كابلي لوحة وطن تراثية خالدة – عليه رحمة الله
د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
4 December, 2021
4 December, 2021
https://youtu.be/kizKXu4_dy4
لا حول ولا قوةً إلا بالله العلي العظيم، الموت حق. رحمة الله عليك يا عبدالكريم الكابلي ومغفرة تدخلك جنة الفردوس الأعلى.
بالطبع نحزن من الأعماق عندما الأحزان تتجدد وتتراكم ضغوطها على النفوس بقدوم رحيل من نحب. منهم القريب والصديق والأغرب الحزن غير المألوف من على البعد على من لم تجمعنا بهم الدنيا على الإطلاق، لا نعرفهم ولا يعرفوننا لكن كما قالها كابلي الدافع هو "حب الناس الأخيار" المجرد من المنفعة الشخصية . كابلي الأ ديب الشاعر الرقيق كان فيضاً من الحب . كان عندما يخاطب فرداً أو يحي الناس عبر التلفاز أو المذياع أو مباشرة فى حفل أو لقاء أدبي ، أبداً لا ينادي الناس أو يذكرهم إلا " بالأحباب". هكذا كان قامة ورجلاً سمحاً، متواضعاً مهذباً رقيقاً شفيفاً عطوفاً وكريماً. كان يتنازل عن بعض أغانيه بعد تأليفها وتلحينها فيهديها هبة للآخرين لوجه الله. وهذه قمة نكران الذات وحب الخير للآخرين. نغمات دوزنة عوده كانت متميزة و من أول وهلة يعرف المستمع ان تلك النغمة هي كابلي (Kabli’s signature ). كان يجيد العزف على العود مثل الموهوبين أحمد المصطفى وحسن عطية. أحيا التراث السوداني فى أجمل ثيابه وأروع لوحات فنية متتعددة الألوان الجميلة الجذابة التي تجسد تعدد السحنات والجغرافية والعادات والثقافات فيتمعن فيها المتلقي ويهضمها من غير ملل . عرفناه مع الجيل المخضرم الذين رحلوا قبله ونحن كنا تلاميذاً بالمتوسطة عندما صحبناه بخيالنا إلى باندونج البعيدة بأندونيسيا عرفنا بسوكارنو وآخرين. سافرنا معه داخل الوطن تجوالا فى جنوب السودان وشرقه وغربه وشماله. شفناه فى مروي والسواقي على شاطيء النيل ترن موظفاً جميل الطلعة ، وصحبناه رحالاً فى جبل مرة ودار أم بادر وبادية السودان المتنوعة حتى حط بنا الرحال خارج السودان فى فينيسيا الساحرة وعلى الجندول الذي يتهادى تحوطه المباني الشامخات طربنا أيما طرب وخلفه رددنا "أين من عيني هاتيك المجال يا عروس البحر يا حلم الخيال " * وحلقنا معه وصديق مدثر والشريف الهندي رحمهما الله تجاوزاً الثريا والمجرات صعداً عبر تخوم سموات الإبداع وهو يعطر أجواءنا بعذب القصيد من أدب المدائح والتصوف والعشق الإلهي ، وكانت كل رحلة معه تتجلى لنا فيها إدراكات ما لا يُدْرَكْ!
ستظل يا كابلي فى كل بيت مكتبة تراثية عامرة بكل جميل خالدة ومفيدة ، ومع بزوق كل قمر دورين سنتطلع عندما يسدل علينا الليل أستاره وسنغني شوقاً "يا ريت يا كابلي تاتي نشوفك ، لكن نشوفك وين؟". إن شاء الله فى جنة الفردوس مع النبيين والشهداء والصديقين.
يا كابلي رحمة الله عليك ، وأنت فى غربة سترة الحال لقد فارقنا هكذا للأبد قدمك، وأنت كنت عارفاً أنه مفارق، لكنك ستبقي فى السويداء ذكرى عطرة، و حبك لله وحبك لرسوله عليه افضل الصلاة وحبك للناس خلانا نحبك وأنت فى عليائك تاني وتاني.
