قطاع خاص وبس !! … بقلم: مكي المغربي

 


 

 

.....................

في "السوبرماركت" وجدت علبة بلاستيكية أنيقة متوسطة الحجم مكتوب عليها "تبلدي البريابي"، هل يا ترى صاحبها من "البرياب" في الجزيرة بلاد الوزير المجاهد الصادق وصديقنا الصحفي "الصعب" النذير، الذي شغل موقع المستشار الصحفي للفريق عقار لفترة من الزمن؟ أم هي برياب أخرى؟ على العموم وجدت المنتج عبارة عن حلوى تبلدي جافة ولذيذة وظريفة ومن "خيرات بلدنا"، وهنالك "عرديب"، "قضيم"، "نبق" و " لكوم"، لكن اللكوم قوي وناشف، وهذه الكلمة تؤكد أنني أنني لا أقوم بالتسويق للشركة.

تذكرت أيام المدرسة و"دقة القونقليز" الممزوجة بالسكر التي نسفّها ونلحس قرطاسها حتى أخر رمق، ودقة الدوم والنبق والتبش بالدكوة ... وكتاب المطالعة و"نايل كورس" ومعمل الكيمياء ... هل تصدقون - والشيء بالشيء يذكر -  أننا درسنا المتوسطة في مدرسة حكومية وحضرنا الهايدروجين في المعمل، وفرقعناه داخل علبة حديدية، وركبنا دينامو توليد طاقة وأنتجنا الماغنطيس الصناعي وتوربينة المياه وزرعنا الملوخية في حصة التربية الريفية ... وكل ذلك في مدرسة حكومية ... لا ندفع ولا قرش فيها سوى "درس العصر" الذي كان بداية نهاية التعليم المجاني.

نعود للدقة والتبلدي والدوم ... ونرسل تحية لمصنع البريابي وبقية المصانع التي تنتج هذه المنتجات البلدية التي يمكن أن تمنحنا "ماركات" عالمية. ألا تعتقدون أنه يمكن أن تكون يوما ما الحلوى السودانية المنافس الأقوى للشيكولاتة السويسرية، وما ذلك على الله بعزيز، والله إنه لأمر سهل للغاية لو تركنا الموضوع للقطاع الخاص ..!

العالم كله يتوجه نحو الغذاء الطبيعي، وأعتقد أن المنتجات الغابية والبستانية الطبيعية أسعارها مثل الدواء.

سأستغل هذا النجاح "البريابي" للحديث عن موضوع إقتصادي كبير ظللت أؤمن به واردده قبل فترة، وظللت أهمل أي حديث في الإقتصاد ما لم يصب في هذا الأمر.

نهضة السودان في يد القطاع الخاص، وغير مطلوب من الحكومة سوى الإطار العام والتدخل المدروس والمفيد والإيجابي، يعني على سبيل المثال لو كنت متخذا للقرار، لمنحت مصانع الحلويات البلدية المتخصصة فترة سماح ضريبي وجمركي ممتازة مقابل الوصول لمستوى صناعي محدد في المواصفات، وراقبت ذلك مراقبة دقيقة، فإذا طلبت شركة محددة معدات محددة بغرض تجويد الصناعة، أسمح لها باستريدها دون أي جمارك، وأشجع المصارف لتموليها، لكن لا بد من ضمانات أن هذه المعدات ليست بغرض البيع في السوق أو صناعة سلعة محدد، لأن الغرض هو نهضة صناعة بعينها تكسب السودان سمعة وتميز ومنافسة عالمية.

ربما يكون دور الدولة هو إحتكار براءات الإختراع لجهات وطنية أو جهات خاصة لديها هذه البراءات، لأن الرخصة المحلية لا قيمة لها ما لم تنال إعتماد دولي، وهذا أمر يحتاج إلى صرف ورسوم وأتعاب محامين.

القطاع الخاص عموما  ... لديه ثلاث مشكلات محددة ومعروفة، إذا لم يتم حلها لن يأت أي إستثمار للسودان، بل ستهرب رؤوس الأموال السودانية للخارج... تحدثت عنها من قبل ولن أكرر!

الموضوع ما داير ليهو ... أي لف ودوران ... قرارات محددة وربما تحتاج فقط لتسويق وإقناع للناس أنها لمصلحة البلد، وتحتاج إلى إشراكهم فيها وتقديم ضمانات لهم أنها ستصب في مصلحتهم.

نعم صحيح ... يجب أن يتم فطام بعض القطط السمان، المستفيدة من هذه الأحوال، والفطام صعب، ولكن إذا لم يتم لن تجد حتى هذه القطط "كوشة" تأكل منها.

الحقوا الموضوع يا جماعة ..!

makkimag@gmail.com

 

آراء