لا لدفن الرؤوس في الرمال يا ثوار
كمال الهدي
10 December, 2021
10 December, 2021
تأمُلات
. منذ الأسابيع الأولى لحكومة حمدوك لم يكن يستهويني الكلام المستمر عن تقاعس ومعاكسات العسكر وكنت أرى أنها كتابات شعوبية أقل جدوى ومنفعة لثورتنا المجيدة، وأن التركيز والنقد البناء يجب أن ينصب على المكون المدني بإعتبار أن العسكر عدو واضح ومعلوم ما كنا نتوقع منهم غير ما فعلوه.
. لم يكن ذلك رأفة بالعسكر ولا بالمقاطيع بالطبع، لكن ظل رأيي أن كليهما كان مرعوباً من قوة الشارع وجسارة الشباب وظنوا في الأسابيع الأولى أن حكومة حمدوك ستستمد قوتها من ذلك الشارع المشتعل وستحسمهم جميعاً.
. وقد رأيتم بأم أعينكم يوم أن حُملت مجموعة علي الحاج في ذلك الدفار بعد اجتماعهم في إحدى القاعات وكيف بدوا كفئران جزعة.
. كما تابعتم شيخ (التفاف) عندما أحاط به الثوار بمحل للإسبيرات بشارع الحرية وكيف إمتلأ رعباً.
. حتى أفراد القوات النظامية ما كانوا يتصرفون حينذاك إلا وفقاً لرغبة الثوار.
. فمن الذي أضاع كل ذلك الزخم الثوري سديً وأفسح المجال للعسكر والفلول لكي يستجمعوا قواهم ويكملوا مؤآمراتهم ضد هذه الثورة العظيمة!!
. أليس هم حمدوك وبعض وزرائه المتقاعسين مثل فيصل والبوشي وغيرهما وبعض قادة قحت!!
. حتى أكبر المؤآمرات ( اتفاق جوبا) التي أدت لما نحن فيه اليوم وأدخلت قادة الحركات الخونة بكل عتادهم لعاصمة البلاد.. حتى هذه المؤآمرة عندما بدأ حميدتي وكباشي والتعايشي نسج خيوطها انشغل حمدوك وحكومته وقحت بما هو أدنى، فيما أهدرت غالبية الشعب وقتها في كلام فارغ من شاكلة (شكراً حمدوك) وانغشلنا بفرش سجاد أحمر له على مدخل الإليزيه في وقت كان غيرنا يخططون ويعملون ليل نهار علي وأد الثورة.
. فمن نلوم بالله عليكم غير أنفسنا!!
. المؤسف أننا ما زلنا على طبيعتنا الغريبة ولم نع الدروس القاسية.
. لا يزال بيننا من يهللون لحمدوك ويقولون " أتركوا الرجل فهو يعرف كيف يتعامل مع العسكر وسوف يخلصكم تدريجياً"، ناسين أن " تدريجيا" دي زاتا ما أوردتنا المهالك لأن الطرف الآخر كان يتقدم بخطى سريعة لإكمال مخططه.
. كما أن فكرة أن حمدوك وحده الذي يفهم ويقدر ويعمل ويخلص لقضية الوطن أراها قبيحة جداً.
. فالبلد دي مليانة بمن يعلمون حمدوك نفسه أسس التخطيط السليم وكيفية بناء الأوطان وحبها، فكفاكم أوهاماً وتخديراً للناس.
. لم يكن ولن يكون حمدوك أفضل السودانيين في كل شيء، ولو قُدر لآخرين كثر من علماء هذا الوطن أن يكونوا في مكانه لعبرنا حقيقة لا قولاً.
. أعود لمثل هذا الحديث لأن هذه الثورة ما لم تتخذ شكلاً أكثر عمقاً، وما لم نكف عن التهليل دون تفكير متأنٍ لن ننجو يا أهلنا.
. أمامنا الآن نموذج خبر إمكانية حيازة شركة دال على شركة زين الكويتية.
. وبذات التعجل هلل الكثيرون وفرحوا للخطوة دون أن يتعمقوا قليلاً ويسألوا أنفسهم: لمصلحة من يعمل داؤود"!!
. عندما كنت أكتب قبل أشهر طويلة عن سبب عدم مساءلة رجال أعمال مثل داؤود ووجدي صاحب الإمبراطورية الإعلامية التي استمرت بعد الثورة رغم تماهيها واستفادتها من فساد الكيزان.. عندما كنت أطرح أسئلة من هذا النوع ظللت أواجه بهجوم ونصائح بألا أتكلم عن رجال أعمال وطنيين.
