لقاء بروف عبد الله علي إبراهيم مع “الرأي الدولية”
لقاء بروف عبد الله علي إبراهيم مع "الرأي الدولية" التي صدر عددها الأول هذا الشهر في الخرطوم
مظاهرات الشباب طاقة جديدة دخلت معادلة حكومة- معارضة من موقعها المستقل
معارضة الإنقاذ الرسمية "تفتح كتاب" النهضة بعد زوال الإنقاذ
البرجوازية الصغيرة يميناً ويساراً في حالة طلب حثيث للسلطة إبدالاً وإحلالاً
أتمنى ان يكون صعود الخطيب في الحزب الشيوعي رسالة للقوميين النوبة أن يخرجوا من صدفتهم الإثنية . . ما بتشبههم.
الحزب الشيوعي حامد الله على النفس الطالع ونازل . . وكفى
لأ أعرف نظرية جاء زمان نفعها مثل الماركسية ولكن
أكثر شهادتي للماركسية الآن كمؤرخ أكثر من ماركسي
لا يغريني تكوين حزب باسمي قبل اكتشاف آليات للجم مركزه
الرئاسة ليست كل غايتي لأتربص للترشح لها مرة أخرى
نعم. إنتخابات 2010 أكبر فرصة مهدرة
سئمنا من إسرائيل إسرائيل . . . حدو متين؟
لم نكتشف أمريكا بعد الفورة الوطنية الأولى
أتمنى أن أعرف حياً قبل الممات من أمر بتعطيل ندوة تدشيني للانتخابات من وراء الأمن والشرطة
* علي ضوء الحديث عن مايحدث في السودان الآن من تفاعلات سياسية بين الحكومة والقوى المعارضة هناك قوى شبابية ثالثة بدأت تشكل حضوراً في الساحة فكيف ترى مستقبلها ؟
# هذه طاقة جديدة دخلت معادلة حكومة-معارضة من موقعها المستقل. ربما تأخرت ولكن أن تتأخر خير من ألا تأت. ويعني بروزها أنها لم تعد ترهن خروجها للسياسة بالأحزاب المعارضة فحسب بل لم تعد تكتفي بنقد المعارضة "العجوز" وكيل السباب لهم. وعليها ألا تقع في خطأ الاعتقاد بأنها بديل "شبابي" للعجائز الغابرين. في مقاومة الإنقاذ فليتنافس المتنافسون.
*.هل هذه القوى مؤهلة لإحداث تغيير؟
# مع أن هذه القوى، الفئة القليلة، تتحدث عن إسقاط النظام ولكن لمعارضتها محتوى تغيير أكبر يهدم البني السياسية والاجتماعية والتاريخية. وهي البني التي ظلت تتولد عنها نظم متسلطة كان الإنقاذ آخرها. معارضة الأحزاب لا تتفق حول تغيير البنيات وقاسمها المشترك الأعظم إسقاط النظام ثم "تفتح" الكتاب. وهذا ما أهلك انتفاضة 1985. فلربما لاحظتم أن وثيقة البديل الأخيرة لقوى الإجماع أحالت موضوعة تغيير الأنساق المجتمعية لمؤتمرات ستنتظم بعد إسقاط النظام. ولا يدري المرء كيف لم تتراكم للمعارضة خلال نحو ربع قرن من مقاومة الإنقاذ صورة لسودان آخر تخلص من بنيات الظلم والاضطهاد فيه. لماذا تكون صورة البديل لاحقة للبديل في الحكم وليست سابقة.
