للجَادِّين فقط ..! بقلم: منى أبو زيد

 


 

منى أبو زيد
30 October, 2012

 


"الصعب هو مايمكن فعله حالاً، أما المستحيل فهو يأخذ وقتاً أطول بعض الشيء" .. جورج سانتايانا!
الملاحظ جداً أن ممارسة السلطة في معظم دول العالم الثالث تتحرى مصلحة الحكومة قبل مصالح الدولة، وتواجه شبهات الفساد بتدابير شكلانية، تستهدف أفواه المعارضة - وموضة تسريبات الوثائق - أكثر من استهدافها أوكار الفساد نفسه ..!
فتبدأ الحكومات بافتراض براءة منسوبيها ورجالاتها وتجتهد في تسخير التدابير اللازمة لضمان سلامتهم من أي شبهة، قبل أن تشرع في حماية أموال الشعب من احتمالات فسادهم، والحقيقة أن هنالك حزمة تدابير منطقية لو غابت عن إستراتيجية محاربة الفساد في أي دولة، فإنه يحق لأي أبي حنيفةٍ كان، أن يمد كلتا رجليه .. فأين سياسات حكومة بلادنا من تلك التدابير ..؟!
أول مراحل محاربة الفساد تبدأ بتكريس مفهوم المواطنة لدى الشعب بمواقف قاطعة في سلوك الحكومة نفسها(ما يزال التهرب الضريبي عندنا شطارة في عرف مواطن لا يعرف خارطة طريق أمواله من وإلى جيب الحكومة، ولا يرى لها أثراً في خدمات أو تنمية!)، ومن أبجديات المواطنة السليمة أن تتخلى الحكومة عن تشجيع النعرات القبلية لدعم مواقفها، وتمكين أسباب بقائها(القبلية في السودان هي أهم أعوان الفساد، لأنها تمنح أولي القربى حصانة دائمة ضد المحاسبة، وتستبعد الكثير من الكوادر الجيدة وفقاً لتصنيفها الإثني) ..!

ثم ياتي دور الشفافية، التي تعني ببساطة أن تتضافر الملاحقة القانونية مع وفرة المعلومات "ثورة معلومات هائلة بتكلفة مادية بسيطة"، وهذا هو أعظم أدوار الحكومة الإلكترونية، وأهم مميزات تقصير الظل الإداري، الذي كلما طال توسدت التجاوزات وتمددت الأخطاء ..!
شظف العيش هو بوابة الفساد، والحل الواقعي يكمن في تقليص الكادر الإداري وبالتالي توفير السيولة الكافية لتحسين المرتبات، ورفع كفاءة العاملين بالتدريب المستمر، وأن تكون الترقيات بناء على مستوي الأداء، وليس السلم الوظيفي المحبط حيناً والمجحف أحياناً ..!
تنازع الاختصاص مايزال أخطر أدواء السلطة التنفيذية في السودان، وربما كان من الجيد تركيز الاختصاصات والمسئوليات والصلاحيات في سلة تنفيذية واحدة، لذا عوضاً عن تبديد جهد الحكومة وتضييع زمن الشعب في مراقبة سلوك الوزراء والمسئولين، الأجدى أن تتبنى الحكومة مبدأ فصل السلطات بين الوزارات والهيئات التنفيذية، بحيث يقتصر دور الأولى على التخطيط، وينحصر دور الثانية في التنفيذ ..!
هي على كل حال بعض الأفكار (مجرد اقتراحات لبعض المعالجات التي تؤسس لفعل ثوري ما لتنفيذ سياسة أي حكومة جادة في مكافحة الفساد) وكله مرهون – في نهاية الأمر – بصدق الإرادة السياسية إن وُجدتْ ..!

صحيفة الرأي العام


منى أبو زيد
munaabuzaid2@gmail.com

 

آراء