ماركس والأمريكان في شارع النيل ..!

 


 

 


................
في جلسة شيوعية إسلامية ... فيها اليسار وفيها المتساقطين من الحزب العجوز، و"الحاضنين" بعض المصالح المؤقتة في المنظمات  وفيها كادر متوسط العمر تبدو عليه آثار التوجه الناصري الحديث "خاتف لونين" ... حديث ضد الإستعمار بلغة جمال عبد الناصر وحديث ضد الإرهاب بلغة الإستعمار ... وفي ثنايا الحديث نقد خفي ومبطن للحركة الشعبية حول موقفها من الهوية العربية للسودان  ... يتبعه بتعويض في نقد الإسلاميين بشيء من العنف اللفظي حتى لا تطاله التهمة أنه "كوز"!
غاب عنا البعث ... وغاب الجمهوريين وحضرت أقداح الشاي بالحليب في قهوة بلدية أو "ست شاي" اسمها حليمة في كورنيش النيل ... وكنا ننتظر فنان العود الذي سيجمعنا ويوحد توجهاتنا بالحقيبة ... ولا شيء غير أغاني الحقيبة يوحد المثقفاتية السودانيين ... بل المثقفاتية والفاتية أيضا..!
الحديث كان عن العلاقات السودانية الأمريكية ... وبدأ الحديث بطريقة "البستفة" في أركان النقاش فلزمت الصمت حتى يأخذ المناضلون راحتهم ويرتفع سقف المزايدات في إظهار التبرؤ من الإسلاميين إلى أقصى حد ... "التبرؤ العلني طبعا" ... و جاء حديث هجين على شاكلة "غشوكم يا غشيمين!" موضوع رفع الحظر عن البرمجيات والهواتف النقالة والثريا "هواتف الأقمار الصناعية"  المقصود به دعم المناضلين والمسلحين ... وليس لصالح الحكومة السودانية ... هل يا ترى هنالك مشكلة في الإنترنت والفيس بوك والواتساب تنتظر دعما أمريكيا حتى ينهض الشعب السوداني ضد "ناس الجبهة"؟!
هل يا ترى من المستحيل توصيل هواتف "الثريا"  للحركات المسلحة إلا عبر بترينات السوق الأفرنجي في شارع الجمهورية؟ أم أن المسلحين يعانون من وجود هواتف معطلة وتحتاج إلى وكيل للصيانة في الخرطوم؟! أم أن الموضوع تغيير نغمات؟! 
بدأت الأنفاس تهدأ قليلا قليلا ... وبدأ الحديث الموضوعي ... هل العلاقة بين أمريكا والسودان حقيقية أم متخيلة؟ هل هي فقط لمكافحة الإرهاب أم هنالك إتفاقيات سياسية غير معلنة؟!
شعرت أن الموضوع ما جايب حقو؟! أحببت أن أنفس هذه البالونة الضخمة من "الهواء الساخن" قلت لهم نحن دخلنا شنو في الموضوع دا ... واشنطون والخرطوم بينهما شيء ... ما هو دخل الناس البشربو شاي باللبن في قهوة حليمة؟! نحن كلنا قيمتنا شنو في الموضوع دا؟! هل الحزب الشيوعي والأحزاب السودانية كلها تستطيع إيقاف المحادثات الأمريكية السودانية؟! ما تقومون به هو أن كل واحد يفسر هذه العلاقة على حسب هواه؟!
جاء السؤال ... ما هو تفسيرك للتقدم الأخير؟! تحدثت بمصطلحات ماركسية حتى تدخل قلوب الرفاق مباشرة ... قلت لهم التعاون الإستخباري الأمريكي السوداني بدأ  في العام 2002 وهو مستمر حتى الآن ... والقاعدة تقول أن التراكم الكمي يؤدي إلى التحول النوعي وهي أحد قوانين الديالكتيك الثلاثة التي وضعها كارل ماركس ..!
حسب هذا القانون ... تراكم فعل دون انقطاع على مدى زمني أكثر من عشر سنوات لا بد أن يؤدي إلى طفرة في ذات الإتجاه ... يضاف إلى هذا التنسيق في مباحثات السلام وإنفصال الجنوب وإدارة الأزمة فيه ... وأشياء أخرى ...  لذلك لا يستحسن أن يتم تفسير هذا التطور بإعتباره "خدعة" ... ما حدث تحول نوعي حقيقي!
شعّت عيونهم وتفتقت أذهانهم عن عشرات الأفكار الجميلة ... والفضل يرجع لكارل ماركس وقهوة حليمة ..!

makkimag@gmail.com
/////////

 

آراء