قال جبريل إبراهيم إنه لم يستلم مليماً واحداً من لجنة تفكيك التمكين: كضباً كاضب
د.عبد الله علي ابراهيم
11 January, 2025
11 January, 2025
عبد الله علي إبراهيم
(خرج المقدم شرطة سلمان بتسجيل اتهم فيه زملاءه في لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من مايو 1989 بالاختلاس من الأموال التي تستردها من الفلول. وهرول به الكيزان وغير الكيزان إلى المنابر ليقولوا بأنه شهد شاهد من أهله بصدقية ما أذاعوه عن اللجنة، أو أشاعوه، من يومها الأول.
سننقد غداً رواية المقدم بالطعن في متانته كمخبر عن اللجنة مما لم يطرأ لصحفيين اتفقت أقواله مع هواهم في خيانة صريحة للمهنة التي شعارها "تحقق قبل النشر" (verify and publish).
ولكن سينصب حديثنا هنا عما إذا ما كان بيد اللجنة لائحياً مالاً بيدها أثناء أداء استرداد الأموال من الفلول لتنهبه كما صور المقدم.
وأنشر للغرض مقالة قديمة كنت نشرتها في الرد على جبريل إبراهيم، وزير المالية قبل تجميد اللجنة وما يزال، عن قوله إن وزارته لم تستلم مليماً من لجنة التفكيك. ولما أنكر، وهو في المنزلة التي يؤخذ منها خبر المال يا مؤمن يا مصدق، استباح اللجنة للأفواه اللامجدية لتنهشها وتتهمها في أمانتها. وعرض المقال للنظم التي اتفقت للجنة التفكيك وزارة المالية معاً لإيداع المال والأصول حال استردادها. فلا تمر هذه الأموال والأصول بلجنة التمكين متى صدر القرار باستردادها ووقع التنفيذ، بل تذهب ل"لجنة الأموال والأصول المستردة" بوزارة المالية. وجاء المقال بمقابلة مع مدير تلك اللجنة جاء فيه بسبب إجرائي مؤسسي بسيط لعدم بلوغ تلك الموارد وزارة المالية كان اعتبره جبريل إبراهيم لو كان الانصاف خصلة فيه)
قرأت مقابلة حسنة للصحافي سنهوري عيسى مع عبد الحفيظ محمد أحمد، مدير الأصول والأموال المستردة بوزارة المالية، لا أعرف من أنصف لجنة تفكيك نظام الإنقاذ مثلها. فردت الأمر رداً مؤسسياً أزال اللبس الذي زج جبريل إبراهيم، وزير المالية، الناس فيه بإعادته لحد الإملال مقولته إن وزارته لم تستلم مليماً أحمر من لجنة تفكيك نظام الإنقاذ. وهي مقولة بمثابة اللحم العبيط (النيء) الذي رماه لإخوته في الثورة المضادة ليرقصوا رقصة الذئاب الجائعة للثأر من الثورة.
وبدا التحقيق عجيباً مع ذلك. فهو كمثل من يقال عنه في الإنجليزية إنه يتحدث بجانبي فمه كليهما. فصدق نصه وكذب عنوانه البكر. فأبان عبد الحفيظ بحرفية علاقة الثالوث: لجنة التفكيك، ولجنة استرداد الأصول والأموال بوزارة المالية، ووزارة المالية بما كشف عوار مزاعم جبريل المخاتلة.
فسنرى أن المال المسترد بواسطة لجنة تفكيك نظام الإنقاذ قد أودع في حساب لجنة استرداد الأصول والأموال، التي هي إدارة في المالية، في انتظار إجراءات مؤسسية قبل أن ينتهي إلى وزارة المالية نفسها. والمُقَدِم هنا، لا كما نقول، موصل. ولو اتصف جبريل بالأمانة، أو الزمالة، لما شغل الناس بحزبيته المعروفة دون خلقية مهنية هي زينة الوظيفة التي طلبها بالسلاح. واستغربت أن يكون عنوان المقابلة الرصينة بعد كل هذا هو عبارة جبريل المخاتلة الخالق الناطق: "لم نستلم أي عائد من الاصول والاموال المستردة حتى الآن". وحقيقة النص غير هذا العنوان المتصارخ.
