يقوم النظام الأساسي للجبهة الثورية السودانية لسنة 2012م على الأتي:
الفصل الأول
أحكام تمهيدية:
1/ طبيعة الجبهة الثورية السودانية:
الجبهة الثورية السودانية تحالف سياسي ثوري يعمل لتحقيق المبادئ والأهداف المنصوص عليها في الإعلان السياسي.
2/ الإنشاء والمقر والتكوين:
أ. تنشأ بموجب أحكام هذا النظام جبهة تُسمي، الجبهة الثورية السودانية ويكون مقرها الأراضي المحررة.
الفصل الثاني:
المبادئ والأهداف والوسائل
4/ المبادئ..
تعمل الجبهة لتحقيق أهدافها وفق المبادئ الآتية:
6/ إقرار دستور وقوانين قائمة علي فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة لضمان عدم إستغلال الدين في السياسة.
5/ الأهداف:
تعمل الجبهة لتحقيق الأهداف الآتية:
1/ إسقاط نظام المؤتمر الوطني وتغيير نظام الحكم في السودان.
7/ التسليم الفوري لمرتكبي جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية لمحكمة الجنايات الدولية.
6/ الوسائل.
لتحقيق أهدافها، تتبع الجبهة الوسائل النضالية الآتية لتغيير النظام:
1/ العمل السياسي الجماهيري.
2/ الحل السلمي الشامل الذي يفضي الى تغيير النظام.
3/ التضامن الإقليمي والدولي، والعمل الدبلوماسي.
4/ الكفاح المسلح.
عندما تم التوقيع على ميثاق الجبهة الثورية السودانية في عام 2012م ، كان حزب الأمة القومي برئاسة الصادق المهدي متخندقاً مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم ضد أي محاولات من الجبهة الثورية لإسقاط النظام بالقوة ، مفضلاً استمرار البشير في السلطة من أن تستلمها الجماعات المسلحة. كما حدث أن طالب أنصاره بحمل السلاح والإنضمام لجيش عمر البشير للدفاع عن العاصمة القومية في حال تعرضت لتهديدات الجبهة الثورية التي قال إن عناصرها تحمل أجندات أجنبية.
وبالرغم من وقوف المهدي مع البشير ضد المحكمة الجنائية الدولية والجبهة الثورية السودانية وغيرها من القضايا ، إلآ أن النظام السوداني اعتقله ووضعه في السجن في 18 يونيو 2014 لإنتقاده الممارسات الهمجية والوحشية لمليشيات الجنجويد في القرى والمدن السودانية ، ولم يفرج عنه إلآ بعد أن اعتذر كتابةً وتراجع عن اتهاماته. وعليه استغرب والله العظيم.. كيف استطاع رجل أهانته السلطات السودانية اهانة كبيرة ، ولم تخرج جماهير حزبه إلى الشوارع للدفاع عنه وهو يقبع في سجنه بالكوبر أن يختطف تنظيماً بحجم الجبهة الثورية ويفرغه من مضمونه؟.
النظام الأساسي للجبهة الثورية السودانية لسنة 2012م كان واضحاً من حيث الأحكام والمباديء والأهداف والوسائل ، لكن بعد خروج الصادق المهدي من السودان والتحاقه بالمعارضة في الخارج والتوقيع على اعلان باريس مع الجبهة الثورية ، بدأت الأخيرة تفقد الشعارات التي رفعتها من قبل –كفصل الدين عن الدولة وتقديم البشير للجنائية.
وعندما إلتقى وفد من الجبهة الثورية السودانية معه في الفترة من السادس إلى الثامن من أغسطس 2014 في العاصمة الفرنسية باريس ، اتفق الطرفان على مبدأ عدم الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة والمحاسبة ورفع الظلم ورد الحقوق ، لكنهما لم يشيرا صراحةً إلى تقديم الجنرال عمر البشير للجنائية الدولية التي تلاحقه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي والإبادة الجماعية ، وهذا الموقف إنما يعكس مدى تأثير الصادق المهدي السلبي على قادة الجبهة الثورية.
قضية فصل الدين عن الدولة –قضية أساسية وجوهرية إذا أردنا سوداناً يسع الجميع ، لكنها أُهِملت إهمالاً تاماً في اعلان باريس ، لنلمس وبوضوح بصمات الصادق المهدي والضغوطات التي مارسها على قادة الجبهة الثورية ليضعوا هذه القضية على الرف بالقول انها تحتاج لنقاش عميق حتى الوصول لصيغة مرضية لكافة الأطراف. والسؤال هو –ألم يكن هناك اجماع بين قادة الجبهة الثورية قبل اعلان باريس على قضية فصل الدين عن الدولة؟.
وإذا كان إعلان "باريس" خبرا سيئاً لجماهير الجبهة الثورية ، فإن ما تلاه من إعلانات واتفاقات وجلسات ولقاءات بين الجبهة الثورية والصادق المهدي في أديس وبرلين والرقة ، كانت الأسوأ على الإطلاق ، حيث أنها جاءت خالية تماماً من الإشارة ولو بصورة خجولة إلى فصل الدين عن الدولة واسقاط النظام وتقديم البشير للجنائية الدولية.
