محاكمة البشير والاسلاميين بتهمة الارهاب والحرب علي الدولة

 


 

محمد فضل علي
24 January, 2023

 

في قاهرة التسعينات وبعد ان استقرت اوضاع المعارضة السودانية نسبيا واصبح لها وجود وتواصل علي المستوي العالمي والاقليمي صدر قرار من قيادة الحزب الاتحادي الديمقراطي وزعيم المعارضة السودانية والتجمع الوطني الديمقراطي انذاك السيد محمد عثمان الميرغني بتحول صحيفة الاتحادي الدولية الاسبوعية الي صحيفة يومية واوكل الاشراف الاداري عليها الي الاخ حاتم السر ونقل مكاتبها من مصر الجديدة الي وسط القاهرة واستيعاب اعلاميين من خارج الحزب لمقابلة هذا التحدي وصدرت الاتحادي في نسختها اليومية الي جنب صحيفة الخرطوم في اول تجربة لصحافة مهجر سودانية يومية تصدر من خارج البلاد .
تشرفت بالعمل في صحيفة الاتحادي الدولية وتحرير الصفحة الاولي وكتابة المقال السياسي والتحليل الاخباري اليومي الي جانب الراحل المقيم الاستاذ ابراهيم عبد القيوم والاخ الفاضل الكريم جهاد الفكي مدير تحرير الصحيفة انذاك حتي لحظة الهجرة الي اقاصي الدنيا اواخر التسعينات .
كنت ابقي في الصحيفة لساعة متاخرة من الليل مع الاخ جهاد بعد مغادرة العاملين من الاعلاميين وبعض المتعاونين مع الصحيفة الذين كانوا يترددون عليها بين الحين والاخر ..
في احد الامسيات اخبرني احد العمال بوجود شخص ينتظر في استقبال الصحيفة ذهبت الي هناك فوجدت شخص في الاربعينات من العمر وهو في حالة انهيار وبكاء جلست بجانبة وحضر الاخ جهاد الفكي من مكتبة ليستطلع الموقف وطلبت منه الجلوس معنا ..
وعرفت من الشخص المشار اليه انه من حي ودنوباوي وانه تربطه علاقة قرابة وصلة رحم باسرة الزعيم الراحل الصادق المهدي وعرفت ايضا انهم من الاسر الانصارية المعروفة والميسورة الحال في حي ودنوباوي بمدينة امدرمان.
وقال لي انه حضر الي القاهرة مع والدته ليبعدها عن اجواء الحزن والماساة التي تعرضت لها الاسرة بعد ان فقد اصغر اشقائة الذي قتل في احد معارك ما كان يعرف بالدفاع الشعبي وقال ايضا ان شقيقة كان قداختفي من المنزل وترك لهم رسالة عن التحاقة بكتائب المجاهدين والدفاع الشعبي ..
واضاف قائلا انه قد تم ابلاغهم بعد ذلك باستشهاد شقيقة ولم يتوقف الامر علي ذلك فقد حضرت الي المنزل عربات عليها مايكروفونات تردد اناشيد جهادية وزغاريد وهتافات عن عرس الشهيد واشياء من هذا القبيل وقال انه بدون ان يشعر وجد نفسه قد اندفع نحوهم وضرب كل من طالته ايديهم مع سكان الحي الذين انضموا الي افراد الاسرة المكلومة في ضرب هولاء الموتورين .
ذهبت مع الاخ الكريم الي والدته في الناحية الاخري من مباني الصحيفة وجلست معهم لفترة طويلة وحرصت علي التردد عليهم بعد ذلك مع نفر كريم من المعارضين من كل الوان الطيف السوداني في قاهرة تلك الايام لمواساة تلك الام المكلومة التي لاتستطيع الكلمات ان توصف حجم الالم والحزن العظيم الذي اصابها بعد ان فقدت فلذة كبدها في احد مغامرات هولاء الاشقياء المعتدين علي القوانين وشريعة رب العالمين بعد ان قاموا بحشد الابرياء وصغار السن ومغسولي الادمغة وشن حروب جهادية غير مبررة ومخالفة للقانون ومقاصد الدين الاسلامي في سابقة لم يشهدها السودان من قبل ..
