لام أكول: الحركة استقطبت زوجتي بعد انشقاقي!..

 


 

 

الشعبية لا تسيطر على الجنوب.. وفي هذه (...) الحالة ساستقيل
لست نادماً ولو حدث ذلك (....) لاقتنعت بخسارتي...!


حوار: رفيدة ياسين
Rofayda_yassen@yahoo.com
 
 
ستة وأربعون عاماً قضاها في الحياة السياسية ما جعلت منه شخصاً محنكاً في أفعاله... مراوغاً في أقواله.. كلما ذهبت لمحاورته خرجت منه بصداع عصبي.. فالرجل يرد السؤال بسؤال.. يجيب دون إجابة.. وإن ذهبت إلى مرماه لا يمكنك من إحراز أي هدف..وإن حاولت التقدم للأمام عاد إليك بهجمة مرتدة إنه د. لام أكول أجاوين رئيس الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي.
تحدث في حواره مع (السوداني) عن تحديات الدولة الوليدة بالجنوب شاكياً كعادته الحركة الشعبية، نافياً بشدة إصابته بـ"البارانويا" بيد أنه لم ينكر أن العمل السياسي كان خصماً على مجاله الأكاديمي الذي برع فيه باعتراف الجميع.. ما جعله باقياً في مثلث برمودا فإلي ما قال....!
 
 
 
