كيف صعد (حميدتي) إلى قمة السُلطة في السودان..؟!
خالد ابواحمد
24 April, 2023
24 April, 2023
khssen@gmail.com
الكثير من الناس خارج السودان يتساءلون عن الطريقة التي صعد بها محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى قمة السُلطة من تاجر أبل إلى قيادي بارز برتبة الفريق أول، وهو المولود في عام 1975 ليكون بذلك أصغر بكثير من أي ضابط آخر في المجلس العسكري الانتقالي، و القائد الوحيد في المجلس الذي لم يتخرج من كلية عسكرية ولا أي كلية اكاديمية أيا كان مستواها وتخصصها، لكن برغم ذلك كان هو الأكثر قبولا من الرجل الأول في حُكم السودان على المستوى الاقليمي والدولي، كيف فرض شخصيته وتفوق بها على الكثير من القادة العسكريين، وكيف أصبح له نفوذ مالي ضخم لفت إليه الانظار وأصبح الجميع يرغب في العمل معه وفي قواته المسلحة (قوات الدعم السريع)، وكيف قام بتنظيمها وإعدادها، وكيف أصبح نجما تصطاده القنوات الفضائية العربية والعالمية، وتطلب وده الكثير من الجهات محليا وخارجيا..!.
هذه مجموعة أسئلة وغيرها الكثير ربما دارت في أذهان السياسيين والمُحللين والمتابعين والمشفقين على أهل السودان، وقد يتفاجأ البعض من المعلومات التي ساذكرها في هذا المقال، لكن قبل أن نسرد جانبا من السير الذاتية لا بد أن نذكر أولا السبب الرئيسي الذي جعل حميدتي يصل لهذه المرتبة الرفيعة في التسلسل الهرمي للدولة.
في بدايات الألفية الثالثة التي تزامنت مع المطالب المشروعة التي قدمت لحكومة الرئيس البائد عمر حسن البشير من أبناء دارفور، وظهور تمرد في كل من جبال النوبة (حوالي 589 كيلو متر غرب الخرطوم العاصمة)، وتمرد في منطقة النيل الأزرق (حوالي -385 كيلو متر جنوب الخرطوم)، قابل إن النظام الحاكم آنذاك هذه المطالب بقسوة لا مثيل لها في تاريخ السودان الحديث، ضربا بالطائرات الحربية القاذفة للهب والأسلحة الثقيلة، حيث أحرقت القُرى والمزارع وقتل الإنسان والحيوان، كما دُمرت كل مصادر مياه الشرب.
منظمة الأمم المتحدة في ابريل/نيسان عام 2008م قدّرت ضحايا حرب (دارفور) وحدها بـ 300 ألف نسمة وتشرّد نحو 2.5 مليون، الأرقام الحقيقية هي أكثر من ذلك بكثير خاصة وأن الآلة العسكرية الحكومية الرسمية واصلت ضرب هذه المناطق لسنوات طويلة، وتم توثيقها لدى الكثير من الجهات العالمية، وقد ارتكبت فيها جرائم حرب فظيعة، ما جعل محكمة العدل الدولية بلاهاي تتهم الرئيس السابق عمر البشير بخمس تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتهمتين بارتكاب جرائم حرب، وثلاث تهم إبادة جماعية، وقبل ذلك برزت حركات المقاومة الشعبية في كل من دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق التي تأسست بهدف الدفاع عن شعوب هذه المناطق (دارفور عدد السكان حوالي 9 مليون) و( جبال النوبة عدد السكان حوالي 2 مليون نسمة الارقام متضاربة في الكثير من المراجع) و(النيل الأزرق عدد السكان حوالي مليون ونصف المليون نسمة).
فقدان العنصر البشري..!!.
إن الطريقة القاسية التي مارس بها نظام (الحركة الاسلامية) بالسودان الحرب ضد هذه الأقاليم مجتمعة جعل أبنائها يمتنعون عن الالتحاق بالعمل في صفوف الجيش حتى لا يشاركوا في قتل المدنيين من أهاليهم، وعلى أثر ذلك انخفضت بنسبة عالية جدا عملية التجنيد العسكري في الجيش الرسمي، وهو ما أدى إلى نقص كبير للغاية في العنصر البشري (الجنود وصف الجنود) مع استمرار الصراع المسلح في هذه الاقاليم من 2004 إلى 2012م فاصبحت هناك حاجته الماسة لمن يسد هذه الفراغ في ظل تحديات كثيرة ماثلة للجيش الذي لم تضع قيادته العليا في حساباتها أن عناصر الاقاليم التي يحاربونها يمثلون نسبة عالية جدا جدا من القوة العسكرية للجيش السوداني منذ تأسيسه في 1925م من القرن الماضي.