. وقد صدق البعض الصحفية التي حدثتهم عن ثروة وجدي (الموروثة) التي لم يكونها في عهد الكيزان كما زعمت، وهي علي فكرة ذات الصحفية التي انقلب عليها الناس مؤخراً بسبب موقفها الداعم لإنقلاب البرهان.
. هذه هي مشكلتنا نتعجل الأحكام ونساند شخصاً ونعتبره أبو أو أم الثورية لننقلب عليه بعد حين، وفي هذه الأثناء تكون قد مرت مياه كثيرة تحت الجسر واكتملت خيوط مؤامرة ما.
. ما أود قوله هو أن المليونيات وحدها لن تكفي امام هذه الهجمات الشرسة والمؤآمرات المُحاكة بعناية.
. ولابد من حراك أعمق وعمل جاد.
. فعندما نجد رجل أعمال متواطيء مع أطراف خارجية مثلاً علينا بمحاصرته، وهذا أمر ممكن جداً وأسهل بكثير من الخروج في مليونية.
. ليس هناك أنجع وأسهل من سلاح المقاطعة لنرى بعد ذلك كيف سيتسنى لأي رجل أعمال متآمر على شعب يثريه بإبتياع منتجاته أن يحافظ على ثروته ويضاعفها.
. لكن المؤسف أننا لم نفعل في يوم سلاح المقاطعة الواعي، وبالرغم من ذلك نردد ليل نهار العبارات الرنانة مثل "ثورة الوعي".
. يكتب الهندي أو ضياء، أو محمد عبد القادر فنتبادل مقالاتهم ونزيد من رقعة نشرها.
. نسب ونشتم حسن فضل المولى أو شيلا ووجدي وفي ذات الوقت نتحلق أمام شاشات النيل الأزرق وسودانية 24 لنتابع برامجهم، بل ويُستضاف في القناتين بعض قادة ثورتنا بكل نفس مفتوحة.
. نتكلم عن تآمر رجل أو سيدة أعمال وعن ارتباطه/ها بجهات خارجية، لكننا نستمتع بشراء منتجاتهما.
. فكيف بالله عليكم تكون ثورة الوعي، وكيف لنا أن ننجو ونحن ندعم كل يوم من يتسببون لنا في الأذى!!
. أفيقوا يا قوم وكفاكم دفناً للرؤوس في الرمال، وإلا فلنحافظ على حياة شبابنا الجسورين الذين أبدوا استعداداً دائماً للتضحية بكل غالٍ ونفيس من أجل هذا الوطن.
kamalalhidai@hotmail.com
////////////////////
. منذ الأسابيع الأولى لحكومة حمدوك لم يكن يستهويني الكلام المستمر عن تقاعس ومعاكسات العسكر وكنت أرى أنها كتابات شعوبية أقل جدوى ومنفعة لثورتنا المجيدة، وأن التركيز والنقد البناء يجب أن ينصب على المكون المدني بإعتبار أن العسكر عدو واضح ومعلوم ما كنا نتوقع منهم غير ما فعلوه.
. لم يكن ذلك رأفة بالعسكر ولا بالمقاطيع بالطبع، لكن ظل رأيي أن كليهما كان مرعوباً من قوة الشارع وجسارة الشباب وظنوا في الأسابيع الأولى أن حكومة حمدوك ستستمد قوتها من ذلك الشارع المشتعل وستحسمهم جميعاً.
. وقد رأيتم بأم أعينكم يوم أن حُملت مجموعة علي الحاج في ذلك الدفار بعد اجتماعهم في إحدى القاعات وكيف بدوا كفئران جزعة.
. كما تابعتم شيخ (التفاف) عندما أحاط به الثوار بمحل للإسبيرات بشارع الحرية وكيف إمتلأ رعباً.
. حتى أفراد القوات النظامية ما كانوا يتصرفون حينذاك إلا وفقاً لرغبة الثوار.
. فمن الذي أضاع كل ذلك الزخم الثوري سديً وأفسح المجال للعسكر والفلول لكي يستجمعوا قواهم ويكملوا مؤآمراتهم ضد هذه الثورة العظيمة!!
. أليس هم حمدوك وبعض وزرائه المتقاعسين مثل فيصل والبوشي وغيرهما وبعض قادة قحت!!
. حتى أكبر المؤآمرات ( اتفاق جوبا) التي أدت لما نحن فيه اليوم وأدخلت قادة الحركات الخونة بكل عتادهم لعاصمة البلاد.. حتى هذه المؤآمرة عندما بدأ حميدتي وكباشي والتعايشي نسج خيوطها انشغل حمدوك وحكومته وقحت بما هو أدنى، فيما أهدرت غالبية الشعب وقتها في كلام فارغ من شاكلة (شكراً حمدوك) وانغشلنا بفرش سجاد أحمر له على مدخل الإليزيه في وقت كان غيرنا يخططون ويعملون ليل نهار علي وأد الثورة.
