في زمن الحرب … المرأة السودانية تسعى جاهدة لصنع السلام وإنجاز العدالة والمساءلة

 


 

 

واجهت المرأة العديد من المآسي في ظل استمرار الحرب، من نزوح وهجرة وفقدان معيل الأسرة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد واجهوا العديد من الانتهاكات، بما في ذلك الاغتصاب من قبل قوات الدعم السريع والمجموعات المتحالفة معها في جميع المناطق أو القرى التي دخلوها واحتلوها، ويرى الكثيرون أن للمرأة السودانية دوراً كبيراً في تحقيق السلام، وتحقيق مرحلة العدالة الانتقالية والمساءلة في البلاد.

إضافة لذلك، عانت المرأة في مناطق سيطرة الأطراف المتحاربة من أنواع الاستغلال، سواء في إقليم دارفور والجزيرة وكردفان، في بعض المناطق المناطق، الاجهزة الامنية تهدد النساء اللائي يعملن في حقل الإنسان، بالاعتقال والضرب، وحتى التصفية، وهذا حدث المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان، ازدهار جمعة في الولاية الشمالية، في أقصى شمال البلاد.

دور المرأة السودانية العظيم

ترى المرأة السودانية أن لها دور عظيم وكبير في تحقيق استقرار السودان، وهذا العمل يتحقق في حال أدرك السودانيون، أن وطنهم يحتاج في هذا الوقت العصيب ترجيح كفة الاستماع الي صوت العقل، بإيقاف الحرب التي بدأت في 15 أبريل 2023، هذه الحرب الكارثية دخلت كل بيت سوداني، من دارفور والخرطوم وإقليم كردفان والجزيرة والنيل الأبيض، الكل تأثره بها، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

هي تطالب كل الأطراف التي تتقاتل أن يستمعوا الي أصوات النساء النازحات واللاجئات في كل دول الجوار، المرأة فقدت الزوج والأخ ، والابن، والمعيل، وايضا تعرضت لاسوأ انواع المعاملات غير الإنسانية والأخلاقية، من اغتصاب، وتحرش جنسي، واستغلال وعبودية جنسية، والحل في إيقاف الحرب المشؤومة، حتى لا تستمر على أجسادهن.

تحقيق آليات المساءلة والعدالة في الفترة الانتقالية

تري سعدية هارون اللاجئة السودانية في دولة تشاد، أن سبب استمرار الحرب في السودان، هي الفشل في تحقيق العدالة الانتقالية للضحايا، تقول سعدية، دارفور على سبيل المثال، التي شهد إقليم حرب منذ 2002 و 2003 وحتى الآن، وبعد سقوط نظام الرئيس السابق، بثورة شعبية، لم يتحدث الساسة وحركات الكفاح المسلح، عن آليات تحقيق العدالة الانتقالية، ومحاسبة المتورطين في قتال مئات الالاف من الابرياء في جنوب كردفان، والنيل الابيض، بالاضافة الي ضحايا حرب 15 أبريل 2023.

تؤكد سعدية أن مستقبل استقرار السودان في محاسبة ومحاكمة كل من تورط في قتل السودانيين، في المناطق التي ذكرت سابقا، وضحايا الحرب الحالية، والا سوف يستمر القتل، لأن الجناة يدركون لن تكون هناك أي محاسبة و مقاضاة لهم.

إضافة قائلة ’’ نطالب كل النساء في معسكرات اللجوء في دول العالم المختلفة، أن يتعاونوا مع أجهزة العدالة الاقليمية والدولية، في تقديم وكشف أي سوداني او سودانية تلطخت يدها بدماء السودانيين، للرأي العام العالمي، والإقليمي والمحلي، وهذا يحتاج الي جهد قوي من النساء السودانيات ‘‘.

أشارت سعدية الي أن المرأة السودانية يجب أن تكون سباقة في هذا الدور، خاصة أن أطراف النزاع في السودان، لا يهتمون بما يحدث الابرياء العزل في كل المناطق المشتعلة، والنساء تقتل بطائرات الجيش محليات ولاية شمال دارفور، وكردفان والجزيرة والخرطوم، هذا العمل غير الإنساني يجب أن يقف.

