فاروق أبو عيسى يروي للميدان القصة كاملة
+طلاب صغار نبهوا حكومة الثورة بمحاولة إنقلاب عسكري يتم تدبيرها في تلك الليلة!.
+ عبد الله رابح رئيس نادي الهلال العاصمي كان أول من تلقى خبر الانقلاب!.
+ جائتني فكرة إذاعة بيان جماهيري من الاذاعة مباشرة في الطريق من نادي الأساتذة لمنزل زير الاعلام!.
ليلة المتاريس ،، كلمة دخلت القاموس السياسي للسودانيين من أوسع الأبواب، حيث حرصت القوى السياسية في فترة المد الثوري الذي أعقب سقوط الحكم العسكري الأول، الاحتفاء بيوم التاسع من نوفمبر سنوياً، إلا أن انحسار ذاك الزخم، فرض تراجعاً في الأولويات جعل الحرص على الاحتفاء بتلك الليلة يتراجع وينزوي بحكم أسباب متعددة، أقواها هي أجواء الديكتاتوريات العسكرية التي صادرت التعددية والحريات العامة وفرضت أجواءاً من الشمولية وهيمنة الحزب الواحد على الحياة السياسية منذ أن أسفرت أفكار النميري في مايو والاسلامية السياسية في الانقاذ ويونيو عن توجهاتها المعادية لأماني وآمال شعب السودان. نعم إنزوت ذكرى ذلك اليوم، ولكن إلى حين حيث ظلت جذوة النضال من أجل الديمقراطية والحريات العامة مشتعلة في أفئدة الجماهير، وما يؤكد ذلك هو استعصام القوى الحية السياسية بشعارات أكتوبر المجيدة واحتفائها السنوي بذكراها من جانب، ثم استذكار دروسها وتبيان معالمها البارزة والتي من بينها ليلة المتاريس التي أكدت على ثورية الشارع السوداني الذي شكل في أرضه أبناء العاصمة رجالاً ونساءاً شيباً وشباباً وأطفالاً سداً منيعاً ضد عودة كبار جنرالات الجيش للعودة إلى حكم البلاد بالحديد والبطش، وتعبيراً ثورياً بليغاً عن أن شعب السودان قد اختار طريق الديمقراطية والتعددية السياسية وأنه بسده للطرقات على دبابات كبار جنرالات الجيش السوداني ليقول لهم وبعلو الصوت " لن تمروا" يؤكد أن المستقبل للشعب.
ما كان من صحيفة الميدان وهي تحتفي بالعودة الحميدة لأحد أبرز صناع تلك الليلة الثورية، إلا وأن تراجع معه ذكرياته وأهم معالم ودروس ليلة المتاريس التي احتفى بها المطرب محمد الأمين من الحان مكي سيد احمد مع الشاعر الشيوعي الجميل مبارك حسن خليفة وهو ينشد بصدق ثوري:ـ
المتاريس التي شيدتها
في ليالي الثورة الحمراء
هاتيك الجموع
وبنتها من قلوب وضلوع
وسقتها من دماء ودموع
سوف تبقى شامخات في بلادي
تكـتمُ الانفاس في صدر الاعادي
إلى قرائنا الأعزاء ،، يسر صحيفة الميدان أن توثق لحظة بلحظة لـ "كومونة سودانية" مع فاروق أبو عيسى المحامي أحد أقوى شهود تلك الليلة.
إعداد:ـ حسن الجزولي وعبد الرحمن الطاهر
فيقول فاروق في إفادته لصحيفة الميدان:ـ
بعد سقوط حكومة الفريق عبود باسبوعين جاءت ليلة المتاريس، بداياتها كانت في المعهد الفني، عندما نظم الطلاب بالمبنى الغربي، إحتفالاً بمرور أسبوعين على ثورة أكتوبر المجيدة، شاركت في الاحتفال معظم قيادات جبهة الهيئات ومنهم الشفيع أحمد الشيخ وفاطمة أحمد ابراهيم وسر الختم الخليفة كرئيس للحكومة وآخرين، مشاركة سر الختم جائت باعتباره كان أصلاً عميداً للمعهد الفني ونائبه كان عبد الله رابح رئيس نادي الهلال وقتها.
