مبروك (السودان الجنوبي) وعقبال التنمية والعمران … بقلم: نادية عثمان مختار
مفاهيم
nadiaosmanmukhtar@yahoo.com
أتابع بحزن بالغ مايجري من حدوث إشتباكات دامية في جنوب السودان ( الجارة العزيزة)ورأعتني أعداد القتلى الكبيرة في أيام بسيطة حيث حُصدت أرواح أكثر من (115) جنوبياً بأسباب مختلفة في غضون أيام معدودات عقب إعلان نتيجة الإستفتاء المحسومة قبلاً !!
فو الله الذي لا إله إلا هو ، يؤلمني كمواطنة سودانية شمالية عشت حيناً من الدهر في بلد المليون ميل مربع مع إخوتي الجنوبيين (سوا سوا) قبل أن ينشطر لدولتين أن أرى دماً لأخي الجنوبي يراق في موطنه بأي سبب من الأسباب وتحت أي مسمى من المسميات ؛ ويكفي ماروى الأرض من دماء الأعزاء في الجنوب والشمال لأكثر من خمسين عام هي سنوات الحرب البغيضة ( ربنا ما يعيدها تاني ) !!
واليوم رغم إحساس الفجيعة الذي يغتال الفرحة في دواخلنا بذهاب الجنوب الحبيب وإنفصاله عن الشمال (مأسوف عليه) ، أجدني أبعث بتحية ( الميلاد) الجديد
ومباركة ( السماية) لدولة شهدنا وعشنا ألم مخاضها العسير آلا وهي دولة
( السودان الجنوبي) التي أعلن شهادة ميلادها بإسمها الجديد القائد باقان أموم عبر تصريحات صحفية أول أمس !!
لا أدري إن كانت قد نًحرت الذبائح في جوبا ورومبيك وكل مدن الجنوب ولكن لابد أنه حدث لتكتمل فرحة الأشقاء في الجنوب وليبارك الرب دولتهم الجديدة باذن الله !
كشمالية ألّمني الإنفصال وأعجبني الإسم الجديد للدولة الجارة فـ ( السودان الجنوبي) اسم طيب ويبعث التفاؤل في الروح ، وحقيقة كنتُ أخشى أن يُطلق أهل الجنوب على دولتهم الجديدة اسماً ( غريب) يباعد بيننا بأكثر مما حدث ويشعرنا بأن الجنوب أصبح غريباً اسماً ومعنى ؛ ولكن الحمد لله ، فقد جاء اسم (المولود ) مفرحاً ومطمئناً بأنه ربما عاد الجنوب للشمال يوماً لتعود المليون من الأميال المربعة تجمع في حضنها كافة أبناء الوطن .. حلم بعيد .. لكنه مشروع .. من يدري .. ربما !!
ولست وحدي من تقول بذلك فهاهو القائد ( الشمالجنوبي) ياسر عرمان الذي عاش عمره مناضلاً ومحباً للجنوب يستبشر بالإسم الجديد للدولة الوليدة ويقول في تصريح له : ( اسم السودان الجنوبي أمريعزز المشاعر المشتركة ويترك أبواب الأمل للوحدة على أسس جديدة مشرعة ) !
نعم .. أتفق مع القائد عرمان فإسم الدولة الجديدة باعث على التفاؤل ، وتمسك الجنوب بأن يكون ( السودان) قاسماً مشتركاً بيننا له مغزاه ومعناه المفرح رغم كل شيء وكان بإمكانهم أن يطلقوا على دولتهم أي اسم آخر لو لم يكن ( السودان) يعني لديهم شئياً !!
فهم كانوا وسيظلوا سودانيين وأن إنفصلت الدولة فلن ينفصل الوجدان مهما كان وسيظل الجنوبي يردد كما شقيقه الشمالي
( سوداني الجووووة وجداني بريدو ) !!
أعلم أن إختيار الجنوب للإنفصال ومجمل لغة الساسة ( الفجة والعنيفة) التي أستخدمت من قبل الجانبين كان لها مردوها السلبي ( شعبياً) وألمتني عميقاً كما ألّمت غيري من أبناء الشمال تلك الصور المبثوثة عبر الوسائل الإعلامية لمظاهر الفرحة العارمة لبعض أبناء الجنوب وهم في طريقهم لوداعنا بمفردات (حارقة) من شاكلة ( باي باي خرطوم) ( باي باي للعبودية) ( مرحباً بالحرية والإنعتاق من العبودية) وماشابه ولكن يبقى العزاء أن هذا لم يكن كل اللسان الجنوبي ، ويبقى العزاء أيضاً أن الخطاب التعبئوي والمحرّض في أحايين كثير من (القادة ) للشعب سواء في الشمال أو الجنوب كان له أثره السالب ، مما أسهم في وجود بعض هذه الصور القاتمة ، وذاك أمر أنقضى الأن ويبقى أنمن أهم شيم الشعب السوداني هو التسامح !!
نعم .. فلنسامح بعضنا ولنعمل على بناء علاقات طيبة مع دولة (السودان الجنوبي )
الجارة العزيزة ولنكن بالتحضر الذي يجعلنا نتسامى فوق جراحنا ونبارك لهم يوم
( سماية) مولودهم .. !!
وعن نفسي أقول .. ألف ألف مبروك للأشقاء في الجنوب اسم دولتهم الوليدة وعقبال التنمية والعمران يارب !!
(( نقلاً عن صحيفة آخر لحظة السودانية))