. فمن نلوم بالله عليكم غير أنفسنا!!
. المؤسف أننا ما زلنا على طبيعتنا الغريبة ولم نع الدروس القاسية.
. لا يزال بيننا من يهللون لحمدوك ويقولون " أتركوا الرجل فهو يعرف كيف يتعامل مع العسكر وسوف يخلصكم تدريجياً"، ناسين أن " تدريجيا" دي زاتا ما أوردتنا المهالك لأن الطرف الآخر كان يتقدم بخطى سريعة لإكمال مخططه.
. كما أن فكرة أن حمدوك وحده الذي يفهم ويقدر ويعمل ويخلص لقضية الوطن أراها قبيحة جداً.
. فالبلد دي مليانة بمن يعلمون حمدوك نفسه أسس التخطيط السليم وكيفية بناء الأوطان وحبها، فكفاكم أوهاماً وتخديراً للناس.
. لم يكن ولن يكون حمدوك أفضل السودانيين في كل شيء، ولو قُدر لآخرين كثر من علماء هذا الوطن أن يكونوا في مكانه لعبرنا حقيقة لا قولاً.
. أعود لمثل هذا الحديث لأن هذه الثورة ما لم تتخذ شكلاً أكثر عمقاً، وما لم نكف عن التهليل دون تفكير متأنٍ لن ننجو يا أهلنا.
. أمامنا الآن نموذج خبر إمكانية حيازة شركة دال على شركة زين الكويتية.
. وبذات التعجل هلل الكثيرون وفرحوا للخطوة دون أن يتعمقوا قليلاً ويسألوا أنفسهم: لمصلحة من يعمل داؤود"!!
. عندما كنت أكتب قبل أشهر طويلة عن سبب عدم مساءلة رجال أعمال مثل داؤود ووجدي صاحب الإمبراطورية الإعلامية التي استمرت بعد الثورة رغم تماهيها واستفادتها من فساد الكيزان.. عندما كنت أطرح أسئلة من هذا النوع ظللت أواجه بهجوم ونصائح بألا أتكلم عن رجال أعمال وطنيين.
. وقد صدق البعض الصحفية التي حدثتهم عن ثروة وجدي (الموروثة) التي لم يكونها في عهد الكيزان كما زعمت، وهي علي فكرة ذات الصحفية التي انقلب عليها الناس مؤخراً بسبب موقفها الداعم لإنقلاب البرهان.
. هذه هي مشكلتنا نتعجل الأحكام ونساند شخصاً ونعتبره أبو أو أم الثورية لننقلب عليه بعد حين، وفي هذه الأثناء تكون قد مرت مياه كثيرة تحت الجسر واكتملت خيوط مؤامرة ما.
. ما أود قوله هو أن المليونيات وحدها لن تكفي امام هذه الهجمات الشرسة والمؤآمرات المُحاكة بعناية.
. ولابد من حراك أعمق وعمل جاد.
. فعندما نجد رجل أعمال متواطيء مع أطراف خارجية مثلاً علينا بمحاصرته، وهذا أمر ممكن جداً وأسهل بكثير من الخروج في مليونية.
. ليس هناك أنجع وأسهل من سلاح المقاطعة لنرى بعد ذلك كيف سيتسنى لأي رجل أعمال متآمر على شعب يثريه بإبتياع منتجاته أن يحافظ على ثروته ويضاعفها.
. لكن المؤسف أننا لم نفعل في يوم سلاح المقاطعة الواعي، وبالرغم من ذلك نردد ليل نهار العبارات الرنانة مثل "ثورة الوعي".
. يكتب الهندي أو ضياء، أو محمد عبد القادر فنتبادل مقالاتهم ونزيد من رقعة نشرها.
. نسب ونشتم حسن فضل المولى أو شيلا ووجدي وفي ذات الوقت نتحلق أمام شاشات النيل الأزرق وسودانية 24 لنتابع برامجهم، بل ويُستضاف في القناتين بعض قادة ثورتنا بكل نفس مفتوحة.
. نتكلم عن تآمر رجل أو سيدة أعمال وعن ارتباطه/ها بجهات خارجية، لكننا نستمتع بشراء منتجاتهما.
. فكيف بالله عليكم تكون ثورة الوعي، وكيف لنا أن ننجو ونحن ندعم كل يوم من يتسببون لنا في الأذى!!
. أفيقوا يا قوم وكفاكم دفناً للرؤوس في الرمال، وإلا فلنحافظ على حياة شبابنا الجسورين الذين أبدوا استعداداً دائماً للتضحية بكل غالٍ ونفيس من أجل هذا الوطن.
kamalalhidai@hotmail.com
////////////////////