وفي هذه الفترة التي كان فيها الجيش يعاني من نقص مريع في العنصر البشري في صفوفه، كان محمد حمدان دقلوا المعروف بـ(حميدتي) يتزعم مليشيات الجنجويد في دارفور التي كانت مدعومة من رئيس جهاز الأمن بقيادة الفريق صلاح عبدالله المعروف بصلاح (قوش) الذي خطط مع الرئيس السابق عمر البشير للاستفادة من مليشيات الجنجويد المتحالفة مع النظام الحاكم آنذاك، وهي ميليشيات من القبائل العربية التي انتهجت سياسة الأرض المحروقة في إقليم دارفور، وهي متهمة بارتكاب العديد من التجاوزات، (الرئيس) عمر البشير اقتنع بالفكرة وفي 2013م تم الاتفاق مع (حميدتي) على الانضمام للعمل معا، فتم اطلاق اسم (قوات الدعم السريع) على أن تكون تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات السوداني. بهدف القضاء على حركات المقاومة الوطنية في في الاقاليم المذكورة، وبعد عام واحد تمت الموافقة بصورةٍ دستورية على تحويل هذه المجموعة إلى قوةٍ نظامية، قام حميدتي بعدها بتغيرات كبيرة جدا في شكل القوات من حيث الملابس والمعدات والأسلحة والمحركات، وبما أن النظام في ذلك الوقت بحاجه لخدماته تم ضخ الملايين من الدولارات في حساب (حميدتي) لتأهيل هذه القوات عسكريا لتكون في قمة الجاهزية، لكن برغم الشكل المؤسسي الجديد قام حميدتي باختيار معظم أعضاء هذه القوات من أبناء دارفور، عمر البشير كان سعيدا جدا بانضمام هذه القوات للنظام، وصرح حينها بأن قرار ضم قوات الدعم السريع للنظام هو أحسن قرار اتخذه في حياته..!.
الجيش يتوجس خيفة..!
فاجأ (حميدتي) الجميع في عهد حُكم (الحركة الاسلامية) بتطلعه للعب دور أكبر من امكانياته المعرفية والذهنية، وفي فترة وجيزة أصبح من أقرب الشخصيات لرئيس النظام الذي كان يناديه ضاحكا بـ(حمايتي)، ليس لأنه ذكي أو صاحب قدرات مذهلة لكن لأن طبيعة نظام (الحركة الإسلامية) في السودان قد أجبر القادة والزُعماء والأفذاذ من بني السودان من مغادرة البلاد بعد أن حاربهم بكل الأسلحة والأساليب غير المعهودة في أدبيات السلطة ليس على مستوى تاريخ السودان بل على مستوى التأريخ البشري، فـ(حميدتي) وجد الساحة خالية تماما من القادة السودانيين الأفذاذ والعباقرة في كل المجالات المهمة، ولا سيما القادة العسكريين المشهود لهم بالوطنية والكفاءة والخبرة والحنكة أحالهم الرئيس عمر البشير للصالح العام، وأبعدهم عن الشأن الوطني بكل مجالاته، وحل محلهم أصحاب الولاء للتنظيم (الإسلامي) بدون خبرات ولا مؤهلات حقيقية ولا صلاحية للعمل العسكري، فلم يكن غريبا أن يتحول تاجر أبل إلى رتبة فريق أول ويكون الشخص الثاني في الدولة..!.
إن (حميدتي) بالعدد الكبير للقوات التي تتبع له استطاع أن يحل مشكلة كانت عصية على الحل بأن وفر للنظام الحاكم قوة عسكرية ضاربة ضخمة قوامها 150 ألف مقاتل على قلب رجل واحد هو (حميدتي)، جعلت (الرئيس) في وضع نفسي ومعنوي مطمئن وهو ما يفسر الاهتمام الذي حظي به حميدتي من رأس الدولة عمر البشير، وبعد قيام الثورة الشعبية المباركة في ديسمبر 2019م وضعت الأقدار (حميدتي) في الموقع الذي كان يرسم ملامحه منذ سنوات طويلة، لكن كانت الطامة الكبرى عندما شاركت قواته وبقيادته شخصيا مع الجيش والأمن والمخابرات في جريمة فض اعتصام القيادة العامة في 3 يونيو/حزيران 2019 (رمضان)، هذه الجريمة التي هزت الضمير الانساني في كل المعمورة لأنها حدث غير مسبوق لما ارتكب فيها من جرائم يندي لها الجبين، ومن خلالها ظهر للسودانيين فظاعة مليشيا الدعم السريع، الذين أعادوا للناس مشاهد الترويع التي قاموا بها في دارفور بقتل المواطنين والتنكيل بهم والتمثيل بجثثهم، واغتصاب النساء، وكانوا قبل أن يخرجوا من المنطقة التي يهجموا عليها يقوموا بحرقها ولا يسلم من بطشهم انسان ولا حيوان ولا زرع، وبعد أن هدأت الأحوال في الساحة السياسية السودانية وجيء بأول حكومة بعد الثورة أصبح حميدتي في وضع متقدم جدا من ذي قبل، فتم تعيينه نائبا لرئيس مجلس السيادة الانتقالي.. يعني الرجل الثاني في الدولة.