قتلوهم بدم بارد واصبحو يتسلون بعمليات المونتاج التي تصور الدموع المنهمرة من اولئك الشباب المتطلعين الي الجنة بنصرة الدين والله والوطن والله اعلم بنواياهم ونعدهم من ضحايا الجرائم المنهجية لماتعرف بالحركة الاسلامية السودانية واجهزة الحشد والدعاية والتعبئة والحرب النفسية التابعة لها التي افضت الي تكريس حكم ارهابي فاسد وتحول الاسلام الدين والمعتقد علي يدهم الي مادة "للسخرية والتهكم " بسبب ممارساتهم المعروفة في النهب والفساد والتطاول في البنيان خاصة بعد خروج الاب الروحي للجماعة في العلن وامام كل الناس ليصف اولئك الضحايا المشار اليهم من قتلي معارك الدفاع الشعبي وحروبه الجهادية "بالفطائس " فهل بعد ذلك ذنب وقول يمكن ان يقال في وصف احوال الناس والبلاد خاصة مايجري اليوم من هزل و مسرحيات سياسية وتبادل للادوار وترف في الاقوال والشعارات المنفصلة عن واقع السودانيين و ماجري بلامس ومايجري اليوم في البلاد.
بالامس تم الاعلان عن تعيين قاضي جديد لمسرحية محاكمة الرئيس المعزول عمر البشير المجهولة المصير والتي ليس لوقائعها ومايدور فيها من هزل كلامي والملاسنات المتكررة بين الدفاع والاتهام اي علاقة من بعيد او قريب بما تم في السودان ليلة الثلاثين من يونيو 1989 اوخلال سنين الحكم العجاف للرئيس المعزول والاسلاميين .
بالامس ايضا اصدرت محكمة سودانية مزعومة لمكافحة الارهاب في زمن البرهان الراهن احكام بالسجن علي مجموعات متفلته من الحركات المسلحة بتهمة القيام بتدريبات عسكرية غير مشروعة وتاسيس قوات مخالفة للقانون ومصادرة اسلحة كانت معهم .
المشار اليهم في الحركات العشوائية المسلحة قاموا مثل غيرهم بمحاولة لابتزاز سلطة الامر الواقع ربما للحصول علي بعض الغنائم او المناصب في ظاهرة اصبحت معروفة في هذه الايام وليس وحدهم الذين سلكوا هذا الدرب او قاموا بارتداء ازياء ورتب الجيش السوداني السابق الذي هدمه الاسلاميين ولم يتبقي منه اثر غير هذه الازياء والرتب المستباحة ولكنهم بالطبع لم يفعلوا مافعله الارهابيين الكبار والمحترفين من خبراء الحشد والتعبئة العقائدية وعسكرة الدولة والمجتمع من الاسلاميين او الذين قاموا بالاشراف علي العمليات العسكرية الميدانية لميلشيات الحركة الاسلامية من عسكر اللجنة الامنية ورموزها المعروفين امثال البرهان واخرين.
سياتي اليوم الذي سيتم فيه الكشف عن سوء التقدير الذي لازم تشكيل محكمة المعزول البشير وقيادات الاسلاميين والخطأ القانوني الفادح في تعريف ووصف قضية الاتهام في محاكمة تلك الشراذم المدنية والعسكرية بتهمة تدبير انقلاب لم يكن له وجود ولايشبه ابدا سوابق الانقلابات العسكرية السابقة التي شهدها السودان من قبل وانقلابات عبود ونميري.
وسياتي اليوم الذي سيحاكم فيه الرئيس المعزول والاسلاميين بتهمة الارهاب والخيانة العظمي وشن الحرب علي الدولة التي تحولت اليوم بماعليها من بشر ومرافق الي خرابات ينعق فيها البوم ويسرح فيها البهم .
الوصول الي تلك المرحلة يتطلب في البداية تجاوز الواقع الراهن والهزل السخيف واضاعة الوقت في الحديث عن تشكيل محاكم مختصة لمكافحة المخدرات واشياء من هذا القبيل لصرف الانظار عما يجري وراء الكواليس لخلق نسخة معدلة من حكم الانقاذ والاسلاميين يتساوي خطرها بكل المقاييس مع خطر المخدرات علي الدولة والناس ..

رابط له علاقة بالموضوع :

https://www.youtube.com/watch?v=QoETSPKijuw

 

آراء