كل ذي ميلة مالها!!
عادل الباز
24 January, 2012
24 January, 2012
24/1/2012م
الدولة تملك قانونا لإغلاق الصحف ولكنها لا تعرف أنها حين تفعل فإن مئات من البيوت ستغلق تبعا لذلك. فإلى أين نذهب بالقضية؟. وما هي يا هداك الله القضية أصلا؟!. نعم هنالك ثمة قضية... أغلقت خلال أشهر معدودة خمس صحف أبوابها وتشرد مئات الصحفيين ومن خلفهم عائلات وأسر وأطفال. خذ عندك... أجراس الحرية ... رأي الشعب.. الشاهد... ألوان.. وأخريات ينتظرن بصالة المغادرة، فمن المسئول؟.... لا نسأل عن الجهاز الذي يغلق ولا عن الناشرين الذين ينفذون بجلدهم من سوق كاسدة وخاسرة، ولكن نسأل عن تلك الأسر التي تشردت... فبأي ذنب شُرِّدت!!.
للقراء مشاغلهم ولا يعنيهم من قريب أو بعيد أن تغلق صحيفة أبوابها فالسوق مملوءة بالخيارات، سيستبدلون في الصباح عنوان الصحيفة ويعتادون عليها.؟ ولكن ماذا عن الأطفال وحليب الصباح؟. المسئولون الذين يغلقون الصحف يقبضون مرتباتهم كاملة آخر الشهر وقد يصحبها حافز، ولكن ماذا عن مصروف أولاد الذين تشردوا. الناشرون الذين أغلقوا أبواب صحفهم، غداً سيتسلقون وظيفة محترمة لا بد أنهم خططوا لها مع جهة ما قبل أن يوصدوا الأبواب، ولكن ماذا عن الصحفيين الذين تشردوا أين سيجدون وظيفة أخرى في صحافة كاسدة؟. لا القراء ولا الأجهزة المعنية ولا الناشرون تشغلهم مصائر هؤلاء التعساء وأطفالهم وأسرهم.
بالطبع من العبث أن نذهب بالقضية للجناة لينقذوا الضحايا!! فإلى أين نتجه؟. الدولة في قمتها لها شاغلها الشاغل، حروب وأزمات اقتصادية وحروب لا تنتهي، فكيف يمكن أن تستوقفها هذه المآسي الصغيرة؟. وماذا يعني تشرد أسر الصحفيين وهناك عشرات الآلاف يتشردون الآن في خلاء السودان؟. فكرت أن نذهب بالقضية إلى وزارة الثقافة والإعلام باعتبارها الوزارة الأكثر ضجيجا هذه الأيام حول الصحافة وأزماتها. ولكن أعلم علم اليقين أن هذه الوزارة التي خصصت للترضيات لا تملك من أمرها شيئا وليس لديها قانون ولا مال ولا شيء تحتكم عليه أصلا. لذا من العبث إضاعة الوقت في دهاليزها ولندعها تواصل ثرثرتها حول أزمة الإعلام وهي ترى كل صباح ضحايا الأزمة بعينها!!. فكرت أن أذهب إلى مجلس الصحافة ولكني تذكرت أن المجلس مفلس يناضل لحصد مرتبات موظفية ويطارد الناشرين لدفع رسوم بقائهم على قيد الحياة الصحفية وهم العاجزون عن دفع رواتب منسوبيهم!!. إلى وزارة الرعاية الاجتماعية باعتبار أنها الوزارة المعنية بالعدالة الاجتماعية ولكني عرفت أن قمة أولويات الوزارة المشردون وأطفال المايقوما والنساء... اللي شنو... وشنو.... قائمة طويلة من المآسي تبعث على الأسى. فكرت أن أذهب بالقضية إلى دار الحزب الحاكم باعتباره مسئولا عن الرعية وتمتد مسئوليته إلى أي بقرة عثرت في بقاع دارفور طالما تولى مقاليد الحكم. تذكرت أن الحزب الحاكم غارق إلى أذنيه في سيل من المذكرات لا تكاد تنقطع، فكيف وسط هذا الخضم من الصخب أن يجد متسعا من الوقت لبضع مئات من الصحفيين الذين لا يحبهم قد تشردوا... ماذا يعني له ذلك؟ لا شيء، الحزب مشغول بترتيب بيته وحسم صراعاته وأماناته ولا وقت يهدره في حوار حول قضايا إذا جاءت فإنها تجيء في آخر أولوياته.
آخر من فكرت بهم هم زملاء المهنة!!. أليس ذلك غريبا أن يكون آخر من نفكر في طرق أبوابهم هم زملاء وأصدقاء الصحفيين المشردين؟. أين هم يا ترى ولماذا لم يهبوا للتضامن مع زملائهم، ليس بالوقفات الاحتجاجية ولا بالندوات فقط إنما بالمساهمة الفعليه في تدارك مآسي زملائهم. أي موقف لا يتبعه عمل مجرد هراء. فما هو الموقف العملي الذي سيتخذه الزملاء تجاه زملائهم.؟ لفرط يأسي من موقف جماعي تضامني بين زملاء المهنة كان الزملاء آخر ما فكرت بهم وتلك هي المأساة.!!.
عادل الباز