بدأ توجس الجيش والقيادات العليا خِيفة بعد أن ظهر (حميدتي) في الساحة يصول ويجول، ويظهر على أجهزة الإعلام ويطرح أفكارا ويبدئ رأيه في العديد من الموضوعات متجاوزا كل الذين تخرجوا من الكليات العسكرية والأكاديمية ومن حاملي الدراجات العلمية العليا، فبدأ نجمه يتلألأ إعلاميا وعسكريا وسياسيا، وأكثر ما كان يغيط كبار الضباط في الجيش السوداني أدائهم التحية للعسكرية له أمام العدسات والأضواء الكاشفة، وقد ساعده في ذلك بروز امبراطوريته الاقتصادية من شركات داخل السودان وخارجه، فاصبح له نفوذ غير طبيعي الامر الذي جعله مكان استهداف مستمر من قبل اتباع نظم (الحركة الإسلامية)، وما الحرب التي تشتعل في السودان الآن ويروح ضحاياها الأبرياء إلا تعبيرا عن استهداف (الاسلاميين) لشخصيته.
تجارة الذهب و المخدرات..!!
هناك أوجه كثيرة لخوف قيادات نافذة في الجيش من طموحات (حميدتي) ومن بينها التدفقات المالية الضخمة التي تصله، وحسب موقع (عاين) الأخباري الإلكتروني فإن مليشيات الدعم السريع استطاعت خلال السنوات الماضية تنويع ومضاعفة مصادر تمويلها لمجابهة تكاليف صرفها المتزايدة، من تسليح ومصروفات إدارية وخلافه دون أي رقابة أو اشراف من أجهزة الدولة، ونسبة لطريقة تشكيل الدعم السريع المثيرة للجدل والجرائم التي ارتبطت بها في اقليم دارفور وغيره من المناطق فان مصادر دخلها أصبحت أيضا مثيرة للتساؤلات والجدل، بعد أن فتحت لها حكومة (الاسلاميين) كل أبواب الاستثمارات والانشطة غير القانونية في البلاد لتمويل نفسها، ورغم تلقيها أموالا مباشرة من الحكومة باعتبار تبعيتها المفترضة لوزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية واشراف جاهز الأمن والمخابرات، إلا أن قوات الدعم السريع استغلت حالة الانفلات الإقتصادي والسياسي في البلاد لتنويع مصادر دخلها، وسيطرت على مناجم الذهب في جبل عامر، وغيره من مناطق التعدين في دارفور اضافة لأنشطة غير قانونية تمتد من التهريب إلى تجارة المخدرات مرورا بأنشطة أخرى متعددة.
حسب هذه المصادر أن المثير للجدل انخراط قوات الدعم السريع في مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تباشر مهامها على الحدود الشمالية الغربية للبلاد، بجانب الحدود السودانية الليبية، التي تعد المعبر الأساسي للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من السودان ودول القرن الأفريقي، وكانت مصادر علمية قد أكدت حصول قوات الدعم السريع على دعم مالي كبير من جهات أوربية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وهو ما يشير إلى أن بعض اطراف المجتمع الدولي أصبحت تثق في (حميدتي)..!.
الطموح السياسي.
الكاتب والإعلامي والروائي النور عادل ابراهيم في مقالة له بموقع (الجزيرة نت) بتاريخ 30 يوليو/تموز 2019م يذكر بأن الثورة الشعبية في السودان "قبلت على مضض بدور حميدتي في التحول الذي تم ولكن كانت الأصوات ولا تزال تنادي بإبعاد الرجل وحل قواته ودمجها بالجيش القومي، وبدأت أسهم الرجل في الشارع العام ترتفع نسبياً لدرجة أن البعض يقومون بوضع صورته على خلفية زجاج سياراتهم، وعُلقت صوره في بعض المحال، كان واضحاً بعد حل المجلس العسكري الأول بقيادة ابن عوف أن الرجل نمى عنده نظر سياسي لحد ما، فالرجل لم يقبل أن يكون كومبارس في مجلس يمثل فلول العهد الزائل، ليتسنم الرجل بعدها منصب نائب رئيس المجلس العسكري الجديد، ويبدأ جولة من المخاطبات والجولات الميدانية على الشارع والأقاليم وبعض دول المحاور الخارجية الشيء الذي يشي بأن تصدير الرجل لا يخلو من رغبة في منصب أو أقله نفوذ غير محدود في شكل الدولة القادم عقب الثورة".
