محمد علي صالح في حوار ساخن: سيارة شرطة امريكية تحميني مع انني اجنبي ومسلم!!

 


 

 

 

 

امام البيت الابيض (8): مقابلة: صحيفة "اجراس الحرية":

 

"اجراس الحرية":

4-2-2010

 

 

محمد علي صالح (المجاهد الصامت امام البيت الابيض) في حوار ساخن:

 

"سيارة شرطة امريكية تحميني مع انني اجنبي ومسلم!!"

 

"الذين ادانوا مسلكي لا يدركون مدي حبي لامريكا"

 

"زوجتي جمهورية يمينية متطرفة صوتت لبوش ولا تتفق معي"

 

"انا امريكي وسوداني، ولا ارى تناقضا في ذلك"

 

"ربما اكون على خطأ في اتخاذي لهذا الموقف"

 

واشنطن: عبد الفتاح عرمان، "اجراس الحرية":

 

محمد علي صالح من قدماء الصحفيين السودانيين الذين قدموا الي الولايات المتحدة الأمريكية باكراً.  تدرج في العمل الإعلامي الي أن وصل الآن الى كبير مراسلي صحيفة (الشرق الأوسط) في واشنطن. بدأ الصحافي المرموق صالح جهادا أسماه بـ(الجهاد الصامت) حيث ظل يقف خارج أسوار البيت الأبيض لما يزيد عن العام.  رافعاً لافتة كتب عليها: في جانب: "ماهو الإسلام؟"، وفي الجانب الآخر: "ما هو الإرهاب؟".

وفي هذا الحوار، حاولنا أن نتعرف عن قرب على هذا المجاهد الصامت، وخرجنا منه بهذه الحصيلة:

--------------------------

س: تسأل الأمريكيين عن تعريف الإرهاب والإسلام.  نفهم السؤال عن تعريف الإرهاب، لكن ماذا عن الإسلام؟

ج: دعني أعطيك رؤية عامة كجزء من الإجابة على سؤالك:

قيامي بهذا العمل سببه إيماني أن الولايات المتحدة هي أقرب شىء الي جنة الله في الأرض. وذلك لان الله أعطي الأمريكيين حرية لم يعطها لاى شعب آخر.  صحيح أن الأمريكيين ناضلوا، وحققوا الإستقلال، وكتبوا الدستور.  لكنهم اعترفوا بانهم، لو لم يوفقهم الله، ما حققوا ما حققوا.  انت تعيش في هذه البلد، وتعرف أن نظام الحكم علماني.  لكن صلة الامريكيين بالله قوية.  يمكن أن تكون اقوى من اى دولة غربية أخرى  وفي الصباح تلامذة المدارس يرددون نشيد العلم الذى فيه يحمدون الله على الحرية.  ورئيس الجمهورية عندما يتحدث يحمد الله على الحرية.  وجلسات الكونغرس قبل أن تبدأ يقوم النواب والشيوخ بالدعاء الى الله.

لهذا، أنا أقول أن الحرية هي اساساً من رب العالمين.  سواء كانت للأمريكيين او لغيرهم.  وهي ليست هدفا، ولكنها وسيلة للشخص لكي يتأمل ويفكر ثم يناقش.  وحتي التفكير ليس هدفا، لكنه وسيلة للوصول للحقيقة.  وحتي الحقيقة ليست هدفا، لكنها وسيلة لإحقاق الحق ورفع الظلم عن الناس.

هذه المقدمة مهمة لانها تاتي في نطاق هذا التفكير الذى قررت عبره ان اسأل الشعب الأمريكي. 

اعتقد ان السياسيين الأمريكيين، وفي كل البلدان الأخرى، يستخدمون جميع الوسائل لإفادة أنفسهم، وخدمة مصالهم اولاً.  وجزء كبيرً منهم منافقون وإنتهازيون.  لهذا، قررت مخاطبة الشعب الأمريكي.  لان الشعب الأمريكي، كما عرفت بعد كل هذه السنوات، اكثر شعب في العالم حضارة.  ولديه الحكمة، والأدب، والتهذيب.  بل هو اكثر شعب في العالم رغبة في مساعدة الآخرين.