أحر العزاء لزوجك الموقرة وأبنائك البررة والسيد عمر الجزلي وأهلك فى الشرق الحبيب ولكل محبي شعرك وفنك وموسيقاك وكل أدبياتك.
هذا هو حال الدنيا ، لا نقول إلا ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون
*قصيدة الجندول للشاعر عليّ محمود طه
أين من عيني هاتيك المجالي ... ياعروس البحر ياحلم الخيال
أين عشاقك سمار الليالي ... اين من واديك يامهد الجمال
موكب الغيد وعيد الكرنفال ... وسرى الجندول فى عرض القنال
بين كأس يتشهى الكرم خمره
وحبيب يتمنى الكأس ثغره
التقت عيني به أول مره
فعرفت الحب من أول نظره
مر بي مستضحكا فى قرب ساقي ... يمزج الراح بأقداح رقاق
قد قصدناه على غير اتفاق ... فنظرنا , و ابتسمنا للتلاقي
وهو يستهدي على المفرق زهره
ويسوي بيد الفتنة شعره
حين مست شفتي أول قطره
خلته ذوب فى كأسي عطره
أين من عيني هاتيك المجالي ... ياعروس البحر يا حلم الخيال
ذهبي الشعر , شرقي السمات ... مرح الأعطاف , حلو اللفتات
كلما قلت له : خذ . قال : هات ... ياحبيب الروح يا أنس الحياة
أنا مَن ضيّع بالأوهام عُمرَه... نسي التاريخَ أو أُنسي ذِكرَه... غير يوم لم يعد يذكر غيره يوم أن قابلته أول مرّة.
قلت والنشوة تسري فى لساني ... هاجت الذكرى فأين الهرمان
أين وادي السحر صداح المغاني
أين ماء النيل اين الضفتان
آه لو كنت معي نختال عبره
بشراع تسبح الأنجم إثره
حيث يروي الموج فى أرخم نبره
حلم ليل من ليالي كليوبتره
أين من عيني هاتيك المجالي ... يا عروس البحر , ياحلم الخيال
drabdelmoneim@gmail.com
////////////////////////
لا حول ولا قوةً إلا بالله العلي العظيم، الموت حق. رحمة الله عليك يا عبدالكريم الكابلي ومغفرة تدخلك جنة الفردوس الأعلى.
بالطبع نحزن من الأعماق عندما الأحزان تتجدد وتتراكم ضغوطها على النفوس بقدوم رحيل من نحب. منهم القريب والصديق والأغرب الحزن غير المألوف من على البعد على من لم تجمعنا بهم الدنيا على الإطلاق، لا نعرفهم ولا يعرفوننا لكن كما قالها كابلي الدافع هو "حب الناس الأخيار" المجرد من المنفعة الشخصية . كابلي الأ ديب الشاعر الرقيق كان فيضاً من الحب . كان عندما يخاطب فرداً أو يحي الناس عبر التلفاز أو المذياع أو مباشرة فى حفل أو لقاء أدبي ، أبداً لا ينادي الناس أو يذكرهم إلا " بالأحباب". هكذا كان قامة ورجلاً سمحاً، متواضعاً مهذباً رقيقاً شفيفاً عطوفاً وكريماً. كان يتنازل عن بعض أغانيه بعد تأليفها وتلحينها فيهديها هبة للآخرين لوجه الله. وهذه قمة نكران الذات وحب الخير للآخرين. نغمات دوزنة عوده كانت متميزة و من أول وهلة يعرف المستمع ان تلك النغمة هي كابلي (Kabli’s signature ). كان يجيد العزف على العود مثل الموهوبين أحمد المصطفى وحسن عطية. أحيا التراث السوداني فى أجمل ثيابه وأروع لوحات فنية متتعددة الألوان الجميلة الجذابة التي تجسد تعدد السحنات والجغرافية والعادات والثقافات فيتمعن فيها المتلقي ويهضمها من غير ملل . عرفناه مع الجيل المخضرم الذين رحلوا قبله ونحن كنا تلاميذاً بالمتوسطة عندما صحبناه بخيالنا إلى باندونج البعيدة بأندونيسيا عرفنا بسوكارنو وآخرين. سافرنا معه داخل الوطن تجوالا فى جنوب السودان وشرقه وغربه وشماله. شفناه فى مروي والسواقي على شاطيء النيل ترن موظفاً جميل الطلعة ، وصحبناه رحالاً فى جبل مرة ودار أم بادر وبادية السودان المتنوعة حتى حط بنا الرحال خارج السودان فى فينيسيا الساحرة وعلى الجندول الذي يتهادى تحوطه المباني الشامخات طربنا أيما طرب وخلفه رددنا "أين من عيني هاتيك المجال يا عروس البحر يا حلم الخيال " * وحلقنا معه وصديق مدثر والشريف الهندي رحمهما الله تجاوزاً الثريا والمجرات صعداً عبر تخوم سموات الإبداع وهو يعطر أجواءنا بعذب القصيد من أدب المدائح والتصوف والعشق الإلهي ، وكانت كل رحلة معه تتجلى لنا فيها إدراكات ما لا يُدْرَكْ!