هناك الكثير من الجهات التي تؤكد على أن قوات الدعم السريع التي يقودها (حميدتي) ساهمت في الإطاحة بالبشير، وصف آخرون موقف "حميدتي" بـ"المحاولة الذكية" لتلميع صورته، وصرف انتباه العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قواته في دارفور، وتذكر قناة (الميادين) عبر موقعها الالكتروني أن حميدتي أدى دوراً كبيراً في السودان، وشارك بشكل أساسي ضمن اللجنة الأمنية التي أطاحت البشير، وقبل ذلك كان حميدتي خارج العاصمة الخرطوم، ووصل إليها في 9 أبريل/ نيسان 2019، فيما أطيح بالبشير في 11 أبريل/ نيسان أي بعد يومين فقط من وصوله، كما للرجل دور فاعل في إذاعة بيان الإطاحة، وكان أيضاً من الشخصيات التي رشحت الفريق الركن أول عبد الفتاح البرهان".
أعتقد انه ربما يكون موقف الرجل من رفض أوامر البشير بالقضاء على تحركات الشارع السوداني، ومن ثم المساهمة في الإطاحة بالنظام هي من الأسباب الجوهرية التي رفعت أسهم (حميدتي) وجعلته في مكان ينظر إليه الجميع بنظرة فيها شئ من الوفاء له في مقابل ذلك أصبح الرجل في نظر كل قادة النظام السابق "خائن عض اليد التي ساعدته"، ومنذ تلك اللحظة التاريخية فإن ماكينة (الإسلاميين) تعمل باستمرار في الكيد له بشتى الصُور، وفي تقديري الشخصي أن الحرب التي اندلعت في السودان يوم السبت الماضي 15 ابريل/نيسان ولا زالت مستمرة، ومن أهم أهدافها خروج محمد حمدان دقلوا (حميدتي) من المعادلة السياسية والعسكرية في السودان للأبد، أما الهدف الرئيسي هذه الحرب هو قطع الطريق أمام الاتفاق الاطاري الذي يعتقد البعض أنه سيحل الازمة السودانية.
من الأسباب الجوهرية التي مكنت (حميدتي) من الوصول إلى قمة السلطة بهذه الطريقة أن حكم (الاسلاميين) طيلة الـ 34 عاما بقوة السلاح قد هيأت له الفرصة وللعشرات من قادة الحركة والنظام من الثراء الفاحش وانتشرت شركاتهم وحساباتهم المصرفية في عدد كبير من الدول العربية والاوربية، ذلك لأن النظام الحاكم كان قد ألغى مؤسسسية الدولة تماما وقد اعترف بذلك القيادي بالحركة (الإسلامية) المهندس طارق محجوب يوم في3 يونيو 2022م في الندوة نظمتها ما يعرف بـ(الحركة الوطنية للبناء والتنمية) بعنوان (عبرة الاخفاقات منذ الاستقلال حتي الانقاذ).
إن إلغاء المؤسسية في الدولة نتج عنه غياب الأجهزة الرقابية المالية والإدارية واسهم في انتشار الفساد وسرقة مقدرات الدولة وبسبب ذلك فقدنا الخطوط الجوية السودانية والخطوط البحرية وبيوت السودان في لندن وباريس وعدد كبير من الشركات الضخمة، لذا لم يكن غريبا أن تكون كل شركات (الحركة الاسلامية) تعمل خارج المنظومة المصرفية والاقتصادية معفية تماما من الجمارك والضرائب والرقابة المالية، إذن هذه هي البيئة التي وجدها زعيم مليشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) فلم يكن غريبا أن يحقق هذا الصعود الكبير.
وخلاصة القول أن شخصية (حميدتي) دخلت تاريخ السودان الحديث من أكبر البوابات ليس بأعماله الوطنية الجليلة التي تخدم شعب السودان، لكن بما أراقه من دماء، ومن شذوذ في التفكير وممارسة (الفهلوة) متجاوزا كل الأعراف والتقاليد الرصينة تماما كما فعل الإسلامويون في حُكم بلادنا العزيزة من دمار، أعتقد أن حميدتي سيذهب بذات الطريقة الدرامية المأساوية التي برز بها وذاع صيته ولمع نجمه، غير مأسوف عليه تطارده لعنات أهلنا في دارفور على وجه الخصوص، وفي كل مُدن وقُرى السودان، مع التذكير بأن قناعات السواد الأعظم من السودانيين في ظل الحرب المشتعلة الآن أن البلاد لا يمكن لها أن تستقر وتشعر بالأمان إلا بذهاب طرفي الصراع المسلح على السلطة (حمدتي) و(البرهان).
