في مصر .. مع زملاء الحرف الأخضر … بقلم: محمد المكي أحمد

 


 

 

modalmakki@hotmail.com

 

على رغم قصر فترة زيارتي الأخيرة لمصر عشية اطلالة العام الجديد 2010 سعدت بزيارة بلد يتسم بحيوية في كل مكان، في الشارع العام حيث لا تنام القاهرة وتبدو يقظة حيوية على مدار ساعات اليوم.

  هناك تعجبني بحكم انحيازي اللامحدود  لصاحبة الجلالة (الصحافة)  حيوية   شارع الصحافة في مصر، وأعني هامش الحرية الواسع الذي يسمح بتوجيه انتقادات لأي شخص،  ويشمل ذلك  القيادة وكبار المسؤولين في الحكومة المصرية  والحزب الحاكم.

لاشيء  في مصر فوق أقلام الصحافة، سواء  بشأن سياسات الحكومة  الداخلية  أو  أوالخارجية، و هي سياسات  تثير   نقاشا وجدلا  في أوساط صحافية  وسياسية مصرية وعربية ايضا، بحكم ثقل مصر وأهمية أدوارها  الايجابية دعما للعرب والأفارقة ، أو السلبية التي تؤثر ايضا على العرب والأفارقة، كما تؤثر على أهل البيت المصري أيضا.

عندما أزور مصر أستمتع يوميا بقراءة الصحف المصرية الحكومية وغير الحكومية ، وأفسح متسعا من الوقت للاطلاع على مختلف وجهات النظر، كما أستمع بنبض  الشارع المصري  المتفاعل مع قضايا العرب والمسلمين الذي تعكسه الصحف.

زرت القاهرة "سائحا" سنويا  أكثر من عشر مرات قادما من الدوحة.خلال فترة غياب قسري عن السودان بعد انقلاب الثلاثين من يونيو 1989، وبسبب وجودي في قائمة المغضوب عليهم بسبب كتاباتي في عمود "سودانيات" في صحيفة "العرب " القطرية في مرحلتها الأولى التي شكلت منبرا منحازا لقضايا الحرية وحقوق الشعب السوداني.

هنا اشير الى ان  الدوحة احتضنت  وتحتضن  السودانيين بمحبة كما احتضنت الهم السوداني رغم محاولات حكومية سودانية بعد انقلاب الثلاثين من يونيو 1989  استهدفت  تشريد  بعض الصحافيين السودانيين أصحاب الرأي المنحاز لحقوق أهلهم، ومازالت قطر في صدارة الدول التي تحترم تعددية  رؤى أهل  السودان، بل تسعى   بصدق  ونهج ايجابي لمساعدة السودانيين على معالجة أزمة دارفور.

خلال فترة الوجود السوداني في مصر خلال السنوات الماضية  بعد انقلاب الثلاثين من يونيو (انقلاب الرئيس عمر البشير) بدا واضحا أن حالة التشرد التي عاني منها عدد من أبناء وبنات السودان الذين جاءوا الى مصر تنطبق عليها مقولة " رب ضارة نافعة".

 جرى   خلال  فترة ما بعد الانقلاب  وحتى الآن تواصل بين القوى السياسية والاجتماعية السودانية مع شخصيات ورموز في المجتمع المصري، وأعتقد أن ذلك ساهم في خلق أرضية  لفهم مشترك أكثر عمقا من مجرد التغني بالعلاقات التاريخية والأخوية وحكاية "مصر والسودان حتة واحدة".

في القاهرة طوقني زملاء الحرف الأخضر قبل أيام بمحبة أعتز بها، وبدفء أسعدني.

 كان هناك في صدارة قائمة الاصدقاء والزملاء الأخ  العزيز العزب الطيب الطاهر الصحافي  في جريدة الأهرام ، وكان العزب قبل أشهر  يعمل في قطر مسؤولا عن القسم الديبلوماسي في جريدة"الراية" القطرية’كما كان مراسل "الأهرام" في قطر.

العزب محب للسودان، ويعرفه  عدد من قادة السودان باختلاف توجهاتهم ، فقد  حاور عددا منهم حول الشأن السوداني، بل يظن بعض الناس حتى الآن  أنه سوداني ، خاصة أن والده عليه رحمة الله هو" الطيب" وجده "الطاهر".

سألني الزميل و الصديق العزيز الأستاذ محمد بركات رئيس تحرير جريدة  "الأخبار" المصرية مازحا: من أين جئتم باسم العزب الطيب الطاهر، قلت له من السودان، وضحكنا، ورويت  هذه الحكاية للعزب.

 أشير هنا الى علاقتي الوثيقة بالاستاذ بركات الذي دعاني للعمل معه رئيسا للقسم الديبلوماسي في صحيفة "الشرق "القطرية قبل أكثر من سنوات عدة ،  عندما كان يقرأ كتاباتي في "الحياة" اللندنية، وبركات صحافي مبدع وقد حقق نجاحا باهرا في المؤسسات الصحافية المصرية التي تولى رئاستها خلال السنوات الماضية.

