كلام باقان .. و دموع (لينا ): تساوي السودان إلا ربع !!
مفاهيم
nadiaosmanmukhtar@yahoo.com
وكأني بالشمال (عاشق) يودع ( معشوقته)، في وجع المحبين وعتابهم، ولسان حاله يقول كما قال الفنان القامة إبراهيم اللحو : ( ما دام نسى العشرة .. واختار سوانا حبيب ..خلينا للأيام لو لي ضميرو حسيب) !!
بعيداَ عن تصريحات الساسة في الجنوب والشمال ، بعيداً عن لغة المصالح وقريباً جداً من لغة المشاعر، التي جمعتنا في وطن واحد لأكثر من خمسين عاما، أجد قلبي وقد اختلطت فيه المشاعر المتضاربة ما بين حزن ودهشة وذهول ولا شيء !!
أشرقت شمس الأمس متسربلة بسواد الحزن، وكان الصباح في عيني بطعم الاستفتاء وشبح الانفصال المخيف ، كان بطعم الجرح العميق،بطعم العلقم في حلوق جفت من الصراخ في معظم الشمال وبعض الجنوب وهي تنادي
( وحدة.. وحدة) ولا حياة لمن تنادي !!
زميلتي الصحفية النابهة بـ (الأخبار) لينا يعقوب ، وصديقاتي مناهل إبراهيم وشاهيناز جمال وجوليا وردي وحنان وشخصي الضعيف ذرفنا دموعاً غالية بطعم الملح الأجاج عند استيقاظنا صباح الأمس لنجد أنفسنا في أرض ليست مليون ميلا مربعاً، ووطن مبتور ، وسودان إلا ربع !!
زميلي مدير التحرير بالأخبار شوقي عبد العظيم أوجعته كما أوجعتنا مشاهد الفرحة العارمة التي سُيّرت مواكبها بواسطة جماهير الجنوب الغفيرة فرحة بالانفصال الذي بدأ مشواره تحديدا وبكامل الدقة في صباح أمس التاسع من يناير 2011م و( سجل يا تاريخ وأبكي يا جغرافيا) !!
نحن مع حق الجنوب في تقرير مصيره واختياره مهما كان انفصال او وحدة على الرغم من أن الوحدة باتت أضغاث أحلام مستحيلة !
المؤلم أن يبكي غالبية المواطنين في الشمال من وجع انفصال البلاد ومغادرة الجنوبي الشقيق الذي ننظر إليه في تفاصيل بعاده المؤلمة ولسان الحال يقول كما قال المخضرم ترباس ( أنت المهم والناس جميع ما تهمني) !!
والله إنا بكينا فراقكم يا تريزا وشول ودينق وميانق وجميعكم قبل أن نبكي وطن تمزق ودولة صارت دولتين بين عشية وضحاها !
ولكن المبكي أكثر أن لا تبكوا على فراقنا نحن أخوتكم في الشمال كمثل ما بكينا فراقكم !
انشغلتم بمهرجانات الفرح والانعتاق من قيود العبودية كما يقول قادتكم فنسيتم مراعاة مشاعر من أحبوكم وأحبوا الوحدة معكم في الشمال يا تريزا ؟!
جنوبية غاية في الأناقة والجمال تم التقاط الصور لها صباح الاستفتاء وهي في كامل بهائها ونقوش حنتها وصلت حد ( الكوع) وهي ترفعها عالية في وضع التبشير والزغردة بينما (أمل هباني) وشقيقاتها في الشمال قررن ارتداء السواد حدادا على فراق تريزا ودوت وأموم وميار وسيسليا !
إخوتي الجنوبيين ندري أنكم لم تشعروا بالسعادة في الشمال لذا اخترتم البعاد لأنه لا يمكن لأحد سعيد أن ( يمشي يختار البعاد) ولكني أتساءل وفي القلب حسرة وفي الحلق غصة .. هل كان الجنوبيون يكرهون وجودهم معنا لهذا الحد ؟ هل كنا بكل هذا السوء يا سيدي باقان أموم لتقول ذلك الذي جاءت به الصحف كتصريح على لسانك بالأمس ومفاده أنكم ستصوتون للانفصال ولو أمطرت السماء ناراً ؟!
الم ترى من الشمال إي شيء طيب لدرجة أن تودعنا بقولك الذي قرأته على لسانك أيضاً ( الانفصال سيريحنا من وسخ الخرطوم) !
يا الهي يا سيدي أموم !.. والله يا (كوماندور) رغم مطالعتي لهذا التصريح في صحف أثق في مصداقيتها ومهنيتها جدا إلا أنني أتمنى أن تكون الصحف مخطئة فيما نقلته عنك .. (وسخ الخرطوم عددددديل يا كوماندور )؟!!
رغم الألم من فظاعة مثل هذه المفردات الموجعة، ورغم الحزن من فرحة الأخوان في الجنوب على أنقاض قلوبنا الملتاعة والمنفطرة حزنا على فراقهم أقول لهم وبكل الصدق والحب .. الانفصال (بخيت وسعيد عليكم وان شاء الله يضوي ليكم )!
لكن يا تريزا ( أذكري أيام صفانا والليالي الفي حبور) !!
و
والله وحّدوا بينا الفارقونا وراحوا !!
و
حليلك يا وطن !!