كن واثقاً إن ذهبت لحاضرة الديار الروسية - موسكو- أن تزور موقعين إثنين، وإلا فإن رحلتك تعد ناقصة الإهاب. الموقعان هما: مسرح البلشوي ذو السمعة العالمية ، وحديقة الثقافة والراحة المسماة "غوركي". وتكون شديد الحظ لو فزت بتذكرة حجزت لك في البلشوي قبل ستة أشهر لحضور حفل باليه "بحيرة البجع" التي وضع موسيقاها عبقري الموسيقى بيوتر تشايكوفسكي (1840-1893)! واحرص من ثم على قضاء أمسية صيفية دافئة في الحديقة المسماة على الروائي العالمي مكسيم غوركي ، حيث تسمع الترحاب بك وبالمئات غيرك من الزوار عبر مكبر الصوت لزيارتكم حديقة الثقافة والراحة (بارك كلتوري) المسماة غوركي!
أنصحك كذلك وأنت تزور عاصمة الضباب لندن ألا تشغل بالك كثيراً بالمتحف البريطاني حيث الكم الكبير من محتوياته سرقته الإمبراطورية العجوز من مستعمراتها !! ولا تحصر اهتماماتك في شارع أكسفورد أو توتنهام كورت رود أو شارع ايجوار حيث السلع التي أنت واجد مثلها وأفضل وبسعر أقل في أي عاصمة خليجية أو آسيوية! أنصحك بزيارة ثلاثة مواقع في لندن: ركن النقاش في حديقة هايدبارك الشهيرة ، حيث تقف الشرطة لتحمي من يصب جام غضبه على الحكومة البريطانية وعلى ملكة بريطانيا نفسها، وأن بريطانيا بحاجة للحرية السياسية والاقتصادية!! وأنصحك أن توفر من وقتك في اليوم التالي ما تقضيه في المكتبة البريطانية (المبنى الجديد) على بعد امتار من محطة القطارات والحافلات المسماة إيوستون ! ستدهشك المكتبة بمحتوياتها من المطبوعات في شتى العلوم والآداب. وتعجبك وأنت تدخلها حضارية التعامل ، وسرعة حصولك على ما تريد – خاصة إن كنت تحمل بطاقة عضويتها. جيش من العاملين والعاملات، وقضاء العمل عبر نظام حاسب آلي دقيق. ثم كافتيريا تؤمها لتناول وجبة خفيفة متى أشبعت العقل!
أما الموقع الثالث الذي ينبغي زيارته في عاصمة الضباب فهو باعتقادي مسرح وليام شكسبير ذو المعمار التاريخي والمطل على نهر التيمس. مواقيت الزيارة يومياً من الصباح الباكر حتى الثانية ظهرا.. بعدها تبدأ فرق العروض المسائية بالتحضير والبروفات على خشبة المسرح.
قصدت من النصائح السياحية أعلاه أن أقول بأنّ الأمم التى تبيعنا السلاح لنقتتل ونخرب أوطاننا لا تميل لمجرد سيرة الحرب في أطرافها. لكنها تقوم بتدريس الناشئة فيها غزواتها القديمة للآخرين ، وكيف أنّ أبطالها كانوا عظاماً. وتقيم التماثيل وتسمي الحدائق على مفكريها وشعرائها. وإما قضى كاتب أو مفكر نحبه حولوا بيته متحفاً ومزاراً . في "الضاحية المضيئة" Yasnaya polyana-حيث قصر الفيلسوف والروائي الروسي العظيم ليو تولستوي تجد العشرات وهم يصطفون خارج وداخل قصره مطوفين بالغرف ليشاهدوا مخطوطات رواياته بخط يده. أذكر أنني شاهدت آخر فنجان قهوة احتساه وبه ثفل البن كواحد من المعروضات!
نقطة نظام: أختم لأذيع سراً قد لا يعرفه بعض قراء هذه الصحيفة: أنا من بلد أعدم شنقاً في القرن العشرين مفكراً مسلماً لأنّ (خليفة المسلمين آنذاك) لم يفهم ما قال به العالم المتصوف محمود محمد طه! وأزيد قرائي إيضاحاً: أنا من بلدٍ يجلد حرائره في القرن الواحد والعشرين في ساحة عامة لأنّ عسكر النظام العام لهم رأي فيما ترتديه الفتاة !