صديقي وصديق السودانيين العزب كان وفقا لتعبير الزميل الصديق  بابكر عيسى مدير تحرير "الراية " القطرية أحد بناة "الراية "  القطرية وأحد أعمدتها، وهو  عمل فيها أكثر من ستة عشرة سنة ، وكان ومازال يحمل في قلبه وعقله   الكثير من الود لأصدقائه وزملائه و لقطر التي أحبها ، وكان وسيظل وجها مصريا مشرقا ومعبرا عن دواخل انسانية  رائعة .

في الأهرام سعدت بلقاء رئيس تحرير"  الأهرام "الأستاذ أسامة سرايا الذي استقبلني في مكتبه بود وأخوة ودماثة خلق وروح زمالة ، ومن دون موعد مسبق، وحدثني عن الأهرام وكيف يوازن بين الموقف الحكومي والناس والمهنية، وأسامة صاحبة تجربة صحافية ناجحة، وكنت  عرفته قبل سنوات  رئيسا ناجحا لمجلة "الأهرام العربي"، كما عرفته انسانا ودودا وقا ئدا ناجحا لسفينة "الأهرام".

داخل  "الأهرام" العريقة  أحاطتني الزميلة أسماء الحسيني بنبض ودها الجميل الذي يعشق السودان وقيم أهل السودان، أسماء وجه وعقل ووجدان ونبض انساني رائع، وهي عندما تتحدث عن السودان والسودانيين تأسرك بفيض معلوماتها عن "الغبش".

 أسماء  تلعب دوار رياديا رائعا في تعزيز الأواصر السودانية المصرية من خلال قلمها الأخضر وعقلها ووجدانها الأروع ، وهي  خبيرة في الشأن السوداني ومدركة لتفاصيل الخارطة الاجتماعية والسياسية السودانية، وتعيش يوميا أحلام السودانيين وأوجاعهم.

  أسماء الحسيني تستحق تكريما سودانيا على أعلى المستويات ومن كل القوى السودانية ، واقترح  تكريمها بعدما ينجح القادة السودانيون في قيادة البلد الى آفاق مرحلة التحول الديمقراطي والوئام الوطني الذي يعالج الجراح، لأنها ستكون سعيدة  باستقرار السودان وبنجاح السودانيين في لم الشمل.

في "الأهرام" سعدت ايضا بلقاء كوكبة من الزملاء، وبينهم الأستاذ  محمود المناوي نائب رئيس تحرير "الأهرام"، وهو صحافي  كبير يتسم بدماثة الخلق والطبع الهاديء وأنت تحاوره حول أسخن القضايا تلمس روحا  هادئة، كما  سعدت بلقاء حميمي مع  الأخ  الأستاذ عطية عيسوي مدير تحرير "الأهرام" ، وهو صحافي متخصص في الشؤون الافريقية ومهتم بقضايا السودان  ويحرص على سماع الرأي والرأي الآخر حول الشأن السوداني.

في القاهرة سعدت أيضا بزيارة زميلي وصديقي القديم مجدي الدقاق رئيس تحرير مجلة "أكتوبر"، وهو أيضا أحاطني بود ومحبة، ومجدي صحافي مبدع ويتسم بالحيوية، وكنا عملنا معا في صحيفة "الثورة" اليمنية قبل نحو ثلاثين سنة .

 في اليمن كما يقول صديقي الدقاق  ايتحت لنا فرصة  صحافية مهمة لم يعشها صحافيون كثيرون ، لأنني ومجدي عاصرنا فترة الجمع اليدوي في الصحافة ،  وكنا نصحح تحقيقاتنا وأخبارنا مع عم "شرف"، ثم  تطورنا عندما تطورت صحافة اليمن وأدخلت الجمع التصويري من خلال الكمبيوتر، ومازال مجدي يذكر تلك الفترة التي قضيناها في اليمن السعيد الذي نكن له  ولأهله المحبة ونتمنى  أن تخرج  أرض بلقيس من أزمتها الحالية سالمة غانمة .

الزملاء والأصدقاء في صحيفة "الجمهورية" أحاطوني أيضا بود ومحبة وتقدير ، و هناك  التقيت  زميلي الأستاذ  جلاء جاب الله نائب رئيس التحرير، وهو أيضا كان زميل لنا في قطر، وهو صحافي ناجح وطموح ومثابر، كما التقيت أيضا زميلي العزيز  عاصم بسيوني مساعد رئيس تحرير "الجمهورية" والأخ العزيز  الوقور الاستاذ سيد احمد مساعد رئيس تحرير "المساء".

تعددت في القاهرة  اللقاءات ،  وفي مقال قادم سأحدثكم إن شاء الله عن تفاعلات لقاء مع الزميلة لبنى أحمد حسين "صحافية البنطلون" على مائدة غداء  بدعوة كريمة تلقيتها من الاستاذة أسماء الحسيني، وبحضور صديق عزيز هو الأستاذ المحبوب عبد السلام أحد قادة حزب المؤتمر الشعبي المعارض وهو من أقرب القيادات الى الدكتور حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض.

وهناك أيضا بعض الكلام ...

برقية: في مصر يغمرك احساس عميق أنك في بلدك ..  ولست غريبا.. هنا تكمن روعة الاحتضان المصري لكل الناس.. ومن كل لون وجنس ودين.

نقلا عن (الأحداث) 8-1-2010

 

آراء