ماذا قال علي كشيب عن عبدالفتاح البرهان وهو في طريقه إلى لاهاي؟

 


 

 

 

 

((أعلنت المحكمة الجنائية الدولية الإثنين 8/6/2020م أن علي محمد علي عبد الرحمن "علي كوشيب" بات قيد الاحتجاز لديها بعد تسليمه نفسه طوعا في أفريقيا الوسطى.

وأوضحت في بيان ان الرجل أحتجز بناء على أمر القبض الصادر عن المحكمة في 27 ابريل 2007.
ويشتبه في أن كوشيب مسؤول عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور غربي السودان.
ويورد أمر القبض لائحة من خمسين تهمة موجهة إلى علي كوشيب حيث يعتقد بأنه يتحمل المسؤولية الجنائية الفردية عن 22 تهمة تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، و28 اتهاما بجرائم حرب.
وقال البيان إن جلسة المثول للمرة الأولى ستعقد قريبا أمام الدائرة الابتدائية الثانية.
وقدم رئيس سجل المحكمة، بيتر لويس شكره إلى وزير العدل فلافيان امباتا وسلطات جمهورية إفريقيا الوسطى، وإلى كل من فرنسا وتشاد إضافة إلى قيادة بعثة الأمم المتحدة في بانغي وسلطات الدولة المضيفة، لدعمهم للمحكمة وتعاونهم في تسليم كوشيب ونقله إلى الاحتجاز لدى المحكمة.
ويعتقد بأن كوشيب، وهو سوداني من مواليد عام 1957 تقريباً، كان أحد أكبر القادة في تدرج المراتب القبلية في محلية وادي صالح وكان عضواً في قوات الدفاع الشعبي كما يزعم بأنه كان قائداً لآلاف من أعضاء ميليشيا الجنجويد من أغسطس 2003 إلى مارس 2004 تقريبا.
ويشير البيان الى الاعتقاد بأن كوشيب نفذ استراتيجية الحكومة السودانية في مكافحة التمرد والتي تسببت في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور في السودان.
وكان الرجل بمثابة "الوسيط" بين قيادات ميليشيا الجنجويد في وادي صالح وبين الحكومة السودانية.
ويزعم بأنه قام بتجنيد محاربين، وبتسليح وتمويل وتأمين المؤن والذخائر لميليشيا الجنجويد تحت قيادته، فكان بذلك مشاركاً في الجرائم المذكورة كما يزعم بأنه شارك شخصياً في هجمات ضد السكان المدنيين في بلدات كودوم وبنديسي ومكجر واروالا بين أغسطس 2003 مارس 2004، حيث ارتكبت جرائم قتل للمدنيين، واغتصاب وتعذيب وغير ذلك من صنوف المعاملات القاسية وأنه بذلك قد شارك مع غيره في ارتكاب هذه الجرائم.
وفي 27 ابريل 2007، أصدرت الدائرة الابتدائية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية أمرين بالقبض على كوشيب وأحمد هارون.
ورأت الدائرة أن هنالك أسباباً معقولة للظن بأن نزاعاً مسلحاً وقع بدءً من أغسطس 2002 بين حكومة السودان بما في ذلك مقاتلين من قوات المسلحة الشعبية السودانية وقوات الدفاع الشعبي فضلاً على ميليشيا الجنجويد في مواجهة قوات متمردة منظمة منها حركة/جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة في دارفور في السودان))..
عزيزي القارئ..
لستُ أدري ما إذا كان تسليم علي محمد علي عبد الرحمن "علي كوشيب" نفسه طوعا في أفريقيا الوسطى للجنائية الدولية، لحظة صدق مع الذات وحالة صحوة ضمير راجع فيها حساباته، وراى الأشياء بحقيقتها، أم لشيء آخر في نفسه، إلآ أن تسليم الرجل نفسه للجنائية الدولية طوعا، خطوة كبيرة تجاه تحقيق العدالة الانتقالية وتطبيق مبدأ عدم الافلات من العقاب ورسالة قوية أيضا للحكومة الانتقالية التي تأوي المطلوبين لدى الجنائية الدولية وترفض تسليمهم لها.
ذهاب كوشيب هكذا طوعا إلى الجنائية الدولية بعد أن ظل هاربا ومتخفيا لأكثر من عشرات سنوات، حتما سيجعل البعض من أعضاء الحكومة الانتقالية الحالية -خاصة العسكريين منهم، يرتعدون خوفا، لأن جميعهم كانوا في دارفور ويعرفهم السيد كوشيب جيدا.
لكن ماذا قال علي كوشيب عن عبدالفتاح البرهان وهو طريقه لتسليم نفسه؟
قال علي كوشيب حسب احد أقرباءه الأتي:
(مشينا مع علي كوشيب لغاية امدافوق قبل وبيتنا، والصباح ودعناه وقمنا راجعين، فقام قال لينا الناس ديل خاينين كلنا قتلنا سوا وعشان هسي هم في الحكومة سجنوا موسى هلالي وعايزنو يموت في السجن عشان يقولوا هم ما قتلوا، ودي انا ما بسوها فوقي، انا لو حكومة افريقيا الوسطى ما رتبت لي عشان نمشي الجنائية، انا ماشي بي قروشي والقعدين فوق ديل خلوهم تدوم ليهم السجن حق الرجال، البرهان الهسي قاعد ده لمن قابلتوا قال لي هو اسمه اله الفور والان عامل نفسه برئ، والله انا نمشي الجنائية ونجيبه هو ذاتو)..
إن الخطوة التي قام بها المتهم علي كشيب تعضد من فرص العدالة الانتقالية التي هي الضامن الرئيسي للقطع مع الماضي وتجنيب البلاد أيّ نزعة للانتقام أو التشفّي، فالمسألة تتجاوز مجرّد العدالة لتشمل إعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن. ولا يمكن البدء ببناء مجتمع جديد دون اعادة التوازن اليه عبر التعامل مع الماضي بواسطة اليات العدالة الانتقالية. وهذا التعاطي مع الماضي لا يعني بالتأكيد الانتقام أو الثار، بل إن هذه الظواهر لا تأتي إلا بسبب عدم معالجة الماضي وغض الطرف عن تحقيق العدالة.
ندري جيدا ان المتهم علي كوشيب مجرد أداة استخدمه النظام البائد لممارسة القتل والسحل والابادة الجماعية والتطهير العرقي في دارفور، ونأمل أن يكشف لنا عن كل الرؤوس الكبيرة التي كانت تعطي الأوامر لكن أسماءها لم تظهر في قائمة المطلوبين لدى الجنائية الدولية.
ما قاله المتهم علي كشيب عن عبدالفتاح البرهان، يحمل الكثير من علامات الإستفهام.. والمثل السوداني يقول: "اخوك كان حلقوا ليه بل راسك واقعد استني".

bresh2@msn.com

 

آراء