لا خطوات جادة مع الحركة الشعبية شمال -لكن حمدوك يكذب
ولدت حكومة عبد الله حمدوك يوم الاثنين 8/2/2021م، وهي حكومة كما كان متوقعا، جاءت "كوتاتية" -أي قامت على أساس المحاصصات السياسية التي تزكم الأنوف، ولن يمضي الكثير من الوقت قبل أن يدفنها الشارع السوداني إلى مثواها الأخير.
بنظرة سريعة على أسماء وزراء تلك الحكومة، فإنها حكومة ضعيفة مجوّفة ستعجز عن مواجهة الاستحقاقات الكبرى التي تواجه السودان وشعبه في المرحلة الحالية والمقبلة، ستواصل سياسات الانحناء أمام الأمر الواقع، والإدارة بالقطعة، بلا منهج ولا منهجية. حكومة من دون هيبة ولا حضور ولا مزايا ولا كفاءة، منقطعة الصلة بالواقع الوطني الاجتماعي السوداني وباحتياجاته وضروراته.
وإذا كان الكل على يقين بفشل هذه الحكومة الكوتاتية، وحتمية سقوطها لأنها لن تركز على التصدي للأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة جدا، بل ستكون حكومة تقاسم ونهب ما تبقى من الثروات وما سمح بتصديره من الذهب والنفط وغيرهما.. فلماذا يكذب حمدوك في مؤتمره الصحفي ويقول إن هناك خطوات جادة مع عبد العزيز الحلو وعبد الواحد لإكمال عملية السلام.. وهل بدأت عملية السلام أصلا حتى تكتمل؟
في مؤتمره الصحفي، قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إن الوزارة التي مضت من خيرة بنات وأبناء السودان وتتميز بالتفاني والتحديات وقيم الثورة رغم التحديات.
وأضاف حمدوك، مساء الاثنين 8/2/2021: "أنجزنا الكثير وتبقى الكثير".
وكشف في الوقت نفسه، عن خطوات جادة مع عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور لإكمال عملية السلام.
وقال حمدوك، إن التشكيل الجديد جاء على توافق سياسي كبير حفاظاً على هذا البلد من الانهيار وتابع: “هذا التشكيل ويستجيب لهذه المسألة هو تحالف ليس سهلا ولكن مقدور عليه".
ورأى أن التشكيل “يستجيب لاستحقاقات سلام جوبا ويجب أن نتحمل المسؤولية".
عزيزي القارئ..
ما يهمنا في المؤتمر الصحفي الذي اقامه عبد الله حمدوك، ليس حكومة المحاصصة التي أعلنها، بل ما يهمنا هو كلامه عن خطوات جادة مع الحلو وعبد الواحد لإكمال ما سماه بالسلام، هذا الكلام الذي يعتبر تدليسا وتزييفا للواقع والحقائق.
عبد الله حمدوك، كذب في مؤتمره الصحفي، لأن رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال، في حوار له مع حسن فاروق بصحيفة الحراك السياسي يوم الأحد 2/7/2021م، عندما سئل عن مدَى جدية الحكومة الحالية في إنجاز السلام الشامل، رد قائلاً:
لمسنا غياباً تاماً للإرادة عند حكومة الفترة الانتقالية وعدم استعداد للحل السلمي للأزمة أي عدم الرغبة في التوصل لاتفاق سلام عادل ونهائي.
وفي ظل اللاسلم واللاحرب –سئل: هل يمكن القول إن إمكانية عودة الحرب واردة؟
إذا لم تتوفَّر الإرادة السِّياسية لدى الحكومة الانتقالية لتحقيق سلام شامل وعادل يُخاطب جذور المشكلة، فإن الوضع الحالي هو عبارة عن وصفة مثالية لاستمرار وتوسع الحرب الأهلية وبشكل غير مسبوق.
الإجابات التي أعطاها عبد العزيز آدم الحلو لصحيفة الحراك السياسي، تكشف لنا الأكاذيب التي يرددها ويروج لها حمدوك حول تواصل حكومته مع الحركة الشعبية، والقصد دائما وأبد من هذه الأكاذيب والتخرصات، هو لاعداد الرأي العام السوداني، لقبول مسؤولية الحركة في حال لم تقبل بعملية السلام التي تحدث عنها حمدوك في مؤتمره الصحفي.
عبد الله حمدوك ليس له مصداقية حتى يتحدث عن عملية السلام في السودان، إذ انه لم ينتصر للثوار الذين جاءوا به إلى السلطة، وتواطأ مع من لا يريدون أي اصطفاف مع هموم الشعب.. فكيف له إذن ان يصنع سلاما مع الحركة الشعبية وحركة جيش تحرير السودان (عبد الواحد)؟
إن الثوار اليوم في موقف يشبهون من يأكلون الشوك الذي قدموه إليهم غيرهم.. فحمدوك أعد للثوار وليمة من الشوك، والثوار يمضغون هذا الشوك، لدرجة أنهم لا يجرؤون حتى على محاسبة طباخي الشوك.
لماذا نقول إن أي حديث من عبد الله حمدوك عن عملية السلام العادل والشامل في السودان يفتقر للمصداقية؟
1/ في بداية عام 2020م، زار حمدوك، بمعية عدد كبير من الضيوف الدوليين والمحليين، مدينة "كاودا" معقل الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال، ومن هناك اتفق مع رئيس الحركة على العمل سويا لتحقيق السلام العادل الشامل من خلال مخاطبة جذور الأزمة. لكن عندما عاد حمدوك إلى الخرطوم، حاصرته قوى السودان القديم، وسرعان ما تراجع عما التزم به أمام الحركة، ولم تسمع منه الحركة حتى الآن.
2/ وفي 4 سبتمبر 2020م، التقى رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، عبد العزيز الحلو، ووقعا على إعلان مبادئ بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا ينص على فصل الدين عن الدولة. لكن ما ان عاد إلى الخرطوم حتى ثارت عليه قوى السودان القديم، ليصبح ما تم الاتفاق عليه هناك في خبر كان.
إذن عندما نتحدث عن افتقار حمدوك للمصداقية السياسية، فإننا نعني ما نقول، لأن حين يفقد القادة مصداقيتهم، يفقد المجتمع السياسي توازنه، ويفقد الحكم نزاهته، وتتدعدع قيم المجتمع، فيسود المكر والنصب بين الرؤساء ومرؤوسيهم، وبين الذين يزعمون أن موقعهم فوق الجميع والذين يُقنعون، بأن نصيبهم في الحياة يوجد أسفل السلم.
على عبد الله حمدوك أن يعرف، أن إحلال السلام العادل والشامل والدائم في السودان يمرّ وجوبا عبر مناقشة ومخاطبة جذور الأزمة التي اشعلت الصراعات والحروب التي يعاني منها البلاد لعقود طويلة، وأن يعرف ايضا ان الهروب من المسؤولية بالأكاذيب، لم ولن يجدي نفعا.
bresh2@msn.com