ما أدراك ما التحكيم الافريقي !
رأي صريح
ygasim@yahoo.com
*لا أظن ان سكرتير لجنة التحكيم المركزية الأخ صلاح أحمد محمد صالح كان سيضطر للدفاع عن الحكم الجزائري محمد بنوزة الذي أدار مباراة الهلال والقطن الكاميروني لولا شعوره بحياديته في ادارة المباراة والخروج بها بأقل الأخطاء الممكنة عملا بالقاعدة الذهبية ( أفضل الحكام أقلهم أخطاءً )، صلاح وصف ادارة بنوزة للمباراة بالصورة المطلوبة مشيرا في ذلك لصحة قرار احتساب ركلة الجزاء للهلال وصحة قراري طرد اثنين من لاعبي القطن، ذهب صلاح أبعد من ذلك وهو يرجع الهجوم علي بنوزة وغير بنوزة في صحافتنا المحلية الي الانتماءات.
*وما ذهب اليه صلاح أصبح واقعا ملموسا نقرأه كل صباح في المعسكرين ( الأحمر والأزرق ) من الذين لا تروقهم انتصارات الهلال والمريخ، فالموضة السائدة الا يعترف أحد بأفضلية الند الآخر حتي لو وصل الأمر اتهام حراس المرمي ببيع المباريات كما ظللنا نقرأ بعد كل مباراة للمريخ في الدوري الممتاز حتي أضطر الحراس لتكوين رابطة بأسمهم لجرجرة من يتهمونهم في ساحة القضاء، أو اتهام الحكام الافارقة بالرشوة كما هو الحال خلال مشوار الهلال هذا العام.
*وبالتأكيد ان كل طرف يهدف من وراء هذا الاسلوب لتبخيس نتائج الطرف الثاني والتنفيس عن نفسه اعتقادا بأن ( الجمهور عايز كده )، وهو اعتقاد خاطيء لأن جمهور الناديين ( الهلال والمريخ ) به من العقلاء ما يدحض فكرة ( ما يطلبه الجمهور )، وحتي ان كانت هناك فئة في الناديين تحتفي بحملات التبخيس والاستفزاز هنا وهناك، فرأيها لا يتعدي المناكفات والونسة ولا يرقي ليكون معيارا في تقييم قرار حكم أو مستوي لاعب.
*ان الأخطاء في كرة القدم لا تتوقف الا بالتوقف عن ممارستها، ومتعة وحلاوة اللعبة تخرج من أخطائها، فالوصول للمرمي وهز الشباك يكون بخطأ الخصم قبل أن يكون تميز لمن يسجل، وضعف التكتيك يحدث من خطأ مدرب قبل أن يكون كفاءة للمدرب الآخر، هذه الفلسفة المبسطة جعلت أفضل الحكام من تقل أخطائهم في ادارة المباراة، فالحكم مع مساعديه بمتابعة الكرة تتحرك وسط 22 لاعبا ومتابعة ما يحدث خارج الملعب أيضا.
*صحيح ان هناك حكام تحوم حولهم الشبهات في قرارات غير منطقية مستغلين سلطة التقدير، وصحيح ان بعضهم من لا يتورع في ممارسة الظلم البين، وصحيح ان عيسي حياتو جاهر بسوء بعض الحكام الأفارقة بالتحديد ووصفهم بالمرتشين، بل ان رئيس الفيفا نفسه بلاتر ذهب مع حياتو في هذا الوصف لحكام آخرين من مختلف قارات العالم، ولكن مهما بلغت قساوة وصف حياتو واعترافه بقبول بعض الحكام للرشوة، لا يمكن تعميم الحكم علي كل حكم افريقي، وهو نفس المنطق الذي لا يجوز ابتعاد أي حكم غير افريقي من الرشوة، المسألة في الأول والأخير مرتبطة بتربية وأخلاق الشخص، افريقي كان، أو من الواق الواق.
*نعود لموضوعنا، الحكم الجزائري بنوزة الذي جعل مباراة الهلال والقطن أقل المباريات أخطاء في التحكيم، وأستحق فعلا كما ذكر صلاح محمد صالح الاشادة والتقدير، فالفريق الكاميروني الغاضب من طرد اثنين من لاعبيه واجب عليه معاقبة لاعبيه قبل الحديث عن التحكيم، فالمطرود الأول ارتكب حماقة غريبة باصراره علي العنف فنال جزاؤه بالانذار مرتين، وهذا وحده يبين ان اللاعب من أضر بنفسه وبفريقه وليس الحكم، أي لاعب في الدنيا يأخذ حذره بعد نيله الانذار الأول ولكن لاعب القطن واصل عنفه بعرقلته الغريبة لسادومبا داخل الصندوق، فهل كان ينتظر مجاملة الحكم باحتساب ركلة الجزاء وغض الطرف عن الانذار الثاني؟، أما المطرود الثاني لم يترك فرصة للحكم لمجاملته اذا جازت المجاملة لفريق تعرض أحد لاعبيه للطرد من الشوط الأول، هذا اللاعب أرتكب مخالفة كأنما يقول للحكم أرجوك أطردني لأن عقوبتها البطاقة الحمراء مباشرة ناهيك أن يكون اللاعب نفسه نال بطاقة صفراء قبل دقائق معدودة من مخالفته الشنيعة، ولهذا السبب أضطر بنوزة لاشهار البطاقة الحمراء ليظل انذاره بالبطاقة الصفراء ساريا حتي بعد عودته من الايقاف.
*أردنا التركيز علي حالتي طرد لاعبي القطن بعدما كثر الجدل عن ادارة الحكم محمد بنوزة للمباراة، فلاعبو القطن هم من هزموا فريقهم، فأي حكم مبتديء ليس باستطاعته مجاملتهم في حالات واضحة لا تقبل التقدير.
أراء في كلمات
*أفضلية بنوزة علي كل حكام دوري المجموعات حتي الآن تثبتها المباريات الأخري التي جرت حتي الجولة الثالثة.
*الحكم المخضرم الشهير ايدي ماييه الذي يعتبر من أفضل حكام القارة وربما العالم وقع مع مساعده في خطأ كبير في مباراة الترجي التونسي والوداد المغربي، ولم يتحدث عنه الناس كما تحدثوا عن بنوزة.
*ماييه احتسب هدفا للترجي التونسي مشكوك في صحته ان لم يكن أصلا هدف غير صحيح حينما لامست الكرة يد لاعب الترجي وليد الهبشري قبل وصولها للشباك.
*حدث هذا الخطأ رغم ان المباراة جرت في ملعب الوداد ووسط جمهور متعصب، ولكن الوداد لم يجعل الحكم شماعة حتي وهو متأخر بهدفين في الشوط الأول، فجاء وحقق التعادل في الثاني وكان قريبا من الفوز.
*كل المباريات اذا عدنا لتفاصيلها نجدها لا تخلو من الأخطاء، ومقارنة حكامها بالجزائري محمد بنوزة فيها ظلم كبير.