* في البداية إلى أين وصلت مقررات الحوار الجنوبي؟
هناك خارطة طريق اتفقنا عليها في حالتي الوحدة والانفصال بما ينبغي عمله، والآن بعد ظهور النتائج بالانفصال أول هذه الخطوات مراجعة دستور جنوب السودان ليصبح دستوراً انتقالياً للجمهورية الجديدة، والترتيب لحكومة انتقالية قومية ذات قاعدة عريضة بعد 9 يوليو، كذلك الاتفاق على طول الفترة الانتقالية ومن ثم انتخاب جمعية تأسيسية لإجازة الدستور الدائم، وهناك اتفاق على أن يستمر سلفاكير رئيساً طوال تلك الفترة الانتقالية، لكن الحركة لم تلتزم بهذه المقررات.
* أنت دائم الشكوى من الحركة؟
الحركة هي التي لا تلتزم بما تم الاتفاق عليه، وقبل إعلان نتيجة الاستفتاء الحركة كونت لجنة لمراجعة الدستور مكونة من 24 عضواً كلهم من الحركة الشعبية فيما عدا شخص واحد، فأصبحت اللجنة كلها حركة شعبية، وقامت الحركة بخرق الاتفاق لأنه كان من المفترض تكوين هذه اللجنة بعد إعلان نتيجة الاستفتاء وليس قبلها كما فعلوا، والخرق الآخر أنها تكونت بدون تشاور بين الحركة والقوى السياسية الجنوبية الأخرى.
 * لكن تم اجتماع آخر جمع الأحزاب لتكوين اللجنة؟
حاولنا تصحيح هذا الخطأ في الاجتماع الذي تم لقيادة الأحزاب الجنوبية، وتم الاتفاق على إضافة 11 عضواً يمثلون الأحزاب السياسية، وممثل للمجتمع المدني و2 يمثلون المسلمين والمسيحيين، وكنا نعتقد ذلك حلاً، لكن بعد أن انفض سامر هذا الاجتماع فوجئنا بقرار آخر بإضافة 17 من الحركة الشعبية للجنة، فالحركة أصبح تمثيلها 50 مقابل 14 آخرين ليكون صوتها هو الطاغي، ونحن الآن على خلاف جذري مع الحركة.
* كان هناك حرص من الحركة على التوافق بين الجنوبيين هل تغير ذلك الآن؟
الحركة وجدت الرأي العام الجنوبي مع الوفاق، فوجدت نفسها تسبح عكس التيار، كما شعرت أنه بغياب القوى السياسية الأخرى من الصعب قيام الاستفتاء بسلاسة وهدوء لذلك كان شعار المؤتمر هو جنوب موحد من أجل استفتاء حر ونزيه وشفاف، هذا بالإضافة لتيار الأغلبية داخل الحركة مع لم الشمل رغم سيطرة مجموعة صغيرة على قرارات الحركة، وهو ما عطل انعقاد مجلس التحرير منذ تكوينه، لأنه يمثل جماهير أكتر من المكتب السياسي المعين.
* كيف ستمضي علاقة الحركة بالقوى السياسية الجنوبية المرحلة المقبلة؟
هذا يعتمد على تعامل الحركة مع القوى السياسية، فإذا تخلت عن مقررات الحوار الجنوبي الأحزاب لن تكون جزءاً من الحكومة القادمة وسننتظر حتى يحين موعد الانتخابات.
* وكيف سيكون مستقبل الأحزاب ما بعد الانفصال؟
الحركة تريد أن تسيطر على الحكومة القادمة، ومن أولوياتها الآن إجازة قانون جديد للأحزاب، وهذا القانون يحرم كثيراً من الأحزاب التسجيل، هم يريدون إلغاء كل الأحزاب المسجلة ويفتحوا أبواب التسجيل من جديد لكي يفتحوا الأبواب لمن يشاءوا من 23 حزباً.
* الحركات الجنوبية المتمردة بدأت تثير القلق مؤخراً ماذا سيكون تأثير ذلك على الدولة الوليدة؟
 هذه الحركات لم تظهر بعد الانفصال بل منذ فترة ظهرت مثل جورج أطور وقلواك جاي وغيرهم كانوا موجودين على الساحة ولذلك كان من المقررات الأساسية في الحوار الجنوبي تحت عنوان المصالحة أن يكون هناك حوار جاد مع حكومة جنوب السودان وهذه الحركات.
* إذا لم تتم هذه المصالحة ماذا سيكون تأثير ذلك على الجنوب؟
تأثير واضح إذا كان مافي حوار مع هذه الحركات فلن يستتب الأمن في كل أنحاء جنوب السودان لأن هذه الحركات تهدد أمن الجنوب.
* وكيف تتوقع شكل العلاقة بين والشمال والجنوب في المرحلة المقبلة؟
يجب أن يكون الهم الأول لحكومة الجنوب هو علاقتها بالمواطن بين الشمال والجنوب لأنها أطول حدود، ومن المصلحة أن تكون هناك علاقة جيدة، ولا أظن أن القضايا العالقة ستكون خميرة عكننة إذا كانت النوايا طيبة وهناك إصرار على حلها.
* الحركة هي الممسكة بالأوضاع في الجنوب و..؟
رد مقاطعاً: هذا غير صحيح، الحركة غير ممسكة بالأوضاع في الجنوب وإنما هي مسيطرة على السلطة فقط، لذلك استغلت السلطة لكي تحرم الأحزاب الأخرى من أن تنشط في الجنوب، واستغلت الجيش الشعبي والأجهزة الأمنية في تزوير نتائج الانتخابات، لذلك هذه هي ليست صورة حقيقية.. نعم الحركة قوة في الجنوب لكنها ليست القوة الوحيدة.
