الله من مات من معلمي بلادي وأسكنهم فسيح جناته والهم ذويهم الصبر والسلوان.
اللهم بيض وجهه يوم تبيض وجوه، اللهم أظله تحت عرشك يوم لا ظل الا ظلك.
انا لله وانا اليه راجعون.

حسين إبراهيم علي جادين

 

Hussainj@diwan.gov.qa

 

آراء