لهذا، قررت مخاطبة الشعب الأمريكي.  واللافتة التي أرفعها أمام البيت الأبيض ليست ضد الحكومة الأمريكية، او ضد اى حكومة عربية او إسلامية.  وليست ضد اليمين او اليسار، في امريكا، او في العالم الاسلامي. 

تحتوى اللافتة على سؤالين: ما هو الإرهاب؟ وما هو الإسلام؟ هل الإرهاب هو إرهاب دولة او منظمة؟  وهل النضال إرهاب؟  والسؤال الثاني عن الإسلام، لان المواطن العادى الأمريكي لا يعرف اى شىء عن الإسلام.  هذه، طبعا، عملية طويلة، وربما تستغرق اربعين عاماً حتي يعرف المواطن الأمريكي ماهو الإرهاب وماهو الإسلام.

والهدف بالنسبة لي شخصي ومرحلي.  ولا اعتقد بان ما اقوم به عمل بطولي.  بل وصلت لهذه القناعة بمخاطبة الشعب الأمريكي، وكما قلت لصحيفة (الواشنطن بوست)، لان الحرب على الإرهاب هي حرب ضد المسلمين بصورة غير مباشرة.

بدأت وقوفي امام البيت الأبيض منذ ايام بوش.  وعندما جاء اوباما، شعرت بانه سوف يغير هذه الصورة.  لكنه الى الآن لم يقدم اى شىء في هذا الإتجاه.  ولهذا، عدت للوقوف امام البيت الأبيض مرة اخرى.

لا انتمي لحزب سياسي.  وارى ان هذا الامر به خلاص نفسي.

س: الم يكن من الأجدى توجيه هذه الأسئلة للمجموعات الإسلاموية المتطرفة لانها هي التي بادرت بالهجوم على الولايات المتحدة.  والآخيرة لم تفعل شيئا سوى الرد على تلك المجموعات؟

ج: لا.  أفضل أن لا اتحدث عن هذه الاشياء، لاني اعتبر نفسي مواطنا أمريكيا،  واريد أن اخاطب الشعب الأمريكي من امام البيت الأبيض.  ولا أريد الدخول في جدل عن الإسلاميين، والمتطرفين، والعلمانيين، والمعتدلين. 

لهذا، فضلت أن تكون رسالتي بعيدة عن السياسة.  ورسالتي هي مجرد سؤالين.

ولهذا، قلت للأمريكان: ليس لدى اى رسالة.  فقط اريدكم ان تفكروا في ماهو الإرهاب؟ وما هو الإسلام؟

واود اضافة رد غير مباشر على سؤالك، واقول:  انا لا أؤمن بالعنف، وانا ضده بشدة حيثما كان، سواء كان عنفا أمريكيا او إسلاميا او يهوديا او مسيحيا.  ولهذا، اسميت جهادى بـ(الصامت).

في الحقيقة، ما اقوم به أكثر جهاد سلمي، ويبرهن على اني ضد الجهاد العنيف والمتطرف.

س: ولكن في الإسلام الجهاد معروف، وليس هنالك جهاد صامت وآخر ناطق؟

ج: لا اعتقد ذلك.  اعتقد ان من رآى منكم منكراً فليغيره بيده، وإن لم يستطع، فبلسانه، وإن لم يستطع، فبقلبه. وهذا اضعف الإيمان.  

س: وماذا عن المنكر الذى اتته هذه الجماعات المتطرفة التي غزت نيويورك عبر الطائرات المدنية؟

ج: كل إنسان مسئول عن نفسه.  ومرة اخرى، افضل أن لا ادخل في النقاش عن المنظمات والجمعيات والدول الإسلامية.  هدفي ليس مخاطبة اهل الشرق الأوسط.  لاني أمام البيت الأبيض، أسال الشعب الأمريكي هذين السؤالين.