حضر عدد كبير من الطلاب والجماهير وبعد انتهاء الحفل الخطابي غني كل من وردي وأبوعركي . بعد المغرب خرجت من مكان الحفل، كان معظم وزراء أكتوبر واقفين داخل حوش المعهد يتحدثون كعبد الكريم ميرغني، أحمد سليمان، علي محمد إبراهيم، رحمة الله عبد الله، سيد عبد الله السيد وآخرين، قرروا الذهاب الى القراند هوتيل لإكمال السهرة، ذهبت وسلمت عليهم، إقترحوا علي بالانضمام إليهم للسهرة، قلت ليهم ماشي آكل لقمة جعان جداً وبلغ بي الجوع مبلغاً، ألحوا علي مرافقتهم، فاعتذرت لهم لأني كنت على موعد مع عبد الخالق الساعة الثامنة مساء ( في الواقع كنا في قيادة الحزب الشيوعي نجتمع يومياً إجتماعين، واحد 8 صباحاً إجتماع رسمي، وبالمساء إجتماع على الواقف) اقترحوا علي بموافتهم بعد موعدي، مشيت مشواري لعبد الخالق ولحقتهم في القراند هوتيل، عند وصولي القراند هوتيل في مدخل الفندق التقيت بأحمد حمروش الصحفي المصري الذي وصل لتغطية أحداث البلاد في أكتوبر وكانت معه الكاتبة خديجة صفوت، قالا لي أن الجماعة انتقلوا لمطعم المطار في صالة وداع المسافرين في الطابق العلوي، لأن عمال القراند هوتيل كانو في إضراب.
في مطعم المطار كان يجلس عبد الكريم ميرغني وأحمد سليمان وعلي محمد ابراهيم وآخرين جلست معهم وأنا مقابل الباب وظهري إلى مدرج المطار، لمحت أحدهم يأشر لي، عرفت أنه محمد نور السيد الصائغ بسوق بحري، ناداني وطلعت ليهو، قال لي مرسلني عبد الخالق لي أحمد سليمان ضرري جداً، إعتقدت أن الموضوع له علاقة بشأن حزبي تنظيمي، دخلت كلمت أحمد سليمان، طلع ليهو ورجع لينا منزعج. قال عبد الخالق عندو معلومات مفادها إنو كبار ضباط الجيش حزموا أمرهم لعمل انقلاب من داخل سلاح الخدمة، لأنو السلاح ده تحديداً بعيد عن الانظار وتحت قيادة العقيد بشير حسن بشير وهو من أقارب اللواء حسن بشير نصر وزير الدفاع في فترة الحكم العسكري الأول، وقال انهم قرروا التحرك نهار اليوم وباقي اليوم لعمل الانقلاب مساءاً.
عاوز أدي خلفية للصراع ،، داخل الجيش وداخل مجلس الوزراء، نتيجة للصراع السياسي بين كبار ضباط الجيش وصغارهم من الرتب الأدنى، تم الاعلان في صباح اليوم ذاك القبض على مجموعة من صغار الضباط وتم إيداعهم السجن، منهم جعفر النميري وفاروق حمد الله والرشيد أبو شامة وفيصل حماد توفيق، وقد تمت إذاعة خبر الاعتقال في نشرة الساعة 6 صباحاً عبر الرادي. كان الضباط الذين تم اعتقالهم هم من الضباط الأحرار اللي ساهموا في إنجاح الثورة بإرغام المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو المجلس الحاكم فعلياً في البلاد برئاسة الفريق إبراهيم عبود على التنحي عن السلطة، وتسليم السلطة للشعب ممثلاً في جبهة الهيئات التي قادت الاضراب السياسي. كانت موازين القوي بين جماهير أكتوبر والأخرى المناوئة لها قد بدأت في الظهور رويداً، حيث بدأت تكشف عن نفسها حتى داخل القوى التي تدعي تأييد أكتوبر وشعاراتها، بدأت في الأساس من مجلس الوزراء، حيث وقع صراع جبهة الهيئات من جهة ووزراء الأحزاب التقليدية في مجلس الوزراء وقيادة الجيش من جهة ثانية، حيث كان من المفترض إعتقال أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإعادة جميع الضباط الذين تم إبعادهم من الجيش في فترة الحكم