الجبهة الثورية التي اختطفها الصادق المهدي في ظروف يستغرب لها جماهيرها العريقة ، مستعدة الآن للدخول مع حزب البشير في حوار سياسي إذا انتقلت جلسات هذا الحوار المزعوم إلى خارج السودان –هكذا تقول الجبهة الثورية على لسان قادتها.. يعني قبلوا بحوار مع نظام كانوا يصفونه في السابق بنظام القتل والإرهاب وبالفاقد للشرعية!!.
يخطئ خطأ فادحاً من يظن أن الصادق المهدي يريد اسقاط النظام في السودان ، بل العكس هو الصحيح ، ومن ثم ، فإنه من الخطأ العظيم أن تتوهم الجبهة الثورية أن انضمامه إليها يعد انجازا لها في مساعيها لاسقاط البشير وبناء دولة سودانية على أسس جديدة.
ويخطئ بشكل مطلق قادة الجبهة الثورية إذا اعتقدوا أن فتح عضوية الجبهة لأمثال المهدي وموسى هلالي وغازي صلاح الدين وآخرين ، سيجبر عمر البشير على الرحيل. ويخطئ أيضا كل من يتوهم بحدوث انتفاضة شعبية تطيح بالبشير ونظامه ، بل أغلب الظن والمعارضة بهذا الضعف والعجز أن يحكم عمر البشير البلاد حتى يقبض الشيطان روحه الشريرة.
قبل أن يصل الصادق المهدي إلى العاصمة الأثيوبية أديس ابابا ، الذي يذكرنا فيها كل يوم بالثورة السلمية وبالإنتفاضة الشعبية ، كان قد قبض مليارات الجنيهات السودانية من الحزب الحاكم كرشوة لإتخاذه مواقفاً ضبابية من العملية السياسية برمتها في السودان. ولو كان ينتمي هذا المهدي إلى مدرسة وطنية مخلصة للجماهير وللوطن ، لما كان قبض هذه المليارات التي تحتاجها المستشفيات والمدارس وغيرها ، ولكان خرج مع الخارجين في هبة سبتمبر 2013 الشعبية ، وما كان رفض مثول البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية ، وما كان ملأ الدنيا ضجيجا وصراخا بشعارات جوفاء –كالتغيير السلمي والإنتفاضة الشعبية وغيرهما.
هناك ألف دليل ودليل على أن الصادق المهدي لا يريد اسقاط النظام أصلاً ، لأنه لا يريد أن يحكم السودان حملة السلاح. الرجل انتهى انتهى انتهى ، وليس لديه شيء جديد ليضيفه للسياسة السودانية ، وليس لحزبه أي وجود في الشارع السوداني. يعيش المهدي على أطلال الماضي ، ولذا يريد أن ينهي الجبهة الثورية معه بالتشويش عليها بشعارات فارغة.
الثورة الحقيقية هي التي تكون لها أهداف ومبادئ واضحة لإخراج السودان من الرجعية والجهوية وعقدة القبلية ، فتعلن أنها سودانية تنموية تحررية ديمقراطية ، رافضة لكل أنواع التعالي ومنتجاته. وفيما عدا ذلك ليست ثورة إنما استهبال والضحك على الذقون.
السودانيون يريدون العيش بكرامة ، يريدون التخلص من عمر البشير ونظامه. يريدون أن ترحل الأصنام والديناصورات السياسية مع الراحلين. لا يريدون أن لا ينظر إليهم العالم وكأنهم كتلة بشرية ضلت طريقها ولا حول ولا قوة ولا مستقبل لهم.
على الجبهة الثورية السودانية أن تعرف أننا هنا بمقالنا هذا لا نتجه للباطل ، ولا ننظر للأمور على غير حقيقتها ، لأننا لا ننتظر الهدايا والعطايا والبركات. اننا نسلك الطريق الذي سلكته هي نفسها –أي الجبهة الثورية في البداية قبل انضمام الصادق المهدي إليها. كان طريقاً ثورياً مستقيماً يرسم مستقبل مشرق لكل السودانيين... أما بعد التحاق المهدي بها ، فإنها سلكت طريق النفايات والتهلكة ..فهل تعي قادة الجبهة الثورية هذا الشيء الخطر جدا على قضايا الهامش؟. لماذا غيرت الجبهة الثورية شعاراتها –كالنضال المسلح مثلا إلى شعار أجوف كالإنتفاضة الشعبية والبشير قالها بالحرف الواحد ، لن أتنازل عن السلطة بالطرق السلمية ..وثم على ماذا الحوار؟.
إذا كانت الجبهة الثورية ترى أن حل مشكلات السودان يكون بإنضمام حزب الأمة إليها ، وبتبني رؤيته لحل قضايا السودان حتى لو على حساب ميثاقها ونظامها السياسي... فنقول لها إذن وداعاً ... والفاتحة على أرواح شهداءها الأبرار.