س: على الرغم من انك قلت انك لا تتبني اى موقف سياسي، حديثك عن حرب الحكومة الأمريكية ضد المسلمين وهو الموقف الذى قادك للوقوف امام البيت الأبيض، موقف سياسي. اليس كذلك؟

ج: صحيح.  لكن، سبب وقوفي امام البيت الأبيض هو غضبي وحزني وتألمي للحرب التي تشنها الحكومة الأمريكية ضد الشعوب الإسلامية  تحت مسمي الحرب على الإرهاب. والسبب ليس الشعب الأمريكي، بل المصالح الأمريكية.  لهذا، لابد أن نتوصل لتعريف للإرهاب.

س: الحرب على الإرهاب اتت كرد فعل على هجمات 11 سبتمبر.  ولذلك من الأجدى مخاطبة جذور المشكلة.  ما قولك؟

ج: بدأت هذا الحديث بالقول أن الولايات المتحدة تكاد تكون جنة الله على الأرض.  وان الشعب الأمريكي في مستوى اخلاقي اعلى من بقية الشعوب.  ولهذا، أعتقد ان الولايات المتحدة ما كان لها أن تنزل الي مستوى دول ومنظمات اخرى اقل مكانة اخلاقية.  خصوصاً لان الدستور الأمريكي ووثيقة حقوق الإنسان هما اعلى مثل أخلاقية موجودة في العالم.  اتمني أن لا تنزل الولايات المتحدة لمستوى شعوب أقل اخلاقية منها.

س: ولكن هناك من يقول أن الولايات المتحدة مكرهة على التعامل بهذه الكيفية مع تلك الجماعات المتطرفة؟

ج: لكن الرجل الأخلاقي يجب أن يترفع عن الرجل الذى أقل منه اخلاقية.

س: انت كأنك تتحدث عن مدينة فاضلة، وفي هذا الكون لا توجد هذه المدينة.  اليس كذلك؟

ج: لا.  لابد أن ابدأ من مكان ما.  وانا بدأت من أن الولايات المتحدة هي سيدة العالم في الحريات والقيم الأخلاقية.  ولهذا، يجب أن لا تنزل الى مستوى الأخرين.

س: عملت لسنوات عديدة كصحافي مرموق ومتمرس.  هل تعتقد أن البيت الأبيض هو المكان المناسب لجهادك الصامت؟

ج: أعتقد ذلك.  والحمد لله ولحسن الحظ، انا موجود في واشنطن لثلاثة عقود.  ومكتبي لا تفصله من البيت الأبيض سوى خطوات قليلة.  والبيت الأبيض هو رمز السيادة الوطنية. وهو ايضاً رمز للحياة الأمريكية. اعتقد باني محظوظ لقدرتي على عمل هذه الاشياء امام البيت الأبيض.

س: الي اى مدى العامل النفسي المتمثل في الإغتراب يدخل في تشكيل العقل الديني لمحمد علي صالح؟

ج: لا أعتقد أن الإغتراب هو السبب.  وكما قلت لك أن العامل الأول هو وجودى في الولايات المتحدة كل هذه الفترة.  ووصولي الى قناعة بأن ما يسمي بالحرب على الإرهاب هي حرب غير مباشرة على المسلمين.   والعامل الثاني هو كِبر سني، وإيماني بانه لابد لى أن افعل شىء في هذه السن المتأخرة.

س: هل هو اذن الشعور بتقدم العمر، والشعور بحتمية فعل شىء ما قبل الرحيل لا قدر الله؟ ج: أعتقد ذلك.  طبعاً، هنالك من يبدأ الجهاد في الثامنة عشر، او في سن الثلاثين.  وعندما كنت في تلك السن، لم تكن توجد هذه المشكلة الكبيرة.  والأن، في هذه السن، اذا لم تكن هنالك حرب على الإرهاب لما وقفت امام البيت الأبيض.