العسكري وتنحي إبراهيم عبود تماماً عن السلطة حيث بقي فيها كرأس للدولة رغماً عن إنتصار الثورة وحل المجلس العسكري الأعلى. وقد بدأت مساومات، مكشوفة وواضحة حيث طرح كل من محمد أحمد محجوب ومبارك زروق داخل اجتماعات مجلس الوزراء إقتراحاً بإعادة عدد 34 ضابطاً للقوات المسلحة، بشرط أن تتنازل جبهة الهيئات عن تكوينها لمجلس السيادة وأن تكتفي بعضو واحد يمثلها من بين الخمس أعضاء المفترض تكوينهم للمجلس وأن يشغر مقاعد المجلس الأربعة المتبقية الأحزاب الكبيرة {الأمة، الوطني الاتحادي، الشعب الديمقراطي}،كان ذلك ضمن محاولات الأحزاب التقليدية لتهميش دور جبهة الهيئات وإضعافها وبالتالي إبعادها عن صنع القرار السياسي لمصلحة الأحزاب التقليدية الكبيرة، وكنا في جبهة الهيئان نرفض مثل هذا التوجه ونصر على انتهاج سياسات تلبي مطالب الحركة الجماهيرية بتقليل مساحات الأحزاب التقليدية في صنع القرار السياسي، ولكن في نهاية الأمر غلبنا صوت العقل بحكم توازن القوى بأن نتعامل مع هذا الأمر باعتبار أن عودة الضباط الأحرار المبعدين عن الجيش فيه تأمين لمكتسبات الجماهير وللثورة واستمراريتها، وبالتالي القضاء على هيمنة كبار الجنرالات وسيطرتهم على الجيش، وبالتالي إبعاد شبح التخوف من عودة الجيش للسلطة بواسطة إنقلاب عسكري جديد يعيد الأمور لمكانها.
كان هذا هو الوضع داخل جبهة الهيئات ومجلس الوزراء وداخل الجيش،، بعد ما سمعنا خبر الانقلاب إتفقنا أن ننقسم إلى قسمين، أن يذهب عابدين إسماعيل المحامي ليضع سر الختم الخليفة رئيس الوزراء في الصورة، لكي يدعو الحكومة إلى اجتماع عاجل، وأنا أمشي لنادي أساتذة جامعة الخرطوم لوضع أعضاء جبهة الهيئات في الصورة، بالفعل توجهت ومعي علي محمد ابراهيم إلى نادي الأساتذة، في النادي وجدت كل من الشفيع أحمد الشيخ وموسى المبارك وعلي طالب الله ومكاوي خوجلي وعلي محمد خير ود. مصطفى بعشر ممثل البياطرة في جبهة الهيئات ومولانا العاص ممثل جبهة الميثاق مع عثمان خالد مضوي، وبمجرد أن شاهدوني حتى خفوا نحوي وبدأوا يسالوني بقلق وقالوا عندهم اخبار جديدة خطيرة، قلت لهم فالأستمع أولاً لكم، لأن عندي أيضاً ما هو أخطر، قالوا أنه بعد خروجنا من المعهد الفني، وصل حوالي 5-6 من طلاب الذين يسكنون إشلاق الجيش، يسألون عن سر الختم الخليفة رئيس الوزراء، التقاهم عبد الله رابح رئيس نادي الهلال الرياضي وقتها وكان نائباً لمدير المعهد الفني في تلك الفترة أيضاً، وحضر معه اللقاء من تبقى من القيادات، أفاد الطلاب أن آبائهم من جنود وصف الضباط بسلاح المدرعات قد تأخرت عودتهم للمنازل حتى هذه اللحظة، وقالوا أن أمهاتنا وجهونا بالذهاب إلى السلاح للاستفسار عنهم، وحكوا أنهم وجدوا جميع جنود وضباط الصف مجتمعين في شكل طابور عسكري تحت شجرة، وأن أحد القادة العسكريين من الضباط كان يخطب فيهم، وقالوا أنهم سمعوه يقول للجنود ما معناه أن الأفندية عاوزين يمرمطوا سمعة الجيش ونحنا الليلة حا نسترد سمعتنا، وقالوا أن الجميع كان يلبس لبس خمسة، وهو الزي العسكري الذي يرتديه الجنود في حالات الاستعداد القصوى أو عند التأهب للدخول في معركة حربية. وقال الطلاب أنهم لذلك جاؤوا لتنبيه حكومة الثورة من خطر إنقلاب عسكري ربما يتم تدبيره مساء ذلك اليوم.