المساهمة في تحقيق استقرار السودان

أن الأطراف التي يجب أن تساهم في عمليات تحقيق استقرار السودان، هي أطراف الصراع نفسها، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وحلفاء الطرفين، من حركات مسلحة ومليشيات موالية لقوات الدعم السريع، توضح سعدية ايضا في هذا الجانب، أن منظمات المجتمع المدني السودانية، واجهزة العدالة في البلاد، بالتعاون مع الأجسام الدولية والحقوقية، قد يكون لها دور ايجابي في تحقيق السلام، وإنجاز المرحلة الانتقالية في السودان.

ويجب أن يكون للمحامين والمحاميات، والمدافعين عن حقوق الإنسان دور محوري في مرحلة ما بعد الحرب، في توجيه دفة العدالة والمساءلة والمحاسبة، هذا ليس دور هذه الأطراف وحدها، بل دور كل سودانية وسودانية في مرحلة ما بعد الحرب، ودور اجهزة العدالة، يجب أن تكون جاهزة وراغبة في انجاز هذا المشروع العدلي، وعلى الامهات السودانية أن تضغط كل الأطراف أن توقف هذه الحرب الدموية، حتى يتحقق الاستقرار في السودان.

الأمم المتحدة وبرنامج المرأة والسلام والأمن

تؤكد الأمم المتحدة أن إدراج مشاركة المرأة مشاركة كاملة وذات مغزى على قدم المساواة مع الرجل في الجهود المبذولة لصنع السلام ومنع نشوب النزاعات، وبناء السلام ضمن الأولويات الرئيسية لإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام بالأمم المتحدة، أدرجت الأمم المتحدة هذه المسألة للمرة الأولى في جدول اعمال مجلس الامن عام 2000، عندما اتخذ مجلس الأمن القرار 1325 (2000 )

وقتها، أشارت الي أن عدد النساء المشاركات في عمليات صنع السلام الرسمية، لا يزال منخفضا رغم تعدد الالتزامات، والمبادرات المتخذة على الصعيدين العالمي والإقليمي، إضافة لذلك، أن العديد من اتفاقيات السلام لا تتضمن احكاما متعلقة بـ الاعتبارات الجنسانية تلبي بالقدر الكافي احتياجات المرأة في مجالي الأمن والسلام.

الاتحاد الأفريقي ومساهمات المرأة الأفريقية في استقرار القارة الأفريقية

في جلسة الاتحاد الافريقي شهر فبراير 2020، بعنوان ’’ سد الهوة في دور المرأة في أجندة السلم والأمن‘‘، تطرقت الجلسة لتسريع العمل والجهود المبذولة لإنهاء كافة الحروب والنزاعات الأهلية والعنف القائم على النوع الاجتماعي ومنع الإبادة الجماعية، ودور النساء والفتيات الافريقيات كجزء لا يتجزأ من تنفيذ خارطة الطريق الرئيسية لإسكات البنادق في القارة الافريقية.

في تلك الجلسة استعرضت النساء والفتيات في أفريقيا، خلال اجتماع ما قبل قمة الاتحاد الإفريقي حول النوع الاجتماعي ، حالة النزاعات في القارة والتهديدات الحالية والناشئة، وقدمت النساء توصيات بشأن تعميم المساواة بين الجنسين كعنصر رئيسي في تنفيذ خريطة الطريق.

المرأة السودانية ركيزة السلام

تقول سارة مصطفي الناشطة في منظمات المجتمع المدني السودانية وعضو ملتقى نساء دارفور أن المرأة السودانية هي المرأة هي ركيزة السلام، لذا يجب أن يتم إشراكها في مواقع صنع السلام، وكشفت الآن عن تحركات نسوية من إيصال صوت النساء من أجل السلام، وإيقاف الحرب.