الكثير من الناس خارج السودان يتساءلون عن الطريقة التي صعد بها محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى قمة السُلطة من تاجر أبل إلى قيادي بارز برتبة الفريق أول، وهو المولود في عام 1975 ليكون بذلك أصغر بكثير من أي ضابط آخر في المجلس العسكري الانتقالي، و القائد الوحيد في المجلس الذي لم يتخرج من كلية عسكرية ولا أي كلية اكاديمية أيا كان مستواها وتخصصها، لكن برغم ذلك كان هو الأكثر قبولا من الرجل الأول في حُكم السودان على المستوى الاقليمي والدولي، كيف فرض شخصيته وتفوق بها على الكثير من القادة العسكريين، وكيف أصبح له نفوذ مالي ضخم لفت إليه الانظار وأصبح الجميع يرغب في العمل معه وفي قواته المسلحة (قوات الدعم السريع)، وكيف قام بتنظيمها وإعدادها، وكيف أصبح نجما تصطاده القنوات الفضائية العربية والعالمية، وتطلب وده الكثير من الجهات محليا وخارجيا..!.
هذه مجموعة أسئلة وغيرها الكثير ربما دارت في أذهان السياسيين والمُحللين والمتابعين والمشفقين على أهل السودان، وقد يتفاجأ البعض من المعلومات التي ساذكرها في هذا المقال، لكن قبل أن نسرد جانبا من السير الذاتية لا بد أن نذكر أولا السبب الرئيسي الذي جعل حميدتي يصل لهذه المرتبة الرفيعة في التسلسل الهرمي للدولة.
في بدايات الألفية الثالثة التي تزامنت مع المطالب المشروعة التي قدمت لحكومة الرئيس البائد عمر حسن البشير من أبناء دارفور، وظهور تمرد في كل من جبال النوبة (حوالي 589 كيلو متر غرب الخرطوم العاصمة)، وتمرد في منطقة النيل الأزرق (حوالي -385 كيلو متر جنوب الخرطوم)، قابل إن النظام الحاكم آنذاك هذه المطالب بقسوة لا مثيل لها في تاريخ السودان الحديث، ضربا بالطائرات الحربية القاذفة للهب والأسلحة الثقيلة، حيث أحرقت القُرى والمزارع وقتل الإنسان والحيوان، كما دُمرت كل مصادر مياه الشرب.
منظمة الأمم المتحدة في ابريل/نيسان عام 2008م قدّرت ضحايا حرب (دارفور) وحدها بـ 300 ألف نسمة وتشرّد نحو 2.5 مليون، الأرقام الحقيقية هي أكثر من ذلك بكثير خاصة وأن الآلة العسكرية الحكومية الرسمية واصلت ضرب هذه المناطق لسنوات طويلة، وتم توثيقها لدى الكثير من الجهات العالمية، وقد ارتكبت فيها جرائم حرب فظيعة، ما جعل محكمة العدل الدولية بلاهاي تتهم الرئيس السابق عمر البشير بخمس تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتهمتين بارتكاب جرائم حرب، وثلاث تهم إبادة جماعية، وقبل ذلك برزت حركات المقاومة الشعبية في كل من دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق التي تأسست بهدف الدفاع عن شعوب هذه المناطق (دارفور عدد السكان حوالي 9 مليون) و( جبال النوبة عدد السكان حوالي 2 مليون نسمة الارقام متضاربة في الكثير من المراجع) و(النيل الأزرق عدد السكان حوالي مليون ونصف المليون نسمة).
فقدان العنصر البشري..!!.
إن الطريقة القاسية التي مارس بها نظام (الحركة الاسلامية) بالسودان الحرب ضد هذه الأقاليم مجتمعة جعل أبنائها يمتنعون عن الالتحاق بالعمل في صفوف الجيش حتى لا يشاركوا في قتل المدنيين من أهاليهم، وعلى أثر ذلك انخفضت بنسبة عالية جدا عملية التجنيد العسكري في الجيش الرسمي، وهو ما أدى إلى نقص كبير للغاية في العنصر البشري (الجنود وصف الجنود) مع استمرار الصراع المسلح في هذه الاقاليم من 2004 إلى 2012م فاصبحت هناك حاجته الماسة لمن يسد هذه الفراغ في ظل تحديات كثيرة ماثلة للجيش الذي لم تضع قيادته العليا في حساباتها أن عناصر الاقاليم التي يحاربونها يمثلون نسبة عالية جدا جدا من القوة العسكرية للجيش السوداني منذ تأسيسه في 1925م من القرن الماضي.