* ومن يمكن أن يكون بديلاً للحركة.. وهي تسيطر على الجنوب كما قلت؟
الحركة ليست وحدها الموجودة في الساحة فهناك أحزاب سياسية أخرى، المطلوب هو خلق ساحة سياسية لكل الأحزاب لكي تعمل بحرية بعد ذلك ستعرفي أن هناك أحزاباً أم لا.
* أرى أنك تتحدث عن نفسك فقط ومن منطلق مرارات قديمة مع الحركة؟
أنا أتحدث عن 23 حزباً وليس عن نفسي فقط.
* كل هذه الأحزاب التي تتحدث عنها ليس لها دور في الجنوب وغير معروفة أو مؤثرة في رأي الكثيرين؟
لأنهم لم يأخذوا فرصة.
* لكن الحركة هي التي تمثل الجنوب كما أظهرت الانتخابات؟
رد غاضباً: "مافي انتخابات أصلاً تمت في الجنوب".
* وهل منطقياً في عالم السياسة أن تبعد الحركة وتترك الساحة لبقية الأحزاب؟
الحركة تتحدث عن الديمقراطية نحن نريدها أن تنافس مثل الآخرين بطريقة ديمقراطية، لأنها جزء من الجنوب لكنها لا تمثل شعب الجنوب.
* لكن الكثيرين يروا أن الحركة هي صمام أمان الجنوب؟
لا يوجد صمام أمان في الجنوب، حديثك يعني أنه بدون الحركة لن يكون هناك جنوب وهذا غير صحيح، فالحركة حزب مثل بقية الأحزاب.
* لكن الحركة هي التي ذهبت بالجنوب للاستفتاء وإلى الاتفاقية و...؟
تحليلك غير صحيح لأن شعب الجنوب لو ما كان يريد كل ذلك لما فعلته الحركة.
* الحركة هي التي جاءت بكل ذلك بدءاً من نيفاشا وحتى الاستفتاء؟
الحركة لم تطالب في يوم من الأيام بتقرير المصير، وإنما كانت تتحدث عن السودان الاشتراكي الموحد، وهذا كله تطور سياسي مستمر لم تقم به الحركة وشعب الجنوب هو الذي صوت للاستفتاء وليست الحركة.
* وهل كان يمكن تحقيق كل ذلك دون الحركة؟
هذا تحليل خاطئ..أنتي تأخذين الرغبات الشعبية وتعطيها للحركة.
* أراك تنتقد الحركة فيما ذهبت إليه قبلها وهو تقرير المصير؟
نحن اختلفنا مع قيادة الحركة حول حقوق الإنسان والديمقراطية وتقرير المصير وغيرها، وإذا كانت الحركة فعلت ما اختلفنا عليه فيما بعد فهذا لا يعني أنها من قامت به.
* الصراع السياسي وتحديات الدولة المقبلة أين شعب الجنوب مما تختلفون حوله؟
الصراع السياسي شيء مستمر، ولا توجد بلد لا يوجد بها صراع سياسي، صراع أفكار وأطروحات وبدائل لإدارة الدولة، القضايا التي تناقش بها خلافات لذا نحن نطالب بالحوار حولها لكن الحركة هي التي لا تلتزم بما نتحاور فيه.
* ولماذا شعب الجنوب هو آخر أولوياتكم وأنتم تتفرغون للخلافات فيما بينكم؟
كل هذه الخلافات من أجل شعب الجنوب.
* الخلاف على سلطة الجنوب وليس شعب الجنوب؟
ليس من أجل السلطة، لأننا عندما نقول إننا نريد ديمقراطية حقيقية في الجنوب فهذا ليس من أجل السلطة، يجب أن يختار الشعب الجنوبي من هو أصلح لإدارة الدولة بالديمقراطية وليس بالتزوير وهذا حق من حقوق الإنسان، نريد أن يكون هناك حكم فيدرالي حقيقي والحركة تريد أن تكون هناك سلطة مركزية في جوبا على عكس ما كانت تقول عندما كانت تحارب الخرطوم لابد من خلق مناخ للتنمية وهذا من أجل المواطن وعندما نتحدث أننا نريد أن نحارب الفساد المنتشر في الجنوب ولا ينكره أحد، فهذا كله صراع من أجل المواطن.
* وجود فساد في الدولة لا يعني أن كل القائمين عليها فاسدون؟
الفساد في كل أجهزة الدولة في الجنوب بلا استثناء، ولا توجد جهة قادرة على محاربته بدليل أنه خلال الست سنوات الماضية لم تتم مراجعة الحسابات ومافي مراجع عام أصلاً.
* هناك حديث عن محاولات لانقلاب الحكومة في الجنوب؟
هذا حديث ظللنا نسمعه منذ 2005، وقلنا حينها أن ذلك مجرد خيال لأن الجنوب لم يكن انفصل في ذلك الوقت.
* لكن الآن الجنوب انفصل؟
الحديث في ذلك يخدم أغراض البعض، فهناك من يريد أن يخلق الذعر في نفوس من في السلطة لأنه يريد أن يجد موضع قدم معهم، والجنوب فعلياً سينفصل في 9 يوليو، فكيف عرفوا منذ الآن أن هناك محاولة لانقلاب هي نفس الاسطوانة تتكرر الآن لأنه بعد 9 يوليو ستكون هناك حكومة جديدة وهناك من يريد أن يجد فيها مكاناً ويتقرب متسلقاً من القيادات بان يظهر أنه حريص على بقائهم ليجد لنفسه مكاناً بينهم.
* أنت أحد من وجهت لهم أصابع الاتهام بذلك؟
لا أظن
 