فلا يتفق العنوان مع ما جاء في المقابلة عن علاقة لجنة إزالة التمكين ولجنة استرداد الأصول بالمالية وبوزارة المالية نفسها. فقال عبد الحفيظ لسنهوري إن لجنته التابعة لوزارة المالية هي المناط بها تسلم الأموال والأصول المستردة في حساب خاص تبع وزارة المالية. وتديره الوزارة عبر ديوان الحسابات وإدارة الأصول والأموال المستردة. وقال عبد الحفيظ إن وزارة المالية بالفعل لم تستلم فلساً واحداً من الأموال المستردة. والسبب مؤسسي وبسيط: فاختصاص المالية هو الأموال المعتمدة في الميزانية. وما استردته لجنة التمكين هي أموال خارج الميزانية. ولكن مصيره أن يودع في وزارة المالية بعد إجراءات قال عبد الحفيظ إنها "تأخذ وقتاً طويلاً وتأخذ زمناً، لكن الناس مستعجلين النتائج".
وأحصت المقابلة المال المستلم من لجنة إزالة التمكين عدداً. فقال عبد الحفيظ إنه دخل حساب لجنة الأصول والأموال المستردة في يناير الماضي مبلغ 78 مليون جنيه وعلى دفعتين. وبلغت جملة إيرادات العقارات المستأجرة 6 مليون جنيه حتى نهاية يونيو علاوة على موارد أخرى بلغت 5 مليون. وعليه بلغ اجمالي الاموال التي دخلت حساب الادارة حتى العشرين من يونيو نحو 129 مليون جنيه.
ولم يدخل خزانة وزارة المالية أيضاً ريع من الشركات المستردة التي صارت هي مالكاً لها. وكان أيضاً على وزارة المالية مؤسسياً أن تنتظر حتى نهاية السنة المالية 2021 للوقوف على أرباح هذه الشركات فتعود لها كمالك. ومع ذلك جاءت أرباح من شركة واحدة بمبلغ 84 مليون جنيه في حساب لجنة الأصول والأموال المستردة بوزارة المالية. ففوائد هذه الشركات ستذهب لوزارة المالية بعد تحويل ملكية الأصول والشركات المستردة وتوفيق أوضاعها. وأضاف عبد الحفيظ أنهم لم يصلوا حتى الآن لهذه المرحلة. وسيتضح الامر بنهاية السنة المالية وقفل كل الشركات المستردة لحساباتها.
إن نجاح الفترة الانتقالية برغم كل شيء سيَبين فيما ستلقاه لجنة تفكيك التمكين في دولة الثورة المضادة من غِل بمثل ما لقيته في أيامها سلطانها حتى من بعض من هم في صف الثورة. فكلو في عرف البرجوازية الصغيرة ولا الطعن في المال من حيث أتى. فسبيل البرجوازية الصغيرة للغنى أن تحول السلطة إلى ثروة. والمال مال لا تفريق بين مآتيه. واضطرار العسكريين للقيام بانقلابهم التومهجوي الكئيب، في قول ربيكا هاملتون أستاذة القانون في الجامعة الأمريكية بواشنطن ومؤلفة كتاب عن دارفور في كلمة لها بالواشنطن بوست أمس الأول، مؤشر لنجاح الفترة الانتقالية. فقد اتضح للعسكريين وشيعتهم جلياً أن الثورة، مهما قلت عن ارتجال قحت، شديدة العزيمة لمساءلة النظام القديم، والانقلابيين الجدد أنفسهم، على جرائرهم ما تقد م منها وما تأخر. وكانت لجنة تفكيك التمكين هي ذاكرة الأمة في هذه المساءلة وسيف عقابها. يكفي، وقد حمى الكوع، هروب الفريقين جابر والعطا من ميدانها خلسة.
ibrahima@missouri.edu
(خرج المقدم شرطة سلمان بتسجيل اتهم فيه زملاءه في لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من مايو 1989 بالاختلاس من الأموال التي تستردها من الفلول. وهرول به الكيزان وغير الكيزان إلى المنابر ليقولوا بأنه شهد شاهد من أهله بصدقية ما أذاعوه عن اللجنة، أو أشاعوه، من يومها الأول.