وفي هذه الفترة التي كان فيها الجيش يعاني من نقص مريع في العنصر البشري في صفوفه، كان محمد حمدان دقلوا المعروف بـ(حميدتي) يتزعم مليشيات الجنجويد في دارفور التي كانت مدعومة من رئيس جهاز الأمن بقيادة الفريق صلاح عبدالله المعروف بصلاح (قوش) الذي خطط مع الرئيس السابق عمر البشير للاستفادة من مليشيات الجنجويد المتحالفة مع النظام الحاكم آنذاك، وهي ميليشيات من القبائل العربية التي انتهجت سياسة الأرض المحروقة في إقليم دارفور، وهي متهمة بارتكاب العديد من التجاوزات، (الرئيس) عمر البشير اقتنع بالفكرة وفي 2013م تم الاتفاق مع (حميدتي) على الانضمام للعمل معا، فتم اطلاق اسم (قوات الدعم السريع) على أن تكون تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات السوداني. بهدف القضاء على حركات المقاومة الوطنية في في الاقاليم المذكورة، وبعد عام واحد تمت الموافقة بصورةٍ دستورية على تحويل هذه المجموعة إلى قوةٍ نظامية، قام حميدتي بعدها بتغيرات كبيرة جدا في شكل القوات من حيث الملابس والمعدات والأسلحة والمحركات، وبما أن النظام في ذلك الوقت بحاجه لخدماته تم ضخ الملايين من الدولارات في حساب (حميدتي) لتأهيل هذه القوات عسكريا لتكون في قمة الجاهزية، لكن برغم الشكل المؤسسي الجديد قام حميدتي باختيار معظم أعضاء هذه القوات من أبناء دارفور، عمر البشير كان سعيدا جدا بانضمام هذه القوات للنظام، وصرح حينها بأن قرار ضم قوات الدعم السريع للنظام هو أحسن قرار اتخذه في حياته..!.
الجيش يتوجس خيفة..!
فاجأ (حميدتي) الجميع في عهد حُكم (الحركة الاسلامية) بتطلعه للعب دور أكبر من امكانياته المعرفية والذهنية، وفي فترة وجيزة أصبح من أقرب الشخصيات لرئيس النظام الذي كان يناديه ضاحكا بـ(حمايتي)، ليس لأنه ذكي أو صاحب قدرات مذهلة لكن لأن طبيعة نظام (الحركة الإسلامية) في السودان قد أجبر القادة والزُعماء والأفذاذ من بني السودان من مغادرة البلاد بعد أن حاربهم بكل الأسلحة والأساليب غير المعهودة في أدبيات السلطة ليس على مستوى تاريخ السودان بل على مستوى التأريخ البشري، فـ(حميدتي) وجد الساحة خالية تماما من القادة السودانيين الأفذاذ والعباقرة في كل المجالات المهمة، ولا سيما القادة العسكريين المشهود لهم بالوطنية والكفاءة والخبرة والحنكة أحالهم الرئيس عمر البشير للصالح العام، وأبعدهم عن الشأن الوطني بكل مجالاته، وحل محلهم أصحاب الولاء للتنظيم (الإسلامي) بدون خبرات ولا مؤهلات حقيقية ولا صلاحية للعمل العسكري، فلم يكن غريبا أن يتحول تاجر أبل إلى رتبة فريق أول ويكون الشخص الثاني في الدولة..!.
إن (حميدتي) بالعدد الكبير للقوات التي تتبع له استطاع أن يحل مشكلة كانت عصية على الحل بأن وفر للنظام الحاكم قوة عسكرية ضاربة ضخمة قوامها 150 ألف مقاتل على قلب رجل واحد هو (حميدتي)، جعلت (الرئيس) في وضع نفسي ومعنوي مطمئن وهو ما يفسر الاهتمام الذي حظي به حميدتي من رأس الدولة عمر البشير، وبعد قيام الثورة الشعبية المباركة في ديسمبر 2019م وضعت الأقدار (حميدتي) في الموقع الذي كان يرسم ملامحه منذ سنوات طويلة، لكن كانت الطامة الكبرى عندما شاركت قواته وبقيادته شخصيا مع الجيش والأمن والمخابرات في جريمة فض اعتصام القيادة العامة في 3 يونيو/حزيران 2019 (رمضان)، هذه الجريمة التي هزت الضمير الانساني في كل المعمورة لأنها حدث غير مسبوق لما ارتكب فيها من جرائم يندي لها الجبين، ومن خلالها ظهر للسودانيين فظاعة مليشيا الدعم السريع، الذين أعادوا للناس مشاهد الترويع التي قاموا بها في دارفور بقتل المواطنين والتنكيل بهم والتمثيل بجثثهم، واغتصاب النساء، وكانوا قبل أن يخرجوا من المنطقة التي يهجموا عليها يقوموا بحرقها ولا يسلم من بطشهم انسان ولا حيوان ولا زرع، وبعد أن هدأت الأحوال في الساحة السياسية السودانية وجيء بأول حكومة بعد الثورة أصبح حميدتي في وضع متقدم جدا من ذي قبل، فتم تعيينه نائبا لرئيس مجلس السيادة الانتقالي.. يعني الرجل الثاني في الدولة.