*على صعيد المعارضة الآن هنالك إتفاق بين اليسار واليمين ممثل في تحالف الشعبي والشيوعي. ففي أية سياق يمكن ان ننظر الى هذا التحالف ، تكتيكي أم مصلحي ؟
# إذا تركنا التسميات جانباً ونظرنا للقوى الاجتماعية حاضنة حركة الشيوعيين والإسلاميين معاً نجدها من البرجوازية الصغيرة التي أدمنت شيعها طلب السلطة أو معارضة حاملها. مودرين ليهم سلطة كما قال السيد الإمام الصادق. إذا لم ننفذ إلى الأساس الاجتماعي للجماعتين سنكتفي في تحليلنا لتحالفهما الأخير بمبدأ "المصائب يجعنا المصابينا". فمنذ تراخت راية "البروليتاريا" في الحزب الشيوعي والمجتمع صار سقف الشيوعيين برجوازياً صغيراً مشغولاً بالحكم من جهة من تولاه لا لأي وجهة وغاية ونهاية.
*لكن تاريخيا ألم يكن هناك إلتقاء بين الحركات اليسارية واليمينية أليس كذلك ؟
#نعم في اتحادات الطلاب خلال فترة عبود حتى حققنا الثورة في 1964 معاً. ولكن لا تسمي هذا تحالفاً بالمعني الذي بين الشيوعيين والترابيين اليوم. كنا نجد أنفسنا معاً بواقع الانتخابات الطلابية ولم يتعد تعاوننا ساحة الطلاب. وكان الحزب الشيوعي آنذاك قائماً على سيقانه الطبقية العمالية وطارحاً جذرية التغيير الذي وقع من جهة وضع المرأة والشباب والجنوب والقوميات. أما الشيوعيون الآن فهم في تحالف للمعارضة واسع ذي برنامج لإسقاط النظام واليجي يجي.
*كيف تنظر لمسيرة الحزب الشيوعي في مرحلة الخطيب؟
# هو خبر سعيد إذا نظرنا اليه من زاوية أنه جاء من بين جمهور أي أنه كادر جماهيري ومن خارج (الكرادلة ) في نمرة اتنين وهي مركز الحزب و"بروقراطيته": سيشيع هذا روحاً مختلفة، أتمنى. كذلك الخطيب جاء من قومية النوبة التي لها مظالم تاريخية وظلت من دعامات اليسار. أتمنى أن يكون اختيار الخطيب رسالة لهذه الجماعة أن تخرج من صدفتها الإثنية التي دخلت فيها منذ قدوم الإنقاذ بقرينة قتل الإنقاذ لواحد منهم. وتنازلت القومية عن الشغل الوطني العام بذريعة أن الوطن محتل بالإسلاموعروبيين.
*على المستوى التنظيمي الى اية مدى يمكن أن يشهد الحزب تحولات فى هذه المرحلة ؟
• لا أرى أن التحولات شاغل الحزب الآن. بل لا أرى انه استعد لها. الحزب ما زال سعيداً بأنه حي موجود يرزق بعد أن ظنه الناس منسياً منسياً من صدمة 22 يوليو. هذه السعادة على النفس الطالع نازل هي أكبر طاقة سياسية وروحية في الحزب حالياً. جرب وتناول الحزب بنقد ولو موضوعي فسترى غريزة البقاء عندهم أخرجت أثقالها. ما زال نقد أنفسهم بأنفسهم من المحرمات. وما لم يتجاوز الحزب مسألة كل فتاة بحزبها معجبة سيبطل التجديد. فشرط التجديد من إطلاق عنان التفكير في الماضي ومشروعية فحصه بغير رحمة.
• هل ترى بذلك أن الماركسية لم تعد ذات موضوع؟
#لا أعرف نظرية أزف وقتها مثل الماركسية في حين هجرها أصحابها. ضربت على فكرتي هذه مثلاً بمسألة دارفور في كتابي "أصيل الماركسية". فقد كانت الحاجة ماسة لتحليل نزاعاتها على ضوء مسألة الحواكير أي تملك الأراضي وعلاقات الانتاج فيها. وهذا هو الأساس المادي الذي تبدأ به الماركسية في تحليل المجتمع ولا تقتصر عليه. ولكن كيف حلل الشيوعيون مسألة دارفور؟ لقد تمسكوا بتحليل أنها حرب عرب وزرقة كغيرهم من الأحزاب والجماعات. وكلنا يعرف سوء الظن والغبائن التي ترسبت من ذلك. وكان بوسع التحليل المادي أن يجمع الناس اخواناً في الوطن نزاعهم حول الموارد ككل خلق الله. ولكن متى كان النزاع عرقياً فحلاله صعب او مستحيل.