سننقد غداً رواية المقدم بالطعن في متانته كمخبر عن اللجنة مما لم يطرأ لصحفيين اتفقت أقواله مع هواهم في خيانة صريحة للمهنة التي شعارها "تحقق قبل النشر" (verify and publish).
ولكن سينصب حديثنا هنا عما إذا ما كان بيد اللجنة لائحياً مالاً بيدها أثناء أداء استرداد الأموال من الفلول لتنهبه كما صور المقدم.
وأنشر للغرض مقالة قديمة كنت نشرتها في الرد على جبريل إبراهيم، وزير المالية قبل تجميد اللجنة وما يزال، عن قوله إن وزارته لم تستلم مليماً من لجنة التفكيك. ولما أنكر، وهو في المنزلة التي يؤخذ منها خبر المال يا مؤمن يا مصدق، استباح اللجنة للأفواه اللامجدية لتنهشها وتتهمها في أمانتها. وعرض المقال للنظم التي اتفقت للجنة التفكيك وزارة المالية معاً لإيداع المال والأصول حال استردادها. فلا تمر هذه الأموال والأصول بلجنة التمكين متى صدر القرار باستردادها ووقع التنفيذ، بل تذهب ل"لجنة الأموال والأصول المستردة" بوزارة المالية. وجاء المقال بمقابلة مع مدير تلك اللجنة جاء فيه بسبب إجرائي مؤسسي بسيط لعدم بلوغ تلك الموارد وزارة المالية كان اعتبره جبريل إبراهيم لو كان الانصاف خصلة فيه)
قرأت مقابلة حسنة للصحافي سنهوري عيسى مع عبد الحفيظ محمد أحمد، مدير الأصول والأموال المستردة بوزارة المالية، لا أعرف من أنصف لجنة تفكيك نظام الإنقاذ مثلها. فردت الأمر رداً مؤسسياً أزال اللبس الذي زج جبريل إبراهيم، وزير المالية، الناس فيه بإعادته لحد الإملال مقولته إن وزارته لم تستلم مليماً أحمر من لجنة تفكيك نظام الإنقاذ. وهي مقولة بمثابة اللحم العبيط (النيء) الذي رماه لإخوته في الثورة المضادة ليرقصوا رقصة الذئاب الجائعة للثأر من الثورة.
وبدا التحقيق عجيباً مع ذلك. فهو كمثل من يقال عنه في الإنجليزية إنه يتحدث بجانبي فمه كليهما. فصدق نصه وكذب عنوانه البكر. فأبان عبد الحفيظ بحرفية علاقة الثالوث: لجنة التفكيك، ولجنة استرداد الأصول والأموال بوزارة المالية، ووزارة المالية بما كشف عوار مزاعم جبريل المخاتلة.
فسنرى أن المال المسترد بواسطة لجنة تفكيك نظام الإنقاذ قد أودع في حساب لجنة استرداد الأصول والأموال، التي هي إدارة في المالية، في انتظار إجراءات مؤسسية قبل أن ينتهي إلى وزارة المالية نفسها. والمُقَدِم هنا، لا كما نقول، موصل. ولو اتصف جبريل بالأمانة، أو الزمالة، لما شغل الناس بحزبيته المعروفة دون خلقية مهنية هي زينة الوظيفة التي طلبها بالسلاح. واستغربت أن يكون عنوان المقابلة الرصينة بعد كل هذا هو عبارة جبريل المخاتلة الخالق الناطق: "لم نستلم أي عائد من الاصول والاموال المستردة حتى الآن". وحقيقة النص غير هذا العنوان المتصارخ.