ستظل يا كابلي فى كل بيت مكتبة تراثية عامرة بكل جميل خالدة ومفيدة ، ومع بزوق كل قمر دورين سنتطلع عندما يسدل علينا الليل أستاره وسنغني شوقاً "يا ريت يا كابلي تاتي نشوفك ، لكن نشوفك وين؟". إن شاء الله فى جنة الفردوس مع النبيين والشهداء والصديقين.
يا كابلي رحمة الله عليك ، وأنت فى غربة سترة الحال لقد فارقنا هكذا للأبد قدمك، وأنت كنت عارفاً أنه مفارق، لكنك ستبقي فى السويداء ذكرى عطرة، و حبك لله وحبك لرسوله عليه افضل الصلاة وحبك للناس خلانا نحبك وأنت فى عليائك تاني وتاني.
أحر العزاء لزوجك الموقرة وأبنائك البررة والسيد عمر الجزلي وأهلك فى الشرق الحبيب ولكل محبي شعرك وفنك وموسيقاك وكل أدبياتك.
هذا هو حال الدنيا ، لا نقول إلا ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون
*قصيدة الجندول للشاعر عليّ محمود طه
أين من عيني هاتيك المجالي ... ياعروس البحر ياحلم الخيال
أين عشاقك سمار الليالي ... اين من واديك يامهد الجمال
موكب الغيد وعيد الكرنفال ... وسرى الجندول فى عرض القنال
بين كأس يتشهى الكرم خمره
وحبيب يتمنى الكأس ثغره
التقت عيني به أول مره
فعرفت الحب من أول نظره
مر بي مستضحكا فى قرب ساقي ... يمزج الراح بأقداح رقاق
قد قصدناه على غير اتفاق ... فنظرنا , و ابتسمنا للتلاقي
وهو يستهدي على المفرق زهره
ويسوي بيد الفتنة شعره
حين مست شفتي أول قطره
خلته ذوب فى كأسي عطره
أين من عيني هاتيك المجالي ... ياعروس البحر يا حلم الخيال
ذهبي الشعر , شرقي السمات ... مرح الأعطاف , حلو اللفتات
كلما قلت له : خذ . قال : هات ... ياحبيب الروح يا أنس الحياة
أنا مَن ضيّع بالأوهام عُمرَه... نسي التاريخَ أو أُنسي ذِكرَه... غير يوم لم يعد يذكر غيره يوم أن قابلته أول مرّة.
قلت والنشوة تسري فى لساني ... هاجت الذكرى فأين الهرمان
أين وادي السحر صداح المغاني
أين ماء النيل اين الضفتان
آه لو كنت معي نختال عبره
بشراع تسبح الأنجم إثره
حيث يروي الموج فى أرخم نبره
حلم ليل من ليالي كليوبتره
أين من عيني هاتيك المجالي ... يا عروس البحر , ياحلم الخيال
drabdelmoneim@gmail.com
////////////////////////