مخابرات غربية وعربية شاركت في البطش بالشيوعيين السودانيين: 19 يوليو 1971
اطلت بالامس الذكري ال 48 للانقلاب الشيوعي 19 يوليو 1971 حيث مارس الشيوعيين في ذلك الوقت انواع متقدمة من الخداع بعد ان نجح احد اعضاء الجناح العسكري للحزب الشيوعي من الرتب الصغيرة في تهريب عبد الخالق محجوب السكرتير العام للحزب من معتقله بسلاح الذخيرة بالعزوزاب حيث اعلنت الاذاعة السودانية عن هروب الزعيم الشيوعي من معتقلة وذلك قبل ايام قليلة من الانقلاب وفي الوقت كانت فيه قوات الامن تبحث عن المعتقل الهارب والرجل الشديد الاهمية في كل مكان كان الحزب الشيوعي قد قام باخفاء سكرتيرة العام في احد استراحات الحرس الجمهوري داخل القصر الرئاسي نفسه وهو اخر مكان كان من الممكن ان يخطر علي بال اجهزة الامن المايوية والرئيس نميري.
لقد افلت نميري في ذلك التاريخ بمعجزة من الموت بعد ان استعاد اعوانه في الجيش وسلاح المدرعات زمام المبادرة بعد ثلاثة ايام من سيطرة الشيوعيين عند بداية القصف العشوائي العنيف علي القصر الجمهوري عصر الثاني والعشرين من نفس الشهر حيث كان النميري في احد غرف القصر مع اخرين في الحبس الذي كان يشاركة فيه احد وزراء حكومته الاستاذ فاروق ابوعيسي المحامي ثم توقف القصف وخرج نميري الي الشارع ومنه علي ظهر دبابة الي دار الاذاعة حيث اذاع بيان العودة ونهاية الانقلاب الشيوعي في الوقت الذي انتشرت فيه التظاهرات المرحبة بعودته.
لقد عاد نميري الي الحكم بعد اكبر عملية تدخلات دولية مباشرة شاركت فيها مخابرات غربية وعربية في امريكا وبريطانيا اسفرت عن عملية القرصنة الجوية واختطاف الطائرة التي كانت تقل المقدم بابكر النور وفاروق عثمان حمد الله التي كانت في طريقها الي الخرطوم وتم انزالها في احد القواعد الليبية وتم تسليمهم الي الخرطوم حيث جري اعدامهم بعد ثماني واربعين ساعة الي جانب اسقاط طائرة في الاجواء السعودية كانت في طريقها الي الخرطوم وعلي متنها احد الشخصيات السودانية الاستاذ محمد سليمان داؤود الخليفة عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي مندوبا من الحكومة العراقية والقيادة القومية لحزب البعث لتقييم الدعم الذي تحتاجة قيادة الانقلاب الشيوعي في الخرطوم.
وهكذا يتضح ان دول غربية كبري واخري عربية الي جانب مصر الساداتية قد شاركت بفاعلية في احباط الانقلاب الشيوعي والبطش بالشيوعيين الذي فقدوا عدد من قيادتهم ورموزهم التاريخية عبد الخالق محجوب وجوزيف قرنق والشفيع احمد الشيخ الي جانب قيادة جناحهم العسكري هاشم العطا وبابكر النور وفاروق حمدالله المقرب من الحزب الشيوعي واخرين.
تولي عدد من العسكريين المنتمين لتيار القوميين العرب في الجيش الاشراف علي القضاء علي الانقلاب الشيوعي الي جانب تولي جناحهم السياسي بداية المظاهرات المناهضة للانقلاب الشيوعي خاصة في مدينة ودمدني التي كانت تعسكر فيها ماتعرف بقوات الحرس الوطني ومشروع الميليشيا الذي لم يكتمل بقيادة الشخصية الناصرية المعروفة الرائد " عائشة حسن" واشراف عدد من الشخصيات الناصرية من ابناء ودمدني كانت تقوم بتقديم المحاضرات العقائدية لقوات الحرس الوطني.
لقد خرجت قوات الحرس الوطني بزيها العسكري من معسكرها في مدرسة حنتوب الثانوية بعد الاستيلاء علي المعدية التي تربط المدرسة بالمدينة وانتشروا في شوارع ودمدني بعد ساعات قليلة من بيان الانقلاب يهتفون لثورة مايو ونميري منددين بالانقلاب الشيوعي.
الحزب الشيوعي السوداني كان من الاحزاب الماركسية المؤثرة في المنطقة والاقليم وكان منافسا للتيارات القومية التي بادلتهم العداء وبطشت بهم في مصر الناصرية الي جانب ليبيا وحتي نظام البعث الذي حاول مساعدة الانقلاب الشيوعي عاد وبطش بالشيوعيين العراقيين بنفس الوحشية والعنف بعد عامين من ذلك التاريخ في العام 1973.
اما الغرب فقد ساهم بفاعلية في عودة نميري والبطش بالشيوعيين لانهم كانوا مدرجين في قائمة الاعداء الاقليميين للمعسكر الغربي في ذروة الحرب الباردة.
وقد ساند الشيوعيين من خارج السودان بلاجدوي الاتحاد السوفيتي السابق واذاعة صوت موسكو الذائعة الصيت واتصلت القيادة السوفيتية بالرئيس المصري انور السادات للتاثير علي نميري ووقف اعدام عبد الخالق محجوب والشفيع احمد الشيخ فاتصل السادات بنميري وابلغة باتصال الروس به وقال له :
" اسمع كلامي وخلص عليهم "
قبل ما يتصلوا بي مرة اخري وهكذا اجتمع سوء الحظ والتربص الخارجي والنوايا المبيتة ضد الشيوعيين السودانيين الي جانب الاخفاق السياسي الداخلي وسوء تقدير الموقف واستعجال الانقلاب اجتمعت كل تلك العوامل وكتبت لهم تلك النهاية الدرامية حيث لاتزال بعض اسرار تلك المرحلة غير معروفة والاحداث التي غيرت مسار سلطة نميري وانتهت بها الي احضان الغرب والانظمة الموالية له في اثيوبيا الامبراطورية ومصر الساداتية.
الشخصية السودانية الوحيدة التي تواجدت في مسرح الاحداث ورافقت نميري كظله منذ اللحظات الاولي لعودته والقضاء علي الشيوعيين وشوهد وهو يجلس بجانبه في اول مؤتمر صحفي له بعد اعدام قيادات الشيوعيين وهو يدخن السجائر وينفخ في الدخان وتبدو عليه علامات التوتر والقلق كان هو الدكتور منصور خالد حيث اختفي بعد ذلك التاريخ والظهور المريب لمنصور خالد التيار الناصري الذي ضعف نفوذه في الجيش والسلطة التنفيذية واجهزة الامن واصبحت الاجواء مواتية بعد ذلك التاريخ للتطبيع مع الغرب ومجلس الكنائس العالمي وتم توقيع اتفاقية اديس ابابا والسلام في جنوب السودان الي جانب مخالفة نميري الاجماع العربي ودعمه اتفاقية كامب دافيد بين السادات واسرائيل حيث عادت مصر وردت له الجميل وساعدته في اجهاض الحركة العسكرية للجبهة الوطنية السودانية في الثاني من يوليو 1976 بالتدخل المباشر للطيران المصري في ضرب الامدادات العكسرية الليبية التي كانت في طريقها لدعم قوات الانصار والجبهة الوطنية في الخرطوم.