لماذا سعدنا بفوز قطر وغضب أوباما؟
الزغاريد تعطّر سماء الخرطوم
كانت صالة (الأحداث) مساء أمس الأول مكتظة (بالنساوين)، كنّ يطبخن عددهن المدهش الذي طالعتموه أمس. الخبر ليس العدد التاريخي الذي يصدر لأول مرة في الصحافة السودانية، إنما الخبر هو (نار الزغاريد) التي اشتعلت في أرجاء الصالة حين أعلن السيد بلاتر عن فوز قطر باستضافة كأس العالم العام 2022.
عانت صالة (الأحداث) توتراً نادراً في تلك اللحظات العصبية التي سبقت فضّ المظروف، اشرأبت آمال وأحلام ملايين العرب والمسلمين، وكيف لا!! إنه نصر نادر سُجل في تاريخهم الحديث، سجلته باقتدار ومهارة قطر.
حين فضّ السيد بلاتر المظروف اختلطت تكبيرات الرجال بزغاريد «النسوان» وعجزتْ عن حبس الدموع المآقي. كم نحب قطر، لأنها جديرة بالمحبة, ولأنها تحمل في حناياها محبة خاصة للسودانيين. مبروك لنا جميعاً، ولقطر قيادة وشعباً.. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ.
أمس الأول سعد السودانيون بفوز قطر باستضافة كأس العالم، كما سعدنا نحن في (الأحداث) وعبّرنا عن ذلك في الخبر المصاحب لهذا المقال. بالأمس أصدر أوباما تصريحات محيّرة ومسيئة لنا كعرب، وليس لقطر وحدها، ولك أن تستغرب من التصريحات التي أطلقها أوباما معلناً فيها غضبه من فوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022 لا أعرف لِمَ استكثر أوباما على قطر تنظيم المونديال، بل لماذا استكثر أوباما على العرب والمسلمين، بل منطقة الشرق الأوسط كلها استضافة كأس العالم لأول مرة في تاريخها؟. لو أن بريطانيا غضبت من تجاوزها في تنظيم الكأس لكان ذلك مفهوماً، فهي التي أهدت العالم فكرة كرة القدم.. وتقول ويكبيبديا: (كرة القدم في شكلها الحديث بدأت بالظهور في إنجلترا. ففي سنة 1016، وخلال احتفالهم بإجلاء الدنماركيين عن بلادهم، لعب الإنجليز الكرة فيما بينهم؛ ببقايا جثت الدنماركيين، ولك أن تحزر أقرب أعضاء الجسم شبهاً بالكرة وأسهلها على التدحرج بين الأرجل، فمُنعت ممارستها. وكانت هذه اللعبة تظهر وتنتشر، ثم تُمنع بمراسيم ملكية لأسباب متعددة، ووصل الأمر إلى حد المعاقبة على ممارستها بالسجن لمدة أسبوع) بالله شوف!!. ثم إن بريطانيا نظّمت كأس العالم قبل أربعة وأربعين عاماً في العام 1966 وهي المرّة الوحيدة التي فازت فيها انجلترا بالكأس. فإذا لم تحتج ولم تغضب الدولة التي شهدت ولادة اللعبة وتوجت بكأسها، فأمريكا التي هي بلا تاريخ كروي على الإطلاق تحتج في شنو؟. إنها الغطرسة الأمريكية المعتادة. هم المنتصرون دائماً وأبداً.
لو أنّ أمريكا كانت عاقلة بما يكفي، لأعلنت عن سعادتها لفوز قطر، ليس لأن قطر صديقة لأمريكا، بل لأن المنطقة التي تقع قطر في جغرافيتها تشهد توترات سياسية واقتصادية وحروب ومآسي وكوارث صُنع أغلبها بأيدٍ أمريكية.
لماذا تتسبب أمريكا في كوارثنا ولا تسعدها أفراحنا؟ لماذا تتسبب أمريكا في هزائمنا ولا تفرحها انتصارتنا النادرة؟.
المرة الوحيدة التي انتصرنا فيها على أمريكا كانت على ملعب؛ صحيح إنه انتصار عالمي، ولكنه في النهاية في لعبة، فما السيء في ذلك يا سيد أوباما؟ لا يمكن لأمريكا أن تستبيح أراضينا؛ تستغلها وتستعمرها، وتعين مغتصبيها بالمال والسلاح، ثم لا ترضى أن نحقق نصراً يتيماً في ملاعب كرة القدم!!
العرب والمسلمون في مخيلة أمريكا لا يستحقون إنجازاً، ولا أن يُنسب شيء ذو قيمة لأمّة العرب. يسعدها فقط أن ترى تلك الأمة جاثية على ركبتيها عند بوابة البيت الأبيض!! تستجدي إيقاف الاستيطان، وتبكي ملايين الضحايا الذين أهدرت دماؤهم في فلسطين والعراق وأفغانستان. تسعدها الألعاب النارية التي تصبّها إسرائيل بين الحين والآخر على رؤوس الفلسطينيين في غزة وجنوب لبنان.
باختصار نحن لا نستحق سوى الضرب والقتل والسحل.. لا نستحق كبشر أي شيء حتى فوز بتنظيم كأس عالم بعد اثني عشر عاماً، وبعد أكثر من تسعين عاماً من الانتظار الطويل.. هذا النصر لا نستحقه لأننا ببساطة عند الأمريكان لسنا بشر!!
نحن كائنات تصلح لشيء وحيد هو خدمة الغرب، أرضنا تنتج بترولاً ليدفيء غرف نومهم، وعوائده تستورد أسلحة تكدّس في مخازننا!!