بدأ توجس الجيش والقيادات العليا خِيفة بعد أن ظهر (حميدتي) في الساحة يصول ويجول، ويظهر على أجهزة الإعلام ويطرح أفكارا ويبدئ رأيه في العديد من الموضوعات متجاوزا كل الذين تخرجوا من الكليات العسكرية والأكاديمية ومن حاملي الدراجات العلمية العليا، فبدأ نجمه يتلألأ إعلاميا وعسكريا وسياسيا، وأكثر ما كان يغيط كبار الضباط في الجيش السوداني أدائهم التحية للعسكرية له أمام العدسات والأضواء الكاشفة، وقد ساعده في ذلك بروز امبراطوريته الاقتصادية من شركات داخل السودان وخارجه، فاصبح له نفوذ غير طبيعي الامر الذي جعله مكان استهداف مستمر من قبل اتباع نظم (الحركة الإسلامية)، وما الحرب التي تشتعل في السودان الآن ويروح ضحاياها الأبرياء إلا تعبيرا عن استهداف (الاسلاميين) لشخصيته.
تجارة الذهب و المخدرات..!!
هناك أوجه كثيرة لخوف قيادات نافذة في الجيش من طموحات (حميدتي) ومن بينها التدفقات المالية الضخمة التي تصله، وحسب موقع (عاين) الأخباري الإلكتروني فإن مليشيات الدعم السريع استطاعت خلال السنوات الماضية تنويع ومضاعفة مصادر تمويلها لمجابهة تكاليف صرفها المتزايدة، من تسليح ومصروفات إدارية وخلافه دون أي رقابة أو اشراف من أجهزة الدولة، ونسبة لطريقة تشكيل الدعم السريع المثيرة للجدل والجرائم التي ارتبطت بها في اقليم دارفور وغيره من المناطق فان مصادر دخلها أصبحت أيضا مثيرة للتساؤلات والجدل، بعد أن فتحت لها حكومة (الاسلاميين) كل أبواب الاستثمارات والانشطة غير القانونية في البلاد لتمويل نفسها، ورغم تلقيها أموالا مباشرة من الحكومة باعتبار تبعيتها المفترضة لوزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية واشراف جاهز الأمن والمخابرات، إلا أن قوات الدعم السريع استغلت حالة الانفلات الإقتصادي والسياسي في البلاد لتنويع مصادر دخلها، وسيطرت على مناجم الذهب في جبل عامر، وغيره من مناطق التعدين في دارفور اضافة لأنشطة غير قانونية تمتد من التهريب إلى تجارة المخدرات مرورا بأنشطة أخرى متعددة.
حسب هذه المصادر أن المثير للجدل انخراط قوات الدعم السريع في مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تباشر مهامها على الحدود الشمالية الغربية للبلاد، بجانب الحدود السودانية الليبية، التي تعد المعبر الأساسي للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من السودان ودول القرن الأفريقي، وكانت مصادر علمية قد أكدت حصول قوات الدعم السريع على دعم مالي كبير من جهات أوربية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وهو ما يشير إلى أن بعض اطراف المجتمع الدولي أصبحت تثق في (حميدتي)..!.
الطموح السياسي.
الكاتب والإعلامي والروائي النور عادل ابراهيم في مقالة له بموقع (الجزيرة نت) بتاريخ 30 يوليو/تموز 2019م يذكر بأن الثورة الشعبية في السودان "قبلت على مضض بدور حميدتي في التحول الذي تم ولكن كانت الأصوات ولا تزال تنادي بإبعاد الرجل وحل قواته ودمجها بالجيش القومي، وبدأت أسهم الرجل في الشارع العام ترتفع نسبياً لدرجة أن البعض يقومون بوضع صورته على خلفية زجاج سياراتهم، وعُلقت صوره في بعض المحال، كان واضحاً بعد حل المجلس العسكري الأول بقيادة ابن عوف أن الرجل نمى عنده نظر سياسي لحد ما، فالرجل لم يقبل أن يكون كومبارس في مجلس يمثل فلول العهد الزائل، ليتسنم الرجل بعدها منصب نائب رئيس المجلس العسكري الجديد، ويبدأ جولة من المخاطبات والجولات الميدانية على الشارع والأقاليم وبعض دول المحاور الخارجية الشيء الذي يشي بأن تصدير الرجل لا يخلو من رغبة في منصب أو أقله نفوذ غير محدود في شكل الدولة القادم عقب الثورة".
