ما بين رئيس البلدية الفرنسي وطباعة الكتاب المدرسي في السودان

 


 

 

 

نشرت بعض الصحف والمواقع الالكترونية الفرنسية في الايام الماضية خبرأ مفاده تنازل عمدة بلدية "هالنكور" HALLENCOURT وهي احد بلديات إقليم "لاسوم" La Somme في شمال فرنسا. عن جزء من مخصصاته لإيجاد ميزانية تكفي لتشغيل عامل نظافة فترة دوام كامل يوميا.

أحكي لكم هنا أصل الحكاية، وهي أن السيد فريدريك دولوهون في فترته الانتخابية الثانية كعمدة لبلدية "هالنكور" اقترح أن تنقص مخصصاته من 2000 يورو شهريا الى 1672 يورو مما يوفر على البلدية جزء من مخصصاته والرسوم المفروضة عليها ويكون حاصل التوفير حوالي 10000 يورو في العام، وبهذا المبلغ يمكن تغطية العجز في الميزانية لتشغيل عامل النظافة 35 ساعة في الأسبوع بدلا عن 20 ساعة .

.يقول السيد دلوهن بأن خفض مخصصاته هو أسهل وأفضل حل. وينتقد السيد دلوهن زيادة المخصصات الموعود بها على مستوى الدولة لممثلي الدولة في البلديات، ويقول إن أعضاء البرلمان أناس طيبون عندما يصوتون لزيادة مخصصات المنتخبين في البلديات ولكن تلك الزيادات يجب أن تدفعها البلديات-المواطنين- من ميزانياتها وهو أمر لا تستطيعه كل البلديات!!!.

كعادته قام كثير من أفراد الشعب السوداني بإعلان "النفير" لطباعة الكتاب المدرسي الذي عجزت ميزانية وزارة التربية والتعليم عن تغطيته!!! دون الخوض في التفاصيل الكثيرة عن حجم ميزانية الدولة السودانية وحجم ميزانية التعليم والتي لم تتجاوز 10 في المائة في أي ميزانية سنوية خلال 30 عاما من حكم طغمة الإنقاذ حتى أن البشير المخلوع قد سبق وان صرح في العام 2011م قائلاً "لو كانت كل ميزانية حكومة السودان مخصصة للقوات المسلحة لكانت قليلة عليها ، لأنه لا يمكن أن تكون هناك دولة قوية بلا امن ، لأننا أذا لم نكن أقوياء، الناس ديل سيطمعوا فينا"!!!

إذن تنادى المواطنون لدعم طباعة الكتاب المدرسي دون من أو أذى، آملين أن يجمعوا 15مليون دولار هو المبلغ المطلوب لطباعة الكتاب المدرسي، رغم علمهم بأن معظم ميزانية الدولة السودانية تذهب للمنتفعين والمبذرين وإخوان الشياطين بحجة أنها مخصصة لوزارة الدفاع والأجهزة الأمنية، نعم يدرك راعي الضان في الخلاء عندما يرى كبار الضباط وما حولهم من مظاهر الثراء والرفاهية ويرى فقر المستشفيات وانعدام الدواء بل انعدام الحقن والشاش الطبي ويرى أن الأطفال بلا مدارس ولا فصول بل يدرسون تحت ظلال الأشجار، يدرك ذلك الراعي بأن الحكومات السودانية تصرف على السلاح والحرب وتجار الحرب أكثر مما تصرفه على التعليم والصحة ، ونؤكد له هنا ما سقناه أنفاً من أن "الميزانية المخصصة للتعليم في السودان غالبا لا تتجاوز 2.8% من إجمالي الميزانية" السنوية كما حدث في ميزانية سنة 2015. وأحيانا اقل من ذلك!!!

نعم في السودان تلك البلاد التي حكمها العسكر بصورة مباشرة خلال 52 عاما من عمرها بعد الاستقلال الذي لم يتجاوز 64 عاماً ، ثم هاهم العسكر يحكمونها بصورة غير مباشرة منذ ديسمبر 2018م، نعم من الأصح أن نقول انه يحكمها العسكر بمعاونة الأجهزة الأمنية والإستخبارتية و بمساعدة من الشرطة!!!

