مسخرة أطفال الوحدة الجاذبة!! … بقلم: الطيب مصطفى
زفرات حرى
عندما شاهدت صورة أطفال صغار السن مكتوباً تحتها (مليون طفل شاركوا في أداء صلاة الحاجة من أجل الوحدة بأم درمان) شعرتُ بالأسى وتساءلت: هل بلغت بنا الغفلة درجة أن نحشد الأطفال غير الراشدين أو المكلفين شرعاً من أجل الوحدة وليس لتعلُّم الصلاة وكأنَّ الصلاة لعب يمارسه الأطفال من أجل المتعة وليس عبادةً تستلزم أول ما تستلزم النية والاقتناع حتى تُقبل من الله الرحمن الرحيم وتؤتي أكلها وتخدم أهدافها؟
بربكم من يُسوِّق هذه الأفكار للقائمين على دعم الوحدة ممَّن حشدوا مئات البصات وصرفوا الأطفال عن مدارسهم في رحلة (ترفيهية) لم يكن حال الوحدة بعدها لدى الناخبين الجنوبيين بأفضل مما كان عليه قبلها ومن هو المستفيد وماذا يجني منها من وافقوا على الصرف عليها وأصدروا الشيكات ولا أقول المنظمين لها الذين بالقطع لن يُحرموا (بركات) هذه الصلاة المصنوعة!!
هل باتت الوحدة أمراً مقدساً يُتعبد به لله تعالى بما يعني أنها أمرُ دين لا خلاف حوله يبرِّر حشد الكبار ناهيك عن الصغار الذين لا يخالجني أدنى شك في أن معظمهم لم يكن يدري ما يفعل أو قل لم يدرك معانيها ومغازيها وأهدافها أم أنها المسخرة؟!!
هل كان الحضور فعلاً مليون طفل أم أن جاذبية الرقم ــ وليس جاذبية الوحدة ــ هو الذي جعل القائمين على أمرها يسوِّقونه أم أن هناك أهدافاً أخرى ترتبط بالرقم الكبير؟! ثم لماذا مليون بالتمام والكمال وليس مليونين أو نصف مليون؟
بربكم هل اُستُشير الآباء قبل أن (يُخطف) أبناؤهم من مدارسهم؟ وهل كنت وغيري كثيرون سنسمح بمشاركة أطفالنا في هذه الصلاة القهرية أو المسخرة؟!
ما أصدق الأخ الصادق الرزيقي وهو يستخدم قدراته الأدبية وخياله الخصب في توصيف حال (هرولة) تجار الوحدة الجاذبة فقد كتب في عدد أمس الأول ساخراً: «هاهي الدروب تمتلئ بمن يروحون ويغدون من الحالمين بالوحدة وبعض الاتحادات والنقابات والروابط، حتى روابط بائعي أظلاف البقر والدجاج وروابط نافخي الكير وجمعيات مدخني الشيشة واتحاد أصحاب الركشات ورابطة مستمعي الأغاني الهابطة ونقابة ملحني أغاني البنات والمجموعة السودانية لشاربي لبن الماعز وجماعة الجو الرطب وأصدقاء هواتف النوكيا»!!
بالله عليكم ماذا بقي من الوحدة بعد أن بصق عليها رئيس الحركة الشعبية وحكومة الجنوب سلفا كير وقال فيها ما لم يقل مالك في الخمر وبعد أن وصف شريكه المؤتمر الوطني بأقذع الأوصاف مما سأكتب عنه غداً بإذن الله وماذا يعني حشد أطفال أو قل نساء أو رجال في الخرطوم والشمال بينما أصحاب القرار في الجنوب لا يرون ما يفعله هؤلاء المحتشِدون ولو رأوه لما فعلوا غير أن يضحكوا فرحاً وشماتة على هؤلاء (المكسَّرين) فيهم ويتشككوا في بواعثهم الحقيقية التي تجعلهم يتهافتون مثل هذا التهافت؟!
وأنا أقرأ صحف أمس الخميس رأيت صورة مناقضة تماماً لصورة أطفال الوحدة الجاذبة فقد حملت إحدى الصحف صورة لشباب جنوبيين يرفعون لافتة مكتوباً عليها باللغة الإنجليزية (Unity by force is slavery) التي تعني (الوحدة بالقوة استعباد) وكان هؤلاء ضمن حشد من أبناء الجنوب يضم حوالى 500 شخص كانوا في استقبال أعضاء مجلس الأمن في مطار جوبا وكان مما هتف به المتظاهرون وهم يرحبون بسفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة سوزان رايس (مرحب مرحب بالمحكمة الجنائية الدولية) وتماماً كما احتشد أطفال الشمال للبكاء (المصنوع) من أجل الوحدة اصطفَّ أطفال المدارس على طرقات جوبا لتحية وفد مجلس الأمن!!
تُرى أما آن لنا أن نوقف هذا العبث وهذه المساخر؟!