لقاء البرهان وحميدتي: ورطة الإيقاد !!
د. الواثق كمير
6 January, 2024
6 January, 2024
kameir@yahoo.com
تورونتو، 5 يناير، 2024
انعقدت القمة الاستثنائية، رقم 41، لرؤساء دول وحكومات الإيقاد، جيبوتي في 9 ديسمبر 2023, المخصصة لمخاطبة وحل الأزمة السودانية. استبشر كثيرون خيرا بهذه القمة لعلها توقف وتنهي الحرب، التي طالت واستطالت، بسلامٍ مستدامٍ. وجاءت القمة على خلفية زيارة رئيس مجلس السيادة إلى كينيا واثيوبيا وطي صفحة الخلاف حول *رباعية الإيقاد* التي رفضتها حكومة السودان، ومن ثمّ زيارته إلى جيبوتي وطلبه عقدِ قمةٍ طارئةٍ لبحث حلِ الأزمةِ في السودان.
أهم مخرجات القمة هو إعلانها موافقة القائد العام للجيش وقائد الدعم السريع على اللقاء كفاحاً وجهاً لوجهٍ، والتزامهما بوقفٍ غير مشروطٍ لإطلاق النار وحل النزاع عن طريق الحوار السياسي.
شغل هذا القرار الرأي العام السوداني والمجتمعين الإقليمي والدولي، ولم يستثن التداول حوله جلسات السودانيبن العامة والخاصة في كل أنحاء العالم، خاصة في ظل جدالات ومغالطات واسعة النطاق حول إذا ما كان قائد الدعم السريع حياً أم ميتاً. ولكن، بعد الإعلان عن اكتمال ترتيبات الاجتماع المرتقب في 28 ديسمبر المنصرم، أعلنت سكرتارية الإيقاد في خطابٍ رسميٍ، أنه تم تأجيل لقاء البرهان وحميدتي إلى شهر يناير في موعد محدد سيعلن لاحقاً وذلك لأسباب فنية.
لم تأت الرياح بما تشتهي سفن قرار اللقاء بين القائدين، بل واضحى انعقاده ضعيف الاحتمال بسبب ثلاث إشكالات عملت على تعقيد المشهد، خاصةً بعد دحض قائد الدعم السريع لشائعة وفاته بظهوره في عنتبي لاحقاً، وابتداره لجولةِ زياراتٍ لعددٍ من البِلدان الأفريقية!
*الإشكال الأول*: ما أن خرج البيان الختامي للقمة إلى العلن، حتى أصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً تضمن عدة تحفظات، من ضمنها أن الرئيس البرهان اشترط لعقد مثل هذا اللقاء إقرار وقف دائم لإطلاق النار، وخروج قوات التمرد من العاصمة وتجميعها في مناطق خارجها. ومن جهة اخرى، للدعم السريع أيضا اشتراط بأن يتم اللقاء مع البرهان بصفته القائد العام للجيش وليس كرئيس لمجلس السيادة.
*الإشكال الثاني*: بحسب تصريح الناطق الرسمي للدعم السريع (مقدم الفاتح قرشي)، في 27 ديسمبر، فإنهم قد تقدموا بمذكرة رسمية إلى رئيس الإيقاد بأن يحضر هذا اللقاء كل رؤساء الدول الأعضاء في الإيقاد، والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وكل المنظمات التي شاركت في القمة الاستثنائية، ولو أن الخطاب الذي وصلهم يفيد بأن اللقاء سيحضره فقط رئيس دولة جيبوتي، وهو الرئيس الحالي للإيقاد. بهذا الطلب يبدو وكأنما الدعم السريع يدعو إلى انعقاد قمة أخرى، مما يضع العقدة في المنشار.
*الإشكال الثالث*: والذي ربما يجعل الأمر أكثر تعقيدا هو طلب تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” من رئيس ايقاد اشراكهم في اللقاء المرتقب بين قائدي الجيش والدعم السريع. ذلك، بينما الغرض الأساس لهذا اللقاء هو بحث وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية وليس لابتدار عملية سياسية شاملة. فإن كانت *تقدم* قد وقعت على اتفاق سياسي مع الدعم السريع في أديس أبابا ناقش فيه الطرفان أمر المشاركة في لقاء القائدين، فلقائد الجيش أيضا قوى سياسية تدعمه وقد تأخذ نفس المنحى وتطالب بحضور الاجتماع! ألا يضعف مثل هذا الشرط من إحتمال قبول القائد العام للجيش بحضور اللقاء المرتقب، وينسف الفكرة من أساسها؟ وفي هذه الحالة، ماذا قيادة الإيقاد بفاعلة؟
وهل تسمح بروتوكولات المنظمة بدعوة القوى السياسية في أي بلدٍ بالمشاركةِ في اجتماعات قمة رؤساء وحكومات الإيقاد؟ وهل هناك من داعٍ لعقدِ قمة أخرى وفي هذا الظرف امتثالاً لمطلبٍ مُقدمٍ من قوى سياسية بعينها، ولو كان على رأسها رئيس سابق لمجلس الوزراء؟
صحيح أن الايقاد نجحت، ولو بدعم اقليمي ودولي، في تيسيير الوصول لاتفاقية السلام الشامل (في أول مهمة سياسية لها منذ إنشائها)، والتي تم توقيعها بين طرفين فقط (حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية). ومع ذلك، ففي ظل هذه التعقيدات الثلاثة (وبعد أن وصف نائب رئيس مجلس السيادة مبادرة الإيقاد ب *حدث ولا حرج*)، هل تملك الإيقاد القدرات والمقدرات للمضي قدما في تسهيل حل الأزمة الراهنة في البلاد؟
*لا شك أن منظمة الإيقاد قد وقعت في ورطة!*
تورونتو، 5 يناير، 2024
انعقدت القمة الاستثنائية، رقم 41، لرؤساء دول وحكومات الإيقاد، جيبوتي في 9 ديسمبر 2023, المخصصة لمخاطبة وحل الأزمة السودانية. استبشر كثيرون خيرا بهذه القمة لعلها توقف وتنهي الحرب، التي طالت واستطالت، بسلامٍ مستدامٍ. وجاءت القمة على خلفية زيارة رئيس مجلس السيادة إلى كينيا واثيوبيا وطي صفحة الخلاف حول *رباعية الإيقاد* التي رفضتها حكومة السودان، ومن ثمّ زيارته إلى جيبوتي وطلبه عقدِ قمةٍ طارئةٍ لبحث حلِ الأزمةِ في السودان.
