كوشيب والبشير ،، عجيبتان من عجائب الانقاذ!

 


 

 


نقاط بعد البث

منذ أن تكشفت المأساة الانسانية لما حاق بأهل دارفور وما جاورها من مناطق في جبال النوبة والنيل الأزرق، بدأت المأساة تتضح بمزيج من الاشمئزاز والقرف، وقد أبدع السودانيون بما حباهم به الله من خيال وقراءات لمآل ما سيحدث ببصيرة سياسية نافذة تطل على مشهد المستقبل، حينما صمم مبدعوهم منذ عام 2003 وبما توفر من أدوات لفن الميديا الحديثة، فجسموا عن طريق "الفوتو شوب" عمر البشير وهو محاطاً بعدد من جنود الأمم المتحدة وهو مربوط اليدين ومساق ذليلاً وبنظرات مبددة وخائفة إلى مصيره حيث تنتظره هيئة المحكمة الموقرة الدولية في لاهاي المقر الدولي للمسائلات الجنائية!.

هذا المنظر هو ما تجسم وشاهدناه بالضبط لحظة اعتقال المدعو الهارب علي كوشيب سفاح الآدميين الأبرياء في المناطق المهمشة والذي فعل العجائب التي تماثل تماماً ما أتى به كافة السفاحين الذين روت عنهم الأحاديث في هذه الدنيا، ومن بين كافة الروايات عنه تظل الافادة التي روتها المواطنة السودانية "هاجر إبراهيم" إحدى كنداكات دار سيلا غرب دارفور، شهادة حية تعكس الروح المريضة لهذا الشخص المجرد من أي إنسانية، حيث ذكرت أنه عندما وجه باعتقالها جئ بها أمامه، وكبداية لحفل التعذيب الذي وقع عليها كشف عن غطاء كبير عبارة عن مشمع مفروش على الأرض ليتكشف لهاجر كنداكة بنات غرب السودان، عشرات الجماجم المقطوعة من أجساد الذين قام كوشيب بتصفيتهم والدماء تنبجس من بين تلافيف تلك الرؤوس، لكي يهيئها لاستقبال حفلة التعذيب التي تنتظرها، وقد كانت جنايتها الوحيدة التي ارتكبتها هي تضميد جراح من تم تعذيبهن في قريتها من النساء والفتيات البريئات على يد كوشيب ورجاله!، وهاجر فتاة الغرب التي حازت على شهادة إسعافات أولية بعد أن تركت قاعات الدرس لزمن طويل، قال لها كوشيب كيف تواتت لها القدرة على فعل هذا الأمر، أي التطبيب، لأشخاص قرر هو أن ينتزع منهم حق الحياة؟!. هذا هو كوشيب الذي كان اعتقاله بمثابة فرحة عمت جميع الدوائر والمحافل التي استعادت تلك الصورة المتخيلة التي تم تصميمها "لقائد كوشيب" وهو يساق للعدالة، مما أكد للجميع أن عدالة السماء ومنطق التاريخ الملاحق للقتلة والسفاحين يظلان حاضرين بجذوة متقدة طال الزمن أم قصر ،، ولات ساعة ندم!.
أما العجيبة الأخرى التي تلازمت مع نبأ إعتقال كوشيب هو ما كشفت عنه لجنة التمكين التي أزاحت الغطاء عن أحد أغرب وأعجب ممارسة لرئيس دولة معتبرة، حينما جرت الاشارة إلى أن "سيادته" ظل يتلقى شهرياً ولسنوات طويلة مبلغ 20 مليون دولار، لقاء لا شئ سوى الحرمنة والسرقة التي نهى عنها الدين والقرآن الكريم الذي ظل يتمشدق ومشايعيه في الحركة الاسلامية بصونه و"المجاهدة" في نشر تعاليمه بين العباد تحت شعار "هي لله لا للسلطة ولا للجاه"! وما هو أغرب أن هذه "المنحة" التي ظلت تُنفح له شهرياً هي لقاء لا شئ، سوى قسمة "الثروة والسلطة" المملوكة للشعب بين رجال ونساء الحركة الاسلامية، وما هو أغرب من خيال القصص الكريهة عن عنجهية وظلم الملوك والرؤساء والأمراء والحكام المنزوعي الاستقامة والعدل، هو أن "سيادة عمر حسن أحمد البشير " كان يتاجر ويضارب في العملة داخل السوق الأسود بتلك الملايين التي كان يتقاضاها شهرياً، في وقت كان فيه أهل السودان يعيشون في ضنك وفاقة وعوز ومسغبة وسنوات "رماد" حالكات طويلة في كل مناحي حياتهم ومعيشتهم. فحدث ولا حرج.
نعم ،، هذا هو كوشيب وذاك هو البشير ،، عجيبتان فقط من عجائب الانقاذ المتوضئ قادتها والذين قيل عنهم أن الواحد فيهم عندما يسير في الأرض بين الناس إنما كان " فرقاناً يمشي" من شدة الزهد والورع ،، فيا للورع الكذوب!.
ــــــــــــــــــــــ
* شعار المرحلة:ـ لجنة التفكيك تمثلني وإزالة الكرونة واجب وطني.

hassanelgizuli@yahoo.com

 

آراء