كأس … وسياسة … بقلم: عادل الباز

 


 

عادل الباز
15 June, 2010

 

 

أذاعت الأنباء عشية مباراة أمريكا وانجلترا أمس، قبل يوم في المونديال، الرهان الذي جرى بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وذلك حين اتصل أوباما بكاميرون معلنا أن المنتخب الأمريكي سيهزم المنتخب الإنجليزي، فأطلق كاميرون ضحكة عالية، متسائلا: وماذا ستفعلون سيدي الرئيس لإيقاف روني؟ ولكن أوباما أصرّ على الرهان بزجاجة بيرة يهديها لكاميرون إذا خسرت أمريكا، فقبِل السيد كاميرون الرهان، وكاد أن يستمتع ببيرة أوباما لولا غباء حارس المرمى البريطاني (روبرت غرين) الذي أفلت الكرة من بين يديه بطريقة لا يمكن أن يفعلها (أكرم الهادي). ما استوقفني في هذه الحكاية اختيار أوباما البيرة وليس (الجن)، فإما أنه كان يعرف المستوى المتواضع لفريقه ولم يرغب في إهدار أمواله في رهان خاسر، أو أنه بخيل جدا وجبان في المراهنات الكبرى!!

الغريب أن أوباما الذي أفرد زمنا مقدرا للقاء المنتخب الأمريكي قبل مغادرته واشنطون خاطبه بعبارات غريبة قائلا: (كل العالم سيدعمكم حتى لو نسينا أحيانا في الولايات المتحدة، أن المونديال سيكون أكبر مسرح عالمي تذهبون إليه لتمثيلنا). ولماذا سيدعم العالم المنتخب الأمريكي، فهو ليس البرازيل، ولا العالم يحب أمريكا بقدر كافٍ ليدعمها في كرة القدم.. وهذا المنتخب متوجه لجنوب أفريقيا وليس لإسرائيل. في المونديال السابق 2006 وقف الرئيس دا سيلفا مخاطبا منتخب بلاده: (سوف أجلس أمام التلفاز لمشاهدتكم وتشجيعكم كما يفعل كل الشعب البرازيلي والعالم، وسوف تكون انتصاراتكم بمثابة الدواء الذي سوف يساعد في التغلب على أمراض الفقر والفساد والظلم الاجتماعي الذي يعاني منه الشعب البرازيلي). ولكن للأسف البرازيل خسرت وفازت إيطاليا، ولكن العالم كله دعم البرازيل لأنها البرازيل وليست أمريكا!!

 بالأمس شنّ الزعيم الليبي معمر القذافي هجوما عنيفا على الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قائلا إن المونديال تحول لمشروع استغلالي بدلا من رياضي ترفيهي، ومشروع للفساد وغسيل الأموال». مؤكدا أنه أضحى سوقا للعبيد بعد أن أعاد نظام الرق والعبودية علنا، بالمتاجرة بالبشر وبيع اللاعبين، وتساءل «لماذا لا تكون الاستضافة للدولة التي يفوز فريقها في المباراة النهائية حتى يكون التنافس له معنى». القذافي أمره عجيب!! كأس العالم الآن عمره ثمانون عاما ولم يطأ أفريقيا إلا هذا العام.. ولم نسمع للقذافي إدانة للكأس وممارساته إلا هذه المرة التي سعدنا فيها باستضافته. فهل بدأ الغسيل والفساد في الكأس هذا العام. ثم أين هي سوق العبيد؟ اللاعبون الأفارقة لايساقون الآن الى أوروبا مجنزرين، بل يذهبون بمحض إرادتهم يحصدون ملايين الدولارات لمصلحة أهاليهم البؤساء في القارة. كرة القدم ياسيدي الرئيس تساهم في تنمية الشعوب الأفريقية، وتهبها المتعة، في وقت تشتغل فيه الحكومات الأفريقية على استرقاقها باستدامة فقرها وإذلالها.

من أطرف الأخبار التي قرأتها في الصحف اللبنانية، عدم انقسام الساحة السياسية اللبنانية للمرة الأولى ليس علي أساس طائفي. توزع النواب البرلمانيون بين ثلاثة فرق هي: البرازيل والأرجنتين وأسبانيا، واخلتطت الطوائف وتوحدت لأول مرة، ولبسوا أقمصة متشابهة، لافرق فيها بين شيعة وسُنة ودروز، وازدانت المنازل والشوارع بأعلام الفرق المتنافسة، واختفت أعلام الأحزاب تماما!!.

في السودان ياترى كيف حال نواب المؤتمر الوطني بالبرلمان؟ بالتأكيد لن يشجعوا هولندا وإن انتصرت بالأمس، ولن يشجعوا جنوب أفريقيا بعد موقف جاكوب زوما الأخير. من المؤكد أن نواب الحركة سيشجعون أمريكا بالدرجة الأولى خاصة مع وجود باقان في استضافة سوزان رايس، وبالدرجة الثانية جنوب أفريقيا باعتبار أنها معهد تدريب مفتوح لكوادر الدولة القادمة!! ليس ممكنا التهكن بالفرق التي يشجعها زعماؤنا السياسيون، فبالتأكيد لن نعرف الفريق الذي يشجعه السيد محمد عثمان الميرغني في المونديال، كما ليس ممكنا معرفة فريق الرئيس البشير المفضّل، ولا الأستاذ علي عثمان. سلفاكير قد يكون أقرب لجنوب أفريقيا. معرفة الفريق الذي يشجعه السيد الصادق ممكن إذا أنه يعلن مواقفه باستمرار. يا أيها الزعماء (أطلعوا) من توبكم وأعلنوا انتماءاتكم، فقد نستطيع خلط تحالف جوبا بتحالف النادي الكاثوليكي لأول مرة، الشيء الذي  يجعلنا نهزم منبر السلام ونستمتع بمشاهدة كأس العالم القادم في دولة واحدة وليس دولتين.

 

آراء