*ماهي الأسباب التي غيبت أدوات الماركسية في الحزب ؟
الأزمة الفكرية. منذ دخلت الحزب في 1960 سمعت بهذه الآفة وما تزال تعمل عملها وتتعمق بالزمن بالطبع. والأزمة ثمرة تراخي الماركسية السودانية عن الانشغال العميق بأنساق المجتمع وتحولاتها على نحو حر وجريء ومبدع. مثلاً إذا سألت ماركسياً اليوم عن من هي الطبقة أوالقوى الاجتماعية التي بيدها مقاليد الأمور في البلد لقال لك "الكيزان" أو "الرأسمالية الطفيلية" ود زعل ساكت، دا ما ماركسية. دي سياسة شباب منابر جامعة الخرطوم اندلقت في البلد وعم أذاها. نفعتنا الماركسية في تشخيص الاستعمار فحسنت وطنيتنا وصقلتها ولكن لم نحسن توظيف الماركسية بعد أن صرنا نواجه أنساق المجتمع وجهاً لوجه. دا ألمي حار.
*ما الحل برأيك؟
#في خروج ماركسيين من رحم التمايز الطبقي الذي يشق مجتمعنا أمتين: المرطبون وأشقياء الحال. ماركسيو الجيل الماضي ماركسيو "حركة وطنية" بشكل أساسي ولذا زاغ بصرهم عن المشكل الاجتماعي الثقافي الاقتصادي الحوكمي على حسن شروعهم فيه لفترة قصيرة بعد الاستقلال.
*هل مازال دكتور عبدالله يؤمن بالماركسية ؟
نعم. وأسعى لتنزيلها في تحليلاتي للأنساق الثقافية ولا أجد عسراً. بل متى وظفتها تشف لي تلك الأنساق وتتضح ككتاب مفتوح. علاوة على أن التقليد الماركسي هو الذي شكل الثقافة والسياسة وسياسات الكادحين بالذات في السودان كما لم يفعل غيره. ومن يريدون رمي التقليد في سلة المهملات بمختلف الاسباب لا يدرون انهم سيرمون أنفسهم من بعده. اقول قولي هذا والله كمؤرخ للسودان لا كماركسي. والله العظيم.
*لماذا لم يفكر الدكتور في تكوين حزب طالما أنك صاحب دعوة وسبق أن ترشحت لرئاسة الجمهورية ؟
الحزب ككيان سياسي مشكلة. فبعد تجربة الحزب الشيوعي لابد أن أفكر قبل ارتكاب انتماء حزبي آخر. الحزب سلطان جائر أعفينا أنفسنا من التفكير في شروره لأنه اقترن بحرية التعبير والتنظيم. إنه حالة طائفية بصورة او أخرى حتى في افضل الديمقراطيات. أحاول منذ مدة التفكير في حزب بلا أنياب بعد فجيعتي في جهاز الحزب الشيوعي. مثلاً كتبت عن وجوب ألا يصدر الحزب جريدة لسان حال لأنها من آليات سيطرة المركز على الأعضاء. أعجبني اقتراح لعادل عبد العاطي أن يكون التحقيق مع عضو الحزب على خرقه للوائح تنظيمه بواسطة لجنة من خارج الحزب كله لتحقيق العدالة. اريد حزباً للاعضاء لا للمركز. عند الشيوعيين مثلاً تقديس للمركز ويعيش متفرغو المركز كصغار الآلهة وإن خفت موازينهم. ومن قرأ كيف استقبل رفاق ما في مدينة إقليمة يوماً ما الزميل الطالب السر مكي كمندوب للمركز عرف كيف صار المركز مجمع آلهة. بالطبع الحزب أعلى درجات حرية التعبير والتنظيم ولكن ينبغي أن ننشيء الواحد منها حذرين من أنه ربما أضر بتلك الحرية في داخله وحوله.