* هل لأنه ليست لديك مقدرة لذلك؟
ليس لدي تفكير أصلاً، أنا عندما أريد أن أجد مكاناً ساجده بالديمقراطية.
* وإذا لم تجد ذلك بالديمقراطية؟
لو الديمقراطية موجودة ودخلت الانتخابات وخسرتها سأكون مقتنعاً حينها بخسارتي.
* لكنك بالفعل خسرت؟
خسرت لأنه الانتخابات مزورة والكل يعلم ذلك.
* من واقع التعقيدات الداخلية القبلية في الجنوب كثيرون يروا أنك ليست لديك فرص؟
الحديث على أن الجنوب مجرد مجتمع قبلي هذه خيالات، الجنوب ليس مجتمع قبائل فقط.
* وهل قبائل الدينكا والنوير من الممكن أن يسمحوا للشلك بحكم الجنوب؟
الأمر ليس بيد الدينكا والنوير.. واقع الجنوب ليس واقعاً قبلياً لكن لا يمكن أن نتجاهل القبيلة.
* أرى تناقضاً في حديثك؟
الواقع ليس قبلياً فقط، فهناك عناصر أخرى مثل التحالفات والالتزام بالبرامج الحزبية كل ذلك يتسامى فوق القبيلة.
* وماذا عنك هل ستنتقل للعيش بالجنوب بعد الانفصال؟
أنا رئيس حزب ولدي وجود ومكاتب في الجنوب والنظام الأساسي للحزب يقول إن رئاسة الحزب تكون في عاصمة الدولة وعند الانفصال ستكون العاصمة هي بالجنوب لذا سنكون ملتزمين بالانتقال للجنوب.
ألا تخاف من تصفيتك؟
السياسة فيها شيء من المجازفة ومن دخل السياسة يجب أن يكون مستعداً لمواجهة أي شيء في سبيل الدفاع عن رأيه وموقفه.
* هل سيكون لديك شعور بالأمان؟
صمت برهة ثم قال: "كان في أمان ولا ما في أمان لازم أكون في الجنوب بعد الانفصال".
* لام أكول الإنسان هل سيشعر حينها بالأمان؟
"أنا لو شعرتا مافي أمان بستقيل من رئاسة الحزب وأشوف مكان فيهو أمان مش كده؟".
* تردد مؤخراً حديث على أن أفراد من أسرتك انضموا للحركة ما تعليقك على ذلك؟
رد قائلاً: "ما سمعتا بكلام زي ده لكن لو في زول عمل كده من أسرتي عندهم حق، في حرية في اختيار المجال السياسي لكن مافي زول في حزبي تركني وانضم للحركة".
* انا أتحدث عن الأسرة وليس الحزب؟
أنا أسرتي ممتدة.
* زوجتك وأبناء أخوانك؟
عندنا حرية لأي شخص يختار ما يريد، أنا لم اسألهم وأنا أولاد إخواني أعدادهم كبيرة جداً، إخواني أكثر من 15 وأبناؤهم أعدادهم أكثر من ذلك بكثير، كما أن لدي أبناء إخواني في الجيش الشعبي.
* وماذا عن زوجتك هل انضمت للحركة فعلاً؟
لا أدري..لها الحرية تختار ما تشاء لكن ما أعرفه أن الحركة استقطبتها وعينتها بقرار سياسي وكيل في وزارة بعد انشقاقي عن الحزب لكن هي بقت حركة شعبية ولا لا ما سمعتا منها.
* متى دخلت الحياة السياسية؟
منذ عام 1965.
* ماذا حققت طوال هذه السنوات؟
افتخر بالقول أننا عملنا مدرسة من الشباب، فالكثير من الموجودين في الحركة والجيش الشعبي لدي دور في تجنيدهم، وعملنا وعياً سياسياً عاماً فيما يختص بقضايا الجنوب، ولنا دور في مناهضة نظام النميري الدكتاتوري، وفي الجنوب نفسه نستطيع أن نقول إننا من أدخلنا مفهوم تقرير المصير في الخارطة السياسية السودانية.
* هل أنت فخور بأنك كان لك دور تاريخي في انفصال الجنوب؟
تقرير المصير لا يعني انفصال الجنوب إنما يعتمد على إدارة هذا الحق.
* هل لديك شجاعة للاعتراف باخطائك السياسية؟
مافي زول ما عنده أخطاء.. لكني لا أذكرها.
* لا تذكرها أم لا تريد أن تذكرها مثلما ذكرت إنجازاتك؟
لم أقل ليس لدي أخطاء لكني لا أذكرها.
* هل تعتبر انضمامك للحركة كان أحد هذه الأخطاء؟
على العكس تماماً انضمامي للحركة خلق تغييراً كبيراً لأنها كانت عسكرية فقط، وافتخر أني جعلت منها حركة سياسية، كانت لا تعترف بالديمقراطية الليبرالية ولا تعترف بالأحزاب الطائفية، وكان لي دور كبير في تغيير فهمها من عدم الاعتراف بالأحزاب التقليدية لتحالف استراتيجي مع هذه الأحزاب،، فأنا بدون فخر كنت إضافة للحركة ولم أخسر بخروجي منها بل هم الذين خسروا.
* ذكرت لي إنجازاتك بالتفاصيل هل عدم ذكرك لأخطائك نستطيع أن نعتبره بارانويا سياسية؟
ضحك ساخراً ثم قال: "بارانويا لو قلتا أنا ما عندي أخطاء لكني قلت إني لا أذكرها أبحثي عنها أو اسألي الآخرين".
* ألا ترى أن السياسة كانت خصماً على جهدك العلمي والأكاديمي؟
نعم بالفعل، لكني لم أختار السياسة، موت أخي الأكبر في مذبحة واو كان السبب في دخولي عالم السياسة وهي كمثلث برمودا لا تستطيع الخروج منه، لكني لست نادماً.
 

 

آراء