مدير المخابرات العامة بجهاز الأمن اللواء حنفي عبدالله:
في أول ظهور إعلامي له
مدير المخابرات العامة بجهاز الأمن
اللواء حنفي عبدالله لـ (السوداني):
مؤتمر (السيسا) له مابعده ... ولهذا نتعاون مع هذه الاجهزة
لبنى نالت ما أرادت.. وصفية ضحية مؤامرة
لم ندعم (المتطرفين)
هذا (...) لن يحدث أبدا..وجهاز الأمن لن يترك حقه
حوار : رفيدة ياسين
Rofayda_yassen@yahoo.com
كلما ذكرت سيرة جهاز الأمن والمخابرات تبادرت إلى أذهاننا صور بيوت الأشباح والتعذيب والتنكيل والقمع.. ربما يتملك البعض الرعب حتى من سماع سيرته.. وهواجس وشكوك تراود آخرين من انتشار أفراده في كل مكان، غير أن مدير هيئة المخابرات العامة اللواء حنفي عبد الله محمد، قدّم صورة أخرى في الحوار الذي دارت فصوله بمكتبه صباح أمس، حيث استقبل الرجل كل تساؤلاتنا بصدر رحب.. ضاق حينا وانفرجت أساريره في أخرى.. لكن في نهاية المطاف خرجنا منه بحصيلة وسطى تجدونها في السطور القادمة.
حوار: رفيدة ياسين
_حدثنا عن استعداداتكم لاستقبال المؤتمر الثامن للسيسا؟
هذا المؤتمر يعد بشكل دوري، وهذه هي الدورة الثامنة لأجهزة الأمن والمخابرات الافريقية، وكانت الخرطوم قد نالت شرف استضافته أيضا عام 2004، وهو سينطلق في الفترة من 4-7 يونيو الجاري وسيشهد حضورا كبيرا لم يحدث له مثيل، فلم تعتذر سوى دولة واحدة أما قرابة 43 دولة فأكدوا مشاركتهم على أعلى مستوى لطرح ومناقشة كل الأزمات والتحولات التي جرت بالدول الافريقية، ونستطيع أن نقول إن المؤتمر فرصة لالتقاء قيادات إفريقية أمنية، فمن المعروف أن مديري ورؤساء الأجهزة على صلة مباشرة برئاسة الجمهورية الخاصة بكل بلد، وهذا بالتأكيد مرتبط بكافة القضايا الأمنية في كل بلد.
_ماذا يمكن أن يحقق السودان من استفادة فعلية من مثل هذه المؤتمرات؟
هذا المؤتمر سيكون له ما بعده في مناح كثيرة، أولها ترتيب البيت الداخلي للسيسا لأنها بحاجة لوضع قانوني نسبة لتبعئة هذه المنظمة فهي ترتبط بالاتحاد الافريقي عن طريق مجلس السلم والأمن، ولكن نطمح لتحويلها لمفوضية، وهذا يتطلب أن تكون هناك حاجة لبعد قانوني وآخر إداري كما يجب أن تكون لها حصانات تنعكس على حرية الحركة والأداء، هذا غير الوضع المالي فالسيسا الآن تعتمد على الاشتراكات التي تدفعها كل دولة، وهذه الاشتراكات توظف في مرتبات العاملين وفي إدارات مختلفة، أما تمويل المؤتمرات، فالدولة المضيفة تتكفل بكافة المصروفات الخاصة بالمؤتمر.
_هل هناك قضايا محددة ستطرح في المؤتمر؟
واحدة من مهام السيسا هي المهام الأمنية وتطوراتها بصورة عامة إلى جانب اتفاقية السلام الشامل، وأزمة دارفور والصومال وساحل العاج والانتخابات التي جرت في افريقيا وكل دولة ستقدم رؤيتها وفي مقدمة القضايا التي ستناقش في المؤتمر التحولات التي تمت في بعض الدول الافريقية والثورات وملامح التغيير في مصر وتونس، ونعتقد أنه من خلال وجود رؤساء 43 جهاز أمن ومخابرات هناك فرصة حقيقية للقاءات المباشرة وتبادل الخبرات كزيارة 43 دولة في نفس الوقت، ونحن من خلال السيسا نشجع التنسيق بين الدول والتدريب والدعم المتبادل وواحدة من الأشياء المهمة التنسيق وتبادل المعلومات لأننا في لقاءات أجهزة الأمن والمخابرات نناقش القضايا والمشكلات بعمق وليس كما يفعل الدبلوماسيون، فلو كانت هناك مشكلة بين بلدين نناقشها بصورة مباشرة وبالتفاصيل دون مواربة وهو ما يقود في رأينا للحل المباشر.