*هل تفكر في آلية أخرى ؟
نعم. أنا تحدثت خلال الانتخابات عن منظمة سميتها (القائمة الوطنية للنهضة، قون) وفكرتها أنها مما يعرف بالحركة الاجتماعية يقع نفعها مباشرة للناس من مثل ما تقوم بها الجماعات الإسلامية في المساجد ولكنها أوسع نطاقاً. مثلاً سيكون للقائمة جماعة متطوعة من خبراء البذور. فإذا نشأت مشكلة مثل التي كانت بين المزارعين والبنك الزراعي أو غيره تدخل هؤلاء الخبراء وأدلوا بقول مختص يعين على وضع النقاش الوطني حول المسألة في ماعونه. وسيكون لها أطباء ومحامون يخدمون الكادحين في وجوه متاعبهم المختلفة حريصين ألا تُضيع الدولة الفصيحة حقوق المستضعفين. المحامون في قون ليسوا فرعاً في القائمة كفرع الحزب بل طاقة سياسية مهنية مبذولة للناس بشكل مباشر. فقون شبكة أفقية وليس حزباً رأسياً بأمين عام وكرادلة وكهنة. ويكثر الحديث هذه الأيام عن الحركة الاجتماعية في الأدب السياسي للتغيير. فهي طالعة للخدمة لا للتخطيط السياسي لخدمة تأتي في المستقبل. ولا يمنع بالطبع هذا من أن تنشغل بالتفكير في المستقبل. نريد بمثل هذه الحركة الاجتماعية أن نقرب الشقة بين الخدمة والناس. فالأطباء عندنا صاروا تدريجياً مخلوقات ليست منا في جاه تجارة الصحة. توحشوا الله لا كسّبهم. وكذلك المحامون في تجارة العدل.
*.يبدو أنك أجريت مراجعات فيما يخص التجربة الحزبية ؟
#لم يكن لمثلي ترف التفكير في إنشاء الحزب كيفما اتفق: أعمل حزب وتوكل على الله. من ذاق عضة الدبيب خاف من مجر الحبل. ولا بد من بعد أزمة الأحزاب المتطاولة أن يكون تكوين الحزب نفسه موضوع مراجعة وتفكير مختلف.
*هل يفكر الدكتور في إعادة تجربة الترشح لمنصب الرئاسة في لإنتخابات القادمة ؟
#لم يبتلني الله بالسياسة التي أعتقد بموجبها أنني خلقت لمهمة واحدة هي الترشح لرئاسة الجمهورية أتربص بها كل إنتخابات ويا غرق يا جيت حازمها. أجد نفسي كسياسي في شغل الأيام العادية التي يتشاءم فيها الفكر وتصح العزيمة.
ترشحت المرة الماضية لتنبيه الناس لخطر الانتخابات التي كان بوسعها أن تخلق بيئة مناسبة ليتخذ الجنوب قراراً غير ما أختار. كانت ترشحي انتحاراً في الضفة الصاح. ولم يفهم الهر الكلام. ثم ها هم يبكون ويتباكون ويتلاومون كأن هذا يعفيهم من الوز جميعاً بلا فرز.
*هل هذا بمثابة قرار نهائى ؟
#لا تضيق واسعاً !
*يعتقد البعض أن الأمريكان قرروا الانفصال وكانت الانتخابات مجرد طقس لا معنى لها؟
#أقرا هذا القول وأسأل أين وجده قائلوه: في أي صفحة من كتاب السياسة الخارجية الأمريكية، على أي صفحة من أي كتاب؟ أمريكا دي عوالم وسياسات. اأمريكا الرسمية لم تقم نيفاشا خداعاً وإفكاً. فهم بغير حاجة لذلك ولو داروا الانفصال ما محتاجين للتمثيل. أعطونا اتفاقاً و5 اعوام "لنشوف ضوقة" بعض ولكننا أهدرنا كل ذلك ثم لمنا الأمريكان. كان يمكن استثمار ذلك الوضع الانتقالي بصورة أكثر ذكاءها. كيف؟ حقو نفكر بمسؤولية في تفريطنا في الفرص التي توفرت. فقد احتاجت تلك الفرص لرجال دولة ونساء في الحكم والمعارضة من الدرجة الأولى يجيبو الهوا من قرونو لا ناس "قريعتي راحت". ودرنا الفرص وعدنا إلى تميمة الأمريكان وما الأمريكان. دا حدو وين؟ وهذه حيلة عجز.