وبالفعل كانت إذاعة أم درمان قد أعلنت قبل بضعة أيام عن تنقلات جديدة داخل الجيش ومن بينها تم نقل "القائمقام" عثمان نصر عثمان من حامية أم درمان كقائد لسلاح المدرعات.
وقد نقلت لهم بدوري ما تم نقله لنا بواسطة الصائغ محمد نور السيد وهو ما يتطابق مع رواية الطلاب الذين اتصلوا بحكومة الثورة، زاد انزعاج الجميع ودخلوا في حالة من التوتر الظاهر، وأذكر أن من بين الأفكار غير المدروسة أو العملية أن اقترح علي طالب الله وهو من جبهة الميثاق وقتها أن نستغل مآذن المساجد لنؤذن فيهم ولننبه الجماهير، نؤذن فيهم الساعة 7 مساء! وغيرها من الأفكار.
كان رأيي أن نستفيد من وجود خلف الله بابكر كوزير للاعلام وبصفته كوزير من جبهة الهيئات أن نذهب إليه في منزله وكان يسكن حي بانت شرق بأم درمان ليتحرك معنا إلى الاذاعة لحماية الثورة. بالفعل استقلينا عرباتنا، ركبنا في 3 عربيات، أذكر أني ركبت مع الشفيع في عربته ومعنا شقيقي عبد العزيز أبو عيسى ـ وقتها كانت عربتي الفولوكسواقن يستخدمها عبد الخالق محجوب ـ وكان البقية يتبعوننا بعربة أخرى، عندما وصلنا نهاية كبري أمدرمان وكانت الساعة تقترب من التاسعة مساء، مما يعني إقتراب مواعيد نشرة أخبار التاسعة مساء، إقترحت عليهم مواصلة سيرنا حتى الاذاعة ومن هناك نتصل بخلف الله، ونحاول صياغة بيان يقرأ في النشرة، وافق الجميع فواصلنا خط سيرنا بشارع الموردة بأم درمان وعطفنا بشارع البحر ودخلنا مباني الاذاعة.
ثمَّ يمضى أبو عيسى قائلاً: عند وصولنا للاذاعة سألنا عن الأستديوهات فتصادف أن التقانا أحد المسؤولين عن نشرة الساعة التاسعة مساء والذي كان متواجداً بالصدفة في المدخل، فتحدثنا معه عن من نحن وماذا نريد ولابد من محادثة محمد صالح فهمي مدير الاذاعة وقتها، وكنا نعلم أن فهمي لم يشارك في الاضراب السياسي مما سبب له حرجاً بالغاً وسط زملائه والعاملين بالاذاعة، مسؤول النشرة وضح لينا ـ وكان شاب متحمس جداً ـ أن فهمي غير متواجد بالأستديوهات ولكن في الامكان الاتصال به تلفونياً وبهمة سارع إلى الهاتف وبالفعل اتصل بفهمي في منزله وشرح له باختصار مهمتنا وأعطاني سماعة التلفون، وبعد أن شرحت له الموقف وأننا في حوجة ماسة لاذاعة الخبر في نشرة التاسعة رحب على الفور ـ كما توقعت ـ وقال لي أن كل إمكانيات الاذاعة تحت تصرف جبهة الهيئات وطلب التحدث مع مسؤول النشرة، وأعطاه توجيهات بأن يستجيب لكل مطالبنا، وعلى الفور أخرجت ورقة وقلماً وعكف معي كل من الشفيع أحمد الشيخ وبعشر على صياغة خبر مختصر جداً، مفاده أن مؤامرة يتم تدبيرها الآن من بعض قدامى جنرالات الجيش لاحباط ثورة الشعب وإعادة استلام السلطة عن طريق إنقلاب عسكري سيقع ما بين مساء اليوم وصبيحة الغد، وأن قيادات جبهة الهيئات تدعو جماهير أكتوبر الخروج للشوارع لحماية ثورتها الظافرة. قصدنا إنو يكون البيان مختصراً ومباشراً حتى يفعل فعله وسط الجماهير دون شرح أو إطالة، وهذا ما حدث بالضبط، وبافعل سلمنا البيان المختصر للمسؤول عن النشرة وبحاول