مجلس الامن يجتمع الجمعة لمناقشة تداعيات المسرحية الانقلابية في السودان

 


 

 

 

بالامس القريب وفي ذروة الانتفاضة الشعبية واعتصام الملايين امام قيادة الجيش السوداني في العاصمة السودانية الخرطوم وفي اللحظة التي بدأ فيها المشهد يلفت انتباه وانظار العالم بصورة مدهشة وفي ظال حالة من التفاؤل وسط الملايين من حسني النوايا بانحياز الجيش عزفت الموسيقي العسكرية معلنة عن بيان من قيادة الجيش السوداني .

استمرارا في حسن النية دخلت الملايين امام قيادة الجيش وفي كل المدن السودانية في حالة من الفرح الاسطوري انتظارا لبيان الجيش المزعوم ابتهاجا بنهاية زمن وحكم الاخوان.
تفاوتت التكهنات وسط اتجاهات الرأي العام السودانية عن هوية القادم الجديد واستمرت الاذاعة في بث المارشات العسكرية حتي اطلالة السيد عوض ابنعوف اكثر المقربين من الرئيس البشير الذي احتل وسط دهشة الملايين لقب الرئيس المخلوع بواسطة عشيرته من العسكريين الاقربين.
قبل هذا البيان تناقلت وكالات الانباء شريط فيديو لشخص اخر يرتدي الزي العسكري معلنا في كلمات معدودة عن تنحية الرئيس البشير وتجريدة من كافة مناصبة وفترة انتقالية لمدة عام.
الذي جري علي مسرح الاحداث بالامس لايليق بالجيش السوداني وارثه القومي في السلم والحروب واثناء التحولات السياسية في البلاد ولايمكن مقارنته حتي ببيان سوار الذهب في السادس من ابريل عام 1985 الذي مهد له الاخوان الترابيين الارض عبر سلسلة من التحركات التي جرت وراء الكواليس بعد اتخاذ الرئيس السابق جعفر نميري قرار اعتقالهم والتحفظ عليهم.
في ذلك الوقت كان التنظيم الاخواني ايام الترابي رحمه الله علي درجة عالية من الدقة والتنظيم والتسليح واستخدام تكنولوجيا الاتصالات والتجسس قبل زمن الانترنت ولكن يبدو ان اليوم امر اخر بعد ان اصابت الشيخوخة المتبقي من هذا التنظيم والدليل علي ذلك الطريقة التي يديرون بها ازمتهم وازمة البلاد اليوم.
اجماع الامة السودانية اعلن رفضة لما وصفه بالمسرحية التي انطوت علي احتقار لعقول الملايين واستمر في الهتاف والتظاهر بايقاع يفوق ما كان قبل ساعات من بيان المنقذ التاريخي السيد ابنعوف ورفاق دربه الميامين.
التقط العالم الرسالة بعد ساعات قليلة من الذي جري وقام بتقييم العملية وشارك اجماع الشعب السوداني مخاوفه ورفضة لهذا النوع من المسرحيات الانتحارية وتوالت ردود الفعل الدولية والاقليمية وكان اولها تحفظ الاتحاد الافريقي واعتباره ما حدث امر غير كافي لتحقيق الاستقرار في السودان ثم الدعوة لاجتماع مجلس الامن الدولي المتعجل لمناقشة تطورات القضية السودانية ظهر الجمعة.
فرض السيد ابنعوف انابة عن ما اسماها باللجنة الامنية العليا حظر للتجول واتبعه بتحذير من مخالفة الحظر والمخاطر المترتبة عليه ولكن هل تلتزم الملايين المنتشرة في الشوارع والطرقات بالامر ام تخرج علية ويحصل الصدام وسقوط المزيد من الضحايا وتتحول سيناريوهات التدخلات الدولية الي حقيقة وامر واقع.
العالم لايملك حلول سحرية قد تعالج الازمة السودانية المزمنة والطويلة المدي بصورة حرفية ولكنه سيفرض العناوين الرئيسية المطلوبة لحدوث التحول في السودان والخروج من اسر الدائرة الحزبية والعقائدية الضيقة وتسلط ماتعرف باسم الحركة الاسلامية وعلي من يهمهم الامر من اصحاب الحق السودانيين اكمال المطلوب لاستقرار البلاد عبر معالجة وادارة واقعية للازمة وتفهم ضرورة ان يقوم الجيش بدور رئيسي في التحول القادم عبر عناصر مهنية واحترافية وقومية التوجهات والخلفيات ان وجدت او من الشخصيات المعاشية لفرض هيبة الدولة والقانون وارساء اللبنات الاولي لمشروع اعادة بناء مؤسسات الدولة القومية ومعالجة ملفات الامن القومي الشائكة والمعقدة وفي البلاد اليوم عشرات الجيوش الغير نظامية والمليشيات وعصابات الجرائم الاقتصادية والمتاجرة في البشر .
القوي السياسية التقليدية عليها ان تعتبر اصلاح اوضاعها الداخلية وضبط وتنقية عضويتها اولوية قبل ان يطرح بعضهم نفسه بديلا لحكم بقايا وحطام الدولة السودانية .
علي الشخصيات الاسلامية التي ظلت بعيدة عن دائرة الحكم والتي يخلوا سجلها من انتهاكات او مخالفات تحول دونها والتعامل مع القضايا العامة وبعيدا عن النظر للامور من باب التفكير في مستقبل الحركة الاسلامية عليهم ان ينخرطوا في مبادرات علنية وتطوعية للمساهمة في انقاذ ما يمكن انقاذه للتوسط بين الاخرين و اخوانهم في نظام الامر الواقع للحيلولة دون انفجار الاوضاع واقناعهم بالتسليم بالامر الواقع والبعد عن الحلول والمعالجات الانتحارية والانتحار ليس فضيلة مقابل ضمان امنهم ومعاملتهم وفق القانون والاعراف والتقاليد السودانية التي كانت مرعية خلال التحولات السياسية التي لايمكن ان تتم مقارنتها بواقع السودان اليوم بعد ثلاثين عام من حكم ومصائب الاسلاميين المتراكمة والتي اصبحت اشبه بالالغام الموقوتة التي يصعب التهكن بزمان ومكان انفجارها.

 

آراء