مرسوم أميري !!!
منى أبو زيد
22 September, 2011
22 September, 2011
العالم كله يذكر آخر مباريات زين الدين زيدان التي نطح فيها أحد لاعبي منتخب إيطاليا فتسبب ذلك بطرده من آخر مباراة قمة، في آخر بطولة كأس عالم يشارك فيها قبل تنفيذ قرار اعتزاله .. جماهير الأسطورة تحسروا على إفساد ساعته الأخيرة، فتوقيت اعتزال اللعب يرتبط دوماً في الأذهان بالتألق والمجد ..!
العالم يذكر أيضاً روبيرتو روسيتي حكم كرة القدم الإيطالي الذي احتسب هدف تسلل واضح لصالح منتخب الأرجنتين على حساب المكسيك في إحدى مباريات كأس العالم الأخير، فأصدرت الفيفا قراراً بشطب اسمه من قائمة حكام البطولة .. وعندما ربطت الصحف بين عقوبة الفيفا وقرار اعتزاله خرج روسيتي عبر وسائل الإعلام ليؤكد أنه قد اتخذ قراره قبل بدء البطولة .. ذلك أن الاعتزال قرار موضوعي ليس من اللائق أبداً أن يأتي كردة فعل لنقد إعلامي أو عقوبة إدارية ..!
هيثم مصطفى كابتن فريق الهلال أعلن قرار اعتزاله إثر غضبة كبرى لا تخفى أسبابها على أحد، لكنه فعل هذا دون مراعاة لضرورات المرحلة وحرج فريقه الذي لم يحسم موقفه في بطولة الأندية الإفريقية للأبطال، وهذا يعني في عرف الأبجديات الوطنية أن يعلن لواء جيش انسحابه من الحدود لأنه غاضب من تغطية الإعلام لأدائه في المعركة، أو لأنه مختلف مع قيادته العسكرية ..!
الوطن والحكومة .. السلطة والدولة .. النادي والإدارة .. إنها لعنة خلط الكيمان التي تفسد موضوعية أي قرار .. وكله كوم وخذلان اللاعب لجمهوره كوم آخر، ذاك هو الخسران الذي لا يدانيه أي "شاكوش" عاطفي ..!
العشق العميق لفريق بعينه في كرة القدم لون من ألوان التصوف، وفعل معرفي يتوحد فيه الإدراك الحسي بالتصور العقلي، وقد اختزل الإمام الغزالي تلك العاطفة الغامضة، وذلك الولاء الأعمى لكيان آخر بعيداً عن معادلات المنطق في قوله "إن جمال المعاني المدركة بالفعل أعظم من جمال الصور الظاهرة للأبصار، وراحة القلب في إحساس ما يَجِلُّ ويسمو عن إدراك الحواس أتم وأبلغ" ..!
هي مسألة غامضة تماماً، أن تولد متشبِّعاً بعاطفة التشجيع لهذا الفريق أو ذاك دون سواه، لسبب مجهول تماماً، فتتحول من خائف إلى مخيف وبالعكس، تعيش أفراح الفوز المسكوبة بلا حساب، وتختبر حسرات الهزيمة وأحزانها المسفوحة على مرمى كرة المطاط التي تدور وتدور ..!
ربما لذلك يتفق العالم كله على أن قرارات اعتزال نجوم كرة القدم أكثر وقعاً على نفوس الشعوب من وقع اعتزال الزعماء السياسيين ومن تداعيات استقالات المسئولين، وربما لذلك أيضاً ظل قرار الاعتزال مقدساً، يتم اتخاذه عندما يصبح لا بد مما ليس منه بد ..!
كيف طاوعه قلبه ؟! .. كيف نسي كابتن الفريق لاعبه رقم اثنا عشر، الذي ينفخ رياح الحماسة في اللعب حينما تغفو الكرة، والذي تصبح أجمل الأهداف دون تصفيقه، وصراخه، وهتافه، رقصاً بلا إيقاع ؟! .. جمهورية الهلال/الوطن تنتظر قرار مجلس الوزراء بعد أن أعلنت عدم اعترافها بشرعية المرسوم الأميري الذي أصدره "البرنس" في ساعة شؤم ..!
munaabuzaid2@gmail.com