لعبة للوطن!
عـادل عطيـة
6 November, 2022
6 November, 2022
كان المواطن الكندي "فيكتور أوريل"، على وشك الرحيل إلى استراليا.. لكن قبل سفره، حدثت حادثة، غيّرت مجرى قراره: صدم امرأة بسيارته، ووضع في السجن!
في أيام محبسه، التي تمر بطيئة ومملة، كان خياله الرحب، يصرّ على فرد أجنحته؛ ففكر في شيء يقضي به على سأمه، الذي يعانيه خلال الساعات الطويلة!
لم يجد في مكتبة السجن، كتباً تروق له مطالعتها، فبحث عن المجلات القديمة؛ ربما يجد فيها ضالته!
وبينما هو يتصفحها، تفتّح ذهنه، ومر به خاطر، فأمسك بصور المجلات، وراح يُقطعها إلى قطع غير منتظمة، ثم بدأ يخلطها، ثم يعود ويحاول التوفيق بينها مرة أخرى!
فلما أفرج عن "أوريل"، رأى أن يستغل لعبته، التي جاءت في لحظة سحرية، معبأة بامكانيات للمغامرة، والتي فتن بها، وساعدته على تجاوز ملله واحباطاته؛ فبادر واشترى بضع مئات من الصور القديمة، وطفق يلصقها على ورق مقوّى، ثم راح يقطع الصورة الواحدة إلى أجزاء عدة، ويضعها في صندوق من الكرتون، وأخيراً يحمل صناديقه ليبيعها للدكاكين!
استطاع "أوريل"، بما كان قد أدخره، للسفر إلى أستراليا، أن ينشيء تجارته، ويعمل هذه الألعاب كألغاز، يقوم الأطفال بحلها، وانتشرت في جميع أنحاء العالم، وأصبح السجين السابق: مليونيراً!
ألا تلامس قصة حياة "فيكتور أوريل"، بمشاعره التي اخترقت أفكاره المسبقة، مشاعرنا جميعاً، نحن سكان العالم الثالث؟..
ألم نحلم بالانطلاق إلى حياة جديدة، نجد فيها: الحرية، والعدالة، والكرامة، وكل ما هو أفضل.. فإذا بنا في سجن كبير مقيدين بأغلال خيبات الأمل، واجترار الألم، والحزن، وقد مللنا لعبة السياسة القذرة، التي دائما تترك خاسراً، يعاني ويقاسي؟..
ألا ننظر بالألم الحزين، إلى صورة الوطن، الذي تمزقه سيوف التعصب المسلولة، وتفرقه بالخيانة على الأعادي: فهذا مسلم، وذاك مسيحي. وهذا سني، وذاك شيعي. وهذا شمالي، وذاك جنوبي؟..
فلتلهمنا، إذن، أحجية صور "أوريل" الممزقة؛ لنمارس ما نسميه: "لعبة للوطن"، نجمع، بها، شتات العقول المتدحرجة، والقلوب الممزقة، ونلم شمل أبناء الوطن الواحد بكل تياراته، واختلافاته، وخلافاته؛ لتعود صورة الوطن، كاملة، ومرئية، ومنظورة!
adelattiaeg@yahoo.com
/////////////////////////
في أيام محبسه، التي تمر بطيئة ومملة، كان خياله الرحب، يصرّ على فرد أجنحته؛ ففكر في شيء يقضي به على سأمه، الذي يعانيه خلال الساعات الطويلة!
لم يجد في مكتبة السجن، كتباً تروق له مطالعتها، فبحث عن المجلات القديمة؛ ربما يجد فيها ضالته!
وبينما هو يتصفحها، تفتّح ذهنه، ومر به خاطر، فأمسك بصور المجلات، وراح يُقطعها إلى قطع غير منتظمة، ثم بدأ يخلطها، ثم يعود ويحاول التوفيق بينها مرة أخرى!
فلما أفرج عن "أوريل"، رأى أن يستغل لعبته، التي جاءت في لحظة سحرية، معبأة بامكانيات للمغامرة، والتي فتن بها، وساعدته على تجاوز ملله واحباطاته؛ فبادر واشترى بضع مئات من الصور القديمة، وطفق يلصقها على ورق مقوّى، ثم راح يقطع الصورة الواحدة إلى أجزاء عدة، ويضعها في صندوق من الكرتون، وأخيراً يحمل صناديقه ليبيعها للدكاكين!
استطاع "أوريل"، بما كان قد أدخره، للسفر إلى أستراليا، أن ينشيء تجارته، ويعمل هذه الألعاب كألغاز، يقوم الأطفال بحلها، وانتشرت في جميع أنحاء العالم، وأصبح السجين السابق: مليونيراً!
ألا تلامس قصة حياة "فيكتور أوريل"، بمشاعره التي اخترقت أفكاره المسبقة، مشاعرنا جميعاً، نحن سكان العالم الثالث؟..
ألم نحلم بالانطلاق إلى حياة جديدة، نجد فيها: الحرية، والعدالة، والكرامة، وكل ما هو أفضل.. فإذا بنا في سجن كبير مقيدين بأغلال خيبات الأمل، واجترار الألم، والحزن، وقد مللنا لعبة السياسة القذرة، التي دائما تترك خاسراً، يعاني ويقاسي؟..
ألا ننظر بالألم الحزين، إلى صورة الوطن، الذي تمزقه سيوف التعصب المسلولة، وتفرقه بالخيانة على الأعادي: فهذا مسلم، وذاك مسيحي. وهذا سني، وذاك شيعي. وهذا شمالي، وذاك جنوبي؟..
فلتلهمنا، إذن، أحجية صور "أوريل" الممزقة؛ لنمارس ما نسميه: "لعبة للوطن"، نجمع، بها، شتات العقول المتدحرجة، والقلوب الممزقة، ونلم شمل أبناء الوطن الواحد بكل تياراته، واختلافاته، وخلافاته؛ لتعود صورة الوطن، كاملة، ومرئية، ومنظورة!
adelattiaeg@yahoo.com
/////////////////////////