س: هل تعتقد بان موقفك هذا لديه تأثير على المواطن الأمريكي او السياسة الأمريكية اذا لم نبالغ في هذا الامر؟

ج: نعم.  أعتقد ذلك.  كما قلت لك، عندما اكون واقفاً امام البيت الأبيض ويأتي مواطن أمريكي لسؤالي، واقول له أن هدفي ان لا أتحدث كثيرا. بل  ان هدفي هو أن اسالك لتفكر في هذين السؤالين.  هذا شيئ يساعد.  والشيء الآخر، اذا كانت هنالك تغطية إعلامية، تساعد ايضاً.  والحمد لله أن (الواشنطن بوست) بعد سنة كاملة، وبعد ثلاث محاولات نشرت عني.  وانا متفائل بتغطية إعلامية اكثر واكبر في المستقبل.

س: ماذا عن زوجتك؟ هل توافقك الرآى؟

ج: زوجتي جمهورية يمينية متطرفة صوتت لبوش.  ولا توافقني الرآى في هذا الأمر. (اعقبها بضحكة عالية).  أنا طبعا احترم رأيها، وهي تحترم رايي.  وترى ان من حقي أن اقف أمام البيت الأبيض، وأقول رأيي في حرية.

س: ماذا عن الأبناء؟

ج: عندي ولد وبنتان.  زكي ليبرالي ينتقد السياسة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين.  والبنتين، هناء وسارة، في الجامعة، ولا اعتقد انهن وصلن مرحلة الفهم الفلسفي للموضوع.  ولكنهم كلهم، كامريكيين، وفي نهاية المطاف، يؤمنون أن من حقي التعبير عن رأيي في حرية حتي لو كنت  اجنبيا.

س: الم يسبب إتخاذك لهذا الموقف لاسرتك شىء من الصدمة؟

ج: بالتاكيد لا.  لكنهم قلقين على سلامتي الشخصية.  وكذلك الاهل في السودان، لان عندي سبعة اخوان ومثلهم اخوات.  وهم يشعرون بالخوف.  وانا اقول لهم انظروا لصورتي في صحيفة (الواشنطن بوست).  سوف ترون أن بجوارى سيارة شرطة تقف لحمايتي، لان في امريكا الشرطة تحمي المتظاهرين حتي لو كانوا اجانب او مسلمين.

س: الا تخشي على نفسك؟

ج: انا اتوكل على الله. ولا أشعر بشىء من الخوف عند وقوفي امام البيت الأبيض. وانا أمريكي عربي وافريقي وسوداني مسلم اقف امام البيت الابيض، وهذا الأمر يدل على شىء واحد وهو عظمة هذا الشعب الأمريكي.

س: تخيل انك في بلد إسلامي، تتظاهر أمام القصر الجمهورى. ماذا تتوقع أن يحدث لك؟

ج: (ضحك) هذا سؤال إفتراضي، ولا أود الإجابة عليه.

س: لنعبر هذه المسافة، ولو ذهنياً؟ 

س: طبعاً، اعرف ماذا سوف يحدث لي لو قمت بهذا الأمر في بلد إسلامي.  لهذا، قلت في بداية حديثي أن الحرية الأمريكية هي أعظم شىء في هذه البلد. وطبعا، تلك البلدان ليست بها حرية تعبير مما يعد هذ الأمر تحصيل حاصل.  واعلم بانني لا استطيع فعل هذا الأمر في بلد إسلامي.  لهذا، لم انوى اصلاً ان اقوم بهذا الأمر في بلد إسلامي.

س: معظم من علقوا على الحوار الذى أجرى معك في صحيفة (الواشنطن بوست) من الأمريكان كان رأيهم سلبي. وأخرين أدانوا هذا المسلك، ما هو تعليقك على هذا الأمر؟

س: كنت اتوقع أن يكون رآى بعض الأمريكان سلبيا لانهم ليس لديهم علم بهذه الأمور.  وتم تغييبهم.  لهذا، أنا اقف أمام البيت الأبيض. 

وفيما يختص بالذين أدانوا ما اقوم به، أعتقد انهم يجهلون مدى حبي لامريكا التي أتمني ان لا تنزل الي مستوى الأخرين الاقل منها اخلاقية، كما قلت في بداية هذا الحوار. 

وربما أكون على خطأ فى إتخاذى لهذا الموقف.

 

آراء