_الأجهزة الأمنية في تلك الدول التي اندلعت فيها الثورات كانت إحدى الوسائل التي تسبب قيامها بالطريقة القمعية التي تعاملت بها شعوبها..كيف يمكن أن تناقش أجهزة أمنية ربما تنظر لها شعوبها ذات النظرة؟
هذا لا ينطبق على كل الدول، فهناك طبيعة معينة لعمل الجهاز في كل دولة وهذا شيء مؤثر وهو ما نراه على شاشات التليفزيون، لكن إذا نظرنا لها بعين الانتقال إلى السودان فهذا لن يحدث أبدا.
_أريد توضيحاً.
كان البعض يرى أن هناك إمكانية للقيام بثورة في السودان، فحاولوا النزول إلى أبو جنزير، ولكن لم يحدث ذلك لأنه ليس هناك قمع للأجهزة الأمنية في السودان، كانت نظرة الناس قبل سنوات مغايرة بأن جهاز الأمن السوداني يمارس القمع والكبت والاعتقال لكن الآن النظرة تغيرت، فلدينا عمل اجتماعي وثقافي وتواصل مع المجتمع حتى التحاق الناس بالجهاز كان بسرية مطلقة، الآن يتم عبر إعلانات في الصحف وينافس خيرة شباب هذا البلد الذين يحملون أعلى الدرجات العملية للحصول على وظيفة في الجهاز وهو ما يقود لمزيد من التواصل في المجتمع كلهم يودون خدمة بلدهم.
_لكن هناك حوادث تركت انطباعات سيئة لدى الناس، مثل خروج فتاة تدعى صفية اتهمت أفراد جهاز الأمن باغتصابها.
رد مقاطعا: أولا حادثة صفية ملفقة والجهاز بعيد كل البعد عنها وهناك إجراءات قضائية الآن لتصحيح هذا الموقف لأنها كانت لتشويه سمعة الجهاز، وأسرة الفتاة نفسها فتحت هذه البلاغات وجهاز الأمن لن يترك حقه والآن وضحت الحقيقة.
_من المستفيد من تشويه سمعة الجهاز؟
كثير من المعادين لسياسات الدولة يحاولون تعكير الجو العام وسط المجتمع، وإثارتهم ملف حقوق الإنسان هي مجرد محاولة للعثور على دليل إدانة لجهاز الأمن وهؤلاء لديهم أجندة يحاولون بصورة من الصور الإساءة لجهاز الأمن بصورة غير مشروعة.
_هل يعقل أن تخرج فتاة للعلن وتتحدث عن اغتصابها زوراً؟
هي أرغمت على ذلك، وعندما وجدت نفسها في أزمة هربت لأن الطب لم يثبت حادثة الاغتصاب وكل الحيثيات التي قدمتها كانت خاطئة والآن انعكست وظهرت، وخطفت بصورة غير مشروعة وأخرجت من الخرطوم، وهذه الحادثة ليست الوحيدة التي هولت لتشويه جهاز الأمن، أيضا قضية لبنى والبنطال.
_قضية لبنى مختلفة تماما وكانت أمام العلن أخذت من مكان عام للبسها البنطال؟
القصة ليست بهذه الصورة التي ابرزت في الإعلام، هذه القضية روجت لأهداف شخصية، فنحن الآن لدينا عشرات الأفلام المفبركة وخزانتنا مليئة بالأفلام التي لا تعبر عن الحقيقة.
_لكن قضيتا لبنى وصفية وحتى حادثة فتاة اليوتيوب لم تكن مفبركة لما لا يمكن الاعتراف حتى بأنها تصرفات فردية؟
ليس بالصورة التي تم تضخيمها بالنسبة للبنى وهي نالت ما أرادت وحققت أهدافها وسافرت وروجت لكتابها وفي يوم من الأيام ستعرف لبنى أن السودان وطنها وسيأتي اليوم الذي تعود فيه.
_كل مؤسسة بها الصالح والطالح ويمكن للعاملين بالجهاز أن يخطؤوا أخطاء فردية تعود بما لا يحمد عقباه على الجهاز كله؟
نحن يجب أن نفرق بين التصرفات الفردية والتضخيم أو الادعاء، نعم هناك استثناء أو تصرفات غير سليمة قد يقوم بها فرد أو أكثر لكن في العام أو في الغالب لا يؤخذ أي شخص إلا وفق القانون حتى لدينا في الجهاز هناك محاكمات لأي شخص يستغل القانون في يده وينفذ مصالح شخصية إلى آخره، هناك إجراءات تتخذ ضده ولا يوجد من هو فوق القانون.