أهم مخرجات القمة هو إعلانها موافقة القائد العام للجيش وقائد الدعم السريع على اللقاء كفاحاً وجهاً لوجهٍ، والتزامهما بوقفٍ غير مشروطٍ لإطلاق النار وحل النزاع عن طريق الحوار السياسي.
شغل هذا القرار الرأي العام السوداني والمجتمعين الإقليمي والدولي، ولم يستثن التداول حوله جلسات السودانيبن العامة والخاصة في كل أنحاء العالم، خاصة في ظل جدالات ومغالطات واسعة النطاق حول إذا ما كان قائد الدعم السريع حياً أم ميتاً. ولكن، بعد الإعلان عن اكتمال ترتيبات الاجتماع المرتقب في 28 ديسمبر المنصرم، أعلنت سكرتارية الإيقاد في خطابٍ رسميٍ، أنه تم تأجيل لقاء البرهان وحميدتي إلى شهر يناير في موعد محدد سيعلن لاحقاً وذلك لأسباب فنية.
لم تأت الرياح بما تشتهي سفن قرار اللقاء بين القائدين، بل واضحى انعقاده ضعيف الاحتمال بسبب ثلاث إشكالات عملت على تعقيد المشهد، خاصةً بعد دحض قائد الدعم السريع لشائعة وفاته بظهوره في عنتبي لاحقاً، وابتداره لجولةِ زياراتٍ لعددٍ من البِلدان الأفريقية!
*الإشكال الأول*: ما أن خرج البيان الختامي للقمة إلى العلن، حتى أصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً تضمن عدة تحفظات، من ضمنها أن الرئيس البرهان اشترط لعقد مثل هذا اللقاء إقرار وقف دائم لإطلاق النار، وخروج قوات التمرد من العاصمة وتجميعها في مناطق خارجها. ومن جهة اخرى، للدعم السريع أيضا اشتراط بأن يتم اللقاء مع البرهان بصفته القائد العام للجيش وليس كرئيس لمجلس السيادة.
*الإشكال الثاني*: بحسب تصريح الناطق الرسمي للدعم السريع (مقدم الفاتح قرشي)، في 27 ديسمبر، فإنهم قد تقدموا بمذكرة رسمية إلى رئيس الإيقاد بأن يحضر هذا اللقاء كل رؤساء الدول الأعضاء في الإيقاد، والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وكل المنظمات التي شاركت في القمة الاستثنائية، ولو أن الخطاب الذي وصلهم يفيد بأن اللقاء سيحضره فقط رئيس دولة جيبوتي، وهو الرئيس الحالي للإيقاد. بهذا الطلب يبدو وكأنما الدعم السريع يدعو إلى انعقاد قمة أخرى، مما يضع العقدة في المنشار.
*الإشكال الثالث*: والذي ربما يجعل الأمر أكثر تعقيدا هو طلب تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” من رئيس ايقاد اشراكهم في اللقاء المرتقب بين قائدي الجيش والدعم السريع. ذلك، بينما الغرض الأساس لهذا اللقاء هو بحث وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية وليس لابتدار عملية سياسية شاملة. فإن كانت *تقدم* قد وقعت على اتفاق سياسي مع الدعم السريع في أديس أبابا ناقش فيه الطرفان أمر المشاركة في لقاء القائدين، فلقائد الجيش أيضا قوى سياسية تدعمه وقد تأخذ نفس المنحى وتطالب بحضور الاجتماع! ألا يضعف مثل هذا الشرط من إحتمال قبول القائد العام للجيش بحضور اللقاء المرتقب، وينسف الفكرة من أساسها؟ وفي هذه الحالة، ماذا قيادة الإيقاد بفاعلة؟
وهل تسمح بروتوكولات المنظمة بدعوة القوى السياسية في أي بلدٍ بالمشاركةِ في اجتماعات قمة رؤساء وحكومات الإيقاد؟ وهل هناك من داعٍ لعقدِ قمة أخرى وفي هذا الظرف امتثالاً لمطلبٍ مُقدمٍ من قوى سياسية بعينها، ولو كان على رأسها رئيس سابق لمجلس الوزراء؟
صحيح أن الايقاد نجحت، ولو بدعم اقليمي ودولي، في تيسيير الوصول لاتفاقية السلام الشامل (في أول مهمة سياسية لها منذ إنشائها)، والتي تم توقيعها بين طرفين فقط (حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية). ومع ذلك، ففي ظل هذه التعقيدات الثلاثة (وبعد أن وصف نائب رئيس مجلس السيادة مبادرة الإيقاد ب *حدث ولا حرج*)، هل تملك الإيقاد القدرات والمقدرات للمضي قدما في تسهيل حل الأزمة الراهنة في البلاد؟
*لا شك أن منظمة الإيقاد قد وقعت في ورطة!*