*اذاً في إعتقادك أن الانتخابات فرصة مضاعة ؟
# هي سيدة الفرص المضاعة وما تزال. مثلاً المؤتمر الشعبي حرص على الانتخابات وفاز بدوائر في جنوب دارفور. ثم انضم بعد ذلك لشاتمي الانتخابات وكاد ينسى أن له ممثلين في المجلس الوطني بل زعيم المعارضة، دكتور إسماعيل حسين، منهم. ولكن الأضواء الآن على كمال عمر الأمين السياسي للحزب لا إسماعيل زعيم المعارضة. شوف البرجلة دي!
*قد يكون عدد نواب المعارضة قليلاً؟
#كم من فئة قليلة. وأضرب مثلاً. كان في برلمان 1954 عضو واحد من الحزب الشيوعي هو حسن الطاهر زروق وكان الرجل الواحد الذي شكل أغلبية. أقرا وثائق "اليسار في عشرة أعوام" لمحمد سليمان وستعرف قوة الرجل الواحد
*دكتور كما هو معروف فشلت في الحصول على توقيعات تمكنك من خوض منافسة إنتخابات الرئاسة السابقة فما هو الشئ الحاسم في هذه النتيجة بعدك عن البلد شخصيتك الأكاديمية أم ماذا ؟
#مسألة التوقيعات كانت ماسورة كبيرة. لا توقيعات ولا يحزنون. كل الأحزاب بما فيها المؤتمر الوطني أخذت قوائم لجنة الانتخابات وهاك يا نسخ وتوقيع وعيك. كنت الوحيد الذي انتهز سانحة تلك التوقيعات ليصل الناس ويتحدث إليهم بواسطة مطبوعاتي ورجال صدق ونساء اجتمعوا حولي وجابوا السودان على رجل كلب. ولما اكتشف بعض من احسنوا الظن فيّ "عوارتي" وحرصي على الالتزام بالشروط نصحوني بغير ذلك وجاؤوا بقوائم وساطوها سواطة جد. وما زال ذلك يؤرقني. ولكني كنت المرشح الذي اراد أن يجعل من الانتخابات مناسبة للجمهور لا للجنة الإنتخابات وشروطها الممتنعة السهلة.
*ألم تطلب المساعدة من الأحزاب ذات السعة في الشمال والجنوب لمساعدتك في التوقيعات؟
# والله طلبت وقابلت كبارهم قبل صغارهم. وطلبت منهم طالما اقتنعوا بأن التزكيات إجراء قصدت به الحكومة تعطيل المنافسة وإحراج المعارضة فلنجتمع كلنا ونتعاون ونتساند ونبطل مفعول سمها. ولكن من يسمع؟ الأدهى جعلت الأحزاب تتزابى في من أكمل التوقيعات وكم حصل. والقصة كلها مغشوشة يأ أولاد الإيه!
*ما تفسيركم الى عدم المساعدة ؟
#عبد المعين ينعان يا بنتي. علاوة على الذهول السياسي الذي لاقت به الأحزاب المعارضة بالذات الانتخابات. طول عمرهم دايرين الانتخابات ولما جات استغربوا أن تاتيهم من مستبد. وأضطربوا إضطراباً عظيماً: ندخلها ناقطعها ندخلها نقاطعها. جننتوا المعلقة جن.
