لا تخربي لأهالي نيرتتي اعتصامهم يا أقلام النفاق والكذب
يبدو أن الكذب أصبح جزءا بنيويا من الممارسة السياسية والإجتماعية عند النخب والمثقفاتية السودانيين. فأي مثقف سوداني يفتح فمه اليوم، يكذب ويكذب ويكذب ويزداد أنفه طولا مع كل كذبة ويدرك أثناء ذلك أنه يكذب، وأن المتلقي أيضا يعرف الحقيقة ويعرف أنه يكذب، ولكنه مغلوب على أمره.
عند بداية الثورة السودانية في 2018م، رُفع شعار يقول: (يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور). ونال هذا الشعار اعجاب معظم أهل السودان، لأنه ببساطة يدعو إلى سودان صحي خالي من العنصرية والوقاحة وقلة الأدب. لكن هل طُبق هذا الشعار وقد مضى على حكومة الثورة عاما كاملا؟
جاءت حكومة الثورة برئاسة عبدالله حمدوك، لكن لا شيء تغّير اطلاقا. استمر القتل والاغتصاب والنهب والتشريد في دارفور، وبحثنا عن شعار (يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور) ولم نجده.
جاءت حكومة الثورة برئاسة عبدالله حمدوك، وما زالت المليشيات بكل أنواعها وأشكالها، تعتدي على مواطني دارفور الأبرياء وتنتزع منهم الأراضي والمزارع بقوة السلاح، ولا وجود لشعار(يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور).
جاءت حكومة الثورة قبل عام، وما زال فلول النظام الساقط، يثيرون الازعاج ويفتنون الناس هنا وهناك خاصة في دارفور ولكن لا حياة لمن تنادي..
وبعد سنة كاملة من تشكيل حكومة الثورة السودانية برئاسة عبدالله حمدوك، وفشلها الذريع من كل النواحي، وخذلانها الشديد لأهالي دارفور خاصة. قرر مواطنو مدينة "نيرتتي" الدخول في اعتصام مفتوح ومطالبة الحكومة الانتقالية بتوفير الحماية لهم واقالة مسؤولي الحكومة المحلية وإيقاف الدراجات البخارية وجمع السلاح غير المقنن وحماية الموسم الزراعي واسترداد المواشي التي نُهبت بواسطة المليشيات المسلحة وتقديم الجُناة المقيد ضدهم إجراءات قانونية إلى العدالة، إضافة إلى فتح المسارات لتجاوز الاحتكاكات الرعُاة والمزارعين. وبالرغم من مرور أكثر من أسبوع على هذا الاعتصام، إلا أنه لو ناديت حيا ..ولكن لا حياة لمن تنادي.
اعتصام مواطنو "نيرتتي" وصمة عار في جبين الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك، لأن ردودها حتى الآن اقتصرت فقط في استصدار بيانات مؤيدة، وفي ارسال وفود ولجان وولخ، للإستماع لمطالب المعتصمين التي لا تحتاج أصلا للإستماع لأنها واضحة ومشروعة.
وكالعادة وبمجرد انتشار خبر اعتصام مواطنو نيرتتي، ظهرت الأقلام الحقيرة الكاذبة التي تتظاهر بالوطنية والإنسانية معا. أقلام تناثرت وتبعثرت معها الحروف ونقشت زيف الكلام ونشرت السم بالدسم. أقلام لم تترك حدثا إلا وكانت تصول في جنباته، ولا مناسبة إلا وكانت ضيفة النفاق على موائدها، وقد خلعت الحياء جانبا وديدنها المريض يردد " اذا لم تستح فاصنع ما شئت.. كلنا أهالي نيرتتي.. وكلنا دارفور.
مقالات كلها مبنية على النفاق والبكاء الحنجري الكاذب، مفترضة الغباء والسذاجة في الدارفوريين عموما وفي أهالي نيرتتي خاصة- الذين حلفوا بعدم فك اعتصامهم إلا بتحقيق كل المطالب التي تقدموا بها للحكومة الانتقالية.
نعم، هذه الأقلام الكاذبة والمنافقة، لا تستحق أن تتناول قضية شريفة ومهمة كقضية اعتصمام (نيرتتي). أقلام تنظر للدارفوريين على انهم (هُم ونحن). أقلام سلبية رديئة تجمع كل أسباب القوة، في يد السلطة "المركز"، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو دينية أو وولخ.. إذ كيف لها إذن أن تتباكى على معتصمي "نيرتتي"؟
هذه الأقلام الحقيرة المستهبلة، وهؤلاء الجبناء، لا تحتاجهم نيرتتي وأهلها الشرفاء الأحرار.. وما أتعس المُثقف حينما يتحول من مُجامل ومراء لأي كان، سلطة، أو مؤسسة، أو حزبن أو فردا، إلى منافق كذاب، وكذاب بصدق كبير.
وفي الختام.. نقول لأصحاب هذه الأقلام المنافقة.. اتركوا أهالي نيرتتي كما تركوكم، وتدخلكم السافر بمقالاتكم البكائية في قضيتهم، فيه اضرار بالغ لمطالبهم العادلة والمشروعة.
bresh2@msn.com