فلا يتفق العنوان مع ما جاء في المقابلة عن علاقة لجنة إزالة التمكين ولجنة استرداد الأصول بالمالية وبوزارة المالية نفسها. فقال عبد الحفيظ لسنهوري إن لجنته التابعة لوزارة المالية هي المناط بها تسلم الأموال والأصول المستردة في حساب خاص تبع وزارة المالية. وتديره الوزارة عبر ديوان الحسابات وإدارة الأصول والأموال المستردة. وقال عبد الحفيظ إن وزارة المالية بالفعل لم تستلم فلساً واحداً من الأموال المستردة. والسبب مؤسسي وبسيط: فاختصاص المالية هو الأموال المعتمدة في الميزانية. وما استردته لجنة التمكين هي أموال خارج الميزانية. ولكن مصيره أن يودع في وزارة المالية بعد إجراءات قال عبد الحفيظ إنها "تأخذ وقتاً طويلاً وتأخذ زمناً، لكن الناس مستعجلين النتائج".
وأحصت المقابلة المال المستلم من لجنة إزالة التمكين عدداً. فقال عبد الحفيظ إنه دخل حساب لجنة الأصول والأموال المستردة في يناير الماضي مبلغ 78 مليون جنيه وعلى دفعتين. وبلغت جملة إيرادات العقارات المستأجرة 6 مليون جنيه حتى نهاية يونيو علاوة على موارد أخرى بلغت 5 مليون. وعليه بلغ اجمالي الاموال التي دخلت حساب الادارة حتى العشرين من يونيو نحو 129 مليون جنيه.
ولم يدخل خزانة وزارة المالية أيضاً ريع من الشركات المستردة التي صارت هي مالكاً لها. وكان أيضاً على وزارة المالية مؤسسياً أن تنتظر حتى نهاية السنة المالية 2021 للوقوف على أرباح هذه الشركات فتعود لها كمالك. ومع ذلك جاءت أرباح من شركة واحدة بمبلغ 84 مليون جنيه في حساب لجنة الأصول والأموال المستردة بوزارة المالية. ففوائد هذه الشركات ستذهب لوزارة المالية بعد تحويل ملكية الأصول والشركات المستردة وتوفيق أوضاعها. وأضاف عبد الحفيظ أنهم لم يصلوا حتى الآن لهذه المرحلة. وسيتضح الامر بنهاية السنة المالية وقفل كل الشركات المستردة لحساباتها.
إن نجاح الفترة الانتقالية برغم كل شيء سيَبين فيما ستلقاه لجنة تفكيك التمكين في دولة الثورة المضادة من غِل بمثل ما لقيته في أيامها سلطانها حتى من بعض من هم في صف الثورة. فكلو في عرف البرجوازية الصغيرة ولا الطعن في المال من حيث أتى. فسبيل البرجوازية الصغيرة للغنى أن تحول السلطة إلى ثروة. والمال مال لا تفريق بين مآتيه. واضطرار العسكريين للقيام بانقلابهم التومهجوي الكئيب، في قول ربيكا هاملتون أستاذة القانون في الجامعة الأمريكية بواشنطن ومؤلفة كتاب عن دارفور في كلمة لها بالواشنطن بوست أمس الأول، مؤشر لنجاح الفترة الانتقالية. فقد اتضح للعسكريين وشيعتهم جلياً أن الثورة، مهما قلت عن ارتجال قحت، شديدة العزيمة لمساءلة النظام القديم، والانقلابيين الجدد أنفسهم، على جرائرهم ما تقد م منها وما تأخر. وكانت لجنة تفكيك التمكين هي ذاكرة الأمة في هذه المساءلة وسيف عقابها. يكفي، وقد حمى الكوع، هروب الفريقين جابر والعطا من ميدانها خلسة.
ibrahima@missouri.edu