* ما حكاية ندوتك في حلة كوكو التي أردت بها تدشين ترشيح؟
أنا إلتزمت بالإجراءات التي لا غبار عليها في الإذن بالإجتماع. فأنت تطلب الإذن من الشرطة لتكون في وضع لحفظ الأمن. ولم يستغرقني الإذن من الشرطة والأمن وقتاً طويلاً. بل زرت شرطة كوكو وقدمني ضابطها الأعلى لضابط صغير مكلف بالندوة. ثم قبل ساعات قليلة جاءني نفس الضابط العظيم بأمر إلغاء وكان خجلاً ومعه طاقم الضباط خجلين لأنهم مواطنون ومهنيون ويحبون اللعبة الحلوة. وبعثوا لي بضابط قانوني وهرّج كثيراً ليقنعني بأن وقت ندوات التدشين لم يبدأ. وبدا لي أنه مطلوب منه أن يقول أي كلام حتى لو بدا به عبيطاً ذا عبل. ورثيت له. لا ازال أطلب أن اعرف من ألغى ندوتي. ومن ألغاها إن شاء الله يقع عليهو جملة دُعا الشايقي السرقو ملايتو من كمبرسون وغيره عشان "عاقني أنا".
والمؤسف إن إلغاء الندوة كأن لم يكن في دوائر الأحزاب والمحامين الأشاوس سوى أنني شاكر لاصدقائي في حزب الأمة القومي والحركة الشعبية والبعثيين حضورهم الندوة والوقوف على تهافتها.
*أنت شخصية تدعو الى الإصلاح العام فكيف تتواصل مع الفكرة على ضوء وجودك بالخارج ؟
#أنا موجود في السودان جبنة وعدة. مكتبتي كلها في السودان وإذا كانت مكتبتي في السودان فأنا في السودان. ولكن اقتضى شرط عائلي أن أرواح بين السودان وأمريكا. فصرت أنتهز الغيبة الأمريكية كخلوة أنجز فيها قراءات وكتابات صعب تحقيقها هنا. أنا ركّاب سرجين غير وقيع إن شاء الله.
*كذلك عرفك الناس بالكتابات الإبداعية ومؤخر اً أصبحت تكتب في السياسة فهل غلب هذا الجانب على غيره ؟
# أنا كتلة واحدة ولا أحب الثنائيات مثل إبداعي وسياسي. أنا كما وصفني عيسى الحلو أثقف السياسة. فأكتب سياسة بالثقافة وثقافة بالسياسة. والإبداع في اللغة والسرد والدراما والخيال هو ما يجري مجرى النهر بين هذه الكتابات. أنا لا اقبل القسمة السهلة.
*لكن لم تبتعد عن الكتابات الإبداعية ؟
#أقدر أقول وقفت من الكتابة الإبداعية القح من قصة ومسرح ولكن نفسها يسري مسراه في كتاباتي كما قلت. خبرتي الإبداعية مستصحبة في زمن اصبح التاريخ مما يقوم على "السرد" مثل الرواية. خذ مثلاً كتابي القادم عن الشاعر المرحوم شيبون. هو قصة وتاريخ.
*كيف تنظر الى دخول الفكر الديني فى العمل السياسي ؟
#الفكر الديني لا يمكن أن ينفصل عن السياسة. و"الإسلام السياسي" مصطلح زائف مثل قولك "الاشتراكية السياسية". لن يمنع حتى قيام الدولة المدنية من وجود من يدعو إلى الدولة الدينية بقضها وقضيضها. المسألة هي نزاع حول مقدار الدين الصالح للدولة. هل هو كله أو نصه أو أنقص منه قليلا. والحَكَم على ذلك صندوق الانتخابات. في الستينات وجدنا عسراً في منافسة الإسلاميين المدججين ب"الاسلام هو الحل". كان الشعار غضاً. ولكن صبرنا عليهم ورأى الناس عياناً بياناً أن القدر الذي نحتاجه من الدين في السياسة دون أن يكون الحل الجامع. بعض الناس لا يرى في الإنقاذ ضارة نافعة. ولكنها أفرغت الإسلاميين من تميمة الاسلام هو الحل وعادوا أدراجهم يفكرون معنا حول دولة المواطنة. بالنسبة لجيلي هذا مكسب ما كنا نتصور أن يقع لنا في أقل من 25 سنة. ولكن لا يعني هذا نهاية المطاف. فتنشأ بالزمن حركات تعود بنا القهقري إلى "الاسلام هو الحل".السياسي الذي يفشل في التعايش مع هذا الدقداق ويريد دولة مدنية تستل الدين من سياستها سياستو فاكه كما يقال في عالم المستديرة.