_ماذا لو أخطأ قيادي كبير في الجهاز، هل يمكن محاسبته أيضا؟
حتى إذا أخطأت أنا فهناك قانون يحاسبني ليس هناك أي مجال لأن يكون فرد فوق القانون، وهذا القانون عرض على البرلمان ونوقش حول فترة الاعتقال وتطبيقها حتى القضايا الأخرى المتعلقة بدارفور تمت فيها محاكمات كبيرة وأعدم عدد من الذين اتركبوا جرائم هناك.
_لم يحاكم كل المتورطين؟
هناك كثير من التضخيم لقضية دارفور ولذا تم (تلبيس) السودان قضية الجنائية وغيرها من الافتراءات الغربية.
_إذا كان ما قلته صحيح بأنه يعاقب كل من هو فوق القانون، فلماذا لم يحاكم من طبق حد الجلد بصورة غير قانونية وشرعية على فتاة اليويتيوب؟
من قال لك إن المحاكمة لم تتم؟ قامت السلطات المختصة بعمل إجراءات ليس هناك من هو فوق القانون، قد تحدث تصرفات فردية لكن هذا لا يعني أنها سلوك الجهاز بأكمله، وإذا ثبتت إدانة أي شخص داخل الجهاز في أي تجاوزات يأخذ القانون مجراه، لذلك أنا واثق أن السلطات المختصة اتخذت إجراءاتها كاملة واستمرت وهناك عقوبات تتم تجاه كل من يخالف القانون بعد أن تثبت الإدانة بدليل أننا في الجهاز لدينا مستشار قانوني ونفتح بلاغات وفي كثير من الحالات نفتح بلاغات عن طريق القانون وليس بالتعسف.
_إذا ما عدنا للوضع السياسي مرة أخرى قلت إن الثورة التونسية والمصرية لا يمكن أن تتكرر في السودان، لماذا وهناك ضائقة معيشية يعاني منها الكثيرون؟
لن تتكرر هذه التجارب في بلادنا لأن السودان رغم الظروف التي مر بها من حرب الجنوب وقضايا دارفور، إلا أن هناك مشاركة غير مسبوقة في الحكم، كما أن الحكومة الحالية جاءت عبر انتخابات نزيهة لم ينكر شفافيتها إلا مكابر، كما أن هناك دولا تستعين بالسودان في عملية تنظيم الأحزاب والمساحات الممنوحة لها.
_إذا اعتبرنا ذلك على مستوى التنظيمات السياسية، فماذا عن الشعب؟
انظري للمستوى المعيشي الآن مقارنة بخمسة عشر عاما مضت كانت هنالك صفوف للبنزين وصفوف للرغيف وندرة في السلع، والآن تشاهدين كل شيء متوفرا.
_وماذا عن غلاء الأسعار؟
هذا مرتبط بالأزمة العالمية والأسعار العالمية وكثير من العوامل لكن إذا قارناها بتلك الدول حتى العمل الأمني ليس هناك قمع وكل أحد يقوم بعمله وهناك انضباط لدينا.
_لا يوجد أي قمع؟
هل تشاهدين أي قمع؟
_ألا يعتبر منع المسيرات السلمية قمعا؟ ألا يعتبر اعتقال صحفيين فقط لتغطيتهم لمثل هذه الأحداث قمعا؟
يحدث ذلك على من هم فوق القانون والذين يصطادون في الماء العكر.
_هل ترى أن الشعب يعيش حياة مرفهة وفارهة وكل مواطن لديه بيت ملك وعربية ومرتب عال؟
رد ضاحكا: لا لا لم أقل ذلك ـ ففي أي بلد حتى الولايات المتحدة فقراء وبها إجرام وبها كل شيء لكن أوضاع تلك الدول ألا تنطبق على السودان.
_لكنكم لا تسمحون حتى بقيام مسيرة سلمية؟
من قال إننا رفضنا؟ لا نرفض أي مسيرات ولكننا نرفض استغلال المواقف مثلما حدث في أبو جنزير (حضرنا ولم نجدكم).
_وماذا عن طلبة الجامعات؟
المنابر في الجامعات تستغل الأحداث لمواقف معينة ولكن المساحات موجودة، والمنابر الموجودة والمتاحة في السودان غير موجودة في أي مكان في العالم ولكن إذا استغلت للتخريب أو إثارة النزاعات فلن نسمح بذلك.
