لا وجود لشيء اسمه دولة ١٩٥٦ الان!

 


 

رشا عوض
14 June, 2024

 

رشا عوض
هذه حقيقة موضوعية لا علاقة لها بالموقف الفكري و السياسي ايجابا او سلبا من مرحلة تاريخية في السودان!
دولة ١٩٥٦ لا وجود لها، ابتداء من الخارطة الجغرافية اذ انقسمت هذه الدولة الى دولتين: جمهورية السودان وجمهورية جنوب السودان!
وفي جمهورية السودان المتبقية ما عاد هناك وجود لمشروع الجزيرة كما كان في دولة ١٩٥٦ ( عمود الاقتصاد السوداني) بل هناك اطلال لمشروع الجزيرة
ما عاد هناك وجودا للسكة حديد ولا النقل النهري ولا الناقل الجوي ( سودانير) ولا الناقل البحري الذي تم بيع اخر قطع اسطوله خردة وذات الخردة عادت محملة بالبضائع ورست على ميناء بورسودان وهي ترفع علم دولة اخرى!
لا وجود للتعليم المجاني ولا العلاج المجاني الذي كان موجودا ايام الاستعمار واستمر في الدولة التي اعقبته!
لا وجود لجامعة الخرطوم بالمستوى الاكاديمي المرموق الذي كانت عليه
لا وجود لبرلمانات منتخبة انتخابا حرا نزيها
لا وجود لاورنيك ١٥
لا وجود للضباط الاداريين
لا وجود لدور السينما
لا وجود للجيش الواحد ولا الشرطة الواحدة
دولة ١٩٥٦ او دولة ما بعد الاستعمار تم الاجهاز عليها بتخريب منهجي بدد كل ما فيها على يد نظام الانقاذ الذي تأسست ايدولوجيته على ان هذه الدولة صنم علماني يجب تكسيره لصالح شيء متخيل اسمه الدولة الاسلامية، هذا الموقف ادى لتكسير دولة ١٩٥٦ ابتداء من جغرافيتها مرورا بمضامينها السياسية والادارية والاقتصادية وصولا الى التكسير طوبة طوبة الذي يجري الان في هذه الحرب!
الصراع السياسي الان يجب ان يكون مع دولة ما بعد ١٩٨٩ م
مع ذلك المسخ السياسي الذي يحتاج الى مصطلحات جديدة لتعريفه وتوصيفه
هذا لا يعني بالطبع ان دولة ١٩٥٦ غير مختلة هيكليا ولا تحتاج لاعادة تأسيس ، وكنا نتمنى لو كانت موجودة بالفعل حتى ننطلق منها الى الامام!
ولكن الواقع يقول بوضوح ان دولة ١٩٥٦ على علاتها لا وجود لها الان بل نحن في موقع متخلف عنها ببركات دولة ١٩٨٩ التي هي معضلتنا الراهنة! هي الواقع البائس الذي جعلنا نشتاق الى دولة ١٩٥٦م!
فلماذا الاصرار على خوض معركة مع شيء غير موجود اصلا!

 

آراء