هناك الكثير من الجهات التي تؤكد على أن قوات الدعم السريع التي يقودها (حميدتي) ساهمت في الإطاحة بالبشير، وصف آخرون موقف "حميدتي" بـ"المحاولة الذكية" لتلميع صورته، وصرف انتباه العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قواته في دارفور، وتذكر قناة (الميادين) عبر موقعها الالكتروني أن حميدتي أدى دوراً كبيراً في السودان، وشارك بشكل أساسي ضمن اللجنة الأمنية التي أطاحت البشير، وقبل ذلك كان حميدتي خارج العاصمة الخرطوم، ووصل إليها في 9 أبريل/ نيسان 2019، فيما أطيح بالبشير في 11 أبريل/ نيسان أي بعد يومين فقط من وصوله، كما للرجل دور فاعل في إذاعة بيان الإطاحة، وكان أيضاً من الشخصيات التي رشحت الفريق الركن أول عبد الفتاح البرهان".
أعتقد انه ربما يكون موقف الرجل من رفض أوامر البشير بالقضاء على تحركات الشارع السوداني، ومن ثم المساهمة في الإطاحة بالنظام هي من الأسباب الجوهرية التي رفعت أسهم (حميدتي) وجعلته في مكان ينظر إليه الجميع بنظرة فيها شئ من الوفاء له في مقابل ذلك أصبح الرجل في نظر كل قادة النظام السابق "خائن عض اليد التي ساعدته"، ومنذ تلك اللحظة التاريخية فإن ماكينة (الإسلاميين) تعمل باستمرار في الكيد له بشتى الصُور، وفي تقديري الشخصي أن الحرب التي اندلعت في السودان يوم السبت الماضي 15 ابريل/نيسان ولا زالت مستمرة، ومن أهم أهدافها خروج محمد حمدان دقلوا (حميدتي) من المعادلة السياسية والعسكرية في السودان للأبد، أما الهدف الرئيسي هذه الحرب هو قطع الطريق أمام الاتفاق الاطاري الذي يعتقد البعض أنه سيحل الازمة السودانية.
من الأسباب الجوهرية التي مكنت (حميدتي) من الوصول إلى قمة السلطة بهذه الطريقة أن حكم (الاسلاميين) طيلة الـ 34 عاما بقوة السلاح قد هيأت له الفرصة وللعشرات من قادة الحركة والنظام من الثراء الفاحش وانتشرت شركاتهم وحساباتهم المصرفية في عدد كبير من الدول العربية والاوربية، ذلك لأن النظام الحاكم كان قد ألغى مؤسسسية الدولة تماما وقد اعترف بذلك القيادي بالحركة (الإسلامية) المهندس طارق محجوب يوم في3 يونيو 2022م في الندوة نظمتها ما يعرف بـ(الحركة الوطنية للبناء والتنمية) بعنوان (عبرة الاخفاقات منذ الاستقلال حتي الانقاذ).
إن إلغاء المؤسسية في الدولة نتج عنه غياب الأجهزة الرقابية المالية والإدارية واسهم في انتشار الفساد وسرقة مقدرات الدولة وبسبب ذلك فقدنا الخطوط الجوية السودانية والخطوط البحرية وبيوت السودان في لندن وباريس وعدد كبير من الشركات الضخمة، لذا لم يكن غريبا أن تكون كل شركات (الحركة الاسلامية) تعمل خارج المنظومة المصرفية والاقتصادية معفية تماما من الجمارك والضرائب والرقابة المالية، إذن هذه هي البيئة التي وجدها زعيم مليشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) فلم يكن غريبا أن يحقق هذا الصعود الكبير.
وخلاصة القول أن شخصية (حميدتي) دخلت تاريخ السودان الحديث من أكبر البوابات ليس بأعماله الوطنية الجليلة التي تخدم شعب السودان، لكن بما أراقه من دماء، ومن شذوذ في التفكير وممارسة (الفهلوة) متجاوزا كل الأعراف والتقاليد الرصينة تماما كما فعل الإسلامويون في حُكم بلادنا العزيزة من دمار، أعتقد أن حميدتي سيذهب بذات الطريقة الدرامية المأساوية التي برز بها وذاع صيته ولمع نجمه، غير مأسوف عليه تطارده لعنات أهلنا في دارفور على وجه الخصوص، وفي كل مُدن وقُرى السودان، مع التذكير بأن قناعات السواد الأعظم من السودانيين في ظل الحرب المشتعلة الآن أن البلاد لا يمكن لها أن تستقر وتشعر بالأمان إلا بذهاب طرفي الصراع المسلح على السلطة (حمدتي) و(البرهان).