*ننتقل لى محور العلاقات السودانية الأمريكية ،السودان وأمريكا فشلا في الإتفاق على صيغة مشتركة لترميم العلاقة بينهما. فإلى ماذا تعزي هذا الفشل؟
#إذا كانت حكومتنا فشلت في الوصول إلى صيغة تراضي مع شعبها فهل تتوقعها أن ترضى عنها "اليهود والنصارى" في العبارة القرآنية. الإمريكان ب"يقلو" زي خروف العيد الدولة فإذا كانت معزولة عن شعبها وعائشة رزق اليوم باليوم يوروها العجب ويلعبوا بيها القردية. ودا الحاصل كل وعود الأمريكان مع الإنقاذ عرقوبية. حكومتنا ما عندها صليح ولذلك حتى الذي يريد مساعدتها في الإدارة الأمريكية يشب ليهو اللوبي في حلقو. لكن الإدارة الأمريكية مع ذلك لا تمضي مع اللوبي إلى نهاية الشوط في مثل دعوته لحظر الطيران بل العدوان على الانقاذ والإطاحة بها. يعني برضو في الحكومة الأمريكية الرحمة. لن يرحم الأمريكان الإنقاذ إذا لم تتعزز بأهلها. فالعز أهل.
• قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2046 أعاد للأذهان القرارات السابقة التي صدرت ضد السودان وكانت وراؤها أمريكا ماتعليقكم ؟
القرار الأخير 2046 اسأل منو عادل الباز. كتب عنه كتابة ذكية استبعد المخاوف ونفذ إلى جوهره ومعظمه لصالح السودان. موضوع المفاوضات مع "الجنوب الجديد" والحركة الشعبية هي من صنع نافع على نافع وضمها القرار إلى عناصره الأخرى. حقو نعرف لماذا رفضنا شغل نافع في أديس قبل ما ننق في القرار 2046. نحن بحاجة إلى شجاعة النظر في أنفسنا وهذا من هدي القرآن..
ماذا عن دور إسرائيل في كل هذا؟
إسرائيل حقيقة كبيرة في السياسة الأمريكية. ما شفته رومني جري جري عليها وفرط في لسانو. وقبل أن يصل رومني سارع أوباما جدد تأكيده بحمايتها. هذه دولة يطلبها الخطاب للرئاسة. وحقو نكف عن لعنها والوسوسة بها وأن ندرس عن كثب لماذا صارت لها هذه الحظوة. ليس صعباً أن نقارب حظوتها لو فكرنا قليلاً أو كثيرا. سئمنا من إسرائيل إسرائيل. دا حدو متين؟ وليس عندنا مؤسسة واحدة متفرغة لدراسة إسرائيل. وحتى مراكز الدراسات القائمة لا تضع إسرائيل، دولة العدو، في بؤرة تفكيرها. بدأنا في الستينات بتدريس العبرية كلغة سامية في كلية آداب الخرطوم. فأين نحن الآن من هذا الكسب. يا اخوانا الغش ما ببقى.
#هل هناك أمريكا أخرى كما بدا لي من النقاش معك؟
نعم. وهي امريكا القديمة الديمقراطية الليبرالية الإنسانية الجفرسونية وتحتاج إلى اكتشاف. ولا أجد أثراً من آثارها من كتب ومجلات وصحف ومواقع إنترنت متداولاً بين النخبة وصناع الرأي العام. بدا لي أننا صفوة وسابلة نعيش في زمن "داون داون يو سي". وبعضهم غيَّر الشعار اخيراً إلى "لونق ليف يوسي آى" كية للإنقاذ.