تطالب سارة المجتمع الدولي بالوقوف مع صوت النساء في إيقاف الحرب وتحقيق السلام، وتضيف ايضا، العدالة الانتقالية لا يتحقق إلا، بعد وقف إطلاق النار، يجب إنشاء محاكم مختلط لتحقيق العدالة، وسيادة حكم القانون، وحكومة مدنية يتفق عليها الشعب.

مشاركة النساء في مفاوضات جنيف

بينما تقول الصحفية والكاتبة عواطف احمد اسحق أن دور المرأة في السودان لها أدوار وتاريخ عريض، والمشاركة في كل الاتفاقيات التي وقعت، منذ اتفاقية أبوجا 1، والدوحة، فقط لم تكن جزء من طاولة التفاوض.

أوضحت هي جزء من الاخطاء التي ارتكبت من المفاوضين، لكن في الفترات الاخيرة، برزن نساء خبيرات في التفاوض والسلام، علي سبيل المثال، مفاوضات جنيف شاركت فيها مجموعة كبيرة من النساء يحملن الاجندة النسوية.

توضح عواطف أن الأجندة النسوية يجب لا تقتصر على النساء فقط، والرجال ايضا عليهم حملها، واضافة لذلك، النساء مساهمات مساهمة كبيرة في صناعة السلام.

انتقدت عواطف الاخفاق في ترشيح النساء، و تعتبرها مشكلة كبيرة، والنساء أكثر شريحة تعرضت في الفترة السابقة للانتهاكات، والحرب قامت على أجساد النساء، الاختفاء القسري، القتل والتعذيب، والاستغلال الجنسي، في ظل هذه الممارسات، المرأة كانت هي الضحية الأولى.

تؤكد عواطف أن المراة السودانية هي اول من تنادي بالسلام، وتكافح من أجله، حتى في ثورة ديسمبر العظيمة النساء كن وقودها، وايضا اعدادهم كبيرة في التعداد السكاني الأخير، ويجب الضغط باستمرار من أجل تمثيلهم في طاولة المفاوضات، وأن القرار 1325 المتعلق بالأمن، والسلام للمرأة، وفي المفاوضات يجب استصحاب اجندة المرأة السودانية.

إصلاح المؤسسات العدلية

تشير الي عواطف أن دور المرأة في العدالة، الانتقالية لا يختلف كثيرا عن الرجل، لكن مراعاة الحساسية المتعلقة بالنوع الاجتماعي، في وضع آليات العدالة الانتقالية في كل مراحلها، في مسألة إصلاح المؤسسات العدلية، يجب مراعاة القوانين التي تمس المرأة، في ظل وجود قوانين مقيدة لحريات المرأة، في العمل أو القوانين الجنائية، في قضية التعويضات، وجبر الضرر يجب أن يكون لها حقها الخاص من المنظور الجندري بالنسبة للعدالة الانتقالية.

تقول عواطف في الحرب ليس الرجل وحده من خسر، النساء أيضا، ويجب أن تأسيس قسم خاص للانتهاكات الخاصة بالنساء، سواء في العدالة الانتقالية او لجنة تقصي الحقائق، هذا يؤسس خطوة للوصول الي العدالة النسوية، في انتهاكات حرب 15 أبريل 2023، ويجب عليهن المشاركة في كل لجان، الحقيقة والمصالحة، والإصلاح الأمني والعسكري، هذا يقود الي تحقيق عدالة انتقالية شاملة تريد المرأة السودانية.

ختاما
رغم التحديات على الأرض، والأسئلة التي تطرح دائما وتكرر، هل تستطيع المرأة الضغط على الجهات المؤثرة لتحقيق الهدف الإنساني المنشود؟، عملية صنع السلام تحتاج الي مشاركة الجميع، نساء ورجال، وشباب وشابات، وجميع الوان الطيف المجتمع، بالطبع المرأة من المؤثرين والفاعلين بصوتها المسموع في المنظمات الدولية والإقليمية، يمكنها الضغط والمشاركة في إيقاف صوت البندقية في السودان الجريح.

ishaghassan13@gmail.com

تقرير : حسن اسحق

 

آراء