بما أن البلد يحكمها العسكر بصورة مباشرة أو غير مباشرة، تأتي دعوتي هنا أن يحذو كل أعضاء المكون العسكري في مجلس السيادة وزملائهم رؤساء كل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والشرطية، وهم من يفترض أن يكونوا أكثر أفراد الشعب وطنية فيقومون بالتنازل مثل ما قام به العمدة الفرنسي عن كل مخصصاتهم "الترفيهية" وعرباتهم "الانفتيني" وعن ما يعادل نصف مرتباتهم خاصة البرهان والكباشي وحميدتي، وأنا على ثقة بأنها ستكفي لطباعة الكتاب المدرسي!!! إذا لم يكن فعلهم ذلك بدافع الوطنية، فليكن بدافع الغيرة و أسوة بالعمدة الفرنسي وإذا لم يقبلوا بهذا الاقتراح فلا نحتاج أن يأتي البرهان وهو فريق أول في القوات المسلحة ليقول "نعتذر للشعب عن تقصيرنا" بل نقل له يجب أن يتبع الاعتراف بالتقصير بتقديم استقالته لأنه لم يكن على قدر المسؤولية، وهو أمر ينطبق أيضا لمن يكذب وهو على قمة السلطة مثل الكباشي الذي لقبه بعض الشعب "الكضباشي"!!!

أما كل أولئك المنتفعين من أتباع نظام البشير المخلوع الذي لا يتجرأون على انتقاد المجلس العسكري و كثير من ضباط الأجهزة الأمنية والاستخبارية الذين يعملون ليل نهار ويدا بيد مع بقايا نظام طغمة الإنقاذ الكيزاني لإفشال كل مساعي الحكومة المدنية الانتقالية في وضع أسس الحكم الديمقراطي فهم خونة للوطن ويجب عليهم أن يعلموا أن مؤامراتهم الخسيسة هي كبيرة من الكبائر ستدخلهم النار، كيف لا، وامرأة دخلت النار في قطة حبستها فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض.
"عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ، لَمْ تُطْعِمْها، ولَمْ تَسْقِها، ولَمْ تَتْرُكْها تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ"

والبرهان والكضباشي وبقية "سماسرة" التجويع، يعلمون أنهم يقومون بتجويع الشعب وإدخاله في حالة "مسغبة" ليثور ويقومون بإحالة حياة الشعب السوداني لجحيم لا يطاق من انعدام المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء والماء وانعدام الدواء. ناسين قول المصطفى "ص" (منْ ضَارَّ مُسْلِمًا ضَارَّهُ اَللَّهُ ، وَمَنْ شَاقَّ مُسَلِّمًا شَقَّ اَللَّهُ عَلَيْهِ ). لذلك نقول لهم شكر الله سعيكم فألحقوا بابن عوف طواعية قبل أن تلحقوه مكرهين!!!

أما قول حميدتي (الوضع الحالي يجب أن يتبدل إلى الأفضل وتغييره لن يتحقق دون إصلاح الحكومة الانتقالية)!!! فنصححه بان الوضع لن يتبدل إلى الأفضل إلا بذهاب كل المنتفعين والخونة في المجلس العسكري وخاصة البرهان والكضباشي ومن لف لفهم . وأقدم له النصح بأن يختار الوقوف بجانب الشعب و"دعمه" بالمال والنصرة ، مذكراً بأن ما تتمتع به قوات الدعم السريع هو مال الشعب السوداني، ومذكراً بأن كل الشعب السوداني اختارها مدنية ولن تكون بعد اليوم سوى مدنية !!!وعثرات المدنية تعالج بمزيد من المدنية والحرية.

ويا حميدتي افتح "عضانك" !!! فمهما فعلت!!! وجمعت حولك المنتفعين المستشارين وخبراء من دول المحاور، فمرتادي طرق السياسة منذ الاستقلال ومن خلفهم من الدول الكبرى سيلعبون بك سياسة كما قالها من قبل أحمد هارون ، وسيضحون بك في النهاية، بعد أن تؤدي الدور المطلوب منك رغبة أو رهبة!!! ولكم في البشير عبرة لمن يعتبر.

أنشد الشاعر هيثم مكركا

"بالغ كمان بيليغ
يا بتي شكرا ليك
قلتيها بحرقة وجعك شديدي بالحيل
***
ما بالغ وحاتك هو
نلومو دائما ليه، ما نحن برضو معا
بالغنا بوليغ جد خلينا يسرح يجول
ورشحنا ليه عجول
تأكل في حق الناس
تأكل تمص في الدم
لا ناموا يوم في هم
لا عرفوا الرغيف بي كم" .

wadrawda@hotmail.fr

/////////////////////

 

آراء