_ماذا عن تعذيب المعتقلين السياسيين من قبل جهاز الأمن؟
هذا غير صحيح، ونحن في الجهاز لا يوجد لدينا أي تعذيب وأي شخص في مقدوره أن يقدم شكوى إذا ما تعرض لذلك ولدينا مكتب استعلامات لتقديم المواطنين أي شكاوي وهو مرتبط مباشرة بمكتب المدير العام محمد عطا، ويوجه بأن تتم أي إجراءات حول أي شكوي وإذا ثبتت إدانة أي عضو من أعضاء الجهاز يتخذ إجراء ضده إذا ثبت ذلك وليس هنالك أي مجال إلا لرد الحق لأصحابه.
_كيف تتعاملون مع المتطرفين دينيا؟
هذه المسألة لها جانبان الأول أن كثيرا من الشباب تم سوقهم عنفا عن طريق الإغراءات والخطب وهذه المسألة أثبتت التجارب أن العنف والكبت والسجن لا يعود فيها بنتائج، والأفضل هو الإصلاح عبر العمل الدعوي لتوعية الشباب ونصحهم من قبل العلماء لتصحيح مواقفهم لتقودهم إلى الصواب ليس تبنيا إنما لمراقبة هذه الأنشطة.
_توجه لجهاز الأمن أصابع الاتهام بدعم المتطرفين؟
هذا اتهام ليس له أساس من الصحة، كيف نكون معنيين بحفظ الأمن ونفعل ما هو عكس أهدافنا؟ هذه مفاهيم مغلوطة كما أن هناك تنسيق خارجي مع عديد من الدول والأمم المتحدة أيضا وبين الجهاز وأجهزة أخرى لمكافحة الإرهاب.
_هل يستطيع جهاز الأمن والمخابرات وحده حفظ الأمن؟
جهاز الأمن له حدود، وهناك جهات أخرى ينسق معها ونحن وفق القانون نعمل لحفظ الأمن ونستعين لتنفيذ ذلك بالتنسيق مع مؤسسات الدولة مع الجيش والشرطة والداخلية، والأمن هو ليس المعنى الضيق إنما الأمن الاجتماعي والاقتصادي.
_لماذا إذن كان هناك وجود لمستشارية الأمن؟
المستشارية ليس لها أي دور تنفيذي، إنما وظيفتها استشارية فقط، لا تدخل في شق حفظ الأمن الداخلي أو الخارجي وليست هناك مقارنة بين جهاز الأمن والمستشارية، لكن هي مجرد عمل استشاري ليس من طبيعته التنفيذ وهذا موجود في كثير من الدول وهي لا تدخل في العمل التنفيذي.
_هل أصبح لديكم في الجهاز شعور بالأمان بعد الذي جرى للفريق صلاح قوش؟
الوظيفة هي وظيفة مؤقتة الواحد يجلس في الكرسي وغدا يحل مكانه شخص آخر وهو ينتقل إلى اخرى حسب رؤية القيادة، لكن ما يثار حول قوش في الإعلام هو تضخيم لما جرى والإشارة خلافات وووو و... هذا ترويج، أي شخص ينتقل من موقع لآخر وفقا لرؤية قيادات الدولة.
_لكن هناك فرق بين التنقل والاستغناء؟
هو نفس المعنى أن تقيل شخصا أو أن يتنحى شخص مثل انتقال شخص وكلها تسميات متشابهة ممكن شخص يقدم استقالته وتقبل ويقولون تنحى لكنها عملية طبيعية.
_هل طبيعي أن يتقاعد قوش بعد كل ذلك؟
هذه الوظائف لا تدوم لشخص..هو أساسا عندما تم تغييره في جهاز الأمن بعد فترة عين مستشارا للرئيس.
_هل لديكم شعور بالأمان في الحفاظ على وجودكم في الجهاز بعد ذلك؟
الأمان عند الله سبحانه وتعالى ونحن نقوم بكل جهدنا لحفظ الأمن وهذا معكوس بصورة مباشرة على الواقع السوداني.
_ماذا فعلتم وقدمتم لتغيير الصورة السالبة والسيئة بالنسبة للناس عن صورة جهاز القمع والتعذيب؟
أول صورة هي جلوسك أمامي الآن، نحن نحاول أن نكون قريبين من المجتمع، هذا لم يكن موجودا، كما أن آلية مكتب الاستعلامات تمكن آي شخص من تقديم شكوى ضد كل من يتخطى القانون في جهاز الأمن ولدينا شفافية في التعامل مع المواطنين.