كواليس زيناوي….وممرات عبد الرحيم!!
عادل الباز
22 September, 2011
22 September, 2011
22/9/2011م
(1 )
حرص الرئيس زيناوي على استقرار السودان وسعيه الدؤوب لإيجاد مداخل لحلول مشاكله يدل على إحساسه العميق بضرورة استقرار السودان الذي هو كما عبر أكثر من مناسبة استقرار للإقليم ككل. وأدرك الرئيس زيناوي لحقيقة أن أمن المنطقة لا يتجزأ هو فهم متقدم لطبيعة العلاقات والتشابكات الأمنية والسياسية التي لا يمكن أن تنفصل عن بعضها كما دلت التجربة التاريخية.
بالأمس أذيع نبأ توجه ياسر عرمان وعقار إلى أديس أبابا وكان الرئيس زيناوي وامبيكي قد حطا الأسبوع الماضي بالخرطوم في زيارتهما الثانية. ما نسجله هنا أن كلا الزيارتين المعلنتين لم يعلن عن أجندتهما الحقيقة ولم تعرف ما هي المقترحات أو الأفكار التي حملها الرئيس زيناوي للرئيس عمر البشير وما هو موقف الحكومة السودانية منها. تبدو هذه التحركات المعلنة في غاية السرية من حيث النتائج أو حتى من حيث الأفكار التي طرحها الجانبان. السياسة لا تعرف التقوقع ولا تعرف أن هنالك نقطة وآخر السطر، هذا مجرد وهم. السياسة تؤمن بفاعلية التحرك على كل الجبهات، فنيران المدافع التي تطلق لن توقف إطلاق الأفكار والمساومات وأن الذين يخجلون من أنهم يقاتلون ويفاوضون ليسوا بساسة، عليهم البحث عن مهنة أخرى يعتاشون منها.
لكم وددت أن تعلن الحكومة والأطراف التي تنخرط الآن في وساطات لوقف النزيف الذي يدور في الغرف المغلقة أو على الأقل الاتجاه العام للحوارات ليدار نقاش عام حول أسلم الطريق لبلوغ السلام. لو أن السيدين: زيناوى وامبيكي طرحا للرأي العام الأفكار التي تناقش لانشغلا بالحوار لا بالحرب..... ولأصبح هو الحكم وهو الأداة الضاغطة على كل الأطراف. أن يشاهد الناس التحركات التي تجري بين الشمال والجنوب ووساطات الرؤساء وتحركاتهم ووصول وفود الأطراف المختلفة إلى أديس ثم لا يعلن شيئاً عن كنه تلك التحركات في وقت تشتعل فيه جبهات القتال فإن ذلك يثير بلبلة في الرأي العام.
(2)
الذين فوجئوا خلال هذا الأسبوع بوزير الدفاع السوداني يصطحب وزير دفاع دولة جنوب السودان ليوقعا اتفاقا تنشأ بموجبه عشر ممرات آمنة وانتشار 300 فرقة... هؤلاء أحبطوا لأنهم حتى الأمس القريب كانوا يبشروننا بحرب شاملة بين الشمال والجنوب تندلع الآن فإذا بالسياسة تخذل تجار الحرب وتضمن للوطن أمنه واستقراره باتفاق سياسي ولم تطلق فيه رصاصة. على قارعي طبول الحرب أن يتعلموا أنه لا بديل للسياسة مهما تطاول أمد الحرب. تلك تجربة البشرية وتجربتنا التي خبرناها ستين عاما..كان يمكن للقوات المسلحة وهي التي تعلن أن حكومة الجنوب تدعم التمرد في المنطقتين: جنوب كردفان والنيل الأزرق أن ترفض توقيع أي اتفاق مع حكومة تدعم التمرد، ولكن القوات المسلحة تعمل بحكمة والحمد لله أنها لا تدار بعقلية بعض الصحفيين (جلوبزيون)....فالحكمة تقضي أن توقف خطوط إمداد العدو إن أمكن للتعامل معه وظهره على الحائط.. يبدو أن الحكومة استفادت من تجربتها مع تشاد، إذ إنها بتوقعيها اتفاق المعابر الحدودية تحصد هدفين مهمين: أولهما حول وقف أي تحركات عسكرية يمكن أن تقوم بها الحركات المسلحة في دارفور لزعزعة المناطق الحدودية انطلاقا من الجنوب، وبذا يصبح وجودهم في جوبا مثل وجودهم في يوغندا بلا معنى ما دامت الحدود قد تم تأمينها. الهدف الآخر المتحقق هو ضمان انسياب التجارة بين البلدين عبر آليه قانونية معترف بها عوضا عن التشكي من التهريب. إضافة لإغلاق باب النزاعات التي يمكن أن تنشأ على الحدود للأسباب التافهة التي عادة ما تنشأ بسببها النزاعات المسلحة. نتائج جانبية لهذا الاتفاق هي وضع أساس لتنقية الأجواء بين جوبا والخرطوم للتفاوض بروح مختلفة حول باقي الملفات التي طالما عكر صفوها التكتيكات الصغيرة التي ينشغل بها الجانبان. الدرس المستفاد من هذا الاتفاق هو أن القضايا مهما تعقدت فهي قابلة للحوار والاتفاق حولها ليس مستحيلا وأن هناك بدائل أنفع وأقل ضررا وكلفة من الحرب.
عادل الباز