لماذا لا يقول الفقهاء ذلك ..؟! بقلم: منى أبو زيد
منى أبو زيد
30 October, 2012
30 October, 2012
"الحكم نتيجة الحكمة والعلم نتيجة المعرفة، فمن لا حكمة له لا حكم له، ومن لا معرفة له لا علم له"! .. محي الدين بن عربي
الفقهاء يقولون – في معرض تفكيكهم لأسهم مستحقي الزكاة - إن سهم الفقراء والمساكين يستحقه كل من كان بحاجة إلى الزواج وهو عاجز عن تكاليفه المعتادة لمثله، وكل طالب علم عاجز عن الجمع بين طلب العلم والتكسب، وكل من لا يجد عملاً يليق بمكانته ومروءته، ويستحقه أيضاً كل العاملين في وظائف لا تكفي مرتباتها وبدلاتها لسد حاجاتهم الضرورية .. وعليه وفقاً لأحكام الشريعة فإن السواد الأعظم في هذا البلد تجوز عليهم الزكاة ..!
هنالك مسميات رائجة مثل "ذي السعة" و"المستطيع" نبذلها في أحاديثنا بلا حساب، لكنها هي في الحقيقة مصطلحات لا يصح إطلاقها إلا على المترفين بمقاييس حال هذا البلد الذي يدخل معظم أهله في قبيل الفقراء والمساكين، وفقاً لذات التصنيف الشرعي ..!
علماء الدين في بلادنا تركوا فراغاً فقهياً عريضاً فيما يتعلق بالحديث عن وجوب الأضحية من عدمه، وتفرغوا تماماً للحديث عن آلية تطبيق الحكم الشرعي .. إذ وفي الوقت الذي تتكفل فيه جهات غير فقهية مثل جمعية حماية المستهلك بمناقشة الأضحية "كعبادة اجتماعية مرتبطة بالمكابرة والمسايرة أكثر من ارتباطها بالنوايا الدينية" يتفرغ فقهاء وأئمة البلاد للحديث عن آلية توفير خروف العيد ..!
وقد أصدر فقهاء السودان فتوى تقول بجواز شرعية شراء الأضاحي بالقسط يعني بالدين! .. وهو كما ترى نهج إفتائي مربك للمسلم الذي يشد العرف وثاقه فيهرب إلى الدين بحثاً عن الرخصة، وبدلاً عنها يجد فتوى تُجاري استحكام العادة وتتواطأ مع تنطع المجتمع بشأن لزوم الأضحية، فتلزمه بما لا يلزم .. وتحاصره برخصها المبذولة حول طرائق وآليات السداد ..!
وعوضاً عن ذلك كان الأحرى أن يجتمع علماء الدين على كلمة سواء بشأن فتوى أكثر إلحاحاً .. أن يقلبوا ظهر المجن للعرف الاجتماعي الفاسد بتنوير فقهي يطمئن إلى عدم وجوب الأضحية - "من أساسه" - إلا على ذي السعة، بل ياليتهم تشددوا في عدم جواز إرهاق الجيب والنفس لتوفير أثمانها .. إذ كيف يمكن أن تجتمع الاستطاعة والمشقة في شرع الله الذي لا يكلف نفساً إلا وسعها .. ؟!
خروف الضحية هم مقيم، ومشقة مؤكدة للسواد الأعظم، لكن سطوة العرف تفرضه كنوع من المكابرة الاجتماعية المتلفعة بأثواب الواجب الشرعي، فلماذا لا يقول فقهاء السودان ذلك ..؟!
صحيفة الرأي العام
منى أبو زيد
munaabuzaid2@gmail.com