أتزكر إسمو وهو وجه فوراً مذيع النشرة وإسمو أبوبكر ـ برضو ما متزكر إسمو بالكامل ـ وأتزكر إنو الأستديو كان في الطابق الأرضي والمذيع ده كان مضروب في رجلو وأخد زمن علشان ينزل للأستديو، على العموم وجه فوراً بإذاعة أناشيد كمقدمة، بعدها أذاع البيان المختصر بصوته، وفي الحتة دي عاوز أصحح معلومة وهي إنو في ناس كتيرين جداً بيعتقدو إنو أنا اللي أذعت البيان، بس دي مناسبة لتوضيح أن هذا المذيع وأول إسمو أبوبكر هو اللي أذاع البيان وقد إختلط الأمر على البعض، المهم بعد إذاعة البيان جا في بالي إنو نمشي برضو للتلفزيون عشان يبث النداء، لمن طلعنا من الأستديو فوجئنا بأنو متروس بالجماهير الغاضبة عن بكرة أبيه، ويبدو إن البيان بالفعل بدأ يعطى تأثيره المباشر على الناس، بصعوبة استطعت أن أفج الجماهير وأصل مبنى التلفزيون ووجدته مغلق لأنو في الفترة ديك كان البث بتوقف الساعة تسعة مساء،
بعد ذلك لقيت روحي براي وكانت الجماهير الغاضبة قد سدت الشوارع، وبصعوبة عبرت كبري أمدرمان. الناس قلعوا قضيب الترماج وقلبو عربات الترماج ورقدوا داخل الكبري وفي المداخل ومنعوا عبوره. بعدما عديت الكبري بصعوبة وقفت العربية ومشيت نادي الأساتذة لقيت الترابي وبعض الانصار والشكلة مدورة، بقولوا إنو سلاح الخدمة ماعندو المقدرة لعمل انقلاب لكن اكدنا صحة الخبر ونقلنا بعض الشائعات ومنها إنو أحمد أبارو جا مكتبو شايل مسدس وكلم مساعديه قال ليهم الافندية الـ ،،،،،،،، ديل عاوزين نأدبهم.
وفي القسم الجنوبي كان راقد مدير البوليس حسن محمد صالح، كان كاسر كراعو مشو ليهو ناس وبرضو قال ليهم الأفندية حايتأدبو، الكلام دا إتكتب لي كل الوزراء في التقرير السري.
بعد داك مشيت مجلس الوزراء وكان معاي الترابي وبابكر عوض اللة وعلي محمد إبراهيم و عبد المجيد امام وشوقي ملاسي، مشينا بعربية علي محمد إبراهيم، كان معاهو في العربية قدام بابكر عوض الله والترابي، كان معاي في المقعد الخلفي ملاسي وعبد المجيد إمام. أنا كنت قاعد خلف الترابي مباشرة، بتزكر إنو الترابي، قعد يكرر في موضوع سلاح الخدمة وإنو ما عندو سلاح علشان يعمل إنقلاب وكلام فاضي زي ده، وزاد عليهو إنو الشيوعيين عملو الاشاعة دي عشان يركبو الموجة ويهيمنو على الثورة الوليدة، ما أشعر ليك إلا وأنا إنتفضت ومسكتو من رقبتو وخنقتو لحدي ما فكاني منو عبد المجيد إمام بصعوبة.
وصلنا مجلس الوزراء وعرفنا إنو أصدر قرارات ثورية باعتقال جميع أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وكبار جنرالات الجيش المعادين لثورة الشعب وتم ترحيلهم لسجن زالنجي، وده ساهم في طمأنة الجماهير وأبعد شبح المؤامرة عن الثورة الوليدة، أعقبها بيان خلف الله بابكر وزير الداخلية المطمئن للجماهير وتهدئتها بنفيه وقوع إنقلاب وأن الأمور تحت السيطرة تماماً،
أطرف مافي هذا الموضوع أن لفيف من الأصدقاء والمعارف من جميع أنحاء السودان تقريباً قد اتصلوا بي يحملوني مسؤولية إفشال سهراتهم تلك الليلة!.
helgizuli@gmail.com